في عهد خليفة.. الثقافة جسر انفتاح على العالم

حوالي ٣ سنوات فى الإتحاد

سعد عبد الراضي (أبوظبي)
جسور ثقافية متينة وقوية، شكلتها دولة الإمارات العربية المتحدة، في عهد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «طيب الله ثراه»، تحمل في معانيها منظومة قيمها الرفيعة، وثوابت إنسانيتها الموروثة، التي رسخها المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه». ورسالة هذه الجسور الثقافية في مضامينها السامية ترسخ التسامح والتعايش والسلام، وتنشر كل ما من شأنه أن يعزز هذه القيم ويرسخ علاقات إنسانية رصينة وعميقة، جعلت من الدولة نموذجاً إنسانياً فريداً حظي ويحظى بإشادات عالمية متفردة، نظراً لكل ما تقدمه الدولة للعالم من نماذج راقية في التقدم والتحضر والانفتاح إلى جانب تثمين وحفظ هويتها وموروثها العربي الأصيل.ترسخ دولة الإمارات في علاقاتها مع دول العالم الأخرى أواصر تواصل ثقافي يربط بين منظومة قيمها الإنسانية الرفيعة وقيم شركائها في المشهد الإنساني العالمي، والأمثلة على ذلك كثيرة، نرصد منها، تالياً، نماذج على سبيل المثال لا الحصر، من الشراكات الثقافية المتميزة بين الإمارات وبعض دول العالم المتقدمة.

الإمارات وفرنسا..  حوار حضاراتشهدت الشراكة الثقافية بين دولة الإمارات والجمهورية الفرنسية تنامياً كبيراً خلال السنوات الماضية، وقد تم إعلان عام 2018 عاماً للتعاون الثقافي بين الإمارات وفرنسا، وبناء على ذلك، أُطلقت إذاعة باللغة الفرنسية في دولة الإمارات، تقدم مضامينها ثلاث مرات في الأسبوع. وفي العام نفسه أيضاً أصبحت دولة الإمارات عضواً منتسباً في المنظمة الدولية للفرانكوفونية، كما شهد 2018 حدثاً ثقافياً كبيراً تمثل في افتتاح متحف اللوفر في أبوظبي، ليصبح أول متحف دولي في العالم العربي وأكبر مشروع ثقافي فرنسي في الخارج، الأمر الذي جعل الرئيس الفرنسي، لحظة افتتاحه، يؤكد أن افتتاح اللوفر يعد رسالة عالمية لتعزيز الحوار بين الحضارات.ومن الجدير بالذكر أيضاً أنه في عام 2006، تم توقيع اتفاقية أنشئت من خلالها جامعة السوربون في أبوظبي. كما ساهم التعاون الثقافي بين الإمارات وفرنسا أيضاً في إنشاء تحالف دولي لحماية التراث في المناطق التي تشهد نزاعات، فقد قدمت الدولتان 45 مليون دولار أميركي  لهذا الغرض وذلك بالتعاون مع اليونسكو. وقدمت دولة الإمارات مبلغ 5 ملايين يورو لدعم معهد العالم العربي الموجود في العاصمة الفرنسية باريس عام 2017، كما افتتحت في العام ذاته قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بمتحف اللوفر في باريس. ويضاف إلى ذلك إسهام دولة الإمارات في ترميم المسرح الإمبراطوري لقصر فونتينبلو بالقرب من باريس بمبلغ  10 ملايين يورو، وأطلق اسم المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، «طيب الله ثراه»، على هذا المسرح العريق.

