استاذ في القانون الدستوري عبارة «السيد مجلس نفسه» بدعة

أكثر من سنتين فى تيار

كتبت "الأخبار":
 يتصرف الرئيس نبيه بري كمن استفزه توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون على المرسوم 8662 (تاريخ 6/1/2022) الداعي إلى دعوة مجلس النواب إلى فتح عقد استثنائي بتاريخ 10 من الشهر الجاري لغاية تاريخ 21 من شهر آذار المقبل، وتحديده برنامج المجلس مسبقاً بتعداد قوانين ومشاريع محددة من قبله. سارع بري لإصدار بيان للرد على عون، رافضاً القبول بنص العقد الاستثنائي وضمنه البرنامج المحدد من رئيس الجمهورية، بالإشارة إلى أن «المجلس سيّد نفسه، ولا يقيّده أي وصف للمشاريع أو الاقتراحات التي يقرر مكتب المجلس طرحها، ويعود لرئيس الجمهورية حق الرد بعد صدورها عن الهيئة العامة إلى المجلس»، مؤكداً أن «هذا حكم الدستور وما استقر عليه الاجتهاد».
في هذا الإطار، يسترجع أستاذ الأعمال التطبيقية للقانون الدستوري في الجامعة اليسوعية وسام اللحام، محاضر جلسات مجلس النواب في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات ليشير إلى أن «هذه المحاضر تُسجل اعتراض النواب خلال الجلسات على التباحث في ما يطرح من خارج مرسوم الدعوة، مما كان يقودهم إلى إيقاف النقاش. حتى أنه تم تكريس هذا الأمر في نظام مجلس النواب القديم بأن يناقش المجلس فقط البنود المحددة في مرسوم الدعوة إلى فتح عقد استثنائي».
ويشرح اللحام أنه قبيل العام 1926 أي قبل تحوّل المجلس التمثيلي إلى مجلس نواب، كان تنظيم أعمال المجلس يتم عبر قرار يصدره المفوض السامي. وينص هذا القرار على أن المجلس ينعقد في دورات عادية واستثنائية يدعو إليها حاكم دولة لبنان الكبير الذي هو بمثابة رئيس جمهورية؛ على أنه لا يجوز للمجلس مناقشة أي بنود إضافية سوى تلك المدرجة في المرسوم الصادر عن الحاكم عند الدعوة إلى دورة استثنائية.
بعد ذلك، كان رئيس الجمهورية يعمد إلى تعديل مرسوم جدول أعمال المجلس النيابي وإصدار مرسوم آخر عند طلب مجلس النواب إضافة بعض البنود. حتى أن الدستور نفسه يشير إلى أن الدورات الاستثنائية تختلف عن الدورات العادية، فخلال الدورة العادية يحق لمجلس النواب تعديل الدستور، ولكنه يمنع المجلس من القيام بالأمر نفسه خلال الدورة الاستثنائية إلا بموجب مرسوم من الحكومة. بموازاة ذلك، فإن مقارنة بعض مستشاري بري بين الدستورين الفرنسي واللبناني بالإشارة إلى أنه يمكن للمجلس الفرنسي مناقشة ما يشاء من دون العودة إلى أحد، لا تنطبق على الوضع القائم. ويقول اللحام إن النص الفرنسي مختلف عن اللبناني ولا تجوز المقارنة بينهما: «الفرنسيون الذين وضعوا دستورنا عمدوا إلى تقوية السلطة التنفيذية فأضافوا صلاحية وضع برنامج الدورة وجدول الأعمال على النص».
أما في ما خصّ عبارة «السيد مجلس نفسه»، فيعلّق اللحام أن هذه البدعة بدأت على أيام رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني الذي كان يعتبر أن مجلس الوزراء يقيّد صلاحيات البرلمان. وفي كل الأحوال، «إن كان ثمة خلاف حول هذه النقطة، لا يمكن أن يحسمها مجلس النواب لأنها تؤدي إلى إخلال في مبدأ توازن السلطات وخرق للدستور، بالتالي الفاصل في هذا النزاع هو المجلس الدستوري. فالمجلس ليس سيداً على الدستور وعلى سائر مؤسسات الدولة بل فقط على نظامه الداخلي الذي يُفترض إدراجه تحت رقابة المجلس الدستوري أيضاً. فضلاً عن أن قرار الالتزام بجدول أعمال مرسوم الدورة الاستثنائية أو الخروج عنه لا يفترض أن يحدد من قبل رئيس مجلس النواب بل من مجلس النواب».

شارك الخبر على