«نبل الورق».. تأملات فنية للصراع بين «الذاكرة» والتكنولوجيا

ما يقرب من سنتين فى الإتحاد

محمد نجيم (الرباط)
يهدف الفنان التشكيلي المغربي سعيد المساري، في معرضه الجديد في الرباط، إلى الارتباط بالعالم التقني الذي اكتسح العالم وتوغل فيه، مُنبها الناس إلى الحفاظ على الورق كمادة وسند يحفظ ما تعجز عن حفظه ذاكرة الإنسان، ولهذا أطلق عليه اسم «نبل الورق».وقال خلال افتتاح معرضه الذي يتضمن لوحات مختلفة الأحجام، إن «موضوع الذاكرة أضحى هوساً فنياً، إنه أيضا شهادة واحتفاء بالأشخاص الذي فقدوا هذه الملكة الحيوية بسبب مرض الزهايمر»، وأضاف: «هذا المعرض يشكل من جهة أخرى تأملاً في الصراع الحديث بين الذاكرة والتكنولوجيا الموسوم بـ«السحابية» في مجال تخزين المعلومات، والذاكرة الإنسانية التي تتقلص مساحتها شيئاً فشيئاً أمام الزحف الرقمي».

واستخدم المساري، لغة بصرية مكثفة ومحملة بمعاني الجمال وخصوصية لونية سابحة وشاسعة تتناسق فيها المعاني والرؤى بمفردات تشكيلية لها دلالات عميقة تبهر المتلقي وتأخذه إلى عوالم من الأحاسيس والإيحاءات النابعة من معزوفته السرية القائمة على الظلال والفراغات بما تحمله من بوح جمالي وإغراء بصري.وبرع المساري، المقيم، منذ عقود في إسبانيا، والمتخرج في مدرسة تطوان للفنون الجميلة في نهاية سبعينيات القرن الماضي، في تمثل ما في الثقافة البصرية المغربية من الحروف والأشكال الهندسية والأوشام والخدوش بحرفية عالية.ويصف الناقد الجمالي شرف الدين ماجدولين لوحة «في بحث الذاكرة عن نفسها» بقوله: «يتكئ الوجه المنحوت على شراشف ورقية شفافة، محفوفة بتجاعيد ناعمة، وأخرى كأنها ناهضة من انكماش طارئ، مقصوصة على نحو مُرتَجَل، ليحف الجوانب بامتدادات غير متساوية، فيما يشبه آنية مقعرة لتقديم المنحوتة الورقية، الماضية إلى مستقرها، سُباتِها وسكينة دواخلها: أكفان مضاعفة، تكشف الوجه الفاقد للملامح، وكأنها استعارة للذاكرة الغائرة في طبقات الحجب والأكفان، لتبقى هناك، حتى ما بعد الغياب، مستقرة في الأحلام السرمدية، مسكوكة في العمق الذي لا يذوي».

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على