دعوة سعودية للتقارب مع الشيعة.. هل تغير المملكة سياستها ضد إيران؟
حوالي ٨ سنوات فى التحرير
• المغامسي: الشيعة «مسلمون ومؤمنون».. وأحذر من الاقتتال معهم واستباحة دمائهم
• الغباشي: إيران «أمر واقع».. علينا قبوله وألا نستبدل عدائنا لإسرائيل معها
• أبو النور: لا أتوقع تهدئة.. والسعودية قد تريد حشد المذاهب في معركتها ضد إيران
• السلمي: إيران تشعر بأجواء سلبية ضدها في واشنطن بعد تولي ترامب السلطة
كتب- أحمد مطاوع
في الوقت الذي يشتد فيه الصراع وتتصاعد حدة الحرب الباردة بين الرياض وطهران، والأحاديث المتواترة عن حروب وكالة بينهما، ويحتدم قتال التحالف العربي بقيادة جيش المملكة في اليمن ضد الحوثين المدعومين صراحة من طهران، مع تشكيل تحالف جديد "إسلامي أمريكي"، وتعرض المملكة لهجمات إرهابية بين الحين والآخر، تشهد الرياض خطابا دينيا مفاجئا يعاكس التيار، إذ يرفض نكران الشيعة محذرا من تكفيرهم واستباحة دمائهم أو الاقتتال معهم وكل مسلم على غير طوائف أهل السنة، تصدر إطلاقه -حتى الآن- الشيخ صالح بن عواد المغامسي، أثناء درس ديني خلال برنامجه اليومي "مع القرآن"، أذاعته القناة السعودية الرسمية الأولى، وصاحبه جدل وانقسام شعبي داخل المملكة، عبرت عنه مواقع التواصل الاجتماعي، ما بين تأييد إمام مسجد قباء بالمدينة المنورة، ودعمه لما يحتسبونه خطابا دينيا وسطيا، "قد لا يجسر عليه بعض العلماء" -على حد تعبير الإمام نفسه-، وآخرين هاجموه بضراوة، معبرين عن صدمتهم ورفضهم التام لما ينادي به.
خطاب المغامسي، عبر "التليفزيون الرسمي" السعودي، السبت الماضي، والذي حظى بتغطية إعلامية واسعة داخل المملكة لم تشهد أي تعليق حكومي على مدار الأيام الفائتة، يلوح في الأفق إلى تحول محتمل -مجهول الأمد- قد يطرأ على السياسة السعودية ولهجتها تجاه إيران، بعد ارتفاع وتيرة النزاع المباشر في الفترة الأخيرة، والذي تخطى مراحل التصريحات الدبلوماسية الرنانة والتلاسن السياسي، إلى حد التهديد والوعيد، الأمر الذي يفتح المجال لطرح العديد من الاحتمالات حول مغزى الخطاب وتوقيته، نستعرضها في التقرير التالي.
لهجة جديدة.. هل يعقبها تحول سياسي؟
رغم إعلان السعودية رسميًا قطع علاقاتها بقطر، الاثنين، بجانب الإمارات والبحرين ومصر، مرجعين الأسباب عبر بيانات رسمية منفصلة، لكنها اتفقت في المضمون، على تدخل الدوحة في الشؤون الداخلية لبلدانهم، والتحريض للخروج على الأنظمة بالدول، والمساس بسيادتها، واحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة بينها المدعوم من إيران، بهدف ضرب الاستقرار في المنطقة، ومنها جماعة "الإخوان" و"داعش" و"القاعدة"، والترويج لأدبيات ومخططات هذه الجماعات عبر وسائل إعلامها بشكل دائم، إلا أن حديث المغماسي يظل نقطة غامضة.
أبدى الدكتور مختار الغباشي، المحلل السياسي ونائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، في تصريحاته لـ"التحرير"، تشككا حول هدف خطاب المغامسي في هذا التوقيت، خاصة وأنه أذيع عبر التليفزيون الرسمي، قائلًا: "قد يكون هناك مغزى سياسي، وقد يكون تم التلميح إليه كي يقول هذا الحديث، لكن لا توجد لدي قاعدة أستطيع أن أقول من خلالها أن هذا تم، لكن قد يكون".
احتمال (1): تهدئة مؤقتة برعاية أمريكا.. سوريا طرف؟
تأتي إذاعة السعودية، لخطاب الغمامسي، والتركيز عليه وإبرازه إعلاميا في الداخل، لإثارة تكهنات منها -وإن كان يبدو بعيدا وغير واقعيا، لكنه يفرض نفسه- لعب أمريكا دورا ما في إحداث توازن –ولو مؤقتا- ترسمه وتريد إنفاذه في صراع الشرق الأوسط وتحديدا بالخليج العربي، خلال الفترة القادمة، قد يجر في طياته تهدئة تبدو بعيدة لكنها مطلوبة بين القطبين المتنازعين، في إطار بحث تسوية دولية للقضية السورية تتطلب هدوءا بين الرياض وطهران واحتواء عربي خليجي لإيران، مقابل تقليص الدور الإيراني في سوريا والمنطقة عموما.
