مسرحية "تخريف" في عيون الفنانين والنقاد

حوالي سنتان فى البلاد

ينبغي أن يكون للمسرحية حسب تعبير علي أحمد باكثير، فكرة أساسية واحدة تدور عليها من أولها إلى آخرها، ولا ينبغي أن يكون لها أكثر من فكرة أساسية إلا إذا كانت الثانية مندرجة في الأولى غير منفصلة عنها في الزمن، وفي هذه الحالة تكون هناك في الواقع فكرة واحدة، إذ لا تكون الثانية حينئذ إلا جزءا متمما لها، واستطاع مخرجنا الشاب حسین العصفور بتأليفه نص مسرحية "تخريف" أن يسلط الضوء بخياله الخصب الواسع على معاناة الفنان وهمومه في المجتمع من خلال شخصیة الفنان أنور أحمد في أعماله وتصرفاته شديدة التعقيد.

إن هذه الصورة لا تحتاج إلى مزيد من التعليق، إذ ما من شك في أنها واضحة المعنى قوية التأثير في بساطتها وخلوها من الشرح أو التعليق، فجميع حوارات أنور أحمد وحسن العصفور والذي يقوم بدور أنور شابٌّ في خليط رائع للشخصيات، فيها خروج عن القواعد الموضوعة بما يمليه ضميره الحر وعقله المتقد، إذ يحاول أن يصلح حال المسرحي والأديب المثقف في المجتمع ولكن دون جدوى.

مسرحية "تخريف" التي قدمها مسرح أوال مؤخرا من تأليف وإخراج حسين العصفور، وتمثيل الفنان أنور أحمد، والفنان حسن العصفور، والفنانة نورة عيد، والفنانة أسماء الذوادي ومساعد مخرج جاسم العالي، حسب وجهة نظري هي علامة على طريق جديد، وإشارة بدء في اتجاه مسرح لم تتوقف حتى الآن، ليس فقط لأن هذه المسرحية تميزت بمنهج خاص في التفكير وفي تفسير الأحداث التي تقع في المجتمع، بل لأنها توافقت أيضا مع الظروف الصعبة التي يعاني منها الفنان المسرحي وأهل الفن عموما.

"تخريف" نغمة جديدة على المسرح تحاول أن تخلق جزيرة في قلب البحر للفنان والمبدع الغارق في مشكلات ومعاناة لا نهاية لها.

"البلاد" سجلت انطباعات عدد من الفنانين والمهتمين حول العرض:

"طرحت موضوعا هاما"

يقول الفنان قحطان القحطاني:

المسرحية طرحت موضوعًا يعاني منه معظم الفنانين الملتصقين بالمسرح ليس في البحرين فحسب، بل في معظم الأقطار التي تعتبر الفن والثقافة مسائل هامشية في خضم النزعة الاقتصادية المسيطرة على مجريات الأمور في عالمنا. تحية للكاتب المخرج وطاقم التمثيل وعلى رأسهم المخضرم أنور أحمد ولجميع من شارك في العمل.
 
"تخريف وتفاهات الواقع"

بينما قال الدكتور محمد حميد السلمان:

في ذات مساء بارد من أمسيات شتاء البحرين "الكوروني"، عندما خرجتُ من مشاهدة مسرحية "تخريف"، لفرقة أوال المسرحية الأخيرة التي تم عَرضها في فبراير الحالي بالصالة الثقافية، وأنا أشاهد حولي في الشوارع أنواعًا من التفاهات والترفيه مما لا علاقة له بأي نوع من الثقافة؛ قفز إلى مخيلتي استفسارات عدة: أين نضع عمل شباب مسرح أوال "تخريف" الجاد شيئاً ما إن صح التعبير، في سياق حياتنا اليومية التي نعيشها واقعاً أمامنا؟ ولماذا نشعر بانفصال بين ما يُعرض على خشبة صالة المسرح؛ بمثل هذه الأعمال، وما نعيشه خارجها من عديد المؤثرات التي تغتصب حقنا أحياناً كثيرة في أن نكون كما نريد، لا كما تريد التفاهات المفروضة. ثم كم هي أنواع "التخريِف" أو "التخَاريف" أو "الخُرافات"، التي تُعشعش بين أظهرنا ولا نتمكن من الفكاك منها أو تفكيكها بأي منهج كان، ونستطيع عرضها على خشبة المسرح؟

