وثائق أمريكا وبريطانيا دبرتا انقلاب ضد الرئيس الإيراني منذ ٦٥ عامًا

ما يقرب من ٧ سنوات فى التحرير

ذكرت صحيفة :"واشنطن بوست" الأمريكية أن الخارجية الأميركية كشفت نهاية شهر يونيو الماضي النقاب عن مئات الوثائق حول تدخل أميركا وبريطانيا في انقلاب 1953 بإيران والذي أنهى حكم رئيس الوزراء المنتخب ديمقراطياً، محمد مصدق.

وأوضحت الصحيفة أن الغرب كان مستاء من قيام مصدق بتأميم أصول إيران النفطية بالاضافة إلى أنه كان قومياً شعبوياً يميل لموسكو ولا يميل للغرب الذي كان يستحوذ ويدير ثروات بلاده، ليتم الانقلاب عليه وتعود السلطة إلى الشاه الذي منح الغرب ما يريدونه.

ونقلت الصحيفة تصريحات مالكولم بيرن، مدير البحوث في أرشيف الأمن القومي غير الحكومي بجامعة جورج تاون، لوكالة أسوشيتد برس "ما زال هذا يمثل علامة فارقة بالنسبة للإيرانيين. ويراه البعض اليوم الذي ابتعدت فيه السياسة الإيرانية عن أي أمل في الديمقراطية".

الواشنطن بوست أشارت إلى أن المصالح النفطية البريطانية في إيران عملت في سياق الاستعمار الجديد، أثناء الحرب العالمية الثانية، وعانى العمال الإيرانيون من الكوليرا ونقص الأغذية في المصفاة الرئيسية التي كانت تديرها بريطانيا للمساعدة في الحفاظ على الآلة الحربية للحلفاء. 

 

ولفتت إلى أنه في عام 1951، قرر مصدق تأميم ممتلكات النفط البريطانية، مما أثار أزمة عالمية ومقاطعة قادها البريطانيون والأميركيون، وفي يناير 1952، اختارت مجلة "تايم" مصدق "شخصية العام". وصفته المجلة بأنه "ساحر مسن وغريب".

الوثائق التي كشفتها الخارجية الأمريكية وهي جزء من مجموعة تضم أكثر من 1000 وثيقة تتعلق بالمراسلات الأميركية الرسمية بشأن الانقلاب الإيراني من إدارتي الرئيسين الأميركيين هاري ترومان ودوايت أيزنهاور، توضح مزيد من التعمق، كيف أن المصالح الأميركية كانت مدفوعة بالخوف من الشيوعيين الإيرانيين وكذلك الرغبة في مساعدة بريطانيا على استعادة السيطرة على مواردها النفطية.

وتظهر الوثائق أيضا كيف قادت وكالة المخابرات المركزية تقريباً كل خطوة من خطوات إزالة مصدق، بما في ذلك المساعدة على ترتيب المظاهرات الموالية للنظام الملكي، والاحتجاجات ضد مصدق في الشوارع. تظهر إحدى الوثائق، أن كرميت روزفلت الابن - المسؤول الرئيسي في مجموعة وكالة المخابرات المركزية التي كانت تدير الانقلاب، كان مسروراً عندما بدأ الجيش في قصف اليساريين المتظاهرين من حزب "توده"، الذي كان مرتبطاً بموسكو.

 

قال روزفلت: "كان هناك علامة أخرى مشجعة جداً مساء الأحد، وهي أن حزب توده بدأ في تنظيم بعض المظاهرات والتحرك دون تلقي أوامر، وبدأ الجيش في ضربهم، وحملت أربع شاحنات جثث متظاهري توده الملطخة بالدماء بعد ظهر اليوم الأحد ، ولم يكن لديهم تصريح بذلك. كان مجرد شيء عفوي، وهذا أعطانا تشجيعاً هائلاً". وبحلول ذلك الوقت، كان مصدق قد غادر بالفعل إلى المنفى. عاد الشاه بعد ذلك بقليل، وتبعه أكثر من عقدين من الحكم الاستبدادي.

لقد أثرت الاطاحة برئيس الوزراء الايراني المنتخب ديمقراطيا والذي أمم قطاع النفط الايراني ، وبشكل ملحوظ، في الذاكرة الجماعية والثقافة السياسية الايرانية.

ويظهر كشف من الأرشيف الجديد كيف استطاعت وكالة المخابرات المركزية أيضاً استدعاء آية الله أبو القاسم الكاشاني، ربما أهم شخصية دينية في ذلك الوقت، الذي ثبت أن تخليه عن دعم مصدق كان قاتلاً لحكمه. وتظهر الوثائق الجديدة أن كاشاني، الذي كان مصدر إلهام لمؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله روح الله الخميني، طلب المساعدة المالية من الأميركيين.

- من هو محمد مصدق؟
هو أحد قادة إيران السياسيين الذي أمم عدداً كبيراً من شركات النفط البريطانية في إيران، ونجح إلى حد ما في خلع الشاه عندما كان رئيساً للوزراء في الفترة 1951وحتى 1953

نشأ محمد مصدق كأحد أفراد الصفوة الإيرانية الحاكمة باعتباره ابن أحد موظفي الدولة الإيرانية. حصل على درجة الدكتوراه في القانون من جامعة لوسان في سويسرا، وعاد إلى إيران عام 1914 حيث عين رئيساً لحكومة مقاطعة فارس. وبقي في الحكومة متتبعاً لتنامي قوة رضا خان، في عام 1921 عين وزيراً للاقتصاد وبعدها وزيراً للشؤون الخارجية لفترة وجيزة. كما انتخب عضوا في البرلمان عام 1923 عارض انتخاب رضا خان "شاه" لإيران، فأجبره الشاه على اعتزال الحياة السياسية عام 1941.

عاد مصدق إلى الحياة العامة عام 1944، عندما انتخب مجدداً للبرلمان، دافع مصدق بكل جرأة عن القومية، ولعب دوراً هاماً في معارضة منح الاتحاد السوفياتي ترخيص العمل في حقول النفط شمال إيران كتلك المنح المعطاة لبريطانيا في جنوب إيران. وبنى مصدق قوة سياسية ذات ثقل كبير، أساسها دعواته إلى تأميم شركات النفط.

 

في عام 1951 أجاز البرلمان الإيراني تأميم النفط، فزادت قوة مصدق وشهرته، الأمر الذي أجبر الشاه على تعيينه رئيساً للوزراء. واستمراراً لمسيرة الصراع على تطوير الحكومة الإيرانية بين الرجلين حاول الشاه صرف مصدق من عمله رئيساً للوزراء عام 1953، فخرجت الجماهير المؤيدة لمصدق إلى الشوارع مدافعة عنه، ومجبرة الشاه على مغادرة البلاد.

بعد أيام قليلة، وبدعم من الولايات المتحدة، نحي مصدق عن الحكم، وعاد الشاه إلى البلاد وحكم على مصدق بالسجن ثلاث سنوات بتهمة الخيانة، وبعد انتهاء المدة فرضت الإقامة الجبرية عليه في منزله بقية حياته إلى أن توفي عام 1967. ولكن ثمرة كفاح مصدق في تأميم شركات النفط وخضوعها لسيطرة الحكومة الإيرانية ظلت مستمرة.

شارك الخبر على