صحيفة روسية الأزمة القطرية امتداد لـ«سايكس بيكو»

ما يقرب من ٧ سنوات فى التحرير

المائة عام من نهاية الحرب العالمية الأولى حتى يومنا الحاضر، هي الوقت الذي شهد تاريخ عملية تصميم، أجرتها النزعة الاستعمارية العالمية، التي استمرت لمئات السنين في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.

وأشارت صحيفة "برافدا" الروسية إلى أن تلك العملية بدأت في 1916 بتحريض البريطانيين للشريف حسين بن علي أمير مكة للتمرد على الإمبراطورية العثمانية، على وعد بتشكيل "المملكة العربية"، وكذا توقيع اتفاقية "سايكس - بيكو".

فالحدود التي رسمتها "سايكس - بيكو"، لم تضع اعتباطًا، فتم الأخذ في الاعتبار الاختلافات العرقية والدينية والطائفية، بحيث تخلق الحدود المرسومة أكبر قدر من النزاعات والخلافات والصراعات في المنطقة.

حيث قال إدوارد هاوس، مستشار الرئيس الأمريكي، حينها وودرو ويلسون للشؤون الخارجية، بخصوص سايكس بيكو "إنها سيئة للغاية، ولقد أبلغت وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور بذلك الأمر، إنهم يعدون المنطقة لتكون مسرحًا للحروب المستقبلية"، وكما توقع هاوس، كانت الاتفاقية السبب الرئيسي في دائرة من الدم التي لم تستطع أن تتخلص منها المنطقة لمدة قرن.

وأضافت، أن التحديث الأخير لعمليات تشكيل المنطقة التي بدأت بـ"سايكس - بيكو" يجرى تطبيقه الآن، ويأتي هذا التحديث تحت اسم "مشروع الشرق الأوسط الكبير"، الذي ظهر في بداية الألفية على هيئة انقسامات وكوارث وصراعات وحروب أهلية ومعارك طاحنة، من إنتاج أمريكي، وقيادة بريطانية، وكانت الجماعات الإرهابية، والطائفية، والعنف ومؤامرات القصر أبرز أدوات هذا المشروع.

وأشارت الصحيفة، إلى أن كلًا من العراق وأفغانستان وسوريا ومصر وليبيا واليمن قد نالت حصتها من هذا التحديث على مدار السنوات القليلة الماضية، وجاء الدور على قطر لتنال جانبًا من الكارثة، التي بدأت في الخامس من يونيو.

وشهدت دول الخليج ما يمكن اعتباره أكبر كارثة في تاريخها، بعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسعودية في العشرين من مايو الماضي، حيث شهدت قمة الرياض توقيع اتفاق التسليح التاريخي بقيمة 380 مليار دولار.

ورفض عدد من الخبراء التصديق بأن دعم قطر للإرهاب هو السبب الحقيقي وراء الأزمة مع قطر، حيث أشاروا إلى أن اتباع قطر سياسة مستقلة عن دول المنطقة، وعلى الرغم من أن قطر ما زالت جزءًا من التحالف السني، إلا أن موقف قطر الانعزالي يبدو أنه أثار قلق القوى الدولية والدول المحمية تحت مظلتها.

وكذا علاقة قطر الوثيقة مع تركيا، تعد أحد أسباب هذا القلق والتوتر، والدليل على هذا أن إغلاق القاعدة العسكرية التركية في قطر على رأس المطالب المقدمة من الدول المقاطعة لقطر لرفع المقاطعة عنها.

وعلى الجانب الآخر ظهر الثلاثي التركي الروسي الإيراني كقوة كبيرة ومؤثرة في المنطقة جليًا خلال قمة الأستانة، ويبدو أن ميل قطر للتحالف مع تلك القوى لا يروق للمحور البريطاني الأمريكي الذي يقود المنطقة.

إضافة إلى ذلك يأتي التقارب والعلاقات الاقتصادية بين قطر وإيران ضمن أسباب الهجمة على قطر، حيث تعرض الأمير تميم أمير قطر لانتقادات، بعد انتقاده مهاجمي قطر في خطبة له، وكان رفض قطر الدخول في التحالف السعودي المسمى "الناتو العربي"، الذي يعد جبهة لمواجهة إيران، القشة التي قصمت ظهر البعير.

وأضافت الصحيفة، أن السياسات القطرية، التي تم تقديمها على أنها دعم للإرهاب ما هى إلا محاولة للتقارب بين قوتين إسلاميتين بغض النظر عن الخلافات المذهبية، والذي يعد تطورًا في طريق الوحدة والسلام والأمن في المنطقة، وهو الوضع الذي لن يقبله إلا قوة استعمارية، تتغذى على الانقسامات والصراعات والحروب الطائفية.

وعلى الرغم من عدم إدراجه رسميًا في قائمة المطالب المقدمة لقطر، إلا أن العلاقات القطرية الروسية، تعد الأسباب غير المنشورة للأزمة، ففي الوقت الذي يعاني منه الاقتصاد الروسي من نقص المستثمرين الأجانب، إلا أن قطر أسهمت في حل تلك الأزمة، حيث قامت بشراء 19.5% من شركة البترول الروسية "روسنفت".

وأضافت "برافدا" أنه من الواضح أن قطر دخلت في علاقات وتحالفات وتقاربات عديدة على مدار السنوات الأخيرة، الأمر الذي تسبب في عزلتها اليوم، إلا أن استبعاد إحدى الجبهات من اللعبة قد يكون مفيدًا للجبهة الأخرى.

حيث أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في عددها الصادر في السابع عشر من يوليو الماضي تحت عنوان "هدية ترامب لبوتين في الشرق الأوسط"، إلى أن الأزمة القطرية فرصة رائعة لروسيا وتركيا وإيران.

حيث جاء في المقال "إن أول أخطاء ترامب هو مساعدة السعودية لإقامة تحالف سني لمحاربة داعش، لدرجة أن قطر وتركيا تقاربا، وأصبحا أكثر انفتاحًا للتعاون مع روسيا وإيران"، مضيفة "أن بوتين صاغ شراكة استراتيجية فعالة مع إيران، كما عمل على زيادة التقارب مع تركيا".

وأكملت "نيويورك تايمز"، "أن إدارة ترامب منحت بوتين طرقًا تساعده على تحقيق أهداف أكثر، والتي تعد فرصة لقيادة تحالف واسع القاعدة مع دول على خلاف مع التحالف الأمريكي السعودي، والذي لا يضم قطر وتركيا الدولتين السنيتين، لكن إيران الشيعية وحلفاءها الإقليميين، إضافة إلى الأغلبية الشيعية في العراق، ومع احتمالية انضمام سلطنة عمان، تلك الدول من الممكن أن تلعب دورًا هامًا في المنطقة وفي أسواق الطاقة العالمية، وهذا التحالف من الممكن أن يرفع احتمالية تقارب الشعوب السنية والشيعية".

وفي النهاية أشارت "برافدا" إلى أن الأزمة القطرية من الممكن أن تتحول إلى فرصة عظيمة لكل من قطر وروسيا وإيران وتركيا، إذا شرعوا في العمل سريعًا دون إضاعة الوقت، حيث من المحتمل أن تزيد روسيا من أنشطتها في المنطقة تحت تلك الظروف.

مؤكدة أن تلك الدول الثلاث تنظر إلى قطر كحليف وصديق مقرب، وإذا تم تحديد تلك العلاقة في اتحاد رسمي من الممكن أن يكون نقطة تحول ليس في الشرق الأوسط فقط، ولكن في العالم أجمع.

شارك الخبر على