القضاة (أوقاف القدس) لم تتلق مساعدات إلا من الملك

over 3 years in الرأى

لا يخفى على أحد ما تقوم به وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية من الحفاظ على الأماكن المقدسة والأوقاف في القدس ودرتها الحرم القدسي الشريف عن طريق الرعاية المستمرة والإعمار والإدامة معنويا وماديا بشكل مستمر تنفيذا للتوجيهات الملكية.

وللحديث بإسهاب عن ابرز ما تقوم به الوزارة من جهود للحفاظ على هذا الإرث الخالد، التقت «الرأي» مع مدير المسجد الأقصى وشؤون القدس وعضو مجلس أوقاف القدس الشريف في الوزارة الدكتور عبدالستار القضاة، الذي عرض الجهود الكبيرة التي تقوم بها الوزارة، لتعريف الناس بأهمية الأرض المقدسة والارتباط العقَدي بها، وإرساء السلام في المنطقة والعالم، وتنفيذ وصاية جلالة الملك على المقدسات والأوقاف الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف.

الإعمار الهاشمي الخامس

بين القضاة ان مشروع الفسيفساء الذي استمر لمدة ثمانية اعوام، من عام 2008 إلى عام 2016، وكلف ملايين الدولارات تكفل بها جلالة الملك على نفقته الخاصة، يعتبر من ابرز المشاريع ضمن الاعمار الهاشمي، وشملت إعادة بناء «منبر صلاح الدين»، وتركيبه في المسجد الاقصى في منتصف عام 2006، وترميم الحائط الجنوبي والشرقي للمسجد الأقصى.

كما تضمنت المشاريع، شراء مولدات كهرباء للـمسجد الأقصى، وإعادة تأهيل شبكة الإنارة الداخلية للجامع الأقصى، وعطاء شراء ألواح رصاص للمسجد الأقصى، وتوريد فرش وسجاد للمصلى المرواني، ونظام الإطفاء المتحرك ونظام التهوية، في حين تم تنفيذ ما يقارب الـ50% من نظام الاطفاء و60% من الانارة الخارجية.

واشار القضاة ان الوزارة من خلال دائرتها العامة لأوقاف القدس تعنى ايضا بالمتحف الإسلامي في المسجد الأقصى الذي تعكس موجوداته التاريخ العربي والإسلامي لهذه البقعة المقدسة من العالم، وتدل على الأهمية العظمى التي تمثلها لمسلمي العالم وأحراره، وتوثق طابعها وهويتها التي تتعرض للتزوير والطمس.

وتابع القضاة: في جنبات المسجد الأقصى ثلاث مكتبات زاخرة بروائع التراث العربي والإسلامي من مؤلفات ومخطوطات نادرة أغلبها باللغة العربية، وبعضها باللغة الفارسية، واللغة التركية، في مختلف العلوم الشرعية واللغوية والعلمية، وهذه المكتبات الثلاث هي: مكتبة المسجد الأقصى المبارك، والمكتبة الختنية، ومكتبة ثانوية الأقصى الشرعية، وهذه المكتبات تضم في مجموعها ما يقرب من 100 ألف عنوان، منها 80 ألف عنوان في المكتبة الختنية، بالإضافة إلى مئات النشرات والمجلات العربية.

وقال إنه من أجل الحفاظ على هذا التراث قامت دائرة أوقاف القدس بإنشاء مركز لترميم المخطوطات، وفي عام 2008 وبدعم من جلالة الملك عبد الله الثاني تم تقديم 70 ألف دينار من اجل فك حجز قامت به سلطات الاحتلال على الاجهزة الخاصة بمركز التخطيط التي بقيت محجوزة لدى الاحتلال لاكثر من سنتين وسبعة اشهر وتم تجهيز مختبر مركز ترميم مخطوطات المسجد الأقصى المبارك الذي يقوم بدوره الآن على اكمل وجه بعد ان تم تعيين (5) موظفين جدد فيه خلال عام 2021.

