(اليوم رجعت أيامك يا رمثا تباهي بغزلانك)

ما يقرب من ٤ سنوات فى الرأى

تغنت الجماهير الرمثاوية على مدار أربعة عقود بجيلها الذهبي، جيل المرحومين خالد الزعبي ووليد الشقران ورفاقهما، وإذا حق لهذه الجماهير ان تتغنى بهذه الكوكبة الفريدة من النجوم طوال هذه المدة، لما حققوه من إنجازات، كسروا بها احتكار أندية العاصمة للألقاب والبطولات، فانه بات لزاماً عليها اليوم أن تجدد العهد من كوكبة جديدة من كتيبة الغزلان.

كوكبة ضمت حمزة الدردور ومصعب اللحام ومحمد أبو زريق «شرارة» وحسان الزحراوي واليافع علي العزايزة والحارس الأمين مالك شلبية والقائمة تطول، كوكبة إعادة الفرحة لجماهير صبرت حتى تعب الصبر ومل من صبرها، كوكبة أخذت على عاتقها تحقيق أحلام جماهير تعطشت للانجاز واعتلاء المنصات، كوكبة استلهمت من روائع الراحل متعب السقار العزيمة والإصرار لملامسة المجد، الذي تحقق اليوم، وهي تردد صراحةً وبعلو صوتها «اليوم رجعت أيامك يا رمثا تباهي بغزلانك».

وإذا كان للرمثا نجوم فوق أرضية الملعب، فإن نجومها على المدرجات وخلف الشاشات لا حصر لهم، ولا يمكن للكلمات وصفهم، او التعبير عن عشقهم، ومن تابع هذه الجماهير في الأيام الأخيرة، التي سبقت المواجهة الحاسمة أمام الجزيرة، لمس حجم الحب والانتماء والمشاعر الجياشة التي تغمر هذه الجماهير، التي لم تترك ناديها آو تتخلى عنه يوما، وكانت خلفه في الضراء قبل السراء، ولسان حالها كان دوماً «كله لعيونك يا رمثا».

الرمثا بهمة غزلانها عاد بريقها الذي لم يخفت يوماً ليتوهج من جديد، لكنه عاد أكثر توهجاً وإشراقاً، عاد ليعيد إلى الذاكرة مواقف وأحداثاً، قد يكون الكثيرون من أبناء الجيل الحالي من أنصار الفريق، سمع عنها من أقربائهم أو أبائهم، والحسرة تملأ قلوبهم، يمنون النفس بان يشاهدوا هذه المواقف ويلامسوها عن قرب، حتى يكون فرحاً واقعياً صاخباً جنونياً، فكان لهم ما أرادوا، فكبرى البطولات المحلية تزين الآن خزائن النادي.

الفرحة مشروعة، ومن حق كل رمثاوي أن يطلق العنان لأفراحه، ولما يكتنفه من مشاعر ظلت حبيسة لسنوات وسنوات، لكن الأهم الآن وبعد أن نجح الرمثا كما نجح في السابق، برسم خارطة طريق جديدة لكرة القدم المحلية، وجذب الكأس إلى خارج أسوار العاصمة، خارطة تكون النور الذي يضيء الطريق نحو مزيد من النجاحات، حتى لا تكون مجرد طفرة، بل حافزاً، للرمثا وغيره من الأندية الساعية لإثبات حضورها على منصات الانجاز، فهذا من شأنه أن يعود بالنفع على كرة القدم الاردنية.

الدردور.. أعلى مراتب النضج

لا يختلف اثنان، على أهمية الدور الذي قدمه كافة نجوم الفريق، فجميعهم بذلوا واجتهدوا ولم يبخلوا بذرة عرق، ومن الظلم تجاهل إي لاعب أو التقليل من حقه، مهما صغر دوره أو كبر.

