خطة ماكرة.. هل ينتزع «القاعدة» قيادة الإرهاب من «داعش» مجددًا؟

ما يقرب من ٧ سنوات فى التحرير

كتب- أحمد مطاوع

منذ بداية العام الجاري، رن صوت أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي، عبر مجموعة تسجيلات صوتية، حملت وعيدًا وهجومًا على أشخاص وتنظيمات ودولًا، مرر أثنائها رسائل ونصائح لتصحيح مسار "الجهاد" في العالم وفقًا لأولويات تركز على "العدو الرئيسي"، لافتًا إلى خلاف وتصادم كبير مع تنظيم داعش الإرهابي الذي بدأ ينحسر دوره وتضيق عليه الأرض تدريجيًا في العديد من مناطق تمركزه، لاسيما العراق وسوريا وليبيا، مع ضربات التحالفين الدولي والعربي المتلاحقة بخلاف جيوش تلك الدول، وسط أنباء متباينة عن مقتل أبو بكر البغدادي زعيم "داعش"، في الوقت الذي تتعالى فيه أصواتًا محذرة من الاستراتيجية الماكرة والانتهازية التي ينتهجها خلفاء أسامة بن لادن، لضمان البقاء والاستمرارية للتنظيم الذي تأسس في أواخر الثمانينات من القرن الماضي، تزامنًا عن أنباء -غير مؤكدة حتى الآن- تشير إلى اجتماعات سرية لأعضاء التنظيم في عدد من الدول.

الظواهري ينشط.. أبرز رسائل تنظيم القاعدة في 2017

6 يناير.. 3 محاور

بث أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة، تسجيلًا صوتيًا في 6 يناير الماضي، عنوانه "رسالتنا إلى أمتنا: لغير الله لن نركع"، جاء ضمونه في 3 اتجاهات متنوعة:

أولًا: البغدادي كذاب

اتهم الظواهري، في رسالته، أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم "داعش" بالكذب، مؤكدًا أن "هناك حملة تشويه وتخويف وتنفير" ضد "القاعدة"، وكان ممن شارك في هذه الحملة "للأسف كذابو إبراهيم البدري (أبوبكر البغدادي)"، بحسب فرانس برس.

ثانيًا: أولويات الجهاد

وجه زعيم القاعدة دعوة إلى من أسماهم "مجاهدي أمتنا"، بأن يجعلوا من أمريكا وحلفائها وعلى رأسهم إسرائيل "أولوياتهم"، مشددًا على رفض التنظيم لكل معاهدة أو اتفاقية أو قرار دولي يمنح "الكفار" حق الاستيلاء على ديار المسلمين، معددًا "استيلاء إسرائيل على فلسطين، واستيلاء روسيا على وسط آسيا والقوقاز، واستيلاء الهند على كشمير، واستيلاء إسبانيا على سبتة ومليلية، واستيلاء الصين على تركستان الشرقية".

ثالثًا: كسب الشعوب

في خطوة ماكرة هدفها، كسب تعاطف الشعوب مع التنظيمات الإرهابية، ناشد الظواهري، بضرورة "الانتصار للمظلومين والمستضعفين مسلمين أو كافرين ممن ظلمهم واعتدى عليهم، وتأييد وتشجيع كل من يساندهم ولو كان من غير المسلمين".

وأضاف الظواهري أن أتباع البغدادي، زعموا أن "القاعدة" لا تكفر الشيعة، موضحًا أنه طلب منهم عدة مرات ترك التفجيرات في الأسواق والحسينيات والمساجد، والتركيز على قوات الجيش والأمن والشرطة والميليشيات الشيعية.

16 يناير.. هجوم وإشادة

رسالة جديدة، ظهر خلالها الظواهري، وكأنه "خليفة المسلمين"، يقييم ويشيد ويصدر الأحكام، إذ شن خلال فيديو نشره تنظيم القاعدة، في منتصف يناير الماضي، هجومًا حادًا على جماعة الإخوان والرئيس المعزول محمد مرسي، قائلًا إن "الجماعة ومرسي سقطوا في قاع الخيبة والخسارة".

