المرأة الفلسطينية.. نضال لإنهاء الاحتلال وانتزاع مشاركتها في صنع القرار
ما يقرب من ٤ سنوات فى الرأى
شكّلت مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار موضوعاً جدلياً استحوذ على اهتمام الناشطين في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة.
وفلسطين التي لا تزال تعاني من الاحتلال، يستوجب عليها استنفار الطاقات البشرية كافة لمواجهته، إلى جانب ضرورة العمل لإرساء أسس الدولة، ما يُحتم تفعيل دور المرأة كشريك في النضال والبناء.
وفي إطار خطة القيادة السياسية والحكومة، العمل على تمكين المرأة الفلسطينية وتعزيز دورها على المستوى الوطني، أقرت في شهر تموز من العام 2019، يوم 26 من شهر تشرين الأول من كل عام، يوماً وطنياً للمرأة الفلسطينية.
ويحمل اليوم الوطني، دلالات عديدة لدور ومسيرة المرأة وكفاحها؛ حيث عُقد في مثل هذا اليوم أول مؤتمر نسائي فلسطيني في مدينة القدس بتاريخ 26 تشرين أول 1929، وسط مشاركة فاعلة وبحضور أكثر من 300 سيدة، وخرج بمجموعة من القرارات القوية، التي عبّرت بصدق عما كان شعب فلسطين يتطلع إليه ويطلبه آنذاك.
فالمرأة الفلسطينية كانت حاضرة في المشهد اليومي، وفي مختلف الأصعدة سواء الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ومنذ ذلك الوقت والنساء يواجهنّ الاحتلال في معركة مفتوحة.
ورُغم ارتقاء عدد من النساء بين شهيدات وأسيرات وأمهات للأسرى والشهداء، ورغم عديد المكتسبات، إلا أن التمييز القائم على أساس الجنس لا يزال عائقاً أمام مشاركة المرأة رسمياً في عملية اتخاذ القرار؛ فالنساء شريكات في العمل الوطني والاجتماعي، إلا أنهنّ يكدنّ يغبن عن مراكز صنع القرار.
وفي هذا الصدد، أكدت وزيرة شؤون المرأة أمال حمد، أن المرأة شريكة في شتى المراحل وعلى مختلف الأصعدة وكانت مشاركتها مؤثرة وفاعلة، ويشهد حضورها تقدّماً جدياً ملحوظاً، إلا أن حضور المرأة في مراكز صنع القرار لا يعبر عن حجم ودور النساء.
وأضافت حمد، أن المرأة الفلسطينية قطعت شوطاً كبيراً في العمل والنضال الوطني، منذ عام 1929 وحتى اللحظة، حيث تواجه العائق الأكبر وهو الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة للتحديات المجتمعية، فضلاً عن التداعيات التي فرضتها جائحة كورونا.
وحول التحديات التي تواجه النساء، أوضحت حمد أن النساء يواجهنّ عبئاً مزدوجاً، ويبذلنّ جهداً أكبر من الرجال، من خلال الحصول على درجات علمية، والذي تظهره الاحصائيات الخاصة في قطاع التعليم، لفرض أنفسهنّ على مختلف دوائر صنع القرار، والتي غالبيتها من الذكور.
واعتبرت حمد، أن تمكين المرأة من الوصول إلى مراكز صنع القرار يتطلّب تغيير الثقافة المجتمعية، وبناء الوعي المطلوب، وخلق رأي عام داعم إلى جانب سن القوانين وإقرار السياسات، وتكاتف الجهود بين الحكومة والمؤسسات الحقوقية والنسوية المعنية.
وحول المشاركة السياسة للنساء، قالت حمد: وصلت نسبة مشاركة النساء في القوائم في الانتخابات التشريعية في العام 2006، آخر انتخابات تشريعية أجريت، إلى 20 بالمئة، أما في الدوائر فلم يكن هناك حضور للنساء.
وأشارت إلى قرار المجلس المركزي، اعتماد نسبة الكوتا النسائية 30 بالمئة في هياكل ومؤسسات الدولة، الذي تم تطبيق جزء منها، ولم تطبق الكوتا بشكل كامل، مضيفة أن المراهنة الآن هو على إحداث تغيير، وأن تشهد المرحلة الثانية من الانتخابات التزاما برفع التمثيل إلى 30 بالمئة، والمحاولة أيضا مع النقابات لرفع نسبة الكوتا إلى 30
بالمئة في مجالسها وهيئاتها.
