قصف صاروخي يستهدف كييف أثناء زيارة غوتيريش

ما يقرب من سنتين فى البلاد

للمرة الأولى منذ قرابة أسبوعين، تعرّضت كييف مساء الخميس لقصف صاروخي تزامن مع زيارة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي استنكر "عبثية" الحرب في القرن الحادي والعشرين، بينما طلب الرئيس الأميركي جو بايدن من الكونغرس 33 مليار دولار إضافية لدعم أوكرانيا في التصدّي للغزو الروسي.

وشاهد مراسلو فرانس برس نيراناً تلتهم طابقاً في أحد مباني العاصمة ونوافذ محطّمة، فيما انتشرت في المكان أعداد كبيرة من عناصر الأمن والإسعاف.

وقال رئيس بلدية العاصمة الأوكرانية فيتالي كليتشكو إنّ "العدو قصف كييف مساء. ضربتان على حيّ شيفشينكوفسكي، على الطبقات السفلى من مبنى سكني"، لافتاً إلى "نقل ثلاثة أشخاص إلى المستشفى حتى الآن".

من جهته قال المتحدث الأممي سافيانو أبرو لفرانس برس إنّ غوتيريش وأفراد فريقه "صدموا" بمدى قُرب القصف من مكان وجودهم، مؤكداً أنهم جميعاً "بخير".

وأضاف "إنّها منطقة حرب، لكنّ وقوع (القصف) قربنا هو أمر صادم"، من دون أن يحدّد مدى قربهم من المبنى الذي استهدفه القصف.

وسارع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى التنديد بالقصف الروسي، معتبراً إياه محاولة من موسكو "لإذلال الأمم المتحدة".

- "إذلال للأمم المتحدة" -

وقال زيلينسكي في مقطع مصوّر عبر تلغرام "هذا الأمر يقول الكثير عن الموقف الفعلي لروسيا حيال المؤسسات الدولية، عن جهود القيادة الروسية لإذلال الأمم المتحدة وكلّ ما تمثله المنظمة".

بدوره ندّد وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا في تغريدة على تويتر ب"عمل هجمي مشين"، لافتاً إلى أن العاصمة استُهدفت بصواريخ بعيدة المدى.

ودان وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف عبر تويتر "هجوماً على أمن الأمين العام (للأمم المتحدة) والأمن العالمي".

بدوره رأى رئيس الإدارة الرئاسية أندريه يرماك في القصف على كييف "دليلاً على حاجتنا إلى انتصار سريع على روسيا وعلى وجوب أن يتّحد كلّ العالم المتحضّر حول أوكرانيا. علينا التحرّك سريعاً. مزيد من الأسلحة، مزيد من الجهود الإنسانية، مزيد من المساعدة".

ودعا يرماك إلى حرمان روسيا حقّها في استخدام الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

- عشرة مضادات لكلّ دبابة روسية -

وفي واشنطن أكد الرئيس الأميركي أنّ بلاده لا يمكنها الوقوف مكتوفة الأيدي حيال النزاع في اوكرانيا، وذلك لتبرير طلبه من الكونغرس رصد 33 مليار دولار إضافية لتقديم مزيد من المساعدة العسكرية الى كييف.

وسيخصّص 20 مليارا من هذا المبلغ الهائل لتزويد أوكرانيا اسلحة، ما يفوق بنحو سبعة أضعاف كميات الاسلحة والذخائر التي سبق أن أرسلت الى كييف منذ بدء الغزو الروسي في 24 شباط/فبراير.

وأكّد بايدن أنّ كييف تسلمت عشرة أسلحة مضادة للدبابات لكلّ دبابة روسية دخلت أراضيها، لكنّه شدّد على أنّ الولايات المتحدة "لا تهاجم" روسيا بل "تساعد اوكرانيا في الدفاع عن نفسها" في ظل "الفظائع والعدوان" الروسي.

والتقى غوتيريش الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو الثلاثاء. ووصل الأربعاء إلى أوكرانيا حيث زار الخميس خصوصاً بوتشا وإيربين قرب كييف بعدما شهدتا تجاوزات نسبها الأوكرانيون إلى الجيش الروسي.

والخميس التقى غوتيريش الرئيس الأوكراني، مبدياً أسفه لإخفاق مجلس الأمن الدولي في منع وقوع الحرب التي شنّتها روسيا على أوكرانيا في 24 شباط/فبراير.

واعتبر الأمين العام تكراراً أنّ "غزو روسيا لأوكرانيا هو انتهاك لوحدة أراضيها ولميثاق الأمم المتحدة".

وزار غوتيريش الخميس ضواحي كييف حيث تعرّض مدنيون لفظائع تتهم السلطات الأوكرانية القوات الروسية بارتكابها، وهو ما تنفيه موسكو.

ودعا الأمين العام موسكو إلى التعاون مع تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب المحتملة هذه.

وقال "حين نرى هذا الموقع الرهيب، أرى كم من المهم اجراء تحقيق كامل وتحديد المسؤوليات"، مضيفا "أدعو روسيا الى قبول التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية".

وفي الثاني من نيسان/أبريل، رأى مراسلون لوكالة فرانس برس شارعا في بوتشا تنتشر فيه الجثث. ووثقت الأمم المتحدة خلال مهمة في المدينة في 9 نيسان/ابريل "مقتل 50 مدنيا، عدد منهم أعدم بإجراءات موجزة".