حرم جامعة السوربون أبوظبي

الإمارات وأميركا.. علاقات راسخةتعد العلاقات الثقافية بين الإمارات والولايات المتحدة الأميركية علاقات راسخة ومتينة، وذات تاريخ ممتد ومتنوع، يصعب حصره في هذه السطور، وفي هذه الأيام يحتفي مهرجان «سميثسونيان» للفنون الشعبية، الذي يعقد سنوياً في العاصمة الأميركية واشنطن، بدولة الإمارات ويعرّف بتاريخها العريق، وما يزخر به من المنجزات الثقافية والفنية والإبداعية، ويُبرزُ دورها ومكانتها في احتضان العديد من الفعاليات الثقافية المرموقة التي تجمع العالم ومثقفيه على أرضها، حيث تعرّف الفعاليات التي ستستمر حتى 4 يوليو، ضمن جدول ثريّ ومتكامل، بعراقة التراث والهوية الإماراتية الأصيلة.ويقدّم المهرجان الذي يرفع شعار «الإمارات العربية المتحدة: مشهدٌ نابضٌ بالحياة وذكريات خالدة»، ويُعقد في «مركز التسوّق الوطني» برنامجاً ثقافياً وفنياً ليحتفي مع الجمهور الأميركي والعالمي بدولة الإمارات، إذ سيستمتع عشّاق الفنون التراثية والشعبية طيلة أيام الحدث بمجموعة من الفعاليات المتنوّعة يشارك فيها أكثر من 80 حرفياً ومبدعاً وموسيقياً من دولة الإمارات. ويتعرفون من خلالها على إرث كبير وعريق من الفنون والثقافة الإماراتية والعربية، وتقود التمثيل الرسمي للدولة وزارتا الثقافة والشباب، والخارجية والتعاون الدولي، إلى جانب سفارة الدولة في العاصمة الأميركية واشنطن.
الإمارات وبريطانيا.. روابط ثقافية ممتدةعلى صعيد العلاقات الثقافية الممتدة بين الإمارات وبريطانيا شهد 2017 برنامج «عام التعاون الإبداعي بين المملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة UK/UAE»، وقد حفل البرنامج بما يجسد عمق هذه العلاقات، وقوة التبادل الثقافي بين البلدين، ومظاهر الاحتفاء بالعلاقات الممتدة بينهما، وجاء كذلك لتعزيز الروابط الثقافية والاقتصادية الثنائية الراسخة. كما حظي بدعم من «حملة بريطانيا العظمى». والبرنامج الذي أقيم طوال عام 2017 تضمن العديد من الفعاليات والأحداث، من بينها عروض أداء موسيقية ومعارض للحرف اليدوية ودروس على أيدي خبراء وورش عمل تعليمية.