وناشدت حمد المؤسسات والهيئات الالتزام بالكوتا التي أقرّاها المجلسين المركزي والوطني، لافتة إلى أن العديد من مؤسسات المجتمع المدني التي تعمل في مجال المرأة وحقوق الانسان لا تلتزم بوجود نساء في هيئاتها.
وأكدت أن الكوتا تمثل إحدى الأدوات القادرة على خلق التغيير المطلوب، إلى جانب مواصلة المرأة العمل، ودعم المتنورين من الرجال الذين يؤمنون بالتعددية، وبحقوق النساء حسب القانون، إضافة إلى القانون كأحد أدوات التغيير.
وحول دور الأحزاب، قالت: إن الأحزاب السياسية على اختلافاتها لم تولِ النساء الاهتمام، ولم يرقَ حضورها لدورها ونضالها الوطني والاجتماعي، فالهيئات القيادية والتي هي من الذكور تختار أعضاءها وفق مرجعيات وتداخلات، مؤكدة مسؤولية الأحزاب والاتحادات والنقابات في تكريس وجود النساء في هيئاتها العليا.
ودعت حمد إلى ضرورة تعزيز الحضور الثقافي والسياسي بشكل فعلي وقوي، وتمكين النساء من الوصول إلى مراكز صنع القرار والعمل على دعمهنّ وتسهيل مهامهنّ.
وفي أحدث إصدار للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، المرأة والرجل في فلسطين قضايا واحصاءات العام 2021، فإن نسبة التوزيع النسبي للأعضاء في الهيئات المحلية 2020
فكان 20 إناثاً، و80 ذكوراً، والتوزيع النسبي لرؤساء الهيئات المحلية 1.8 إناث، و 98.2 ذكور، والتوزيع النسبي للسفراء في 2020 للإناث 10.8 و 89.2 ذكور، ورؤساء مجالس الطلبة 4.3 إناث و 95.7 ذكور، ومن القضاة 19.2 إناث و 80.8 ذكور.
ووصف الاحصاء تمثيل النساء في المجلسين الوطني والمركزي بالضعيف، حيث تشكل نسبة الذكور في المجلس المركزي 94.3 بالمئة، و5.7 بالمئة إناث، وفي المجلس الوطني 89.1 بالمئة ذكور، و10.9 بالمئة إناث، والتوزيع النسبي للمحافظين 6.3 إناث، و 93.7 ذكور، وتوزيع أعضاء مجلس الوزراء في الحكومة الثامنة عشر 87.5 ذكور، و 12.5 إناث.
وعن تجارب النساء في الميدان، قالت أمين سر المجلس اللوائي لاتحاد نقابات عمال فلسطين جنوب الخليل، سمية نمورة، إن تجربتها في الاتحاد أكّدت لها أن العمل الدؤوب والحاضنة الاجتماعية قادران على ضمان وصول المرأة لمراكز صنع القرار.
وأضافت نمورة، أن الوصول إلى مراكز صنع القرار بشكل تدريجي واكتساب الخبرة والتمكين للمرأة، إلى جانب العمل الميداني، هو السبيل لتحقيق النجاح وتحدى الصورة النمطية التي يتطلّب تغييرها جهداً كبيراً وشخصية قوية وبيئة حاضنة داعمة.
وحول الكوتا، قالت نمورة: في العام 2020 تم إقرار نسبة الكوتا 30 بالمئة في النقابات العمالية، معتبرة أن مشاركة النساء في العمل النقابي ليس كما يجب، ولا يوجد متابعة منهنّ.
ولفتت إلى أنه رغم إيجابية الكوتا التي تضمن تواجد النساء داخل الهيئات والمؤسسات والنقابات والبلديات والمجالس، إلا أن لها بعض السلبيات، إذ أنها فرضت نساء غير مؤهلات ولا يحملنّ خبرة؛ ما جعلهنّ مسلوبات القرار ويمكن السيطرة عليهنّ ومصادرة وتبعية موقفهنّ، وبذلك تكون الكوتا عززت الصورة النمطية للنساء وفرضت شخصيات غير متمكّنة.
وعن المشاركة السياسية للنساء، قالت نمورة: في الانتخابات المحلية هناك تبعية ويتحكم البعد العشائري والعائلي في مشاركة النساء، مشيرة إلى أن الهيمنة الذكورية في مختلف المؤسسات الخاصة والعامة تحول دون وصول النساء إلى مراكز صنع القرار، إضافة إلى ضعف الحاضنة الاجتماعية الداعمة والتي تمكّن النساء من تحقيق ذلك.
