بوليتيكو احذروا "داعش الجديد" وممر إيران نحو الشرق

ما يقرب من ٧ سنوات فى التحرير

نشرت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية تقريرًا عن الدور الإيراني في سوريا، ودعمها للرئيس السوري بشار الأسد، وموقف إدارة ترامب من كيفية التعامل مع إيران.

حيث بدأ التقرير بوصف الوضع المعقد في منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد إعلان الولايات المتحدة بيع مقاتلات لقطر، الدولة التي اتهمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برعاية الإرهاب، ومن جهة أخرى تعتمد أمريكا في الإستيلاء على مدينة الرقة عاصمة داعش في سوريا على المقاتلين الأكراد الذين تصنفهم تركيا -العضوة في حلف شمال الأطلنطي والمقربة من قطر- كجماعة إرهابية، وفي الوقت الذي تتهم فيه الولايات المتحدة روسيا بالتواطؤ مع النظام السوري لقصف المدنيين بأسلحة كيماوية، تتمني أيضًا التحالف مع موسكو للقضاء على داعش.

وفي وسط كل تلك التناقضات تسعى إيران لإحكام قبضتها في سوريا، والتي لم تدفع بنخبة قادتها العسكريين لسوريا فقط، ولكن أرسلت قوات حزب الله، وعدد من الميليشيات الشيعية بقوات تقدر بعشرات الآلاف للوقوف بجانب الأسد، الذي تقلصت قواته العسكرية إلى نحو 20 ألف مقاتل فقط.

وأضافت المجلة أن الولايات المتحدة لن تستطيع دحر داعش، إلا إذا تمكنت من إيقاف التدخلات الإيرانية في سوريا، حيث تقوم القوات الشيعية التي تحارب باسمها في سوريا بمحاربة داعش، وتحدي جهود الولايات المتحدة في تدريب المقاتليين المحليين في شمال سوريا، حيث قصفت الأسبوع الماضي طائرة بدون طيار إيرانية الصنع، مخيم التنف وطريق بغداد السريع والحدود السورية الأردنية، حيث تعقد القوات الخاصة الأمريكية التدريبات.

وتمكنت القوات الأمريكية من تدمير الطائرة، وأصدر البيت الأبيض بيانًَا قال فيه إن الولايات المتحدة حافظت على مواقعها في تلك منطقة التنف منذ العام الماضي، وأنه على الرغم من أن هذه المنطقة تدخل ضمن الإتفاق الأمريكي الروسي لمنع الاشتباك بين قوات الدولتين في سوريا، إلا أن الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران قصفت المنطقة.

وقالت أن إيران تسعى لإنشاء ممر أرضي حتى لبنان عبر سوريا والعراق، لذا تدفع بالميليشيات الشيعية على أطراف الحدود في سوريا والعراق، ففي الجانب العراقي تمكنت الميليشيات الشيعية من تطهير المعابر الحدودية من قوات داعش، وفي سوريا دفعت إيران بقوة كبيرة من قوات حزب الله إلى شرق مدينة دير الزور.

وفي الوقت الذي تسعى فيه القوات المدعومة من أمريكا لتحرير الرقة، تحاول إيران لمنع أية جماعات مدعومة من أمريكا من التمركز في شرق سوريا، الأمر الذي يعرقل جهود إيران في السيطرة على حدود سوريا مع العراق والأردن، وفي وسط تحركات قوات حزب الله في درعا القريبة من الحدود السورية الإسرائيلية، تضع إيران الحدود الإسرائيلية السورية نصب أعينها.

وأضافت أن إدارة ترامب لم تقف موقف سلبي أمام تحركات إيران في سوريا، ففي 18 مايو دمرت القوات الأمريكية قافلة تابعة للميليشيات المدعومة من إيران بعد رفضها التوقف، وفي الثامن من يونيو أسقطت قوات التحالف الأمريكي طائرة بدون طيار قصفت القوات الأمريكية، في الوقت الذي قال فيه بيان للبيت الأبيض أن "قوات التحالف الأمريكي لا تسعى لمواجهة قوات الأسد، ولكنها تدافع عن نفسها ضد القوات التي تخترق منطقة عدم الاشتباك"،  ويشير بيان البيت الأبيض أن أولوية القوات الأمريكية في سوريا هي محاربة داعش وليس محاربة إيران أو الميليشيات الشيعية، أو قوات الأسد.