وأشاد زعيم "القاعدة" الإرهابي، بقيادات الجماعة السابقين ومنهم رشدي البلبدي الرجل الثاني في التنظيم والملقب بـ"أبو الحسن" الذي أعلن التنظيم بالمغرب العربي، مقتله في كمين للجيش الجزائري عام 2015، بالإضافة إلى أبو فراس السوري، الذي أعلن التحالف الدولي مقتله عام 2016 في غارات على إدلب السورية. 

23 أبريل.. سوريا

دعا زعيم التنظيم الإرهابي، أيمن الظواهري، أثناء رسالة صوتية بثها في أبريل الماضي، إلى الانتقال لطريقة حرب العصابات في سوريا لأنها استراتيجية "تستنزف العدو"، وألح على ضرورة تشكيل الفصائل السورية المسلحة المناهضة للحكومة، اتحادًا من أجل مواجهة ما اعتبره بـ"العدو الصليبي وحلفائه".

 وطالب الظواهري، بعدم تحويل النزاع السوري إلى قضية داخلية، محذرًا في الوقت ذاته من علمنته، قائلًا: "لم يرضوا عن محمد مرسي رغم أنه قدم له ما يريدون".

«القاعدة».. إجراءات في شبه القارة الهندية

في يونيو الماضي، أصدر فرع التنظيم في شبه القارة الهندية، لائحة العمل الخاصة به والتي عكفت قيادات "القاعدة" على صياغتها، محددين خطط عمله في المرحلة المقبلة، ونطاق العمل والهيكل التنظيمي الجديدة للتنظيم بالمنطقة بمباركة الظواهري، والمقاصد التي تحمل نفس أهداف التنظيم الأم وأبرزها إقامة الخلافة الإسلامية ودعم حركة طالبان الأفغانية والدفاع عنها وتحرير المسجد الأقصى -على حد قولهم-، بالإضافة إلى تجديد العلاقات ومبادئ التعامل مع الجماعات الجهادية الأخرى والأطراف الأخرى من المخالفين وعامة المسلمين، وكذلك الموقف من الديمقراطية والأحزاب العلمانية، والتعامل مع الأسرى.

وكان الظواهري، قد أعلن في سبتمبر 2014، إنشاء فرعًا للقاعدة في شبه القارة الهندية، مؤكدًا أن "الجماعة الجديدة لا تعترف بالحدود بين بلدان شبه القارة الهندية، وتدعو إلى نبذ الديمقراطية والدعوة للوحدة بين المسلمين"، كما عين الباكستاني من أصل باشتوني عاصم عمر أميرًا لفرع الجماعة.

لماذا اختفى تنظيم «القاعدة» في السنوات الأخيرة؟

تعددت الرؤى والاحتمالات التحليلية المتبوعة بسيناريوهات ظل يرسمها خبراء وباحثون حول مصير تنظيم "القاعدة"، على مدار سنوات، منذ اختفاء وصمت زعيم التنظيم أيمن الظواهري، عام 2011، وظهور تنظيم "داعش" وانتشاره في 2014.

وما بين تفسيرين للاختفاء المفاجئ، أحدهما يرجح أن الظواهري، قد يكون يخطط لأمر، والآخر أنه ريما ينتظر نهاية زعيم تنظيم "داعش" أبو بكر البغدادي، الذي سحب البساط وخطف الأضواء منه، يشير بروس ريدل، المحلل في معهد بروكينجز الأمريكى، في مقال نشره موقع "المونيتور" الأمريكى، عام 2015، إلى أن الظواهري، ربما ينتظر الوقت لهدف خاص، موضحًا أنه "ينتظر أمرًا لا نعرفه، فربما لديه خطط يجرى العمل عليها أكثر جرأة، وبناءً عليه يمكننا الاستنتاج وبثقة أن الظواهرى لديه أسبابه للبقاء صامتًا".