معرض فرانكفورت للكتاب من أهم معارض الكتب في العالم

الإمارات وألمانيا.. مشروعات مشتركةوشهدت العلاقات الثقافية بين دولة الإمارات وألمانيا أيضاً نمواً واسعاً في عهد فقيد الوطن المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، «طيب الله ثراه»، فتم افتتاح المركز الثقافي الألماني «معهد غوته» في أبوظبي عام 2006، ليكون منصة لتعليم اللغة الألمانية في دولة الإمارات ومركزاً للتعريف بالثقافة والهوية والأدب والفن في ألمانيا.وهناك أيضاً العديد من المشروعات الثقافية المشتركة بين البلدين لإبراز الهوية الحضارية لكل منهما، من ضمنها التعاون في إدارة معارض الكتاب، وإعلان دائرة السياحة والثقافة - أبوظبي  اختيار ألمانيا ضيف شرف معرض أبوظبي الدولي للكتاب في عامي 2021 و2022، وذلك بعد توقيع مذكرة تفاهم مع معرض فرانكفورت الدولي للكتاب أكبر وأقدم المعارض في صناعة الكتاب والنشر على مستوى العالم. كما أطلقت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في عام 2007 مشروع «كلمة» الذي يهدف إلى ترجمة المعارف الإنسانية في الأدب والفكر والعلوم من لغات العالم المختلفة إلى اللغة العربية، وتم توقيع اتفاقية بين هيئة أبوظبي وجامعة يوهانس غوتنبرغ ماينتس في عام 2009 لترجمة الكتب من اللغة الألمانية إلى اللغة العربية، حيث تعد جامعة كلية العلوم الثقافية واللسانيات والترجمة (FTSK) إحدى أعرق المؤسسات الأكاديمية والبحثية الأوروبية في مجال الترجمة، وقد شهدت النسختان الأخيرتان من معرض أبوظبي الدولي للكتاب العديد من هذه التراجم بين الكتب في البلدين. وفي ما يختص بالمتاحف، تم توقيع إعلان نوايا بين هيئة الشارقة للمتاحف، وهيئة متاحف برلين الحكومية، ومؤسسة الإرث الثقافي البروسي، وكلية العلوم التقنية والاقتصاد ببرلين، ومعهد غوته بمنطقة الخليج، في عام 2013، وتم بموجب هذا الاتفاق إنشاء أكاديمية «سوا» كمبادرة مشتركة لتدريب الطلاب في مجال دراسات المتاحف والمختصين في هذا المجال من منطقة الشرق الأوسط وألمانيا.الإمارات وإيطاليا.. عمق العلاقاتوعلى صعيد العلاقات الثقافية بين الإمارات وإيطاليا شهد عام 2019 لقاء معالي نورة بنت محمد الكعبي، وزيرة الثقافة والشباب، مع نظيرها الإيطالي ألبيرتو بونيسولي، حيث بحثا مجالات التعاون المشترك بين البلدين وسبل تعزيز العلاقات الثقافيّة الإماراتيّة الإيطاليّة من خلال إقامة مشاريع ثقافيّة وفنيّة مشتركة، وناقشت وقتها نورة الكعبي مع عمدة مدينة البندقيّة، لويجي بونارو، ورئيس بينالي البندقيّة، هولو باراتا، تطوير الشراكة الثقافيّة بين الإمارات ممثلةً بجناحها الوطني في البينالي، ومدينة البندقيّة بمؤسساتها الثقافيّة وصروحها السياحيّة العريقة على خريطة السياحة العالميّة بصفة عامة، والسياحة الثقافيّة بشكل خاص. وتناول الاجتماع الدور الذي تلعبه جهود الدبلوماسيّة الثقافيّة في تقريب وجهات النظر بين البلدين، ونشر قيم التسامح والانفتاح على الآخر والتعرُّف على ثقافته وتقديرها، من خلال المحافل الثقافيّة العالميّة كبينالي البندقيّة.ومؤخراً أعلنت «هيئة الشارقة للكتاب» عن اختيار إيطاليا ضيف شرف الدورة الـ41 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، التي ستنطلق فعالياتها في شهر نوفمبر 2022، ليكون الجمهور على موعد مع نخبة من الأدباء والمفكرين والفنانين والناشرين الإيطاليين على أرض الشارقة، تأكيداً على عمق العلاقات التاريخية التي تربط البلدين، وتقديراً لدور إيطاليا في نهضة الفنون والآداب والعلوم على مستوى العالم. وفي شهر مارس الماضي، وبحضور شخصيات دبلوماسيّة، وممثلي كبرى المؤسسات الثقافيّة، وأعلام الأدب والفن الأوروبي، رفعت مدينة بولونيا الإيطالية، علم دولة الإمارات، معلنةً احتفاءها بإمارة الشارقة ضيف شرف الدورة الـ59 من «معرض بولونيا لكتاب الطفل»، مشيدة بتجربة الإمارة ومشروعها الثقافي.

ألمانيا ضيف شرف معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2022

الإمارات وكوريا الجنوبية.. تلاقي الثقافاتوفيما يخص العلاقات الثقافية بين الإمارات وكوريا الجنوبية أعلن عام 2020 «عاماً للحوار الثقافي الإماراتي الكوري»، تحت شعار «تلاقي الثقافات»، ليمثل نقلة جديدة في العلاقات الثنائية، بما تضمنه من فعاليات ومبادرات تتنوع بين مجالات الثقافة والأدب والفن والإبداع، من منطلق أن دولة الإمارات تولي اهتماماً خاصاً بقطاع الصناعات الثقافية والإبداعية، ودعم الشباب والموهوبين في المجال الثقافي، وتعليم الفنون. وكان من ضمن مجالات الحوار الثقافي الإماراتي الكوري، في عام 2020، إعداد المبدعين المتميزين وقادة الثقافة والفنون والمواهب الشابة القادرة على تمثيل الدولتين في مختلف المحافل والمنصات الفنية والثقافية والإبداعية.

