الإصلاح السياسي.. نهج ملكي أصيل

أكثر من سنتين فى الرأى

ينتظر الأردنيون اليوم، إقرار حزمة قوانين تحديث المنظومة السياسية والحزبية، وذلك إيذاناً بانطلاق مرحلةٍ جديدةٍ من الإصلاح السياسي ضمن رؤيةٍ ملكيةٍ، تدرك أهمية التقدم إلى الأمام في وقتٍ، يحتفي به الأردنيون بمرور مئة عامٍ على منجز الدولة الأردنية.

الأردن، وعبر عشرة عقود مضت، مرّ بالعديد من المراحل الهامة، التي لا زالت تشكل نقاط تحولٍ عززت من مقدرته ودولته على استيعاب وتمثيل الجميع، لتكون أصواتهم مسموعة، وهذه فلسفة حُكم ملوك بني هاشم المدركة لأهمية الإنسان، ومحوريته، في القرار والتمثيل.

الدولة الأردنية، ومنذ تأسيسها، وهي دولة الناس، بما يحمله هذا الوصف من أبعادٍ إنسانيةٍ واقتصاديةٍ واجتماعية، ولعلّ العديد من المحطات لا زالت حاضرة في الذاكرة الأردنية، بينها: سعي الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين إلى ايجاد دستورٍ عام 1923م، وكللت جهوده طيب الله ثراه بالنجاح عام 1928م، بوضع القانون الأساسي الذي مثل لبنة أولى على طريق تمثل الجميع، إذّ تمخض عنه المجلس التشريعي الأول.

وخلال العقود الثلاث الأولى من عمر دولتنا، استطاع الأردنيون إنجاز الكثير، فمحطات الاستقلال، وتجاوز تبعات النكبة الفلسطينية، وإيجاد تمثيلٍ نيابيٍ خلال النصف الأول من القرن الماضي، هو تجربة وخبرة لا يمكن قراءة سيرة الأردن السياسية بمعزلٍ عنها.

ولا زال الأردنيون، يذكرون محطات أخرى، مثل دستور الملك طلال بن عبدالله الأول، طيب الله ثراه، وما أرساه من مفاهيم فصلٍ بين السلطات، وصولاً إلى زمان الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، ومحطات التاريخ الدستوري، وأهمها مرحلة التحول الديمقراطي عام 1989م، والميثاق الوطني الأردني.

اليوم، يتطلع الأردنيون إلى ما أنجزوه عبر العقدين الأخيرين، متأملين عديداً من المحطات والمفاهيم السياسية القادرة على استيعاب همومهم، وآمالهم، وتطلعاتهم، والبناء على الإرث السياسي العميقة جذوره.

فما أعمال لجنة تحديث المنظومة السياسية الأخيرة، إلّا بدايةً جديدةً يمكن أن تدفع بعناوين الإصلاح نحو الاتجاهات كافة، فما تضمنته من تأكيدٍ على ضرورة تفعيل الحياة الحزبية، بالإضافة إلى تعديلات قانون الانتخاب، وإطلاق القوائم الانتخابية، فهي جاءت كنعاوين، إلّا أن المتابع للمشهد يدرك بأنها أدخلتنا اليوم في ورشة إصلاحٍ وحوار سياسيين أخذا أبعاداً اجتماعية معقولة، وهذا ما يستدل عليه من خلال الالتفات لقوانين ونظم مساندة، مثالاً عليها: إعلان رئيس مجلس النواب عن سعيٍ لتعديل النظام الداخلي، بالإضافة إلى النقاش الدائر في إعلامنا وصحفنا الورقية والإلكترونية، حول الأردن الذي نريده لهذا الجيل، والأجيال المقبلة.

إنّ هذه الرؤية الملكية، وهذا الجهد، وتأكيدات جلالة الملك عبدالله الثاني الأخيرة، على ضرورة أن يكون البرلمان قوي، وأن النجاح في هذه المرحلة هو نجاح للجميع، وتعزيز ثقة المواطن بقدرة المجلس ليكون قادراً على إيصال صوته وتحقيق مطالبه، هي عناوين جامعة تضمي بنا إلى الأمام.

المبادرات الملكية، نحو تحديث المنظومة السياسية، كانت ولا زالت محورها الإنسان الأردني، ومقدرته على اختيار الأفضل، وهي عملية إصلاحية مستمرة، ذلك أن مبادرات سابقة أهمها لجنة الأجندة الوطنية، والتعديلات الدستورية العديدة، بالإضافة إلى الأوراق النقاشية الملكية، والتي مثلت مفاهيمها مرجعيةً للرؤى الإصلاحية كافة، هذه العناوين بجملتها، مؤشر على حيوية الدولة الأردنية.

اليوم، ننتظر المقبل، ويقع على نواب هذا المجلس مسؤولية والتزام كبيرين، في تهيئة الحياة السياسية وترجمة الرؤى الملكية لصالح الأردن وإنسانه.. فهذه العملية وصيرورتها نهج ملكي أصيل في ماضي وحاضر دولتنا.

شارك الخبر على