"محمد أحمد إبراهيم بين الشروق والغروب بالبندقية

أكثر من سنتين فى البلاد

 كشف الجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة اليوم عن تفاصيل كتابه الجديد "محمد أحمد إبراهيم: بين الشروق والغروب - أعمال فنية: 1986- 2022" الذي سيُرافق معرضه القادم خلال الدورة الـ 59 من المعرض الدولي للفنون في بينالي البندقية 2022، الذي يقام في الفترة 23 أبريل - 27 نوفمبر 2022. تتولى مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان، وهي مؤسسة مستقلة غير ربحية، مهام المفوّض الرسمي للجناح الوطني لدولة الإمارات في بينالي البندقية وبدعم من وزارة الثقافة والشباب.

وسيرصد كتاب "محمد أحمد إبراهيم: بين الشروق والغروب - أعمال فنية: 1986 – 2022" أعمال الفنان الإماراتي الرائد بشكل شمولي لأول مرة في تاريخه، إذ سيتناول اللوحات التجريدية البيومورفية التي قدّمها الفنان، وتجارب عمله مع المواد الطبيعية وابتكار فن الأرض في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وصياغته الفنية لتراكم الورق المعجّن في أشكال فنية متنوعة خلال العقدين الماضيين. وستقوم دار "كاف" للنشر والتوزيع بإصدار الكتاب الذي شارك في تحريره كل من مايا أليسون، القيمة الفنية للجناح الوطني لدولة الإمارات 2022 والمدير التنفيذي لرواق الفن ورئيس القيمين الفنيين في جامعة نيويورك أبوظبي، وكريستيانا دي ماركي، الفنانة والقيّمة والشاعرة. وسيطلق الكتاب مع افتتاح معرض الجناح الوطني في شهر أبريل.
ويوثّق هذا الكتاب المونوغرافي رحلة الفنان الكاملة وتطوّر أعماله وممارساته الفنية ضمن سياق المشهد الفني المعاصر لدولة الإمارات، ويوفر منظوراً أشمل عن مساهماته في تطوير الفن المحلي طوال أربعة عقود من الزمن. ومن خلال نصوص ومقالات عن الفنان الإماراتي  بأقلام عدد من الشخصيات الثقافية البارزة ومن خلال حوارات كان الفنان طرفاً فيها، يغوص الكتاب في عوالمه، ويأخذ القرّاء في رحلة البحث عن مكنونات ذاته انطلاقاً من بداية مشواره الفني، وهو الذي عاصر قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة عندما كان في العاشرة من عمره. واستطاعت المحررتان سبر شخصية الفنان، مستندتين إلى تفاعلهما الشخصي معه، وتسردان رحلة صعوده كأحد رواد الفن التجريبي الإماراتي عبر مادة بحثية غنيّة تضع أعماله اليوم في سياقها المحلي والعالمي.