وأشار إلى انه قامت إدارة الأوقاف الإسلامية في القدس، وبالتنسيق مع جامعة القدس بتنفيذ وقفية جلالة الملك عبد الله الثاني بإنشاء الكرسي المكتمل لدراسة فكر الإمام الغزالي في المسجد الأقصى المبارك، ورصد له وقفية خاصة بمبلغ مليوني دينار، والعمل جار في تنفيذ الوقفية إثراء للفكر الإسلامي في بيت المقدس، كما قامت الوزارة من خلال ادارتها في القدس بالإشراف على عدد من المشروعات الخاصة بترميم المباني والعقارات والأملاك في القدس، ومن اهمها سوق القطانين، ورباط علاء الدين البصيري، ووقف الشهابي، ومشروع بناء وتشطيب مبنى كلية الأمة في ضاحية البريد.

وفي رده على سؤال لـ«الرأي» عن الحديث المتداول عبر الفضائيات بين الحين والاخر عن رصد التبرعات بالمليارات خدمة للقدس واهلها، اكد القضاة ان دائرة أوقاف القدس لم تتلق أي مساعدات مالية إلا من الحكومة الأردنية والصندوق الهاشمي وجلالة الملك عبدالله شخصياً، مبينا ان 15 مليون دينار تخصص سنويا للدائرة من ضمن موازنة وزارة الأوقاف.

واشار إلى انه تقوم الوزارة بالإدارة والإشراف على الأملاك الوقفية في القدس بأنواعها المختلفة، سواء أكانت الأوقاف الخيرية أم الذرية، والتي تزيد نسبتها على 80% من الأملاك في القدس القديمة، حيث يتم إدارتها وترميمها وصيانتها واستثمارها والإشراف عليها والمحافظة على ديمومتها وتأجيرها لأهلنا في القدس بأجور مخفضة لتثبيتهم على أرضهم ومساعدتهم في العيش الكريم هناك.

وأوضح أنه يتم تأجير بعض الأملاك والأراضي الوقفية بأجور رمزية لجمعيات خيرية تقوم بإنشاء المستشفيات والعيادات الصحية لرعاية الأهل، مثل مستشفى المقاصد الخيرية الإسلامية في القدس، إضافة لمشاريع حيوية أخرى لتعزيز صمود أهلنا هناك بتخصيص عدد من قطع الأراضي الوقفية لإقامة مشاريع إسكان للموظفين، وفق اتفاقيات تحفظ حق الوقف في ملكية هذه الأراضي والعقارات، وتحقق المصلحة المرجوّة للمواطنين في المدينة المقدسة.

وقال تشرف دائرة أوقاف القدس على المقابر والزوايا والتكايا وخصوصا تكية خاصكي سلطان التي تطعم المحتاجين من أهل القدس طوال العام، وتكرم ضيوف الرحمن الزائرين للمسجد الأقصى خلال شهر رمضان المبارك، كما أنه لجنة زكاة القدس التي تعمل تحت مظلة وزارة الأوقاف تقوم بتوزيع الزكاة على مستحقيها والتي يبلغ انفاقها الشهري نصف مليون دينار.

ونبه إلى أن تقوم الوزارة بدور هام في مجال التربية والتعليم في القدس، حيث تشرف على المدارس الشرعية التي تقوم بتدريس طلابها العلوم الشرعية إضافة إلى منهاج وزارة التربية والتعليم، ومن ابرز هذه المدارس ثانوية الأقصى الشرعية، والثانوية الشرعية للبنات، كذلك فإن مدارس التربية والتعليم في القدس تعمل تحت مظلة الأوقاف الإسلامية ولولا ذلك لما استطاعت الاستمرار في عملها وأداء مهامها التربوية الجليلة علما أن عدد هذه المدارس يزيد على 40 مدرسة وكلية تضم أكثر من 13 ألف طالب وطالبة.

