بمساعدة أحد المحاربين القدامى.. القصة المثيرة لهروب ٤ أطفال أفغان إلى أمهم بأميركا

أكثر من سنتين فى البلاد

وأخيرا، وعقب  مشاعر من القلق والتخبط وانتظار دام فترة طويلة، هبطت طائرة بأربعة أطفال أفغان في الولايات المتحدة مساء الأحد إيذانا بنهاية مهمة إنقاذ محمومة استمرت أيامًا لإيصالهم إلى بر الأمان، وفقا لما ذكرت "شبكة سي إن إن" الإخبارية.

وكان أولئك الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و17 عاما مختبئين في إحدى الشقق بالعاصمة كابل التي سيطرت عليها حركة طالبان مؤخرا.

وقالت الأم التي  تقيم في أميركا إنها كانت قلقة للغاية على سلامتهم بسبب عمل زوجها مع القوات الأميركية قبل اختفائه منذ 8 سنوات تقريبًا، لافتة إلى أنها حاولت جلب أطفالها إلى الولايات المتحدة منذ انتقالها إلى هناك  في العام 2018. 

ولكن عندما سيطر مقاتلو طالبان على كابل، تقول الأم التي رفضت الكشف عن اسمها كاملا خوفا على أقاربها في بلادها، إن إحضار أطفالها أصبح أمرا أكثر إلحاحا من أي وقت.

أرق.. وتعب

وقالت سنيطة لشبكة "سي إن إن" صباح السبت، وبينما كان أطفالها في طريقهم إلى الولايات المتحدة: "أولادي الآن بأمان.. لا أستطيع التعبير عن سعادتي أو مشاعري"، مؤكدة أن النوم كان قد غاب عن جفنيها في الأيام القليلة الماضية بانتظار أن تضمن سلامة فلذات كبدها.

وكانت تلك الأم الأفغانية، وبمساعدة سارة لوري، محامية اللجنة الأميركية للاجئين والمهاجرين، قد بدأت في طلب المساعدة من قادة الحكومة الأميركية والعديد من المنظمات في وقت سابق من هذا الشهر  لمساعدتها في لم شملها مع الأطفال.

وأردفت لوري أنه وقبل سماعها أن الأطفال قد استقلوا الطائرة وأصبحوا في الأجواء كانت قد أنهكت: "عاطفياً وجسدياً وعقلياً.. لقد عشنا متقلبين بين لحظات أمل وأوقات يأس".

ولفتت لوري إلى أنه وبينما كانت الأم تعمل على إيصالهم إلى بر الأمان، واجه الأطفال الأربعة مخاطر طويلة الأمد في كل خطوة، فأثناء تواجدهم في شقتهم كانوا قلقين من أن يراهم أحد ويبلغ عنهم مقاتلي حركة طالبان، وأنهم حاولوا الوصول إلى المطار وحدهم، لكنهم عادوا إلى منزلهم خوفًا من أن يتم دهسهم وسط الحشود الهائلة التي اصطفت على جانبي بوابات المطار التي تسعى للفرار من البلاد.

وتابعت : "عودتهم من المطار إلى مكان إقامتهم كان أمرا مرعباً لأننا لا نعرف كيف كانت الشوارع أو فيما إذا كان أحد سيعترض طريقهم".

مساعدة عن بعد

 ولاحقا  حصل الأطفال على مساعدة من أحد المحاربين الأميركيين المتقاعدين، يدعى أليكس بليتساس، وييلغ من العمر 36 عامًا، وسبق له أن خدم  في العراق وكضابط استخبارات مدني دفاعي في أفغانستان، وهو يعمل الآن بشكل محموم من أجل إجلاء الناس من الفوضى، من منزله بمدينة فيرفيلد بولاية كونيتيكت وذلك بالتعاون مع شبكة من المتطوعين من المحاربين القدامى في جميع أنحاء أميركا.

وقال بليتساس إنه تمكن من تعقب الأطفال الأربعة  لينسق مع متطوعين في أفغانستان لنقلهم إلى مكان آمن، ومن هناك إلى  محيط المطار، حيث واجهوا تحديًا جديدًا يتمثل في الوصول إلى داخل حرم المطار..

