أبرياء وقتلة.. أطفال داعش إرهابيون «من المستقبل»

حوالي ٧ سنوات فى التحرير

التنظيم درب الصغار على القتل بذبح "دمى".. وفخخ التلاميذ بأحزمة ناسفة في الفصول
60 % من أطفال العراق جندهم التنظيم الإرهابي.. وتعليم القصر مناهج إرهابية

جرائم داعش تخطت الحدود من ذبح وترويع وحرق ضحاياهم، في مشاهد ارعبت العالم، لم يكن ذلك كل جرمهم بل تعد الأمر إلى الأطفال الأبرياء، الذين هتك التنظيم الدموي براءتهم وضمهم في صفوفه مقاتلين وأرضعهم قواعد قتل الأخرين، ومع خسائر التنظيم المستمرة وخسرانه لميادين قتال كثيرة وفراره من بلاد عدة في العراق وسوريا وليبيا يبقى مصير هولاء الصغار مجهولا.

وسلطت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، الضوء على هولاء الأطفال من خلال معايشة قام بها الصحفي جريج ميللر، داخل العراق والتقرب من الأطفال هناك، وتساءلت الصحيفة هل أطفال داعش يعدوا مجرمين أم ضحايا؟.

وقالت الصحيفة إن استخدام تنظيم داعش للأطفال، الذين هم دون السن القانونية يشهد تزايدًا متصاعدًا في الأونة الأخيرة، ويمثل إعلان التنظيم عن هذه الاستراتيجية التي يتبعها أمرًا فريدًا للتنظيم الذي يسيطر على أجزاء واسعة من الأراضي في سوريا والعراق.

التقرير يصف استخدام تنظيم داعش للأطفال في هجمات انتحارية كجزء من استراتيجية أوسع لزراعة جيل من المتشددين في سن المدرسة وتلقينهم فكر التنظيم.

 
 

60% من الأطفال
منذ بروزه كقوة مهيمنة في سوريا، يلقى تنظيم داعش ـ في كثير من الأحيان ـ بالأطفال في أدوار مصممة لإحداث صدمة لدى الخارج، وأظهر شريط فيديو نشر في الشهر الماضي طفلا يرتدي عصابة تنظيم داعش وهو يضغط على زر في جهاز للتحكم عن بعد ليقوم بتفجير عبوة ناسفة مربوطة إلى سيارة تحتوي على ثلاثة أجانب متهمين بالتجسس.

لكن الدراسة الجديدة- بحسب تقرير الصحيفة الأمريكية – هي أول قائمة شاملة من الحالات التي استخدم فيها التنظيم الأطفال في مهمات يتوقع أن يلقوا حتفهم فيها، صنف 60 % من الضحايا بـ"مراهقين"، أي الذين تتراوح أعمارهم بين 12 إلى 16، ولم يكن هناك أحد أكبر من 18 عامًا، وكان بعض هؤلاء الأطفال ممن تتراوح أعمارهم بين 8 و9 سنوات، وفقًا للباحثين في جامعة ولاية جورجيا المشاركة في المشروع.
 
ولفتت أن 11 طفلًا على الأقل أو مراهقًا قتلوا في عمليات للتنظيم في يناير الماضي، مقارنة مع 6 في نفس الشهر من العام الماضي، وفقًا لتقارير صدرت مؤخرا.

 
القتل للدعاية
ذكر التقرير أن استخدام الأطفال في القتال في كثير من الأحيان علامة على اليأس، كما كان الحال في ألمانيا النازية في الأشهر الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، لكن الباحثين قالوا إن تنظيم داعش لا يضطر إلى الاعتماد على المقاتلين دون السن؛ بسبب تناقص أعداد المقاتلين في مراحل سنية كبيرة، بدلًا من ذلك، أشار الباحثون إلى أن التنظيم يستخدم الأطفال لأسباب تتعلق  بالدعاية والقدرة على التخفي.

ونقل تقرير واشنطن بوست عن تشارلي وينتر، الذي يعمل باحثًا في معهد جورجيا والمؤلف المشارك للتقرير، قوله "من الملفت للنظر أن يتم دمج الأطفال في آلة الحرب التابعة لتنظيم داعش، لا كبدائل، لكن كجنود ومهاجمين انتحاريين يقاتلون إلى جانب المتشددين".

وقال وينتر: «إننا نعلم أن هناك الكثير من الأطفال الذين يتم تجنيدهم، وفي الوقت الذي يغدو فيه الوضع العسكري أكثر صعوبة بالنسبة لداعش في الأشهر والسنوات القادمة، سنرى المزيد من الحالات من الشبان الذين يستخدمهم التنظيم في ساحة المعركة».

 
 

المناطق التي ينحدرون منها
كانت الغالبية العظمى من الأطفال والمراهقين الذين تم استخدامهم في عمليات انتحارية من العراق أو سوريا، حيث يسيطر تنظيم داعش على مساحة تعادل مساحة ولاية فرجينيا الغربية، وفقًا للتقرير، ولكن البعض الآخر جاء من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعلى الأقل كان هناك 4 من الدول الغربية، مع اثنين آخرين من بريطانيا وواحد من كل من فرنسا وأستراليا.

