حبيب الزيودي.. راهب العالوك

أكثر من سنتين فى الرأى

هو أحد أبرز رواد الشعر الأردني الحديث، والذي ذاب هوى وعشقا بتراب الأردن، وترجمه كلمات وقصائد وأغنيات. «هو مجموعة من المتناقضات، يحمل بين ثناياه حب الجمال، والفوضى العارمة والشجاعة المندفعة، والوفاء المذهل للأصدقاء، و الشغف بالشعر الذي كان أول أصدقائه». كان له دور كبير في إحياء الأغنية الأردنية التراثية وعودة الألق إليها.

إنه الشاعر الراحل حبيب حميدان الزيودي، الذي شكل ظاهرة شعرية فريدة في المشهد الثقافي العربي، إذ شغل نفسه دوماً في أن يكتب الشعر وينقل التراث الأردني بقيمه ومبادئه وبساطته.

جاء إبداعه في وصف الحياة البدوية ونقلها بدقة من عشقه وتجذره في الأصل البدوي، وكان ما كتبه في شعره كفراق الديار والأهل والأحبة، تجسيداً لما عاشه في طفولته من مشاعر فقدٍ وحنين.

كانت العالوك المكان الأغلى الذي يربط حبيب وطفولته بأبناء عمومته، لذا أبدع وتغنى في وصفها، ولم يتخلّ عنها حتى عندما استقرت عائلته في عمان.

وُلد الزيودي في الهاشمية، بمحافظة الزرقاء، عام 1963. حصل على شهادة البكالوريوس في الأدب العربي من الجامعة الأردنية عام 1987. التحق عام 2003 بالجامعة الهاشمية للحصول على شهادة الماجستير. عمل في القسم الثقافي في الإذاعة الأردنية خلال الأعوام 1987-1989، ثم في وزارة الثقافة حتى عام 1990، ثم في التلفزيون الأردني. أسس بيت الشعر الأردني التابع لأمانة عمّان الكبرى، وأداره. كتب مقالاته في صحيفة «$». وشارك في مؤتمرات أدبية كثيرة في أميركا وفرنسا وإيطاليا وماليزيا ومعظم الدول العربية.

عُين حبيب مساعداً لرئيس الجامعة الأردنية للشؤون الثقافية (2010)، وكلّفته مؤسسة الإذاعة والتلفزيون بالإشراف على مشروع جمع تراث الأغنية الوطنية (2012)، وعمل مستشاراً ثقافياً في وزارة الثقافة.

يعد الزيودي من رواد الشعر الحديث، حيث تعددت قصائده في موضوعاتها وتفعيلاتها بين الشعر العمودي والعامي والمحكي.

كتب الكثير من الأغنيات الوطنية والوجدانية التي كان لها حضور كبير في المناسبات الوطنية، ومنها: «عمان يا حنّا على حنّا»، «يا بيرقنا العالي»، «أردنيين وما ننضام». حيث كتبَ الزيودي أكثر من 40 نصاً غنائيَاً تغنَى بها عمر العبد اللات ومتعب السقار ورامي الخالد وغادة عباسي وأمل شبلي ويحيى صويص وسميرة العسلي ونهاوند وزين عوض وروز الور وبشار السرحان ومحمد رمضان وغالب خوري ومحمد الحوري وإيمان أمين، وفرقة اللوزيين، وفرقة هيل. إضافة إلى نجوم الغناء العربي مثل: المصرية أنغام، والسورية أصالة نصري، والسعودي عباد الجوهر، والسوري نور مهنا، والمغربية رجاء بلمليح، والمصرية شيرين وجدي، والكويتي علي عبد الله.

كما كتب عدداً من الأوبريتات الوطنية، منها: «أردن يا بلدي»، و «موعدنا الشمس».

ورثى عددا من الرموز الوطنية الأردنية، إذ كتب في رحيل حابس المجالي: «علامك غبت والدنيا تشارين»، وفي رحيل وصفي: «يا مهدبات الهدب غنّن على وصفي» التي غنتها سلوى العاص، مقدماً في شعره المواطن الأردني البدوي الأصيل.

أجريت عن تجربة حبيب الزيودي الشعرية دراسات نقدية كثيرة وكتبت عنه رسائل جامعية، وألَّف عنه د.عمر القيام كتاباً نقدياً بـعنوان «ناي الراعي»، وتُرجِمَت قصائده إلَى الإنجليزية والألمانية والفرنسية والإيطالية، ونال عدداً من الجوائز الأدبية منها جائزة الملك عبدالله لِلإبداع وجائزة مؤسسة شومان، وجائزة سعاد الصباح للشعر، وجائزة الدولة التشجيعية في الآداب/ حقل الشعر.

كانت أعمال حبيب الزيودي الأدبية انعكاسا حتميا لما عاشه ومر به، من غربة الأهل وجذور البداوة التي كان لها أثر كبير على شعره وأهازيجه. وأُطلق عليه لقب «خليفة عرار»، إلا أنه تمرد على ذلك بانياً منظومة شعرية متفردة تُنسب إليه وحده «فتى العالوك».

أصدر حبيب خمسة دواوين هي «الشيخ يحلم بالمطر» (1986)، «طواف المغنّي» (1990)، «ناي الراعي» (1990)، «منازل أهلي» (1997)، وقبيل وفاته عام 2012 صدر له ديوان بعنوان «غيم على العالوك». وهناك نصوص غنائية بعنوان «ظبي حوران» و «راهب العالوك: الأعمال الشعرية الكاملة» (2015)، إضافة إلى عشرات القصائد المنشورة في المجلات الأدبية المحلية والعربية.

وفي 27 أكتوبر 2012، توفي «فتى العالوك» إثر نوبة قلبية مفاجئة. وهو الذي قال: «أنا سليل القمح سوف أموت/ حين يجف عشب الحقل تحت الشمس».

شارك الخبر على