وقالت ليلى بن بريك، مديرة التنسيق في الجناح الوطني لدولة الإمارات في بينالي البندقية: "تتمثّل رؤية الجناح الوطني لدولة الإمارات في تسليط الضوء على القصص غير المروية من دولة الإمارات العربية المتحدة عبر منصّة بينالي البندقية الذي يُعد أحد أهم وأعرق الفعاليات الفنية في العالم. عملنا طوال سنوات على إصدار عدد من الكتب المرافقة للمعارض التي شاركنا بها، والتي أصبحت بمثابة مصادر أكاديمية توثق المشهد الثقافي المحلي بما يضمن إتاحة المواد التي قُدّمت خلال المعرض وجهود الفنانين المشاركين حتى بعد انتهاء المعارض. تشكّل الكتب التي نُصدرها كل عام بالتزامن مع معرضنا حجر أساس نبني عليه إرث جناح دولة الإمارات، حيث نسعى دوماً إلى المساهمة بتوفير مواد بحثية جديدة تُضفي المزيد من القيمة على المشهد الفني والمعماري المحلي. يتناول إصدار هذا العام الجيل الأول من الفنانين المعاصرين في دولة الإمارات، ومنهم حسن شريف وعبدالله السعدي وحسين شريف ومحمد كاظم، بالإضافة إلى الحركة الفنية في دولة الإمارات خلال فترة أواخر ثمانينيات القرن الماضي".
ويشكل معرض "محمد أحمد إبراهيم: بين الشروق والغروب" التعاون الخامس بين الفنان محمد أحمد إبراهيم والقيمة الفنية مايا أليسون، كما يعتبر ثالث مؤلف صادر عن القيّمة الفنية حول دراسة أعمال الفنان الإماراتي إبراهيم. ويعود تعاون كريستيانا دي ماركي مع الفنان محمد أحمد إبراهيم إلى عام 2008، بدءًا من إشرافها كقيّمة فنية على "ذي فلاينغ هاوس" (وهي مؤسسة للترويج للفنانين الإماراتيين ضمن سياق الفن المفاهيمي). ومنذ ذلك الوقت، تعاونا معاً في عدد من المعارض، كما شاركت في إعداد وتحرير 4 كتيّبات مصوّرة تضمنت أعماله الفنية.
ومن جانبها، قالت القيّمة الفنية مايا أليسون، المدير التنفيذي لرواق الفن ورئيس القيمين الفنيين في جامعة نيويورك أبوظبي:
"خلال سنواتي الدراسية لتاريخ الفن في الولايات المتحدة، لم يكن من السهل أبداً الوصول إلى مصادر تتحدث عن التاريخ الفني لبلدان خارج أوروبا وأمريكا الشمالية، لا بل أن دراستهم كانت مُستبعدة في كثير من الأحيان. لقد كان من دواعي سروري العمل مباشرة مع محمد أحمد إبراهيم، وأن أتعرف على تاريخه الفني من منظوره، وآمل أن أساهم في تقليل المسافات ومد الجسور بين مختلف أواصر التاريخ الفني، وإتاحة الوصول أكثر إلى التاريخ الفريد للفن المعاصر في دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال دراسة الحياة الفنية للفنان محمد أحمد إبراهيم وأعماله. أنتظر بشوق فرصة قراءة الأفكار المختلفة والمتنوعة التي سيحتويها هذا الكتاب، والتي تتضمن أصوات أجيال مختلفة، سواء من الفنانين أو رفاق الدرب أو الشعراء أو القيّمين الفنيين".