ولفت إلى أنه تتبع مدرسة دار الأيتام الإسلامية الصناعية في البلدة القديمة لدائرة الأوقاف، وتهدف المدرسة إلى إعداد وتأهيل الطلاب وتعليمهم المهن والحرف المختلفة لمساعدتهم على العيش بكرامة ولإفادة المجتمع المحلي في القدس، كما تتبع لوزارة الأوقاف كليّة الأمة الجامعية.

مديرية أوقاف القدس

وقال تدافع مديرية أوقاف القدس التي يزيد عدد موظفيها على 750 موظفاً منهم أكثر من 250 حارسا، عن المسجد الأقصى والإشراف على مساجد مدينة القدس التي يزيد عددها على 102 مسجد، وتقوم بإعمارها ورعايتها وصيانتها والوعظ والإرشاد بها، ويتم دفع رواتب وأجور هؤلاء العاملين من موازنة الوزارة.

ولفت القضاة الى ان هناك دورا فاعلا للوزارة عن طريق المشاركة في اجتماعات لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو للتصدي للمحاولات الإسرائيلية المستمرة لتغيير معالم القدس ومحاولات إسرائيل المستمرة والمتكررة لإدراج البلدة القديمة في القدس على لائحتها التمهيدية للتراث العالمي حيث يتم إسقاط هذه المحاولات في كل عام من قبل اللجنة الوطنية الأردنية للتراث العالمي التي تشارك بعضويتها الوزارة، إضافة للتعاون المستمر ما بين الوزارة وكل من اللجنة الوطنية الأردنية للتربية والثقافة والعلوم برئاسة وزير التربية والتعليم ودائرة الآثار العامة ووزارة الخارجية وكذلك منظمة الأسيسكو (المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم) والاليكسو (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم).

وأوضح أنه وبعد انهيار جزء من طريق باب المغاربة نهاية العام 2004 بسبب حفريات قامت بها سلطات الاحتلال في الطريق بهدف بناء قواعد خرسانية مسلحة لمظلات تم تنفيذها فوق الطريق، ومنعت سلطات الاحتلال ادارة الاوقاف الاسلامية في القدس من ترميم هذه الطريق الوقفية الاسلامية، واستمر هذا المنع لفترة ثلاث سنوات، ثم قامت السلطات المحتلة بحفر طريق باب المغاربة عام 2007 خلافاً للشرعية والقوانين الدولية والانسانية وخلافاً لاتفاقية الحفاظ على التراث العالمي الثقافي والطبيعي 1972 (يونسكو)، عندها قامت الوزارة بتقديم المشروع الأردني المقترح لحل مشكلة طريق باب المغاربة لمنظمة اليونسكو.

ولفت إنه تعمل الوزارة وبالتعاون مع وزارة التربية ووزارة الخارجية على وقف الاستمرار بأعمال حفريات طريق باب المغاربة ولا زالت الجهود والاتصالات مستمرة مع منظمة اليونسكو من أجل حلّ هذا الموضوع.

واعتبر أنه تعد الوزارة المذكرات والتقارير الخاصة بالاعتداءات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في القدس وبيان آثارها ومخاطرها، والعمل على مخاطبة الهيئات الدولية وخاصة الأمم المتحدة واليونسكو وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والدول العربية والإسلامية لبيان الانتهاكات الإسرائيلية في القدس الشريف وتوعية الرأي العام العالمي والعربي والإسلامي حيال ذلك إضافة لمشاركة الوزارة في المؤتمرات واللقاءات العربية والإسلامية والدولية وتقديم أوراق عمل خاصة بالقدس والمقدسات.

34 ألف انتهاك واعتداء إسرائيلي في 2021

وبين أنه تظهر الاحصائيات الخاصة بعام 2021 تعرض فلسطين المحتلة بما فيها مدينة القدس الى حوالي 34 الف انتهاك واعتداء اسرائيلي، منها استشهاد حوالي 100 فلسطيني واصابة 11 الف فلسطينياً، واعتقال أكثر من 5 الاف، وأكثر من 4 الاف اقتحام للضفة الغربية الفلسطينية المحتلة ومدينة القدس والمسجد الاقصى المبارك، وحوالي 387 اعتداء على المقدسات الاسلامية والمسيحية، شملت اقتحام 34 الف مستوطن للمسجد الاقصى المبارك بمشاركة طلاب المدارس التلمودية، واكثر من 80 جماعة متطرفة من جماعات الهيكل المزعوم يدعمها الأمن الاسرائيلي.

