مجمع اللغة يواصل موسمه الثقافي بندوة »تعريب المصطلحات العلمية«

أكثر من سنتين فى الرأى

عمان - أمل نصير

واصل مجمع اللغة العربية الأردني، أول من أمس، فعاليات موسمه الثقافي التاسع والثلاثين، بندوة عنوانها «تعريب المصطلحات العلمية»، أدارها عضو المجمع د.إبراهيم السعافين، وحاضر فيها أعضاء المجمع: د.عبدالمجيد نصير، ود.همام غصيب، ود.إبراهيم بدران.

وقدّم نصير ورقة بحثية عنوانها «المجمع والمصطلحات تاريخ وإنجاز»، أشار فيها إلى الحاجة الملحة إلى صكّ مصطلحات، خاصة مع تقدم المعرفة الإنسانية، وأهمية التعامل مع المصطلحات الأصلية، ووضع مقابلات لها في اللغات العالمية، وتطرّق في حديثه إلى تحدي المصطلحات منذ القرن التاسع عشر، ثم التعريب في القرن العشرين، وصولاً إلى لجنة المصطلحات في المجمع، «أولى لجانه الدائمة، وأدومها، وأنشطها، وأغزرها إنتاجاً»، كما وصفها نصير، حيث بدأت أعمالها بطلب من مؤسسات رسمية وغيرها، أبدت رغبتها في وضع مقابلات عربية لمصطلحات أجنبية (عموماً إنجليزية) في ميدان ما، يهم تلك المؤسسة.

وعاد نصير إلى البداية، حيث كان وضع المصطلح العربي يتم على ثلاث مراحل: لجنة فنية، ولجنة المصطلحات، ومجلس المجمع. على أن نقطة الضعف في هذا العمل بحسبه، تمثلت في نشر المصطلحات العربية دون تعريفها، ودون وجود مرجع واحد يجمعها. وأضاف: «قد يكون للمصطلح العربي أكثر من معنى وتطبيق بحسب الميدان المعرفي الذي يستعمل فيه. وهذا يوجب أن يجمع المجمع هذه المصطلحات في صعيد واحد، وتبيان ميدان وجود المصطلح، ومقابلاته المختلفة، مع التعريفات المناسبة»، مشيرا إلى أن المجمع ألّف قبل سنة لجنة مهمتها غربلة هذه المصطلحات، ووضع التعريفات المناسبة».

وعرّج نصير على تجربته في لجنة العلوم الأساسية، بوصفه عضواً فيها، وقال: «في السنوات الأخيرة، نظرت اللجنة في مصطلحات في ميادين فرعية من الهندسة؛ مثلا، الطاقة الشمسية والأثر البيئي والخرسانة والدراسات المرورية، والمباني الموفرة للطاقة وجماليات المباني وغيرها»، مشيدا بالجهد الذي بذله المرحوم أحمد سعيدان، لإنجاز قاموس مصطلحات الرياضيات، الذي نشره المجمع في ثمانينات القرن الماضي. كما أصدر المجمع معجم «لسان العرب الاقتصادي» الذي أعده د.عبد الرزاق بني هاني.

وتابع بقوله: «كان على اللجنة أن تدرس مصطلحات حاسوبية، جاءتها من لجنة النهوض باللغة العربية. فقد نشرت هذه اللجنة كتابا عنوانه (دليل أبحاث حوسبة اللغة العربية) في جزأين. ووضعت في آخره المصطلحات الحاسوبية الواردة في الكتاب، وعددها يقارب 720 مصطلحا، يشمل لكل مصطلح الاسم الإنجليزي، والمقابل العربي المقترح والتعريف، وكان ذلك جهدا محترما من واضعي الدليل».

وفي ورقة بحثية عنوانها «جهود المَجْمع في (تعريبِ) المُصطلحاتِ العلميّة»، ألقى د.همام غصيب الضوء على بدايات عمل المجمع في المصطلحات، لا سيّما في العلوم الأساسيّةِ والتطبيقيّة، منذ أيّام تأسيسه الأولى. وأوضح أن الذخيرة المُصطلحيّة للمجمع بلغت ثلاثين ألف مُصطلح، غالبيّتها العُظمى في هذه العلوم.

وقدم غصيب نظرةً شمُوليّةً على هذه الذخيرة من حيث ميزاتُها التنافُسيّة، ونقاطُ قوّتِها وضعفِها، ومنهجيّاتُ العمل فيها وآليّاتُه، ومصادرُها، والمبادئ التي ترتكز عليها، والمُعوّقاتُ التي تقف عثرةً أمام تنميتِها وتطويرِها. مع التركيز على أفكارٍ ومنهجيّاتٍ جديدة قد تُسهم في حلّ المُعضلةِ التي تُواجه المجمع وسائرَ المُؤسّساتِ العربيّةِ المَعنيّةِ بالمُصطلحات.

وتحت عنوان «تعريب العلوم الطبيعية والتطبيقية.. إشكاليات تتطلب المواجهة»، حاضر د.إبراهيم بدران، ضمن محاور متعددة، بدأها بالنظرة الرسمية للغة في الدول العربية، بما في ذلك النظر إلى التعريب كمسألة ثقافية أكاديمية، وغياب الرؤية الاقتصادية للغة، وغياب الربط بين التقدم المجتمعي وبين اللغة، وعدم تخصيص الأموال الكافية للمجامع، وللتأليف والترجمة، وللقواميس المدرسية والجامعية، وللإعلام الثقافي.

وناقش في المحور الثاني من ورقته أهمية وضرورة العلوم الطبيعية والتطبيقية وما ينبثق عنها من تكنولوجيا، إذ «تشكل العمود الفقري للحضارة المعاصرة، وأساس التقدم المستقبلي، وأساس التصنيع والتنمية الاقتصادية، وبها يمكن مواجهة التغيرات البيئية، إضافة إلى دورها في الصحة، والمياه، والطاقة، والغذاء».

وتحدث في محور التعريب المتكامل عند بنود عدة أبرزها: وضع المصطلحات، ونشر المصطلحات، والتأليف باللغة العربية، والتدريس باللغة العربية، والدخول بالمصطلحات إلى الشرائح المجتمعية، والبحث العلمي، والنشر باللغة العربية، والأدلة باللغة العربية، والنشرات الإرشادية باللغة العربية، والإعلام والتداول باللغة العربية، مؤكداً أن ذلك لا يعني عدم إتقان لغة أخرى، مع ضرورة المتابعة والتجديد المتواصل.

وانتقل بدران في حديثه إلى التجربة العربية في التعريب، والإشكاليات العملية التي تواجهه، المتمثلة بالإشكاليات السياسية، واللوجستية، والتأليف، والطباعة، والنشر، والتعميم، والتعليم، والإعلام، وتكوين الخبراء، والأدلة، والنشرات الإرشادية، والاستدامة، والتنسيق مع المجامع الأخرى، إضافة إلى عزوف بعض الأساتذة عن التعريب. وأشار إلى أزمة المصطلحات، من حيث البطء في إنتاجها، وغياب الانتشار، واختلافها بين الدول العربية.

وأوصى بمجموعة من الحلول للخروج من الأزمة؛ أهمها: إنشاء مؤسسة لا ربحية لغايات الترجمة والنشر بتمويل مشترك، واعتماد قواميس محددة على المستوى الوطني والعربي، ووضع قواميس متخصصة صغيرة ومبسطة للفئات العمرية، والتواصل مع المؤلفين، والإعلام، إلى أن يصبح التعريب بمصطلحات مستقرة، مشروعاً وطنياً وقومياً.

شارك الخبر على