شهاب الخشاب يكتب الفهامة «٥٧».. النجوم

ما يقرب من ٧ سنوات فى التحرير

إيه الفرق بين النجم والممثل البلح؟ في التصور الشائع، النجم شاطر وجذاب ويعرف يمثل، بينما الممثل البلح دمه تقيل وماعندوش حضور ومايعرفش يمثل. التصور ده خاطئ لإن ياما فيه نجوم مابيعرفوش يمثلوا كويس، وياما فيه ممثلين كويسين عمرهم ما هيبقوا نجوم. الحقيقة إن الفرق بين النجم والبلح مالوش علاقة بالمهارة في التمثيل، إنما حسب الفيلسوف الفرنسي إدجار موران، النجم عنده قوة روحية واقتصادية أكبر من الممثل العادي.

موران كتب عن النجوم في كتابين أولهما عنوانه "السينما والإنسان الخيالي" والثاني عنوانه "النجوم". في الكتاب الأول، موران طرح إن مشاهدة الأفلام بتزق المشاهد في اتجاهين: أولاً إنه لازم يرمي أحاسيسه وأفكاره على الشخصيات اللي بتظهر على الشاشة، وثانياً إنه لازم يتخيل نفسه في مواقف الأبطال ويحس بمعاناتهم وكأنها حياته الشخصية. يعني المشاهد بيقع في نوع من تبادل المشاعر مع الشخصيات السينمائية: من ناحية بيبقى حاسس إن الشخصيات بتعيش حاجات من الواقع اللي هو عايشه، ومن ناحية تانية بيبقى منسجم في الواقع الخيالي بتاع الشخصيات وكأنه هو البطل.

في كتابه الثاني، موران حلل بالتفصيل وضع النجم في النوع ده من تبادل المشاعر مع الشخصيات السينمائية. في رأيه، المتفرجين مابيبقوش شايفين النجم زي أي ممثل عادي. النجم مش مجرد ممثل بيجسّد شخصية: دي الشخصية بتجسد النجم قد ما هو بيجسدها. ده واضح في حالة نجم زي محمد رمضان مثلاً، اللي عنده جمهور عريض بيحب يتفرج على أفلامه أيا كانت الشخصية، وحتى كل شخصياته بتجسد صورة محمد رمضان زي ما هو بيجسد شخصيات متنوعة في كل عمل.

يعني صورة النجم أقوى من شخصيته وشخصياته، لأنها بتفضل تنتشر زي ما هي عبر الأفلام وبرة الأفلام: في الإعلانات والتليفزيونات والجرايد والمجلات وكل وسائل الإعلام اللي بتنشر صورة النجم وبتقويها. بالتالي النجم ماعندوش حياة شخصية لأن حياته جزء من صورته ونجوميته، ومعجبينه بيحبوا يتفرجوا على الصورة دي وكأنهم عايشين مع النجم. وبما إن المعجبين والمتفرجين عبارة عن مستهلكين في عالمنا الرأسمالي الأكل عيشي، المنتجين بيحاولوا يبيعوا لهم صورة النجم عشان الناس تشتري، إن كان هتشتري تذاكر فيلم أو وقت مشاهدة المسلسل أو شيبسي وكوكا كولا. يعني النجم من أسس مجتمع الاستعراض حسب تعبير الفيلسوف الفرنسي جي دوبور (يعني إيه استعراض؟)، وصورته لها ثمن.

في تحليل موران، الناس بتبدل مشاعرها مع النجم وبتتعاطف مع معاناته وبتحط نفسها مكانه أيًّا كان السياق اللي بتشوفه فيه. يعني الناس بتتفاعل مع محمد رمضان إن كان ألماني أو أسد أو أسطورة، وبتحس إنها عايشة معاه ومنسجمة في أدواره ومتحمسة لانتصاراته وبطولاته مهما كانت القصة أو الحقيقة. بالتالي النجم عنده قوة اقتصادية ضخمة، لأن مجرد صورته بتجذب المشاهد للي المُنتِج بيبيعه. إنما الأهم إن النجم عنده قوة روحية ضخمة، لأن أي حاجة بتحصل في حياته الخيالية أو حياته الشخصية كأنها بتحصل جوة أسطورة من الأساطير القديمة، والبطل لازم ينتصر لصالح معجبينه، والمعجبين هيعبدوه بالجوابات والمسجات واللايكات عشان تستمر الأسطورة.

باختصار، النجم عبارة عن أسطورة بتصنعها الجماهير، والأسطورة دي مالهاش علاقة بالمهارة في الأداء. عشان كده ما زال فيه فرق بين محمد رمضان وأحمد الفيشاوي، زي ما فيه فرق بين أبو تريكة وشيكابالا: الإثنين مهاراتهم عالية، بس واحد منهم أسطورة والتاني بالكتير لعيب. والواحد يقدر يشوف الفرق ده في كل جيل، لأن ده الفرق بين فاتن حمامة ومريم فخر الدين، أو رشدي أباظة وأحمد رمزي، أو سعاد حسني وسهير البابلي. وحتى النجوم اللي ماتقدرش تمثل زي شعبان عبد الرحيم وسمية الخشاب عندهم قوة روحية واقتصادية بتفرّقهم جامد عن أي ممثل ثاني، لأن النجم في الآخر جزء من حياة الناس واستهلاكهم وعباداتهم، وطالما ماطلعش من قلوبهم هيفضل نجم مش بلح.

وفي الحقيقة ده درس لازم ناخده في الفن وفي السياسة، لأن لولا قوة الأساطير والدعاية، النجم ماكانش هيفرق قوي عن البلحة.

شارك الخبر على