ماذا يعنى الحديث عن جشع الاحتكار؟!

أكثر من ٧ سنوات فى أخبار اليوم

رحم الله الدكتور عبده سلام رائد صناعة الادوية الذى استطاع فى اصعب الظروف، ومع حصار اقتصادى وسياسى كانت تعانى منه مصر، وفى ظل محاولات لم تتوقف للضغط على الحكم قبل نصف قرن لتغيير سياساته.. استطاع ان يجمع كل الامكانيات التى توفرت ليقيم دعائم صناعة للادوية غطت احتياجات مصر، واستطاعت أن تجد مكانا فى الاسواق الخارجية بجودتها وسعرها المناسب.
تذكرت ذلك وازمة لبن الاطفال تكشف وقوع المصريين بين مثلث فساد الادارة وجشع الاحتكار، ثم الاهم.. وهو تراجع صناعة الادوية عن الوفاء باحتياجات المواطن.. فهل يصدق احد اننا لا نملك مصنعا واحدا لانتاج لبن الاطفال، لان حيتان الاستيراد تريد ذلك، ولان الفساد والعشوائية يتحكمان فى ادارة هذا الملف الخطير الخاص بالدواء!
ولم اصدق اذنى وانا اسمع عن ازمة فى المحاليل الطبية، وعن تفكير نقابة الصيادلة فى اقامة مصنع لانتاج هذه المحاليل التى لا تحتاج الا تكنولوجيا متقدمة أو اموالا هائلة ومع ذلك فقد تحولت الى سلعة فى السوق السوداء لتباع باضعاف سعرها!!
فى بيان القوات المسلحة عن استيراد لبن الاطفال لمواجهة الازمة، نجد حديثا عن «الاحتكار الجشع» الذى لا يهمه ان يجوع الاطفال ما دام يراكم الثروات الحرام. هذا الاحتكار يمتد لسلع عديدة فى مقدمتها ما يخص غذاء المصريين. وهذا الجشع يمارس نشاطه الحقير وهو مطمئن بعد ان اخترق بفساده العديد من الاجهزة، وبعد ان اكتشف ان القانون به من الثغرات ما يمكنه من القيام بجرائمه دون عقاب وبعد ان اصبح باب «التصالح» وقانونه الشهير بابا يجعل كل ما يعاقب به الفاسد الذى يسرق المليارات من قوت الشعب، ان يعيد بعض ما سرقه.. ثم يخرج ليواصل الفساد ويستأنف استباحة مال الدولة وحقوق الشعب!!
كان صديقنا الراحل العزيز الدكتور زكريا جاد الذى قاد مسيرة صناعة الدواء بعد عبده سلام يحلم بان تكون مصر مركز صناعة الدواء فى المنطقة كلها. وها نحن - بفضل السياسات العشوائية والاحتكار الجشع - لا نملك مصنعا واحدا للبن الاطفال!!.. فهل يكون الحديث عن «جشع الاحتكار» فى بيان رسمى وفى ازمة تتعلق بأرواح اطفالنا.. بداية لمعركة حقيقية لا تقتصر على مواجهة ازمة الدواء فقط، ولكن تمتد لتضرب الاحتكار اينما كان، ولتعيد انحياز الدولة للصناعة المصرية والضرب بيد من حديد على الذين استحلوا المال الحرام، والاتجار بقوت الشعب وحرمان اطفاله حتى من قطرات اللبن بعد ان جفف الفقر اثداء الامهات!!

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على