حكاية «قرش» تسبب في احتلال مصر عبر «مذبحة الإسكندرية»

حوالي ٧ سنوات فى التحرير

عقارب الساعة تشير إلى الثانية ظهرا، الأسطول البريطاني قاب قوسين أو أدنى من سواحل عروس البحر الأبيض المتوسط، بينما أشعة الشمس الحارقة تجبر الأهالي المكوث في منازلهم باستثناء عدد قليل تحملوا لهيبها من أجل لقمة العيش.

ورغم حرارة الجو، فقد استأجر رجل من مالطا -أحد رعايا بريطانيا- حمارا من المواطن المصري السيد العجان، ليطوف به الشوارع، ممتطيا الحمار بينما يمسك "العجان" بـ"اللجام" متقمصا دور المرشد.

وبمرور الوقت، توقف الحمار عن السير بالقرب من مقهى "القزاز" بميدان المنشية، بعدما أنهكه التعب، ليطلب السيد العجان أجرته من المالطي، فكانت المفاجأة أنها قرش واحد، فنشبت مشادة كلامية حادة بينهما، تطورت إلى مشاجرة، أخرج على إثرها المالطي سكينا كان يخفيها بين طيات ملابسه، وسدد عدة طعنات نافذة سقط على أثرها "العجان" جثة هامدة غارقا في دمائه. 

حالة من الهرج والمرج سادت الميدان، الجميع يهرول لاكتشاف الأمر، بينما احتمى الجاني "المالطي" بمنزل يسكنه يونانيون، أطلقوا أعيرة نارية بطريقة عشوائية على الأهالي خوفا من الفتك بهم، مما أثار حفيظة المصريين، فراحوا يتعدون بالضرب على الأجانب في الشوارع المحيطة والمحلات التجارية في مشهد أشبه بـ"حرب شوارع".

خلال دقائق معدودة، انتشر الخبر بين أرجاء الإسكندرية بمقتل "مكاري" على يد أحد رعايا بريطانيا، ووجود إطلاق نار، فانضم عدد من البلطجية إلى الأهالي، وتطور الأمر إلى أحداث عنف ضد الأوروبيين المقيمين في الإسكندرية، قُتل فيها نحو 50 أوروبيا، و٢٥٠ مصريا، علاوة على أعمال حرق ونهب وتدمير.

ووجدت بريطانيا وفرنسا فرصة لاحتلال مصر، بعد رحلة البحث عن ذريعة لتحقيق مبتغاها، وشككتا في قدرة الأمن المصري على حماية رعاياهما ومصالحهما وقامتا بإجلاء رعاياهما وقصفا المدينة بالمدافع بعد شهر من المذبحة، بزعم حماية الأقليات، خاصة مع عدم اعتراض الخديو توفيق على تدخل البريطانيين في شؤون البلاد في أعقاب نجاح الثورة العرابية.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على