ولفتت نمورة، إلى تقصير المؤسسات والجمعيات النسوية في تثقيف وتمكّين المرأة من اتخاذ القرار، مشيرة إلى أهمية العمل التطوعي في صقل شخصيات النساء، وتمكينهنّ على الصعيدين العملي والشخصي.
وطوال مسيرة التحرر الوطني ومنذ انطلاق الثورة الفلسطينية، لعبت المرأة دوراً محورياً مهما في مقارعة الاحتلال، برز هذا الدور خلال انتفاضة الحجارة عام 1987، وانتفاضة الأقصى عام 2000، وتجلّى ذلك في المقاومة الشعبية كما في بيتا وكفر قدوم والشيخ جراح في القدس المحتلة.
وتشكّل الانتخابات المحلية أهمية في المشاركة السياسية للمرأة، إذ تنص المادة 17 من القانون الفلسطيني الناظم للعملية الانتخابية والصادر عام 2005 على أنه يجب ألا يقل تمثيل المرأة في أي من مجالس الهيئات المحلية عن 20 بالمئة، بحد أدنى ثلاث نساء في كل قائمة تترشح للانتخابات، ويرد اسم امرأة من بين أول 3 مرشحين، ومن ثم في ثاني 4 أسماء باللائحة.
وكانت لجنة الانتخابات المركزية، أطلقت مدونة سلوك مناهضة للمساس بحقوق المرأة الفلسطينية في الانتخابات المحلية القادمة؛ تحسباً لإمكانية المساس بحقوقها بقصد التأثير على إرادتها أو منعها من ممارسة حقوقها في انتخابات الهيئات المحلية القادمة والمقرر الاقتراع في أولى مراحلها في 11 من شهر كانون الأول في العام الجاري.
وتتحدث المدونة عن الحقوق الانتخابية للمرأة الفلسطينية التي يحتمل المساس بها في الانتخابات المحلية وأشكال المساس بحقوق المرأة، والفضاءات التي يتم فيها تتبّع أشكال المساس بحقوق المرأة، والعقوبات المترتبة على الانتهاكات لحقوقها، والإجراءات وآليات لجنة الانتخابات المركزية لتتبّع الانتهاكات المرصودة بهدف المساس بحقوق المرأة الفلسطينية في الانتخابات المحلية.
كما وقعّت القوى والأحزاب السياسية على ميثاق شرف تعهدت بموجبه الالتزام بتوفير بيئة انتخابية نزيهة وشفافة خلال مختلف مراحل الانتخابات المحلية 2021.
وعلى صعيد الأسر، تقبع 34 أسيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلية، من بينهنّ 8 أمّهات و 7 جريحات ومريضات، يتعرضن إلى انتهاك حقوقهنّ في سجون الاحتلال، خلافاً لاتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1987، والتي حظرت المعاملة غير الإنسانية والحاطّة بالكرامة، وخلافاً لقواعد الأمم المتّحدة النموذجية لمعاملة السجناء لعام 1955.
وبحسب نادي الأسير الفلسطيني في بيانه، المنشور في تشرين الأول الماضي، فإن الأسيرات المناضلات يشاركنّ في جميع الخطوات النضالية والاحتجاجية جنباً إلى جنب مع الرجل ضدّ إدارة السّجون، وكان آخرها مشاركتهن في الإضراب الاحتجاجي ضدّ السياسات المفروضة على الأسرى بعد تحرير 6 أسرى أنفسهم من سجن "جلبوع" في شهر أيلول الماضي.
وتشير دراسات الرّصد والتّوثيق إلى أن سلطات الاحتلال اعتقلت أكثر من 16 ألف امرأة فلسطينية منذ العام 1967، وكانت أول أسيرة في تاريخ الثورة الفلسطينية هي الأسيرة فاطمة برناوي من القدس، والتي اعتقلت عام 1967، وحُكم عليها بالسجن المؤبد، وأُفرج عنها عام 1977.
ويعشن الأسيرات خلال الاعتقال ظروفاً لا إنسانية، لا تراعى فيها حقوقهن في السلامة الجسدية والنفسية والخصوصية، إذ يحتجزن في ظروف معيشية صعبة، يتعرضن خلالها للاعتداء الجسدي والإهمال الطبي، وتحرمهن سلطات الاحتلال من أبسط حقوقهن اليومية، كحقهن في التجمع لغرض أداء الصلاة جماعة أو الدراسة، إضافة إلى انتهاك خصوصيتهن بزرع الكاميرات في ساحات المعتقل، ما يضطر بعضهن إلى الالتزام باللباس الشرعي حتّى أثناء ممارسة الرياضة.
