مال الله حالات التهرب الضريبي بالبحرين “قليلة جدا”
ما يقرب من ٣ سنوات فى البلاد
الضريبة تختلف عن الرسم في الإلزامية
فرض أول ضريبة في البحرين بالعام 1955
قال المستشار المساعد بهيئة التشريع والرأي القانوني عبدالله عيسى مال الله إن التهرب الضريبي ليس ظاهرة متفشية في البحرين، فحسب الإحصاءات الصادرة من الجهات المختصة فإن عدد حالات التهرب الضريبي قليل جدا، في حين تصل عقوبتها إلى السجن 5 سنوات وغرامة تصل إلى 3 أضعاف الضريبة المستحقة.
وأكد أن الضريبة تشكل مصدرا من مصادر الدخل للدولة، ويجب توفير الحماية القانونية لها، ولا يكون ذلك من خلال تجريم السلوك الضريبي، بل يكون عبر دراسة أسباب التهرب.
جاء ذلك ضمن ورقة عمل محاضرة إلكترونية نظمها فريق التدريب بهيئة التشريع والرأي القانوني بعنوان “التهرب الضريبي والسبل القانونية للوقاية منه ومكافحته” وقدمها المستشار المساعد عبدالله عيسى مال الله.
فريضة
وقال المستشار المساعد إن المحكمة الدستورية بمملكة البحرين عرفت الضريبة بأنها فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرا من المكلفين بها، وذلك إسهاما من جهتهم في أعباء الدولة وتكاليفها العامة، وهم يدفعونها بصفة نهائية ومن دون أن يعود عليهم نفع خاص من وراء التحمل بها.
وأوضح أن الضريبة لا تقابلها خدمة محددة بذاتها تبذلها الدولة للمكلفين بالضريبة وتعود عليهم بمردود، كما أن فرضها مرتبط بمقدر التكليفية، ولا شأن لها بما آل إليهم من فائدة بمناسبتها.
الرسم
وفرق بين الضريبة والرسم في المقدار، إذ إن الضريبة تبقى في نسب مئوية كضريبة القيمة المضافة ومقدارها 5 % وضريبة الانتقائية تبدأ من 50 % وتصل إلى 100 %، أما الرسم فيعتمد سعرا محددا كرسوم الخدمات المرورية.
وبين أن الضريبة تختلف عن الرسم في الإلزامية، إذ إن الضريبة تفرض جبرا على الفرد وهو ملزم بأدائها، أما الرسم فهو يؤدى طوعا من الشخص مقابل حصوله على خدمة من الدولة، موضحا أنه يمكن التفريق بين الرسم والضريبة من حيث المقابل، فيحصل الفرد على خدمة شخصية أو منفعة وهي مباشرة مقابل الرسم، على خلاف الضريبة، فلا يحصل على منفعة من إدائها باعتبارها إيرادا عاما يدخل في ميزانية الدولة ويصرف على النفقات.
وأضاف “أما من حيث وسيلة الفرض فالضريبة حسب الدستور لا تفرض ولا تعدل ولا تلغى ولا يعفى منها إلا بقانون، أما الرسم فبإمكان المشرع أن يضع نصا في القانون ويفوض السلطة التنفيذية في تنظيم الأوضاع وتحديده”.
أنواع الضرائب
وأفاد بأن هناك نوعين من الضرائب، هي الضرائب المباشرة والضرائب غير المباشرة، وتفرض الضريبة المباشرة على الأشخاص ومدخولاتهم المباشرة أو ما يمتلكونه وتسدد للدولة مباشرة، ويتحملها المكلف بالضريبة، وتفرض على الملكية الشخصية أو الاكتساب الشخصي كالدخل الشخصي والأرباح التجارية والأرباح الصناعية والضرائب على المنقولات وغيرها كضرائب الدخل وأرباح الشركات، أما الضرائب غير المباشرة تفرض على الاستهلاك والإنفاق.
وأوضح أنه يمكن التفريق بين الضرائب المباشرة وغير المباشرة من حيث المعيار الإداري، إذ تعمل الجهات القائمة على الضريبة المباشرة وتأتي بجداول اسمية تتضمن كل اسم مكلف بالضريبة ونوعها ونسبتها، أما الضريبة غير المباشرة فلا تبنى على جداول اسمية باعتبارها ناتجة عن شراء الضرائب والسلع.