وتعليقاً على إصدار الكتاب، قالت الفنانة والقيّمة والشاعرة كريستيانا دي ماركي: "لقد حظيت بامتياز كبير لمقابلة محمد والعمل معه بشكل وثيق خلال وقت طويل من رحلته الفنية. لقد تعرفت أكثر على ممارساته الفنية، وأعجبت جداً بشخصيته وصفاته الإنسانية التي تحولت إلى صداقة طويلة الأمد. آمل أن نساهم أنا ومايا في رفع  مستوى الوعي عن ممارساته الفنية، وأن ننجح في توثيق مادة أكاديمية وحيوية، وإلقاء مزيد من الضوء على اللحظات والظروف التي ساهمت في تشكيل الحياة الثقافية والمشهد الفني في دولة الإمارات".

تفتتح سلوى المقدادي، أستاذ ومدير المركز العربي لدراسة الفن (المورد) في جامعة نيويورك أبوظبي، الكتاب بمقدمة.. ويتخذ القسم الأول من الكتاب وهو بعنوان "الشروق" منهجاً بحثياً من منظور التقييم الفني لتوثيق رحلة وممارسات إبراهيم الفنية. ويبدأ هذا القسم بمقال شمولي بقلم مايا أليسون، يسبر أغوار سمات الممارسات الفنية لمحمد أحمد إبراهيم طوال مسيرته الفنية. وتحدثت مقالة أخرى بقلم ندى شبوط، باحثة في تاريخ الفن العربي الحديث والمعاصر، أعمال إبراهيم ومجتمعه الفني ضمن بوتقة التاريخ للمنطقة العربية ككل، بينما تقدم فينيشيا بورتر، القيمة الفنية على قسم الفن الإسلامي وفنون الشرق الأوسط المعاصرة في المتحف البريطاني، دراسة التشكيلات الفنية الورقية التي قدّمها الفنان.
أما الجزء الثاني من الكتاب، وهو بعنوان "الغروب"، فيتضمن مقالات وتأملات شخصية عن الفنان على مرور الزمن، صاغها أصدقاء إبراهيم وزملائه المقربون. يبدأ هذا القسم بذكرى من فوميو نانجو، كبير قيّمي متحف موري للفنون في طوكيو ومدير شركة الفنون الاستشارية "ان آند ايه"، الذي يتحدث عن الصورة الكاملة لمشهد الفن الإماراتي المعاصر وإضفاء الطابع المؤسسي تدريجياً على المنظومة الفنية من خلال الاجتماعات واللقاءات مع كبار الشخصيات الفنية مثل محمد أحمد إبراهيم وحسن شريف. ويشارك في هذا القسم كذلك عادل خزام، وهو عضو مؤثر في المجموعة الفنية المقربة من الفنان الإماراتي، وهو نفسه شاعر وملحن وصحفي، ويعبّر عن ممارسات محمد أحمد إبراهيم الفنية وسيرته الذاتية ضمن إطار المشهد الثقافي الإماراتي وتطورها على مدى العقود. كما يضم القسم مقالاً تستذكر فيه منيرة الصايغ، مؤسسة منصة دروازة التجريبية للفنون، اكتشافها لفن إبراهيم وعالمه أثناء عملها في برنامج الإقامة الفنية "A.i.R دبي" عام 2015. ويقدم فيفيك فيلاسيني، وهو نفسه فنان عاش ضمن المجتمع الفني المقرب لإبراهيم خلال التسعينيات، قراءة في "تأثير البيئة" على فن إبراهيم، وعلاقته الوطيدة مع بيئته المحلية. ويُختتم الكتاب مع القسم الأخير وهو بعنوان "بين الشروق والغروب" الذي تقدم فيه كريستيانا دي ماركي مقابلة مع الفنان تدعو القرّاء إلى الغوص عميقاً في المدلولات الفنية الشخصية له.
سيقدم معرض "بين الشروق والغروب" أعمالاً تركيبية مكونة من عدة منحوتات بحجم الإنسان مصنوعة بأسلوب نحتي مجرّد ومتناغم مستمد من الأشكال الطبيعية والعضوية، تأتي مستوحاة من العلاقة الوطيدة التي تربط الفنان ببيئته المحلية في مسقط رأسه، خورفكان – تلك المدينة التي تحيطها سلسلة جبال الحجر على الساحل الشرقي من إمارة الشارقة في دولة الإمارات.
يمثل هذا المعرض بداية اعتماد الجناح لمنهجية جديدة شاملة بقيادة الفنانين، حيث تم اختيار الفنان محمد أحمد إبراهيم أولاً ومن ثمّ قام بدوره بترشيح مايا أليسون لتولي مهام التقييم الفني.
يشتهر إبراهيم بكونه أحد أبرز الفنانين التجريبيين في دولة الإمارات العربية المتحدة وعضواً مؤثراً في مجتمع الفن التجريبي الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة الذي بدأ بالتشكل أوائل الثمانينيات. ومن خلال ممارسته القائمة على الأشكال والأعمال المصنوعة يدوياً، يُعيد محمد أحمد إبراهيم تركيب مفردات بيئته من خلال الفن، مع توظيف طبيعة الإمارات لصالح أعماله الفنية. وتم اقتناء أعمال إبراهيم الفنية من قبل مؤسسات فنية دولية بارزة، بما في ذلك المتحف البريطاني في لندن ومركز جورج بومبيدو في باريس ومؤسسة الشارقة للفنون ومجموعة الفن جميل في دبي ومؤسسة بارجيل للفنون في الشارقة.

شارك الخبر على