البشير تستعيد تفاصيل رحلتها من نابلس إلى عمان

أكثر من سنتين فى الرأى

تحدثت هيفاء البشير عن مدينة نابلس وارتباطها بها، في فعالية أقيمت أول من أمس، ضمن برنامج «المرأة تروي سيرة المدن» الذي ينظمه منتدى الرواد الكبار.

وقالت المستشارة الثقافية للمنتدى القاصة سحر ملص، في مستهل الفعالية: «الحديث عن نابلس كما تراها هيفاء البشير يكشف بأننا كثيرا ما نظن أننا نسكن المدن وأنها هي الحاضنة لأجسادنا وأرواحنا، لكن الحقيقة أن المدن هي التي تسكن في أعماقنا، حيث أننا مهما سافرنا وابتعدنا في هذا العالم ستظل بوصلةُ القلب تشير إلى مدينتنا الأولى».

عرفت البشير على نفسها قائلة إنها ولدت لأبوينِ في مدينة نابلس، ونشأت في منزل من إرث الأجداد على رأس وادٍ يُسمى «حارةَ العقبة».

وتحدثت البشير عن طفولتها في نابلس وأبرز المحطات التي عاشتها قائلة: «كان عيشُنا في تلكَ المِنطقةِ جميلاً ومُمتعاً، ولكن لم يمضِ وقتٌ في فترةِ طفولتي وحتّى سنّ الرابعة من العُمر لأستمتعَ بالحياة الهانئة، وإذا بوالدِي يُغادرُ الحياة».

وعن دراستها قالت البشير: «حصلتُ على شهادة المترك باسم (الاجتياز للتعليم العالي الفلسطيني) من كلية دارِ المُعلّمات بالقدس عام 1948، ثم شهادة البكالوريوس في التمريض من الجامعة الأردنية عام 1983، ثمّ شهادة الدبلوم العالي في الدراسات السكانية من الجامعة نفسها عام 1988، ثم التحقت بدورة في إدارة العمل التطوّعي في أميركا عام 1994، مشيرة إلى أن الأسرة حرِصَت على أن تستكمل الابنة تعليمها، للتسلّحِ بالعلمِ والثقافة في المستقبل.

وعن زواجها من د.محمد البشير، قالت البشير «تزوجنا في العام 1954، وانتقلتُ للعيشِ معهُ في مدينةِ السلط، وما بين التأقلُمِ في بيئةٍ جديدة، وحنيني لنابلس، والضيق من عدمِ إمكانية استئنافِ العمل في التعليم -إذ كانَ القانونُ آنذاك يحظرُ عملَ النساء المتزوجات-أنجبتُ ابني البكر عام 1955، وشاءَ القدرُ أن يُحقّقَ رغبتي بالعودة للتدريس، إذ تصادفَ شغور موقع معلمة اللغة الإنجليزية في المدرسة الثانوية بالسلط لم يُملأ لعدم توفّر بديل، فتطوّعتُ للعملِ ريثما يجدون بديلة».

وواصلت البشير الحديث عن فكرة العمل والصعوبات التي وجهتها في تلك الفترة، قائلة: «رغم أنني انخرطتُ في البدء برعايةِ أسرتي، واعتباري ذلك عملاً مقدساً، إلاّ أن مديرة المدرسة الثانوية للبنات زينب بدران رشّحتني للعملِ مُدرّسةً للّغةِ الإنجليزية، حيث تعذّرَ وجودُ معلّمة لعدّةِ أشهر، فعمِلتُ لملءِ الفراغ، رغمَ عدمِ سماحِ القانون بعملِ المُتزوّجات، وأتاحَ العملُ لي التعرّفَ على المديرةِ والمعلّمات والطالبات، وعُيّنتُ في البدءِ بنِصفِ راتبٍ بسببِ أنّني متزوجة، وتمّ إصدار قرارٍ استثنائي في عام 1956 بتعييني رسمياً، فك?ت أوّلَ امرأةٍ متزوّجة تنالُ هذا الحقّ في الحكومة الأردنية، وهكذا فتحت طريق عملٍ للمتزوجات. وخلالَ خمسة أعوامٍ أصبحتُ أمّاً لأربعة أطفال ذكور، وقد مكّنني دعمُ زوجي من مواصلةِ العمل المهني إضافةً للمسؤولية الأسرية». وأضافت البشير: «في عام 1970 عُيّنَ د.محمد البشير وزيراً للدولة ثمّ وزيراً للصحة، هنا أدركتُ أنّ عليَّ كرياديّةٍ وزوجةٍ لوزير الصحة، مسؤوليةَ المُبادرةِ لصُنعِ التغيير، فاتصلتُ بزوجاتِ الأطباءِ والصيادلة للتشاوِرِ معهنّ؛ بهدفِ تأسيسِ جمعيّةٍ خيريّةٍ لدعمِ قطاع التمريض بطلبٍ من د.محمد البشير، وتوا?قنا على إنشاءِ «جمعيّة الأسرّةِ البيضاء»، وتوجّهنا لمدارسِ البنات، حيث كان د.محمد يعاني من عدم وجود ممرضات أردنيات لتوعيتِهنّ بأهميّةِ مهنةِ التمريض، وامتدّت خدمات أعضاء الجمعية التطوعية لدعم السلك التمريضي بالمستشفيات، ولاحظ رئيس الوزراء وصفي التل، نتائج جهودنا عبرَ مقابلةٍ معه، حيث شرحت ما تم العمل عليه، فدعانا للاهتمام أيضا برعاية المسنين ممن لا تتوفّرُ لهم رعايةٌ أسرية».

وانتقلت البشير للحديث عن ميزات نابلس وما صادفته في سيرتها في القرن التاسع عشر من محطات وتحديات، مشيرة إلى الزلزال الذي تعرضت له المدينة في عام 1927، وإضراب المقاومة للانتداب البريطاني في عام 1936، والذي استمر لمدة ستة أشهر.

ولفتت البشير إلى أن النمو السكاني للمدينة ازداد بعد أحداث 1948، حيث تدفق إليها الكثير من اللاجئين الذين أقاموا مخيمات حولها وامتد العمران ووصل قمة جبليها، مضيفة أن نابلس تمتاز بالينابيع، وفي مقدمتها نبع القريون.

كما تحدثت عن صناعة الصابون التي تميّزت بها نابلس، وأشارت إلى اشتهار المدينة أيضا بصناعة الكنافة والحلاوة والزلابية، وبتقاليد الأعراس والحجّ والولادة وختم القرآن، مؤكدة أن العلاقة الأردنية الفلسطينية ظلت «نسيجا صاغه التاريخ وحمته الضمائر»، وأن رعاية المرأة مصلحة وطنية، وأن التضامن المجتمعي ركيزه وطنيه، مثلما أن تربية الأجيال سلاح وطني لبناء المستقبل.

شارك الخبر على