وتسعى الإدارة الأمريكية إلى التركيز في القضاء على داعش، دون التورط في مواجهة مع الروس أو الإيرانيين، حيث تري الصحيفة أنه من الجيد أن تكون الإدارة حريصة في هذا الأمر، إلا أن يجب إيصال رسالة أن أمريكا لن تحارب في مناطق السيطرة الروسية والإيرانية، ولكن لن تخضع لمحاولات إيران إنشاء جسر بري عبر الشرق.

وأكدت الصحيفة أن سياسة ترامب في محاربة داعش، ستختبر فعليًا عندما تتمكن القوات الكردية المدعومة من أمريكا والمعروفة بقوات حماية الشعب من دحر داعش، والتي أثبتت قدرات مقاتليها أمام الأخيرة، ولكن تحافظ على علاقات مع النظام السوري، وعلى الرغم من أن الطائرة السورية التي أسقطتها أمريكا كانت تحاول قصف تلك القوات، إلا أنه من المستبعد أن تقطع تلك القوات علاقتها مع نظام الأسد، حيث يسيطر الأسد على منافذ المناطق الكردية الأخرى في شمال سوريا.

فمن الممكن بعد تحرير الرقة من داعش، أن تترك القوات الكردية المدينة للنظام السوري وميليشياته الطائفية، والمعادية للمواطنين السنة، والتي تسببت في ظهور داعش من الأساس، الأمر الذي من الممكن أن يؤدي إلى إعادة إنتاج "داعش جديدة".

فعلى الرئيس الأمريكي التركيز فيما بعد داعش في الرقة والموصل، فيجب إعداد خطة يمكن تنفيذها على أرض الواقع لإعادة الإعمار، والتأمين، والحكم ودمج السنة في تلك المدن بعد خروج داعش، ومن الممكن أن تلعب السعودية والإمارات ودول الخليج الأخرى دورًا هامًا في تلك الخطة، خاصة في ملف إعادة الإعمار والحكم وتصحيح الأفكار الخاطئة التي نشرتها داعش.

ولكن في الوقت الحالي تركز السعودية والإمارات على قطر لا سوريا، والتي تلعب دورًا مزدوجًا باستضافة قاعدة "العديد" الأمريكية، في الوقت الذي توفر فيه دعم مادي، ومنصة إعلامية عبر قناة "الجزيرة" لجماعة الإخوان المسلمين، وحماس وغيرها من الجماعات الإسلامية، والتي من ضمنها القاعدة.

وأكملت أن إدارة ترامب في الوقت الحالي لديها تحدي دبلوماسي، حيث يجب أن يعمل وزير الخارجية ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس، العمل للحصول على دعم السعودية لتشكيل مستقبل الواقع في الرقة والموصل، وإقناع تركيا بالتعاون مع التحالف ضد داعش.

ويجب العمل على إقناع السعودية والإمارات، أن الولايات المتحدة لن تتجاهل أفعال قطر، الأمر الذي سيفتح الباب لدفع الدولتين الخليجيتين للتركيز على داعش، كما يجب على الإدارة الأمريكية مصارحة قطر أنها مستعدة للتخلي عن القاعدة الجوية في الدوحة، والتي توفر لها الحماية، في حالة عدم توقفها عن دعم تلك الجماعات الإسلامية، والتخلص من الأصوات المتطرفة على قناتها الفضائية مثل "الشيخ يوسف القرضاوي".

وعلى الجانب التركي يجب على وزيرا الدفاع والخارجية الأمريكيين الضغط على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لعدم العمل على تقسيم القوات السنية، واللعب بورقة تنامي خطر القوات الكردية في المقابل، بالقرب من الحدود التركية السورية، والتركيز على أن الولايات المتحدة لن تسمح لهم أو للقوات السورية والإيرانيين البقاء في الرقة ، وأن قوات عربية يجب أن تكون موجودة للسيطرة على الفوضى في المدينة بعد تحريرها من داعش.

وختمت المجلة التقرير بأنه على الإدارة الأمريكية ألا تدع مجالًا للشك في تحديد أهدافها وأولوياتها، وإلا ستتمكن إيران من توسيع نفوذها في سوريا، وسيظهر خليفة داعش في أقرب الوقت.

شارك الخبر على