النظام المحلي
وأكد مال الله أن النظام الضريبي في مملكة البحرين مر عبر 4 مراحل، إذ ظهرت أول ضريبة في البحرين العام 1955، وهي ضريبة دخل البحرين، وفرضت على كل مؤسسة أيًا كان مكان تأسيسها تشتغل مباشرة بإنتاج واستخراج النفط الخام أو غيرها من أرض البحرين، وتعتبر هذه الضريبة مباشرة فرضت على الدخل ومرت بتغييرات عدة، وفي العام 1979 فرضت ضريبة على شركات النفط والغاز بنسبة 46 %.
وأشار إلى أنه في العام 2002 فرضت الضريبة الجمركية وشملت المبالغ التي تحصل على البضائع وفق أحكام النظام “القانون” الموحد للجمارك لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كما فرضت مملكة البحرين الضريبة الانتقائية في العام 2017 على بعض أنواع السلع والمتمثلة في التبغ والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، وتعتبر هذه الضريبة غير مباشرة، إذ تفرض على استيراد وإنتاج هذه السلع.
وأكمل “كما فرضت الحكومة ضريبة القيمة المضافة في العام 2018 وفرضت على استيراد وتوريد السلع والخدمات في كل مرحلة من مراحل الإنتاج والتوزيع وتعتبر ضريبة غير مباشرة”.
التهرب الضريبي
وقال إن التهرب الضريبي ظاهرة خطيرة، إذ يحاول المكلف بتأدية الضريبة تجنب دفعها كلها أو بعضها بأية وسيلة، وأفاد بأن هذا التعريف خلط بين مفاهيم مختلفة، وهي التهرب الضريبي، والتجنب الضريبي، الذي يتمثل بعدم قيام المكلف بتسديد الضريبة عبر استخدام أساليب مشروعة من خلال استغلال الثغرات الموجودة في التشريعات الضريبية من أجل عدم سداد الضريبة أو تخفيضها، ونقل العبء الضريبي إلى شخص آخر سواء بشكل كلي أو جزئي.
ولفت إلى أن سلوك التهرب الضريب يتصف بالحداثة ويتطور مع مرور الزمن وباستخدام الأساليب الإلكترونية مثلا، ومن الصعب تحديد سلوكيات معينة للتهرب الضريبي، والأفضل ربطه بأي أسلوب وسلوك.
أسباب التهرب
وأورد أن هناك أسبابا تؤدي للتهرب الضريبي، منها أسباب نفسية وثقافية، بتغليب بعض الأفراد المصلحة والملكية الخاصة على المصلحة العامة المتأتية من الضريبة، كما تسهم ثقافة الفرد وعلمه بمدى دور الضرائب في تمويل وتنفيذ برامج الحكومة في التزامه بتأدية الضريبة.
وأفاد بأن الظروف الاقتصادية العامة في حالة الكساد تعتبر عاملا رئيسا على الممول للتهرب الضريبي؛ ذلك أنه عندما تقل حركة البيع والشراء والتعامل في الأنشطة التجارية والصناعية فإن ذلك يؤدي لنقص السيولة لدى الممولين، فيدفعهم ذلك للتهرب الضريبي.
العدالة الضريبية
ولفت إلى أن العدالة الضريبية من سبل الوقاية من التهرب الضريبي، ويقصد بها أن يساهم كل فرد من أفراد المجتمع في الأعباء والتكاليف العامة مساهمة عادلة، كما أنها تحقق من خلال معاملة الأفراد ذوي الظروف الاقتصادية المتماثلة معاملة ضريبية موحدة ومعاملة الأفراد ذوي الظروف الاقتصادية المختلفة معاملة ضريبية مختلفة.
وأوضح أن تحقيق العدالة الضريبية يعتمد على مبدأ المنفعة الذي يقضي بتوزيع الأعباء الضريبية بين أفراد المجتمع وفقا للمنافع التي تعود على كل فرد منهم، كما يعتمد تحقيق العدالة الضريبية على مبدأ القدرة على الدفع ويستند إلى فكرة التضامن الاجتماعي بين أفراد المجتمع، وطبقًا لهذه الفكرة فإن أفراد المجتمع يكونون متضامنين أمام الأعباء الضريبية وبالتالي يجب أن يُساهم كل فرد من أفراد المجتمع في عبء الضريبة حسب قدرته على الدفع.
