أمين “البحرين الخيرية” تبرعات بناء مساجد بالخارج “أمر غير مقبول”
ما يقرب من ٣ سنوات فى البلاد
مشكلة بقلة المتطوعين المنخرطين بالأعمال الخيرية والإنسانية
113 مؤسسة خيرية وإنسانية والجهود مبعثرة وتؤثر على العطاء
النشاط الثقافي غائب عن الأندية الرياضية
الشباب أصبح “عبدا” للموبايل وتسبب في فشل زيجات
لا فقر مدقع في البحرين ... وتذمر بعض المواطنين سببه لجوؤهم إلى الكماليات
أكد الأمين العام لجمعية البحرين الخيرية حسن إبراهيم كمال أهمية توجيه الجمعيات والصناديق الخيرية لمساعدتها ولمشاريعها الخيرية إلى الداخل البحريني والتوقف عن تصديرها للخارج، مضيفاً لهم “الأقربون أولى بالمعروف”.
وأوضح كمال في حديث أجرته معه “البلاد” بأن العديد من هذه الجمعيات ليس لديها رؤية في إدارة أموال التبرعات الموجودة لديها، وهو غياب أثر على تقليل أعداد المنتفعين منها، لافتاً إلى ضرورة الاستعانة بمتخصصين بهذا الشأن لمساعدتهم على إدارة محافظهم الاستثمارية، وتحقيق النفع المطلوب للناس. وفيما يلي نص الحوار:
ما الذي يميز البحرين في التكافل الاجتماعي وعمل الخير؟
نعتز ونفتخر بالبحرين، وبقيادتنا الرشيدة، وهذا الشعب الوفي لأرضه، والتكافل الموجود في البحرين تكافل فطري قائم على مبادئ إسلامية، وقائم أيضا على روح الإنسان البحريني الصادق في تعامله مع الآخرين.
نجد أن الأعمال الإنسانية والخيرية والتطوعية متجذرة في هذا الوطن، وفي أبنائه، فلقد تربينا على الخير، وعلى حب الإنسانية، وهذه الأرض، ولاشك بأننا مطالبون بالاستمرار بهذا الشعور، ونقله إلى الأجيال القادمة.
إن البحرين تتمتع بعدة خصال يشيد بها القريب والبعيد، وهي نابعه كلها من أصالة وقيم هذا المجتمع، القائم على روح المحبة والتعاون والتعاضد، والانسجام بين أفراده، وبين جميع طوائفه.
ما الآثار التي حققتها المنصات الإعلامية الحديثة في هذا الحقل؟
عندما انتشرت تقنيات التواصل الاجتماعي، انتقلت آليات العمل في مساعدة المحتاجين والمرضى والأسر المتعففة عبر هذه القنوات الجديدة، مسهلة العمل على القائمين على مشاريع الخير، وعلى فرق العمل المنضوية تحتهم، كدليل حي على التلاحم والتواصل المستمر بينهم.
وماذا عن التحديات القائمة والتي تواجهكم دوماً؟ خصوصاً بفترة الجائحة والتي فرملت الكثير من الأنشطة الإنسانية.
التحديات التي واجهناها بفترة الجائحة ترتبط بالدرجة الأولى، بغياب التواصل المباشر بين الفرق التطوعية والخيرية، وهو غياب قل أثره نوعاً مع وجود شبكات التواصل الاجتماعي، والتطبيقات المساعدة كتطبيق “زووم” عبر الاتصال المرئي، وما ينقضنا حاليا هو التواصل المباشر لإجراء الفعاليات التي تخدم الناس.
كما أن هنالك مشكلة قلة المتطوعين المنخرطين بالأعمال الخيرية والإنسانية؛ بسبب الانشغال بأمور الحياة الشخصية والمعيشية والحياتية، وكذلك كثرة وجود الجمعيات والصناديق الخيرية، فلدينا حاليا الآن 113 مؤسسة خيرية وإنسانية، ذات بر وإحسان، بينما العدد الإجمالي لجمعيات النفع العام هو 640 تقريبا، وهذا مؤشر على أن الجهود مبعثرة وتؤثر على قيمة العطاء.
كيف تقرأ جهود الرعاية القائمة؟
الرعاية الاجتماعية الموجودة هي مالية بالدرجة الأولى، وإنسانية بالدرجة الثانية، وصحية وتعليمية وخدمية بالتوالي، والجهة الوحيدة القادرة على تلبية هذه المتطلبات هي المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، ولذلك أسباب، أهمها الرئاسة الفخرية لعاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وقيادة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة كرئيس لمجلس الأمناء بها، ووجود الكوادر المخلصة بها.
كل هذه المسببات أعطت المؤسسة زخماً وقيمة في الأداء بالعمل، وقدرة على التحرك على مستوى الوطن وخارج الوطن، أضف أن الأمين العام مصطفى السيد له إسهامات جليلة بهذا العمل، عبر متابعته الجادة لكل إنجازاتها وبرامجها ومشاريعها وآلية السير والعمل بها، بما يحقق النفع للناس.
ومن التحديات التي تواجه العمل الخيري أيضا الموارد المالية، والتي تتواجد بوفرة لدى بعض الجمعيات، ولكنها تفتقر -بالمقابل- آلية استثمارها بشكل أفضل مما هو عليه الآن؛ بسبب غياب المختصين بذلك، بخلاف جمعيات أخرى لا تتملك هذا القدر من الوفورات المالية.