وأوضحت لوري أن الأطفال انتظروا خارج بوابات المطار لأكثر من 30 ساعة، وبقيوا في أماكنهم عقب الهجوم الإرهابي المزدوج الذي وقع الخميس الماضي بالقرب من بوابة أخرى، مما  أسفر عن مقتل أكثر من 170 شخصًا وإصابة ما لا يقل عن 200 آخرين.

وتابعت "في تلك اللحظات كان يجب اتخاذ قرارات صعبة ومرعبة فيما إذا كان عليهم مغادرة محيط المطار خوفا من وقوع هجمات أخرى واستغلال فرصة قد تكون الأخيرة والوحيدة لمغادرة البلاد".

ولكن الجهود المبذولة لإدخال الأطفال إلى المطار اكتسبت  بفضل دعم معاوني زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر والسيناتور كيرستن جيليبراند.

وسرعان ما انضم الحاخام موشيه مارغريتن، رئيس جمعية تسيدك، وهي منظمة غير ربحية تعمل على إجلاء الأفراد المعرضين للخطر من أفغانستان، إلى تلك الجهود حيث نسق مع البيت الأبيض وقادة حكوميين آخرين للمساعدة في جمع الوثائق اللازمة لولوج الأطفال إلى المطار .

لاعب رئيسي

وأما اللاعب الأساسي في عملية إنقاذ الأطفال فقد كان رجلا أفغانيا يدعى محمد أفضل أفضالي.

وكان أفضالي يتواصل مع سكوت سادلر، الذي يعيش في واشنطن العاصمة، وبرينان هوسر، في كولورادو، وكلاهما كان قد عملا معه أثناء عمليات الانتشار في أفغانستان وكانا يتعاونان ويكتبان للمسؤولين الأميركيين لمساعدته في عمليات الإجلاء. 

وخشي سادلر وهوسر من أن عمل أفضالي السابق مع القوات الأميركية قد يعرض حياته للخطر، وعندما علم الاثنان بالجهود المبذولة لإجلاء أطفال سنيطة أبلغوا أفضالي، الذي عرض رعاية الأشقاء الصغار الأربعة ومرافقتهم طوال الرحلة من منزلهم إلى المطار، مما مهد الطريق لعودتهم الآمنة إلى والدتهم.

وقال سادلر لشبكة "سي إن إن" : "كانت مساراتهم متشابكة لأسباب مختلفة لكنها في النهاية قادتهم إلى الولايات المتحدة".

وبعد أسابيع من عدم اليقين والخوف المعوق منذ استيلاء طالبان على السلطة، وثق أطفال سنيطة الخطوات الأخيرة في طريقهم إلى بر الأمان من خلال الصور. تبادلوا الأحاديث مع والدتهم أثناء السير في بوابات مطار كابل واستقلوا عربة تقلهم عبر المطار، ليصعدوا إلى الطائرة بعد فحص وثائقهم من قبل الجنود،

وقال المحامية لوري: "من خلال الوكالات الحكومية والهيئات غير الربحية والمنظمات الدينية المختلفة، استطعنا إنقاذ هؤلاء الأطفال إلى المطار".

وتقدم قصة الأطفال لمحة عن الجهود الهائلة سواء الحكومية أو الخاصة لإجلاء عشرات آلاف الأشخاص وسط فوضى انتشرت داخل وخارج مطار كابل، حيث جرى إخراج  ما يقرب من 6800 شخص من كابل خلال فترة 24 ساعة من الجمعة إلى السبت، وفقًا لمسؤول في البيت الأبيض الذي أوضح أن طائرات عسكرية أميركية ورحلات جوية لقوات التحالف ساهمت في تلك العملية.

 وأوضح مسؤول البيت الأبيض أنه منذ 14 أغسطس، أجلت  أو ساهمت الولايات المتحدة في إخراج أكثر من 114 ألف شخص من أفغانستان.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على