ثم أن هؤلاء الشباب من فرقة مسرح أوال، بقيادة مؤلف ومخرج العمل الشاب، إن جاز الوصف، حسين العصفور، ومعه الممثل الأول، بل ومستشار العمل، إن سمح التعبير، بخبرته الفنية المسرحية والتلفزيونية، أنور أحمد؛ الذين سهروا وجهدوا أنفسهم تطوعاً لأسابيع عديدة، لتحويل عمل صوتي مدون على الورق إلى فعل ناطق ومتحرك على الخشبة، بأدوات فقيرة لكنها من واقع الحال؛ ولعرض ليلة يتيمة فقط؛ ما ذنبهم أن أوصلوا فكرتهم أم لا، بما يعتقد المخرج أنه الأسلوب الصحيح فنياً بعيداً حتى عن أي لمسة كوميدية واضحة وبرسم لوحات تشكيلية مضيئة، ولمن حضر ومن لم يحضر، صدَّق ما قِيل أم لم يصدقه، فهو في النهاية "تخريف" يُحاول أن يقترب من الواقع الخارجي بقدر ما يبتعد عنه. فهل وصلت رسالة الشباب ومسرحهم كما ارتأوها؟ ونحن نعيش الواقع الخارجي المفروض علينا والصادم لنا بعناوينه التي تكاد تنافس أي "تخريف" يصدر هنا أو هناك.

"أنور أحمد كان مفاجأة"

وبدوره قال الفنان جمال الصقر:

التجربة جميلة والمفاجأة بالنسبة لي كانت الفنان أنور أحمد، فبالرغم من انقطاعه الطويل عن التمثيل على خشبة المسرح، وكما نعرف الانقطاع الطويل يؤثر على لياقة الفنان ونفسه أيضا، بيد أنه عاد وأفضل حالا من السابق. كان مبهرا في لعبته على التلوين والانتقال من حالة إلى أخرى.

كما أن المؤلف والمخرج حسين العصفور وبسبب قلقه استطاع أن يقدم لنا عملا جميلا، وأعجبت حقيقة بمشهد "القماش" وهذه حالة تحسب للمخرج العصفور، وكان بودي لو تم الاشتغال على العربة بشكل أفضل وكذلك السينوغرافيا.

وأود أن أشير أيضا إلى أداء الفنانة نورة عيد خاصة في حالة "اللاحوار" فدائما يكون حضورها قويا حتى في حالة الصمت، وهذه ميزة قد لا نجدها عند الكثير من الممثلات، وكذلك أداء الفنانة أسماء الذوادي.

"عرض جميل"

وللفنان أحمد جاسم هذا الرأي:

أشكر مسرح أوال على هذه المسرحية، كما أشكر الفنان أنور أحمد العائد للمسرح، والذي أبهرنا بالأداء والحضور رغم الانقطاع. والشكر موصول للمخرج المجتهد حسين العصفور الذي دخل مضمار التحدي وأثبت نفسه.
ما تميز به المخرج حسب وجهة نظري مقدرته على تحريك الممثلين، وخلق جو متحرك نشط، وهذه ميزة شاهدناها في عروض سابقة للعصفور مثل مسرحية "الكراسي" وغيرها
ملاحظتي على العرض هي في اللغة المباشرة في الحوارات، وفقدان الإيقاع بين فترة وأخرى، كما أن العربة كانت تقليدية إلى حد كبير وثقيلة، وكان يفترض استخدامها بطريقة ثانية.

 

 

شارك الخبر على