لكن قائد الفريق حمزة الدردور، الذي قدم أفضل مواسمه على الإطلاق، استحق أن يكون النجم الأبرز في كتيبة الغزلان، واحد العلامات الفارقة في صناعة الانجاز، ورسم الفرحة بين جماهير الفريق، التي وضعت كامل ثقتها بالدردور ورفاقه، فكانوا عند حسن الظن، رغم كثرة العواصف والأمواج المعاكسة، التي كادت أن تخرج الفريق عن مساره.

«الكوبرا» كما يحلو لجماهير الغزلان أن تطلق عليه، تحمل مسؤولياته كقائد للفريق بكفاءة واقتدار، فإلى جانب مهامه كناصح وموجه وداعم لزملائه داخل وخارج الميدان، نجح الدردور في المزج بين خبرات السنين، وحيوية الشباب رغم تخطيه حاجز الثلاثين عاماً، ليصل إلى أعلى مراتب النضج الكروي.

الدردور برهن انه ما زال يحتفظ بكافة أسراره، واثبت أن العمر مجرد رقم، فالسرعة والحيوية التي ميزت تحركاته شاهدة على ذلك، فكان عاملاً حاسماً في الغالبية العظمى من المباريات، بفضل سرعته الفائقة ونضج تحركاته التي لعبت دوراً مؤثراً في إرباك المنافسين، وخلق الحلول كلما استعصت الشباك وغابت النجاعة.

الحديث عن إسهامات الدردور في تحقيق الانجاز، قد يطول ويطول وقد يتشعب إلى تفاصيل عديدة، لكنه بلا شك، كان قائداً عل قدر المسؤولية، اخذ على عاتقه مسؤوليات جسام، نجح بخبرته وجهده وعطاءه في اجتيازها، ليكون في النهاية، احد ابرز صناع الفرح،وراسمي الفرحة لجماهير الرمثا العريضة، التي طال انتظارها لحلم بدا أحياناً بعيد المنال.

العزايزة.. قطعة ثمينة في منجم الذهب

منذ مشاركته الأولى في الموسم الماضي، خطف علي العزايزة ابن الـ 16ربيعاً حينها الأنظار، ونجح بجذب الأضواء نحوه، كموهبة نقية لا يختلف اثنان على جودتها، وحسن انتقائها.

الكثيرون من المراقبين والمتابعين للعزايزة منذ انطلاقته، وبعد أن لمسوا حجم الموهبة التي يتمتع بها، اعتبروه الممثل الشرعي للفطرة السليمة والأداء السلس، التي تميزت بهما كرة الرمثا على مدار تاريخها، وساهمت بإثراء كرة القدم الأردنية بعديد النجوم والمواهب الفذة.

العزايزة ب «ستايله» الأوروبي شكلاً ومضموناً، أعاد إلى الأذهان، الصورة المتوهجة لأجمل النسخ والمواهب، التي قدمتها الرمثا مطلع الثمانينيات، فجرأة الاقتحامات وسرعة التوغلات، الى جانب مقدرته على الانسجام والتناغم مع الزملاء، بأداء جماعي سهل وبسيط، شعاره التمرير الدقيق، والإيثار أمام المرمى، جعل منه موهبة تعد بالكثير، وقطعة ثمينة في منجم الذهب الرمثاوي، الزاخر بعديد المواهب.

نجوم على المدرجات

حفلت مسيرة الرمثا، في الأمتار الأخيرة من عمر البطولة، ومع ارتفاع وتيرة المنافسة، بالعديد من المواقف واللحظات العاطفية المؤثرة، التي رصدتها عدسات الكاميرات، وأصبحت في دقائق معدودة حديث الشارع الرياضي، بعد ان لاقت رواجاً واسعاُ على وسائل التواصل الاجتماعي، منحت أصحاب شهرةً واسعةً في الوسط الرياضي.

مواقف ولحظات حملت بعداً إنسانياً عميقاً، عكس مدى الحب والعشق، الذي يربط هذه الجماهير بناديها، ومدى انتمائها للكيان، الذي لم تتخل عنه يوماً وعشقته في السراء والضراء، وتحت كل الظروف، متمسكة بأحلامها وآمالها وأمنياتها برؤية فريقها على منصات التتويج، وتحقيق الحلم الذي طال انتظاره.

