لبنان الجنرال عون يدعو لـِ«تغيير النظام».. هل باتت «الفيدرالية» خياراً؟

ما يقرب من ٤ سنوات فى الرأى

قبل ساعات من الكلمة التي وجّهها الجنرال ميشال عون للبنانيين أول أمس الإثنين, راجت إشاعات بأنها ستكون كلمة/خطاب «نهاية العهد» وأنّ عون سيعلن تنحّيه عن منصبه, رافقها شائعات تتحدّث أنّه سيُصوّب بـ"حدة» على حليفه الأساسي حزب الله, وأنّه مُقبل على إعلان قطيعة «نهائية» معه, عبر إلغاء تفاهم «مارمخايل» الذي وقّعه الجنرال مع أمين حزب الله السيّد حسن نصر الله في 6 شباط 2006, واستطاع التفاهم الصمود خمس عشرة سنة, رغم ما مرّ بينهما من خلافات واختلافات في بعض المحطات والتفاصيل اللبنانية المُتدحرجة، ناهيك عن تداعيات «لا قرار"المجلس الدستوري اللبناني الثلاثاء 21/12 حول الطعن الذي قدّمه حزب رئيس الجمهورية/التيار الوطني الحرّ, بشأن قرار مجلس النواب تقديم موعد الانتخابات إلى آذار 2022 بدل أيار من العام ذاته، ما دفع صهر الرئيس/جبران باسيل إلى الغمز من قناة حزب الله واتّهام «الثنائي الشيعي»..حركة أمل وحزب الله, بأنّه/الثنائي هو الذي أسهم في إسقاط الطعن, مُتوعداً (باسيل) بأنّ ذلك سيكون له تداعيات سياسية سيتحدث عنها بصراحة في الثاني من الشهر الأول من العام الجديد..

توقعات وقراءات ذات هوى سياسي مُعارِض كهذه لم تحدث, إذا لم يستقِل الجنرال عون ولم يحمِل على حزب الله، بل استخدم عبارات ومصطلحات «عادية»، بمعنى بروزها كاختلاف في القراءة والاستنتاجات, فضلاً عن أنّه لم يذكر اسم الحزب بل أوحى بذلك، ولكن صب جام غضبه على حركة أمل ورئيسها نبيه برّي بما هو رئيس للبرلمان أيضاً ودون أن يسميه أيضاً لكن الإشارة إليه كانت واضحة تماماً.

ما علينا..

حفلت كلمة الجنرال عون بالكثير من الرسائل والإشارات, التي تعكس خيبة أمله بما آلت إليه أوضاع لبنان، واصِفا إياها بـ"الانهيار", حيث حاول تبرئة نفسه من «بعض"مسؤولية وصوله هذه الحالة من الإفلاس المالي والنقدي, وارتفاع المديونية إلى أرقام فلكية وانهيار العملة الوطنية/الليرة مقارنة بالدولار الأميركي، ناهيك عن اهتراء المؤسسات الحكومية والخدمات الأساسية وقطاعات التعليم والصحة وفقدان مياه الشفة والتيار الكهربائي, والانقسام الاجتماعي/والسياسي والطائفي/والمذهبي الأفقي والعمودي, الذي حال ويحول دون الوصول إلى الحدّ الأدنى من القواسم المشتركة, جراء صراع «المنظومة» السياسية الفاسدة التي ما تزال تتمترس عند انتماءاتها الطائفية/والمذهبية، وبخاصّة مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في أيار الوشيك (إن تمّت أصلاً).. دون إهمال دور المرجعيات الروحية وبخاصّة الكنيسة المارونية وتلك الأرثوذكسية, في إذكاء الانقسام وتسعير الخلافات وتعميق الاصطفافات, على نحو يبدو فيها «رأسا» الكنيستيْن وهما ينهضان بدور سياسي تحريضي واضح ومُعلن على نحو شبه يومي.

وبصرف النظر عن الاصطفاف المذهي/والطائفي الذي يقف خلف التحقيقات الجارية بشأن انفجار مرفأ بيروت, والقرارات الصادرة عن السلطة القضائية التي تعكس «قراراتها» تبعية سياسية، أو قُل هيمنة المرجعيات السياسية عليها، فإنّ ما لفت أنظار المراقبين والمتابعين وبخاصة الأحزاب والقيادات السياسية, أكان الموالية للأغلبية البرلمانية الحالية أم تلك التي تعارضها, وسعيها لاغتنام فرصة الانتخابات المقبلة (إن جرتْ), علّها/المعارضة المنقسمة بالمناسبة تنجح في قلب موازين القوى الراهنة، فإنّ دعوة الجنرال عون إلى طاولة حوار وطني للتوافق على جدول أعمال «ثلاثي", يقف على رأس دعوته «تغيير النظام» بند تطبيق «اللامركزية الإدارية والمالية المُوسّعة»، ما أثار مخاوف، أو لنقل استبطن «فيدرالية» لاحقة..أي تقسم لبنان على أُسس طائفية/مذهبية, كما دأب حزب الكتائب اليميني/الفاشِيّ الدعوة إلى ذلك، إضافة إلى بحث «الاستراتيجية الدفاعية» التي حصرها عون بالدولة، لأن ثلاثية «الجيش, الشعب والمقاومة يجب أن تمرّ عبر هذه الاستراتيجية, وثالث جدول أعمال الحوار الوطني وفق عون هو وضع «خطّة للتعافي المالي والاقتصادي».

خلاصة القول.. أنّ كلمة عون التي وصفها البعض بـ"الباهتة", فيما رآها آخرون تكراراً لمقولة «ما خلّوني» التي واظبَ عون على ترديدها طوال وجوده في قصر بعبدا. فيما ركّز آخرون على نفض أيديهم من دعوته والاستمرار بالتصويب عليه وعلى صهره, ودائماً على تحالفه المتواصل مع حزب الله, الذي يحتاج عون وصهره لدعمه في الانتخابات المقبلة على ما يقول مُعارضو عون وتيّاره، كما راجت أنباء عن اجتماع طويل بين رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل/صهر الجنرال ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، ما أسفر (وفق تسريبات) عن استمرار تمسّكهما باتّفاق (مارمخايل) وتجاوز الخلافات أو «ربطها» على الأقل. وهي ملفات سيأتي عليها بالتأكيد جبران باسيل/صِهر الجنرال يوم 2/ا/2022, ثم، وهذا الأكثر أهمية؛ ما سيقوله السيد نصرالله في اليوم التالي 3/1/2022. وبخاصة حول مصير «اتفاق الطائف/1989» الذي بات مُهدداً, حال الأخذ بمقترح الجنرال عون حول «اللامركزية الإدارية والمالية..المُوسّعة».

kharroub@jpf.com.jo

شارك الخبر على