تم تجميع قائمة من المقاتلين دون السن، والذين قتلوا بين يناير 2015 و 2016 من خلال دراسة النشرات الدعائية لتنظيم داعش التي لم تكشف عن الأسماء أو الأعمار الحقيقية للضحايا، وكشف أن من بين 89 حالة وردت في التقرير، قتل 36 من مقاتلين دون السن القانونية بعد تنفيذ العمليات التي كانوا يستقلون فيها سيارة محملة بالمتفجرات.

فيما قتل 18 آخرون ممن شاركوا مع الفرق التي نفذت اعتداءات على غرار كاميكازي على مواقع العدو، يطلقون النار ثم يفجرون أنفسهم بأحزمة ناسفة، وشملت الحالات حالتين فقط من الهجمات الانتحارية ضد أهداف مدنية، ويحاول المعلمون داخل المدارس لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التنظيم، ولكن هل هذا ممكن؟ وما الذي تعلمه الطلاب في ظل داعش؟.

وقالت الصحيفة إن كتاب الرياضيات يحتوي على صورة لشاحنة مفخخة يقف عليها أحد عناصر داعش، و يتم عقد مقارنة بسؤال الطلاب داخل المدارس من الأفضل؟، الجيش العراقي أم تنظيم داعش، وتحت الرعب يصيح الطلاب تنظيم داعش.

أزال التنظيم كافة الصور من الكتب المدرسية، باستثناء صور أفراده، وامتدت أيادي التنظيم لرمي طفل من أعلى بناية، ونزع أحشاء عم أحد التلاميذ.

حكم الحديد والنار
عند سماع جرس الصباح، يذهب الطلاب إلي مدرسة بن مروان، التي يشهد مبناها على حدة المعارك بسبب الثقوب التي أحدثها الرصاص، وإحدى النوافذ التي اخترقتها قذيفة مورتر، والفصول في المدرسة مكدسة بالطاولات.

ويقول ميللر: «خضت جولة في المنطقة المحيطة بالمدرسة ورأيت حجم الدمار الذي سببته غارات التحالف الدولي، أُحرقت مراكز سيطرة عناصر داعش قبل بضعة أشهر، ذبح عناصرالتنظيم أربعة أشخاص أمام أعين التلاميذ هنا، يمكنك الآن رؤية النساء وهن تحملن جرات المياه، والصبية وهم يلعبون الكرة في منطقة يُشتبه في وجود ألغام فيها، أصبح الناس يتشككون في بعضهم البعض هنا، فكم بقي من عناصر التنظيم الذين ما زالوا مختبئين».

وعبر ديوان التعليم، حاول تنظيم داعش العبث في أفكار الأطفال في الموصل، فقد وضع الديوان المناهج التي كان على المعلمين تدريسها إلى الطلاب، إلى جانب ذلك، كان يجري جمع الأطفال في الشوارع وعرض مقاطع مصورة لذبح أشخاص أمامهم.

وبحسب الصحفي فقد أوقفت الحكومة إرسال الرواتب إلى الموظفين الحكوميين بعد أن سيطر تنظيم داعش على المدينة إذ إنها افترضت أن الأموال ستذهب إلى عناصر التنظيم، وأمر التنظيم المعلمين بإحراق الكتب القديمة التي تمتلئ بالشعر والأغنيات، وحكايات عن تاريخ العراق، ولم تسلم مادة الجغرافيا من عبث التنظيم، فقد أزال الحدود بين سوريا والعراق، ليعطي انطباعًا بعظمة إمبراطوريته، واعتبروا الأكراد والشيعة "كفارًا" وجب قتلهم.

واستبدلت بكتب التاريخ أخرى تحكي سير قادة التنظيم ، وعلى رأسهم أبو بكر البغدادي  فضلًا عن سيرة النبي محمد، واستبدل بالتفاح والبرتقال الدبابات والقنابل في كتب الرياضيات، وأزيلت علامة + لأنها تشبه الصليب واستبدلت بحرف z.

ووقال أيضا "توجب على المعلمين عدم تغطية كاحلهم، التزامًا بالشريعة، أما المعلمات، فكان يحظر عليهن كشف وجوههن أو وضع الزينة أو حمل هواتف نقالة أو التدخين، وجرى فصل الطلاب عن الطالبات والمعلمين عن المعلمات، ومعاقبة كل من يخالف ذلك الفصل بالقتل، كان حكم داعش قائمًا على الترهيب".

 
تدريب الأطفال على القتل
تحدث ميللر إلى قيصر الكردي، وهو أحد الأطفال الذين انضموا إلى مخيمات تدريب "أشبال الخلافة" التي أعدها التنظيم لتعليم الأطفال القتال، جلس قيصر بخجل على الأريكة في حجرة المعلمين بعد أن أغلق الستائر كي لا يراه بقية الطلاب.

وقال قيصر "لم يشرحوا لنا شيئًا، وإنما كنا نتبع الأوامر فقط ثم روي كيف كانوا يختبئون خلف إطارات السيارات وأكياس الرمل أثناء التدريب على القتال".

يوضح قيصر كيف كانوا يعلمونهم العراك بالأيدي، وكيف أنهم علقوا حزامًا ناسفًا حول جسده ذات مرة، جهز عناصر التنظيم دمى كبيرة حتى يتعلم الأطفال كيفية قطع الرؤوس.

شارك الخبر على