ابرز تلك اللحظات التي كانت حاضرة وبقوة، تلك التي التقطتها عدسات المصورين لطفل مدينة عجلون كرم الزغول، وهو يحاول حبس دموعه، متأثراً بخسارة الفريق أمام الفيصلي في الأسبوع التاسع عشر، والتي لاقت تعاطفاً كبيراً بين كافة الجماهير الأردنية، وعلى ضوئها قطع رئيس اللجنة المؤقتة للنادي المحامي عوني الزعبي، عهداً على نفسه بأن يكرم هذا الطفل، بحمل كأس الدوري، وأن يصطحبه بموكب فرح بشوارع مدينة الرمثا، والكأس بين يديه.

وإذا ما عرفنا أن الأمر يتعلق بالغزلان، وعشق جماهيرهم الذي لا ينضب ولا يمكن وصفه بكلمات، فإن اللحظات المؤثرة والمشاعر الصادقة، لم تكن حكراً على الأطفال وحدهم أو على فئة عمرية بعينها، فجميعهم جبلوا على حب الرمثا، وليس غريباً أن ترى هكذا مواقف على المدرجات، وهذه المرة رصدت إحدى العدسات، صورة للستيني المعتق عبد الفتاح المزاري، احد أنصار الرمثا الأوفياء من مدينة الزرقاء، وهو يذرف الدموع فرحاً بالفوز على شباب الأردن، في الأسبوع قبل الأخير والذي قرب الرمثا أكثر من تحقيق اللقب.

دموع المزاري الذي يمكن وصفه، بأنه شاهداً على العصر، فهو من القلة المحظوظة، التي عاصرت الفرحتين، فرحة اللقب الحالي وفرحة لقبي الثمانينيات، لاقت هي الأخرى رواجاً واسعاً، هز مشاعر جماهير الفرق الأخرى قبل جماهير الرمثا، ما دفع رابطة جماهير الرمثا لإقامة حفل تكريم خاص للمزاري والزغول.

الرمثا بنخوة أهلها، وأصالة معدن رجالها، رفضت أن تكون واقعة المزاري والزغول مجرد حدث عابر، فبادلتهم الحب بالحب، والعشق بالتقدير، والانتماء بالوفاء، من خلال حفل تكريمي مميز أشرفت عليه رابطة جماهير النادي، بحضور نخبة من لاعبي الجيل الذهبي.

شرارة.. الوكيل

الحصري للمتعة

خطف محمد أبو زريق «شرارة»، الأضواء بأهداف ذات الطابع «المارادوني»، لقيت رواجاً منقطع النظير بين الجماهير التي كانت تتناقل أهدافه، على وسائل التواصل الاجتماعي لتنتشر بعدها بسرعة البرق، مقتحمةً المواقع والصفحات وبنسبة مشاهدات عالية.

شرارة بسرعته الفائقة ومهاراته الخاصة، برهن انه موهبة كبيرة، وانه قادر على ممارسة دور المنقذ، كلما وجد فريقه بحاجته، وتجلى ذلك في مواقف عديدة، كان فيها النجم الشاب، حاضراً بكل طاقاته، متسلحأ بكل أسراره، التي عجزت أعتى الدفاعات عن كشفها، أو إبطال مفعولها، ليثبت أنه الوكيل الحصري للمتعة.

شرارة بموهبته الفذة، وتواضعه الجم، وسماته الحورانية الجميلة، خطف قلوب الجماهير، وشكل معهم ثنائية عشق لا تنضب، قوامها الفن والأخلاق وسلسلة أهداف كان لها متعتها وطابعها الخاص، فكانت الجماهير ترد عليه في كل مناسبة وحدث هاتفه «نازل على الملعب رمثاوي قد حاله يلعب ما يتعب يا بي ما أحلى جواله».

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على