معرض الكتاب منصة لالتقاء وحوار الثقافات

الإمارات واليابان.. تعزيز قنوات التواصلشهدت العلاقات الثقافية بين الإمارات واليابان تطوراً مستمراً خلال السنوات الماضية، حيث كانت اليابان ضيف شرف معرض الشارقة الدولي للكتاب في 2018  ليحتفي المعرض بإنجازاتها الحضارية المتميزة، التي شكل الكتاب فيها عاملاً ومحركاً رئيساً في بناء الثقافة، حيث تمتلك اليابان تاريخاً حافلاً بالمنجزات والأسماء الأدبية والثقافية الكبيرة، على صعيد الرواية والسينما والموسيقى وغيرها. كما ينظم النادي الياباني في جامعة زايد، سنوياً، فعاليات «أيام في اليابان» لتعريف الطلبة الإماراتيين على الثقافة اليابانية واستكشافها عن قرب. كما نظم رواق الفن بجامعة نيويورك أبوظبي معرض «الشرق إلى الشرق»، الذي يكشف النقاب عن الأساليب التي تتبعها المواهب الشابة على الساحة الفنية الإماراتية، من أجل تعزيز قنوات التواصل الثقافية مع الفنون اليابانية. كما افتتح في متحف اللوفر أبوظبي معرض «من وحي اليابان: رواد الفن الحديث» الذي أتاح فرصة للاطلاع على أعمال 12 فناناً، من بينهم فنانو حركة «نابي»، وكبار معلمي حركة أوكييو - إهـ الفنية من القرنين التاسع عشر والعشرين.

جامعة نيويورك أبوظبي

الإمارات والصين.. تواصل حضاري من أجل تعزيز وتشجيع التبادل الثقافي بين الإمارات والصين تم في عام 2010 افتتاح أول مدرسة من نوعها على مستوى المنطقة لتدريس اللغة الصينية في أبوظبي، والتي تهدف إلى إعداد قاعدة وطنية من الكوادر المتخصصة في الشأن الصيني، بحيث تشكل جسراً لتعزيز التواصل الحضاري والثقافي. كما أسست جامعة دبي معهد كونفوشيوس، ذلك المعهد غير الربحي، الذي يهدف إلى مساعدة المهتمين بتعلم اللغة الصينية وآدابها من الطلبة وأصحاب الأعمال، ويساهم في تقوية العلاقات التعليمية والثقافية مع جمهورية الصين الشعبية. وأولت الدولتان أهمية كبرى للأحداث الثقافية التي من شأنها أن تقرب بين الشعبين. ففي عام 2015 أقيم مهرجان عيد الربيع الصيني، الذي يعتبره الصينيون  من الأحداث الشعبية المهمة في بلادهم، وقد شهد حضور عدد غير مسبوق من السياح والمقيمين الصينيين. وتتمثل شعبية هذا المهرجان بدبي في أنه جسد جانباً من العلاقات المتطورة بين الشعبين. كما أنه هدف إلى تقوية العلاقات الثقافية بينهما، ومن أجل تعزيز تلك العلاقات الممتدة أقيم جناح وطني متميز لدولة الإمارات في معرض إكسبو شنغهاي الدولي 2010. كما شكل التعاون الثقافي الإماراتي الصيني 2018 مادة ثرية للقناة الصينية العربية، التي تتخذ من دبي مقراً لها، حيث أسهمت القناة في إثراء الرسالة الثقافية من خلال برامجها الهادفة إلى استكشاف القيم المجتمعية والثقافية المحلية والصينية على حد سواء.
 

شارك الخبر على