وضوح التشريع
وبين المستشار أنه يجب أن يتضمن التشريع الضريبي الوسائل اللازمة لتحقيق أهدافه وذلك بالبساطة وعدم التعقيد، بحيث أن يتمكن المكلف بالضريبة من التعرف على المبالغ المطالب بها، وكذلك التعرف على طريقة سداد الالتزامات الضريبية ومواعيدها، الأمر الذي من شأنه أن يزيل الحجج والمبررات بالنسبة للتهرب من الضريبة، فضلًا عن أنه سيؤدي لتلافي التفسيرات الفردية التي تختلف من فرد إلى آخر.
وأضاف أن من الوسائل اللازمة في تحقيق أهداف التشريع الضريبي هي أن يتناسب الجزاء المفروض مع السلوك الصادر من المتهرب، فكلما كان الجزاء ضعيفًا كلما زادت حالات التهرب الضريبي.
العقوبات
وقال: يعاقب كل من ارتكب حالة من حالات التهرب الضريبي المنصوص عليها في المادة (63) من قانون ضريبة القيمة المضافة بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تجاوز خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن مثل قيمة الضريبة المستحقة ولا تجاوز ثلاثة أمثالها، ويُحكم على الجاني أو الجناة المتعددين متضامنين بسداد قيمة الضريبة المستحقة.
وتابع: أما في قانون الضريبة الانتقائية يُعاقَب كل مَن ارتكب حالة من حالات التهرُّب الضريبي المنصوص عليها في المادة (26) من هذا القانون بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن مثل قيمة الضريبة المستحَقة ولا تجاوز مِثْلَي قيمة الضريبة المستحَقة أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفضلًا عن ذلك يُحكَم على الجاني بسداد قيمة الضريبة المستحَقة
الملائمة في الدفع
وتعتبر الملاءمة في الدفع إحدى سبل الوقاية من التهرب الضريبي، بحيث تكون الضريبة ملائمة للمكلف من حيث وقت وطريقة دفعها، فإذا كان نشاط الممول موسميًا على سبيل المثال، فيجب مراعاة أن يكون دفع الضريبة بعد انتهاء فترة النشاط الموسمي.
وأضاف من الضروري ملائمة الإجراءات المتبعة من قبل الجهات القائمة على تحصيل الضريبة بالنسبة للمكلف بها، من خلال تسهيل عملية ربط وتحصيل الضريبة وتقليل التعقيدات فيها، بحيث تتم جميع الإجراءات الضريبية بسهولة ويسر.
واعتبر أن ملاءمة سعر الضريبة من الأمور التي تحد من التهرب الضريبي بحيث يكون السعر متناسبا بالنسبة للمكلف بتأدية الضريبة، ففي الضرائب على أرباح الشركات على سبيل المثال، يجب ألا تكون نسبة الضريبة عالية بحيث تصل لأكثر من نصف تلك الأرباح.
جريمة التهرب
جريمة التهرب الضريبي من الجرائم العمدية؛ لأن نشاط الجاني يقع بتعمد الإخلال بالتزامه بأداء الضريبة. ويتطلب القصد الجنائي فيها اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الواقعة الإجرامية مع علمه بعناصرها، كما أنها من الجرائم المضرة بالمصلحة العامة؛ لأن نشاط الجاني فيها هو الإخلال بواجب أداء الضريبة يضر بالمصلحة العامة أكثر من إضراره بالمصلحة الخاصة بفرد بعينه.
القيمة المضافة
وقال إن المادة (63) من قانون ضريبة القيمة المضافة الصادر بالمرسوم بقانون رقم (48) لسنة 2018 نصت على أنه يعد تهربا ضريبيا في تطبيق أحكام هذا القانون ارتكاب أي من الأفعال الآتية:
1. عدم التقدم للتسجيل خلال ستين يومًا من تاريخ انقضاء المدة المقررة في القانون.