وأوضح أنه جرى خلال شهر كانون الثاني من العام الحالي 2022، اقتحام مئات المستوطنين للمسجد الاقصى المبارك، وإصدار محاكم الابرتهايد العنصرية الاسرائيلية ما مجموعه 17 قرار إبعاد عن المسجد الاقصى ومدينة القدس، من بينها 8 قرارات إبعاد عن المسجد الأقصى المبارك، كما تعرضت 34 منشأة للهدم، من بينها 17 عملية هدم نُفذت بأيدي أصحابها الفلسطينيين لتجنب دفعهم لغرامات مالية باهظة.

وبين أنه فيما يتصل بعمل المؤسسات الخدمية التابعة للاوقاف الاسلامية والمسيحية، منعت سلطات الاحتلال موظفي الاوقاف من متابعة أعمال الترميم اللازمة في المسجد، فضلاً عن اغلاق بعضها وفرض غرامات وضرائب مرتفعة على املاكها الوقفية، اضافة الى قيام اسرائيل مؤخراً باقتحام مقر لجنة الزكاة داخل مصلى باب الرحمة.

وقال إنه من الاوقاف الاسلامية والمسيحية التي تتعرض للاعتداءات المتكررة المقابر الاسلامية والمسيحية من خلال جرفها وازالة جثامين المتوفين بمن فيهم الشهداء منها، بحجة ملكية اليهود والشركات الاستيطانية لها حسب زعمهم، أو بحجة الرغبة في تحويلها الى مناطق عامة تشمل انشاء حدائق ومسارات تلمودية، كما هو حال مقابر الرحمة واليوسفية وباب الساهرة ومن قبلها مقبرة مأمن الله، والمقابر المسيحية في جبل صهيون والزيتون، وهذا ضمن منهج تهويد كامل القدس وتغيير الوضع التاريخي القائم فيها، والعمل على محاصرة المقدسات الاسلامية والمسيحية وخصوصاً المسجد الاقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف.

وأوضح أنه خطة ممنهجة للتطهير العرقي والعنصري (الابرتهايد) تستهدف سلطات الاحتلال أحياء باكملها لاحكام طوق المستعمرات حول القدس، ففي إطار توسيع المستوطنات وتسمينها واقامة بؤر استعمارية جديدة، صادقت لجنة المال التابعة لبلدية الاحتلال على عددٍ من مشاريع البنية التحتية، بميزانية تقدر بنحو 310 مليون دولار، وتتضمن المخططات إقامة بنى تحتية جديدة، وشبكة طرقات، وتوسيع خط القطار الخفيف.

واعتبر أن ما يجري في بلدة سلوان وحي الشيخ جراح المستهدف هذه الأيام نموذج على ذلك ضد أهلنا في فلسطين والقدس، وتستند اسرائيل في نزع الملكيات على ثلاثة قوانين عنصرية خطيرة كما يصفها تقرير منظمة العفو الدولية وهي قانون املاك الغائبين (قانون نقل الملكية) 1950، وقانون حيازة الأرض 1953، وقانون الأراضي البريطاني (الاستحواذ للاغراض العامة) 1943.

وقال إنه تعتبر المملكة المقدسات الإسلامية في القدس وديعة وأمانة في يدها بوصاية هاشمية مباركة لحين تسليمها إلى الأشقاء الفلسطينيين يوم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ولتكون القدس عاملا من عوامل التعاون المؤلفة بين المسلمين، وأساسا لجمع كلمتهم وتوحيد صفهم من أجل الحفاظ على هويتها العربية الإسلامية، واستعادة كامل الحقوق لتنعم الأجيال القادمة بالتقدم والازدهار والسلام.

Mentioned in this news
Share it on