واعتبر غوتيريش أمام مساكن مدمرة في بوروديانكا بضواحي كييف أن "الحرب في القرن الحادي والعشرين عبثية".

- "عبثية" -

وقال "أتخيل عائلتي في أحد هذه المنازل، أرى أحفادي يركضون مذعورين. الحرب في القرن الحادي والعشرين عبثية، أي حرب غير مقبولة في القرن الحادي والعشرين".

والخميس أكّدت المدّعية العامّة لأوكرانيا إيرينا فينيديكتوفا الخميس أنّ المحققين الأوكرانيين حدّدوا "أكثر من ثمانية آلاف حالة" من جرائم الحرب المحتملة منذ بدء الغزو الروسي.

ودعت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا الخميس إلى إنشاء "محكمة جنائية دولية مختصة" لمحاكمة "مرتكبي جريمة العدوان ضد أوكرانيا" التي تتعرض لهجوم روسي منذ أكثر من شهرين.

وأكد غوتيريش أنّ المنظمة الدولية تبذل "ما في وسعها" لإجلاء المدنيين المحاصرين في مدينة ماريوبول بجنوب أوكرانيا والتي دمرتها المعارك مع القوات الروسية.

وقال إنّ "ماريوبول هي أزمة داخل الأزمة. آلاف المدنيين (فيها) يحتاجون الى مساعدة حيوية. كثر منهم مسنّون، يحتاجون الى عناية طبية".

ميدانياً، تعرّضت المناطق في جنوب وشرق أوكرانيا حيث يتركز الهجوم الروسي الآن، لقصف كثيف الخميس.

وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إنّ "العدو يصعد هجومه. وينفذ المحتلون ضربات عمليا في كل الاتجاهات، مع نشاط مكثف خصوصا في منطقتي خاركيف ودونباس".

وأكدت أن الجيش الروسي يحاول منع نقل قوات أوكرانية من الشمال إلى الشرق.

من جهتها، أوضحت وزارة الدفاع الروسية أنها دمرت ليل الأربعاء مستودعين للأسلحة والذخيرة في منطقة خاركيف ب"صواريخ عالية الدقة"، ونفذت ضربات جوية على 67 موقعا عسكريا أوكرانيا.

- من ارتفاع 8 كيلومترات -

من جانبه، حذّر قائد سلاح الجو الأوكراني الخميس من أنّ قاذفات الصواريخ التي قدمها الغرب ليس لها مدى كافٍ "للوصول إلى طائرات المحتل التي تلقي القنابل على مدننا من على ارتفاع 8 كيلومترات فأكثر".

وقال ميكولا أوليشتشوك عبر تلغرام "نحن بحاجة إلى أنظمة مضادة للطائرات متوسطة وطويلة المدى" و"مقاتلات حديثة".

وشكر المستشار الألماني أولاف شولتس الخميس برلمان بلاده لدعمه قرار إمداد أوكرانيا بأسلحة ثقيلة، في حين شدّدت روسيا على أن تزويد الغرب أوكرانيا بالأسلحة يعرّض الأمن الأوروبي للخطر.

وكرّرت الرئاسة الروسية الخميس القول إنّ شحنات الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا "تهدد الأمن" الأوروبي.

وكان بوتين حذّر مجدّداً الأربعاء من أيّ تدخل خارجي في النزاع، متوعداً بردّ "سريع وخاطف".

وألمح أحد مستشاري الرئاسة الأوكرانية إلى أن كييف قد تهاجم أهدافًا عسكرية في روسيا.

وقال ميخاييلو بودولياك في تغريدة "روسيا تهاجم أوكرانيا وتقتل مدنيين. وستدافع أوكرانيا عن نفسها بكل الوسائل بما يشمل ضربات على مخازن وقواعد للقتلة الروس. العالم يعترف بهذا الحق".

وفي ما يتعلق بماريوبول، أعلنت منسقة الأمم المتحدة في أوكرانيا الخميس أنها ستتجه إلى جنوب البلاد للإعداد لمحاولة إخلاء المدينة التي تسيطر عليها القوات الروسية بشكل شبه كامل.

وقالت أوسنات لوبراني عبر تويتر "أنا ذاهبة إلى زابوريجيا للتحضير للإخلاء المأمول لماريوبول".

وتقول كييف إن هناك مئات المقاتلين والمدنيين الأوكرانيين بينهم عشرات الأطفال عالقون في مصنع الصلب الضخم في آزوفستال في ماريوبول، آخر موقع في أيدي القوات الأوكرانية في هذه المدينة التي قدر مجلس بلديتها عدد القتلى فيها بما لا يقل عن 20 ألفا.

ولم تنجح حتى الآن أي محاولة لإخلاء آزوفستال.

والخميس أبلغ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان نظيره الروسي باستعداده "لأخذ زمام المبادرة" لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

وخلال زيارة إلى أوكرانيا أعلن رئيس الوزراء البلغاري كيريل بيتكوف أنّ على أوروبا أن تكون "أقوى" وأن تجد "بدائل" للتوقف عن استخدام الغاز الروسي، بعدما حرمت موسكو بلاده من إمدادات الغاز الأربعاء.

ومنذ الأربعاء، تم تزويد بلغاريا وبولندا بالغاز "من جيرانهما في الاتحاد الأوروبي"، بعدما علّقت مجموعة الغاز الروسية العملاقة غازبروم عمليات التسليم، بحسب رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، التي نددت بـ "ابتزاز" من موسكو.

شارك الخبر على