2. عدم تقديم الإقرار أو سداد الضريبة المستحقة على توريدات أو استيراد للسلع أو الخدمات الخاضعة للضريبة خلال المدة المقررة في القانون.
3. خصم ضريبة المدخلات وإعادة تسوية الضريبة المستحقة على هذا الأساس دون وجه حق وبالمخالفة لأحكام هذا القانون.
4. استرداد الضريبة كليًا أو جزئيًا دون وجه حق مع العلم بذلك.
5. تقديم مستندات أو سجلات أو فواتير مزورة أو مصطنعة بقصد التخلص من سداد الضريبة كليًا أو جزئيًا.
6. عدم إصدار الخاضع للضريبة فواتير ضريبية عن عمليات التوريد أو الاستيراد للسلع أو الخدمات الخاضعة للضريبة التي يباشرها بالمخالفة لأحكام هذا القانون.
7. إصدار فواتير ضريبية محملة بالضريبة تتعلق بتوريدات غير خاضعة للضريبة.
8. عدم الاحتفاظ بطريقة منتظمة بالسجلات والفواتير الضريبية والدفاتر المحاسبية المتعلقة بعمليات استيراد أو توريد السلع أو الخدمات.
الضريبة الانتقائية
وذكر أن المادة (26) من القانون رقم (40) بشأن الضريبة الانتقائية أشارت إلى أنه يقصَد بالتهرُّب الضريبي لغايات أحكام هذه المادة:
1. إدخال أو محاولة إدخال سلع انتقائية إلى المملكة أو إخراجها أو محاولة إخراجها منها دون سداد الضريبة المستحَقة عليها جزئيًا أو بالكامل.
2. إنتاج أو تحويل أو حيازة أو تخزين أو نقْل أو تلقِّي سلع انتقائية لم تسدَّد الضريبة المستحَقة عليها بقصد التهرُّب من سداد الضريبة المستحَقة.
3. تقديم أية مستندات أو إقرارات أو سجلات غير صحيحة أو مزوَّرة أو مصطنعة أو وضْع علامات غير صحيحة بقصد التهرُّب من سداد الضريبة المستحَقة أو بقصد استردادها دون وجه حق.
4. ممارسة أيٍّ من الأنشطة المنصوص عليها في القانون دون تسجيل.
الرقابة على المكلفين
وقال إن الرقابة هي السلطات الممنوحة للإدارة الضريبية بمراقبة الدفاتر والسجلات وغيرها من المستندات المتعلقة بها، موضحا أن الهدف من الرقابة ليس فرض الجزاءات على المكلفين بالضريبة بقدر ما هو عمل إداري يهدف للتحقق من صحة الأداء وتقويمه في حالة انحرافه.
وأشار إلى أن هذه الرقابة لا تكون إلا وفقًا للقوانين والتشريعات وفي إطار النصوص المذكورة فيها، وذلك حتى لا يساء استغلال هذه السلطات.
التعاون الدولي
وبين أن المكلف بأداء الضريبة قد يلجأ لاستخدام طرق غير مشروعة للتخفيف من الضريبة أو التملص منها بنقل السلع أو الأموال إلى دولة أخرى، ليستفيد من انخفاض معدل الضريبة أو لوجود إعفاءات وامتيازات ضريبية.
وبين تكثر هذه الحالة في حالات الشركات متعددة الجنسيات أو التي لها فروع متعددة، كما تكثر في حالات الازدواج الضريبي، ولتلافي كل ذلك نجد أن الدول في معظم الأحيان تبرم الاتفاقات فيما بينها لمواجهة حالات التهرب والازدواج الضريبي، وتطبيقًا لذلك نجد مملكة البحرين قد أبرمت العديد من الاتفاقات في هذا الشأن مع مختلف دول العالم.
وأوضح أن الدول ومن ضمنها مملكة البحرين تلجئ إلى الدخول في الاتفاقات الدولية الجماعية أو الثنائية المتعلقة بالمساعدة في المسائل الإدارية، والتي من ضمنها اتفاقية المساعدة الإدارية المتبادلة في المسائل الضريبية والتي انضمت لها المملكة بالقانون رقم (13) لسنة 2018، والتي ألزمت الدول بمجموعة من الأمور أبرزها وجوب تبادل المعلومات والمساعدة في التحصيل وتبادل المستندات.