وربط خبراء عسكريون وباحثون في شؤون الجماعات الإسلامية، سر اختفاء "القاعدة"، بظهور "داعش"، وتوافر مقومات افتقدها المقاتلون في التنظيم الذي أسسه بن لادن، إذ طرح البغدادي نظرية سياسية قوامها الدولة وفكرة "العالمية الجهادية"، وعلى أساس ذلك أنهوا ولائهم لـ"القاعدة" وبدأوا عمليات البيعة لتنظيم "داعش" الذي رأوه الأقوى، بخلاف توافر الاحتياطات المالية الكبيرة وموارد التمويل وعلى رأسها حقول البترول التي سيطر عليها "داعش" في سوريا والعراق، على عكس الحال في "القاعدة" التي عاشت مراحل انتقالية صعبة في أواخر عهد بن لادن، والانقسامات والخلافات الداخلية، وتحول التنظيم إلى "مجرد فكرة".

تحذيرات.. "القاعدة" تنتهج استراتيجية ماكرة للبقاء

في العاشر من يوليو الجاري، كشف مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، التابع لدار الإفتاء المصرية، في تقرير بحثي جديد بعنوان "مستقبل تنظيم القاعدة في ظل الأحداث والتداعيات الحالية"، أن التنظيم الإرهابي بقيادة أيمن الظواهري، رغم الخسائر والنكسات التي مُني بها في الأعوام السابقة على جميع الجبهات، ما زال متمسكًا بخطته طويلة المدى، التي "ستسهم في ارتفاع أسهمه في ظل الهزائم المتلاحقة التي طالت تنظيم داعش، إيذانًا بانهياره التام ونهايته ليفسح المجال مرة أخرى أمام القاعدة للصعود إلى صدارة الجهاد العالمي".

وأكدت الإفتاء، في تقريرها، أن استراتيجية "القاعدة" تعتمد على تكتيكات ضبط النفس، وتثبيت أقدام التنظيم في المجتمع المحلي وإيقاف الهجمات ضد غير المقاتلين، واستمرار التركيز الأساسي للتنظيم على العدو البعيد "الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفاؤهما"، مع التركيز الثانوي على الحلفاء المحليين، لافتة إلى أن هذه المبادئ التوجيهية تتجلى بنجاح في أنشطة أفرع التنظيم المختلفة في "شبه الجزيرة العربية" و"المغرب الإسلامي"، مما يجعل تنظيم "القاعدة" يبدو أكثر عقلانية مقارنة مع تنظيم داعش.

وأشار التقرير، إلى أن تأثير "القاعدة" يزداد شراسة على الرغم من الضغوط الشديدة التي تعرض لها طوال السنوات العشر الماضية، وأنه سيكون من الصعوبة بمكان القضاء على عناصر التنظيم التي أسست لنفسها مكانًا في شمال غربي سوريا، وليبيا واليمن وباكستان وأفغانستان وشمال إفريقيا والصومال.

وحذرت الإفتاء، من خطورة التركيز على "داعش" فقط وتجاهل التنظيمات والجماعات المتطرفة الأخرى في المنطقة، لافتة إلى أنه في حين تستهدف الحملات الدولية "داعش"، يتوارى تنظيم "القاعدة" عن الأنظار تمهيدًا لظهوره من جديد، حيث يحاول التنظيم إعادة لم شتاته على عدة جبهات اجتماعية وسياسية وعسكرية، وهو "أمر ليس بالمفاجئ"، واصفة أن تنظيم القاعدة والجماعات التابعة له كـ"الحرباء" يتسم بسهولة التخفي والتكيف مع الظروف المحيطة به.

ودعت دار الإفتاء المصرية، إلى ضرورة تركيز القوى الدولية على مخططات "القاعدة" وهي تدحر "داعش" وتطرده من الأراضي التي يسيطر عليها، مضيفة أنه "رغم أن النجاحات التي تحققت ضد تنظيم القاعدة واقعية ومؤثرة وأدت إلى تراجع التنظيم، فإن الحراك الإرهابي الأوسع الذي يعززه لا يزال قويًا ومستمرًا، فما زالت جماعات أخرى ومنظمات منبثقة عنه تستفيد من آيديولوجياته وشبكاته التي أنشأها من قبل".

شارك الخبر على