عام على الانقلاب.. أردوغان في ورطة الانقسامات وغياب الدعم الغربي
حوالي ٨ سنوات فى التحرير
مر عام واحد على خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي وجهه للمواطنين عبر تطبيق "فيس تايم"، والذي دعا فيه إلى الخروج في الشوراع للدفاع عن الحكومة المنتخبة وإفشال محاولة الانقلاب العسكري التي كادت أن تطيح به.
صحيفة "الجارديان" البريطانية قالت إن تجمع ملايين الأتراك في ساحة "ينيكابي"، في اسطنبول بالقرب من شاطئ بحر مرمرة، كان عرضا نادرا للوحدة، حيث تجاوز المواطنون جميع مشاعر الوطنية، أمام مشهد شارك فيه الرئيس، ورئيس الوزراء، واثنان من قادة المعارضة.
وقال أردوغان في حينها "أمتي الثمينة التي وقفت مرة أخرى من أجل استقلالها ومستقبلها. أحييكم جميعا على مقاومة الانقلاب".
وقد لقى أكثر من 240 تركيا مصرعهم فى مواجهة الدبابات التى استولت على جسر البوسفور فى اسطنبول والمرافق العسكرية الرئيسية فى أنقرة.
وأعرب الكثيرون عن أملهم فى أن تسود "روح ينيكابى" وأن تتحد البلاد تحت راية الديمقراطية والاحترام المتبادل بعد أشهر من عدم الاستقرار والهجمات الإرهابية والانتخابات وإعادة إحياء الصراع بين الدولة والانفصاليين الأكراد.
ولكن الأمر لم يكن كذلك، فعلى مدى السنة التي أعقبت محاولة الانقلاب الفاشلة، فقد تم احتجاز 50 ألف شخصا في الحبس الاحتياطي، وتم التحقيق مع 170 ألف مشتبها به في صلة بالمنظمة التي يعتقد أنها خططت للانقلاب.
فأصبحت دولة مقسمة أكثر من أي وقت مضى، فتم إسكات صحفها، وتخويف المعارضة، وأصبحت قوة أردوغان الآن تنافس مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك.
انتصار أردوغان الضيق في استفتاء أبريل، على الدستور لتحويل تركيا من نظام ديمقراطي برلماني إلى نظام رئاسي، أدى إلى توسيع سلطة الرئيس على السلطة القضائية بشكل كبير، والسماح له بالترشح لدورتين انتخابيتين أخريين، مما يحتمل أن يقود البلاد كسلطة تنفيذية قوية حتى عام 2029.
ولكنه سلط الضوء أيضا على الانقسامات العميقة في مجتمع ينمو على نحو متزايد، على طول الخطوط التقليدية للعلمانية والدينية والعرقية، فضلا عن الاختلافات الطبقية.
"الجارديان" قالت إن هناك خط واضح بين الذين يعتقدون أنه بطل للفقراء ورجل قوي على الساحة العالمية، وأولئك الذين يعتقدون أنه يتراجع عن الديمقراطية ويعيد تشكيل الدولة حسب صورته.
وحتى بمثل هذه النتيجة المتقاربة، فقد هزم أردوغان المعارضة التي انقسمت أيضا، وعلى الرغم من مئات الآلاف الذين خرجوا لدعم مسيرة للعدالة الأسبوع الماضي، فإنه لا يزال يواجه مهمة شاقة للسيطرة على الانتخابات الرئاسية بعد عامين من الآن.
وفى الوقت نفسه، الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان فى ظل حالة الطوارئ قد أثارت مخاوف حلفاء تركيا الغربيين. إذ فصلت الحكومة عشرات الآلاف من الموظفين العموميين، ولم تبدأ اللجنة المكلفة بالنظر في الطعون بعد في عملها بعد عام تقريبا.
وقد سجن الآلاف من الأشخاص في الأشهر التي أعقبت الانقلاب دون توجيه اتهامات رسمية، بما في ذلك مئات القضاة، وفي الأسبوع الماضي فقط اعتقلت السلطات مجموعة من المدافعين عن حقوق الإنسان من بينهم مسؤولان كبار في منظمة العفو الدولية في تركيا، وهي المنظمة التي دافعت عن أردوغان عندما كان سجين رأي قبل أن يأتي إلى السلطة.
واتسعت شبكة الاعتقالات لتشمل العديد من الصحفيين مثل نديم شينر وأحمد شيك الذين قاموا بإجراء التحقيقات عن منظمة "جولن" عندما كانت حليفة لأردوغان.
وطالت الاعتقالت أيضا كبار نواب المعارضة، بمن فيهم رئيس حزب "الشعب الديموقراطي" المؤيد للأكراد، بتهمة الانتماء إلى منظمات إرهابية، كما تعرض أعضاء الحزب في جميع أنحاء البلاد للمضايقة والاحتجاز بشكل متكرر.
على الصعيد الدولي، تدهورت العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، في ظل تجميد مفاوضات الانضمام، وكذلك غياب الكتلة الغربية من الدعم العلني لأنقرة بعد محاولة الانقلاب. وقد أعرب الرئيس مرارا عن استعداده لإعادة تطبيق عقوبة الإعدام، الأمر الذى سيحدد نهاية المحادثات.
كما أن تركيا تقف ضد الولايات المتحدة، التي تدعم القوات شبه العسكرية الكردية في حملتها ضد داعش في معقلها السوري، الرقة.
ودفع وجود "داعش" على الحدود والتوسع في مجال السيطرة على القوات الكردية أنقرة إلى شن حملة عسكرية في أغسطس من العام الماضي، بعد شهر من الانقلاب الفاشل.