برأيك، ما أهم أسباب المشكلات التي تحول دون تقديم بعض الجمعيات الخيرية للرعاية المطلوبة للناس؟
عدم رجوعها لأهل الاختصاص في قطاع الاستثمار، خصوصاً وأنه كلما زادت حاجة الناس، زادت الحاجة للخبراء في إدارة المحافظ الاستثمارية، سواء للجمعيات أو الصناديق الخيرية؛ وذلك لتوسيع دائرة المنتفعين والمستفيدين من الأسر المحتاجة، وأشير هنا الى أن أكثر من تسعين بالمئة من الأسر البحرينية مكفولة بشكل عام.
وأشير هنا إلى أن الموافقات الرسمية المطلوبة من قبل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية والتي قد تتأخر نسبياً في حصول الجمعية على الترخيص المطلوب، قد تؤثر في مسار الإنجاز والعمل؛ لأن هذا المال هو مال عام، ويجب أن يدار بشكل صحيح، وألا يترك بأيادٍ غير قادرة على حسن إدارتها، مما قد يؤدي إلى ضياعها وفقدان هذه الجمعيات القدرة على توجيه عملها بالمسار الصحيح.
هنالك أحاديث متفاوتة عن مستوى الأسر المحتاجة وظروفها المعيشية، كيف تقرأها من واقع التجربة؟
لا يوجد في البحرين فقر مدقع، ولا يوجد هنالك من يموت جوعاً بهذا الوطن، هنالك أسر متعففة ومحتاجة، ولكنها تنال نصيبها من المساعدة بفضل من الله عز وجل، ومن ثم التكافل الذي يعرف به أهل البحرين، ونحن نتطلع دوماً لتقديم الأفضل للجميع.
والتذمر من هذا المواطن قد لا يأتي بسبب قلة ما حصل عليه من مال، قياساً بما يحتاج، كما أن توسع المواطن -ببعض الحالات- في الكماليات وليس بالضروريات ساهم بزيادة الأعباء المالية، كنوع السيارة المشتراة، أو تغييرها بشكل مستمر، والسفر السنوي، وغير ذلك.
هذه المحاكاة تؤثر على الأسر وعلى مقدرة أربابها في أداء واجبهم، وهو ما يدفعهم بنهاية الأمر للتوجه إلى القروض وتكبيل أنفسهم بها، يضاف إليها المصاريف الثابتة، كالفواتير وبقية الالتزامات المعيشية المهمة.
يتذمر بعض المواطنين من توجه بعض الجمعيات الخيرية لصرف أموال التبرعات للخارج عبر مشاريع الإغاثة والعلاج وبناء المساجد وغيرها، وعلى حساب الداخل البحريني، ما رأيك؟
الأقربون أولى بالمعروف، وهو أمر أوصى به النبي (ص)، وليس بأن أقفز للرقم عشرين في القائمة مرة واحدة لكي أقدم له المساعدة على حساب التسعة عشر الذين يسبقونه في القرب والأولوية.
وفيما يتعلق ببناء المساجد بالخارج، فهو أمر غير مقبول في ظل حاجة البحرين للكثير من المساجد الجديدة، والسعي لاستبدال كبائن الصلاة الخشبية والتي تكثر في مدينة حمد وغيرها.
والكثير من المتبرعين في ذلك موجهين من قبل أقطاب الجمعيات، حيث تعرض عليهم الجمعيات نماذج لمساجد مختلفة بدول متعددة، وبأسعار مختلفة، ويترك لهم حرية الاختيار منها، لا يوجد هنالك تشجيع منهم لبناء المساجد في البحرين كما هو مطلوب.
وأشير هنا بأنه ليس بالضرورة بأن يكون المسجد مبني بالكامل على حساب فرد بعينه، أو يحمل اسم شخص بعينه، فالأجر قائم، ولو بطابوقه، وهو أمر يتحمل مسؤوليته مشايخ الدين، بأهمية توعية المتبرعين والشباب بذلك.
في ظل المتغيرات الراهنة، هل ترى بأن هنالك مسؤوليات مجتمعية جديدة وطارئه تجاه الشباب؟
من الضرورة احتضان الشباب، عبر وضع البرامج التنويرية والإرشادية لهم، والتي ستأخذهم إلى مستقبل أفضل، حيث مازلنا نعيش مرحلة الأنا، كلًّا ينظر إلى نفسه وإلى محيطه الصغير، وينسى المحيط الأوسع، وهو المجتمع.
فمن منا اليوم يتبنى شباب قريته أو منطقته أو “فريجه”؟ اللهم ما ندر، هنالك أندية عديدة مكتوب على لافتاتها الرئيسة الثقافي والرياضي، فالنشاط الرياضي هنا موجود وقائم، ولكن أين هو الثقافي، غائب، والسبب غياب الفكر والتوجيه والبرامج.
أين يتجه اهتمام الشباب برأيك؟
إلى “الموبايل” والذي بات يُصبح عليه المرء قبل أن يصبّح على أهله، فأصبح عبداً له، حتى في المجالس، تجد هنالك عشرين فرداً أو أكثر، ولكن كل فرد منشغل بهاتفه، فالأجساد موجوده، لكن التواصل مفقود، وخير دليل على ذلك، هجرة الشباب للمجالس، والتي أصبحت مكانا لارتياد كبار السن فقط، وبذلك مسؤولية كبرى على الآباء بلم شمل الأسر ككل، وإنهاء هذه الفجوات والتي باتت متعاظمة بشكل كبير.
هذا الحال، انعكس سلباً حتى على العلاقات الزوجية، وعلى تعاظم فشلها ببعض الأحيان؛ لغياب روح التواصل، فأصبح مبدأ الخلاف قائم، ومبدأ التفاهم منقطع.