«متحف الحضارة».. تاريخ مصر في قلب الفسطاط

ما يقرب من ٧ سنوات فى التحرير

استقبل المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط ٤٥٣ قطعة أثرية من مجموعة حفائر عزبة الوالدة الموجودة بمخازن المتحف المصري بميدان التحرير، وذلك في إطار خطة وزارة الآثار لنقل القطع الأثرية من المتاحف المصرية ومخازن المواقع الأثرية تمهيدا لافتتاح المرحلة الثانية للمتحف.

ومن المقرر أن يضم المتحف عددًا من القطع الأثرية التي توضح تاريخ الحضارة المصرية عبر العصور والحقب التاريخية المختلفة، منذ بداية عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث، كما ستشمل عددًا من المواضيع، منها النيل، والكتابة، والمعتقدات الدينية، والدولة والمجتمع، والثقافة المادية، وفجر الحضارة، كما يتميز المتحف بوجود شاشات عرض تسمح للزائر التعرف على العاصمة القديمة والأماكن المحيطة بها.

نواة متحف الحضارة

جاءت فكرة إنشاء متحف يضم تاريخ الحضارة المصرية منذ عصور ما قبل التاريخ حتى العصر الحديث، خلال زيارة الملك فاروق لأوروبا، وكانت الفكرة قد دخلت في حيز التنفيذ عام 1936 وتمت دراسة المشروع وجوانبه عن طريق لجنة من علماء التاريخ والآثار والمتاحف، صممه وأشرف على تنفيذه مصطفى بك فهمي، وتم تخصيص طابق في السراي الكبرى، وألحقت به قاعتان كبيرتان فى الطابق الذي يليه، وذلك لعرض عهد محمد علي حتى وقت إنشاء المتحف وافتتاحه في 1949.

وقد أطلقت مسميات عليه مثل "متحف الحضارة المصرية الحديثة، متحف الجزيرة، مبنى السراى الكبير، سراى النصر، مبنى القبة السماوية"، وما زال هذا المبنى قائمًا في ساحة دار الأوبرا المصرية.

أما قاعة المدخل فتحتوي على تمثال لرجل الكهوف، بجانب مجموعة أوان وآلات حجرية، وعرض ديورامات تمثل معيشة الإنسان في ذلك العصر، وتم رسم مناظر في أعلى الجدران تبين مراحل التاريخ حتى توحيد الجنوب والشمال.

وكانت القاعات الأخرى التي شملها المتحف هي: "القاعة الفرعونية، قاعة العصر اليوناني الروماني، العصر القبطي، العصر الإسلامي في مختلف العصر العثماني، حملة نابليون على مصر، الروابط التاريخية بين مصر والسودان، قاعتان للعصر الحديث".  

حملة دولية لإنشاء المتحف

في مارس 1982م، قامت اليونسكو بالإعلان عن حملة دولية، لإنشاء المتحف القومي للحضارة بالفسطاط، ومتحف النوبة في أسوان، وأن يكون ذلك بالتعاون بين اليونسكو والسلطات المصرية وتتولى التنسيق اللجنة التنفيذية للحملة الدولية.

وكان يجب اختيار موقع آخر لإنشاء المتحف، لصغر مساحة "متحف الجزيرة" لأن موقعه الحالي لا يتسع لبناء المتحف الجديد، وستقدم اليونسكو الدعم الفني للمتحف في مجال التدريب وتنمية المعارض وغيرها من المجالات.

اختيار الفسطاط

تم اختيار منطقة الفسطاط لتكون مقرا لمتحف الحضارة فى عام 1998، بجانب أن الفسطاط هي أول عاصمة لمصر، فالموقع يقع بالقرب من حضارة المعادي التي تعد إحدى مراحل تطور الحضارة قديمًا.

وقربه من أهرامات الجيزة وحصن بابليون ومجمع الأديان والقاهرة التاريخية وجامع محمد علي من العصر الحديث، بذلك يعد المتحف نقطة التقاء كل هذه الحضارات، وفي 2011 ضُم جزء من بحيرة عين الصيرة لأرض المتحف.

إنشاء المتحف الجديد

تم وضع حجر أساس المتحف في عام 2002، وبدأ تنفيذ المشروع عام ‏2004، بعد أن أقيمت مسابقة معمارية دولية لاختيار أفضل تصميم وفاز بها المهندس المعماري المصري الدكتور الغزالي كسيبة‏، وقام بتصميم مساحات المعرض المهندس الياباني أراتا إيسوزاكي، وسوف يعرض المتحف تاريخ الحضارة منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى يومنا هذا، وذلك باستخدام أساليب متعددة التخصصات مما يسلط الضوء على التراث المادي والمعنوي للحضارة.

وقد واجه المتحف العديد من المشكلات والمعوقات بجانب المشكلات المادية، حيث كان من المقرر أن يكون افتتاح المرحلة الثالثة والأخيرة في 2013، ولكن افتتحت المرحلة الأولى في ديسمبر 2014، التي تشمل الأعمال الإنشائية للمباني بالكامل ومنطقة الجراجات، وشهد المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق هذا الافتتاح.

وفي يوليو الماضي اجتمع وزير الآثار الدكتور خالد العناني مع اللجنة العليا للمتحف القومي للحضارة المصرية، لمناقشة كل المشكلات التي تعترض الانتهاء من أعمال المرحلة الثانية للمشروع، والتي تتضمن التشطيبات المعمارية لمعامل الترميم، وتجهيزات المعامل، بالإضافة إلى الانتهاء من إعداد الجناح الإداري ومبنى الاستقبال، الذي يتكون من مسرح وسينما ومحلات تجارية وقاعة للندوات وأخرى للمحاضرات، ومن المنتظر الانتهاء من هذه المرحلة في نهاية الشهر الجاري.

الافتتاح الجزئي للمتحف

في فبراير الماضي افتتح وزير الآثار الدكتور خالد العناني، متحف الحضارة افتتاحًا جزئيًّا بتنظيم معرض مؤقت حول الحرف التراثية فى مصر، وذلك بحضور إيرينا بوكوفا مدير منظمة اليونسكو، وعدد من الوزراء وقيادات وزارة الآثار.

وقد ضم المعرض 352 قطعة أثرية وتراثية، من "المتحف الإسلامي، ومتحف النسيج، والمتحف المصري بالتحرير، ومخازن متحف الحضارة"، إضافة إلى بعض القطع التراثية التي تعرض تراث مختلف المحافظات.

مقتنيات المتحف

سيضم المتحف عند افتتاحه ما يقرب من 50 ألف قطعة أثرية من عصور ما قبل الأسرات وحتى العصر الحديث، بجانب معرض دائم عن إنجازات الحضارة المصرية، ومجموعات حلي تعبر عن تكنولوجيا الصناعات الدقيقة في مصر منذ أكثر من 3 آلاف عام.

بالإضافة إلى معارض موضوعية عن فجر الحضارة والكتابة والثقافة والمعتقدات والتقاليد وغيرها، وعرض المومياوات الملكية، بجانب فنون العصر اليوناني الروماني، والعصر القبطي، ومخطوطات وأعمال الخزف والأسلحة من العصر الإسلامي.

شارك الخبر على