كما ويتم حرمان الأسيرات من حقهن في وجود مكتبة داخل المعتقل، رغم المطالبات المتكررة لذلك، إضافة إلى حرمانهن من ممارسة الأشغال الفنية اليدوية، علاوة على تعرضهن للتنكيل بهن خلال عملية النقل عبر عربة "البوسطة" إلى المحاكم أو المستشفيات، والتي تستغرق عملية النقل بها لساعات، ويتعرضن خلالها للاعتداء عليهن على يد قوات "النحشون".
وذكر نادي الأسير، أن الاحتلال يعتقل الأسيرات في سجن "الدامون"، من بينهن 9 أمهات، فيما تعاني 11 منهن من أمراض مختلفة، وتعتبر الأسيرة أمل طقاطقة من بيت لحم، المعتقلة منذ 2014 أقدم الأسيرات، ومحكومة بالسجن لمدة 7 سنوات، والأسيرتان شروق دويات وشاتيلا عياد المحكومتان بالسجن 16 عاماً، وميسون موسى وعائشة الأفغاني المحكومتان بالسجن 15 عاماً.
وأضاف النادي، أن من بين الأسيرات الجريحات وأشدها معاناة؛ حالة الأسيرة إسراء جعابيص، من القدس، والمحكومة بالسجن 11 عاماً، والتي اعتقلتها قوات الاحتلال بعد إطلاق النّار على سياراتها ما أدى إلى انفجارها وإصابتها بحروق شديدة شوهت وجهها ورأسها وصدرها وبترت أصابعها.
وبحسب احصاءات المرأة والرجل المنشورة في اليوم الوطني، بلغ معدل البطالة 40.1 بالمئة لدى الإناث و 22.5 لدى الذكور.
ويعتبر القطاع الخاص المشغل الأكبر للنساء العاملات، حيث بلغت نسبة العاملات فيه 65.3 بالمئة، في حين بلغت نسبة النساء العاملات في القطاع العام 33.6 بالمئة من مجموع النساء العاملات، و 32 بالمئة من الإناث العاملات في فلسطين منتسبات للنقابات العمالية/ المهنية مقابل 18 بالمئة من الذكور، وتزيد نسبة الإناث في قطاع غزة عنها في الضفة الغربية 54 بالمئة و25 بالمئة على التوالي، فيما بلغت نسبة الفقر بين الإناث في قطاع غزة أكثر بحوالي أربعة أضعاف عن مثيلاتها في الضفة الغربية.
وأشارت الإحصاءات إلى أن نسبة المشاركة في القوى العاملة، انخفضت لكل من النساء والرجال عام 2020 نتيجة جائحة كورونا مقارنة مع الأعوام السابقة، وبلغت نسبة مشاركة النساء في سن العمل 16 بالمئة بعد أن كانت النسبة 18 بالمئة في العام 2019، علما أن نسبة مشاركة الرجال في القوى العاملة بلغت 65 بالمئة للعام 2020 مقارنة مع 70 بالمئة للعام 2019.
ووفقاً لبيانات العام 2020؛ فلا تزال مشاركة النساء في مواقع صنع القرار محدودة مقارنة مع الرجال، فهناك امرأة واحدة تشغل منصب محافظ من أصل 16 محافظاً.
أما على مستوى البلديات، لا يوجد أي امرأة رئيسة بلدية في البلديات المصنفة (أ، ب)، أما بالنسبة للبلديات المصنفة "ج" هناك 3 رؤساء بلدية من النساء مقابل 97 للرجال، و 91 بالمئة من رؤساء المنظمات النقابية المسجلة في وزارة العمل الفلسطينية هم رجال، مقابل 9 بالمئة من النساء.
أما عن أعضاء الغرف التجارية والصناعية والزراعية، فقد بلغت النسبة 96 بالمئة من الرجال، مقابل 4 بالمئة فقط من النساء في فلسطين للعام 2019، وحوالي 8 بالمئة نسبة القاضيات الشرعيات في الضفة الغربية مقابل 92 بالمئة للرجال.
وحسب بيانات ديوان الموظفين العام حتى شهر شباط للعام 2021، بلغت مساهمة النساء في القطاع المدني 45 بالمئة من مجموع الموظفين، وتتجسد الفجوة عند الحديث عن الحاصلين على درجة مدير عام فأعلى حيث بلغت 14 بالمئة للنساء مقابل 86 بالمئة للرجال.
(النشرة النسوية لوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) ضمن ملف الخدمة الإعلامية النسوية لاتحاد وكالات الأنباء العربية (فانا).