وما يعزز تلك الترجيحات مؤشرات تزداد يوميا ملامحها وضوحا يؤكدها الإعلام الأمريكي -دائما ما يكون النفي الرسمي حليفها- تعبر عن تقارب ربما يتخلله اتفاقات ضمنية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، في خضم سياسة الأخير المعتمدة على تحقيق أقصى استفادة من جميع اللاعبين المؤثرين على الساحة لصالح بلاده، خاصة أن الموقف بات صعبا على جميع الأطراف الدولية، بعد استهداف المدنين وأزمة اللاجئين التي تؤرق أمريكا والغرب.
خلال تصريحاته لـ"التحرير"، تحفظ محمد محسن أبو النور، المتخصص في الشؤون الإيرانية، على هذه الاحتمالات، مستبعدًا "أن تتم التهدئة (العربية ـ الإيرانية) على الأقل في المديين القريب والمتوسط".
وتخوض السعودية حربًا في اليمن، ضمن تحالف عربي تقوده، ضد جماعة الحوثيين "الدينية" الشيعية المدعومة من إيران، بمشاركة "حزب الله" اللبناني في مشروع إقامة "الهلال الشيعي" في المنطقة -بحسب اتهامات الحكومة اليمنية لها-، تشمل المتمردين باليمن من أنصار علي عبد الله صالح، تحت شعار دعم شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادى، منذ ما يقرب من عامين تقريبًا.
وعن تحليله لخطاب المغامسي، قال أبو النور: "أعتقد أن هذا الخطاب يحتمل وجهين، الوجه الأول: أن يكون خطابا فرديا من إمام ليس مؤثرا في السياسة العامة ولا في توجهات الرأي العام، وبالتالي استبعاد أن تكون كلمات موجهة أو متفق عليها من الدولة السعودية".
وتابع: "الوجه الآخر: أن تكون الكلمة موجهة في إطار استراتيجية سعودية تريد حشد كل أبناء المذاهب العربية في معركتها ضد إيران".
وتشير رؤية أبو النور، إلى أن السعودية تريد أن توضح أن الحرب "فارسية عربية" وليست "شيعية سنية"، رغبة من الرياض في ألا يحدث تكرار للنموذج الحوثي في جنوب المملكة، بعد نقل الحوثيون الحرب إلى الجنوب السعودي باعتبار أقليم "عسير" هو إقليم يمني في الأصل، وبالتالى تسعى السعودية لاحتواء سكان الأقليم، وعدم اندلاع مثل هذه التجربة بالقطيف في الشرق.
احتمال (2): الرسالة الخليجية.. وإعادة انتخاب روحاني
فرضية أخرى، تطرح نفسها مع إعادة انتخاب حسن روحاني، رئيسا لإيران لفترة رئاسية ثانية، واحتمالية سعي كل مجلس التعاون الخليج وطهران، إلى فتح حوارا جديدًا لإحياء الرسالة الخليجية لإيران، والتي قدمها وزير الخارجية الكويتي صباح الخالد الحمد الصباح، باسم المجلس إلى الرئيس الإيراني مطلع العام الجاري، وقال عنها أنه لمس تفهما من الجانب الإيراني واستعدادا للتجاوب مع ما ورد في الرسالة".
أكد غباشي، أنه من المفترض أن يكون هناك حوارًا بين الخليج وإيران، لكن "رؤية الساسة والقادة هتكون إيه فى النهاية، إحنا ما نعرفش، لكن إحنا بنقول المفروض بدل ما يكون فى حالة عداء مع إيران وأيضًا بالنسبة للترقب تجاه تركيا، واجب أن يتم حديثًا وتحاورا معهم، والبحث عن آلية لحفظ أمننا القومي كدول عربية وخليجية، بدون تدخلهم فى شؤننا".
وحول ارتباط رسالة المغامسي بهذا الاحتمال، قال الغباشي: بعيدًا عن هذه الرسالة، في الأول والآخر أنت عايز من إيران إيه؟" متابعًا: "عايز ألا تتدخل إيران في شؤونك الداخلية، وأن تبدأ في تحييد نفسها عن الصراعات الموجودة فى المنطقة، وتبدأ تغل إيديها على الأجنحة اللي الموجودة في العالم العربي، مثل الحوثيين وقوات علي عبد الله صالح، وحزب الله في لبنان، والحشد الشعبي في العراق"، مشددًا أنه "يجب تحديد ما تريد، ثم تبدأ تتكلم".
ويرى الدكتور محمد السلمي، رئيس مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية، عبر مجموعة من التدوينات عبر "تويتر" تعليقًا على الرسالة وقت طرحها، أن إيرن تسعى للحوار مع الخليج، وتحديدا في هذه الأوقات، التي تشعر فيها بوجود أجواء سلبية تجاه طهران في واشنطن بعد تولي ترامب السلطة هناك وذلك مبني على تقارير اللوبي الإيراني بواشنطن، وأن هذه الأجواء مماثلة لحالة إيران بين عامي ٢٠٠٢ و٢٠٠٥ وتصنيفها كدولة ضمن محور الشر.
وأكد السلمي، أنه يدرك جيدًا أن مواقف دول الخليج العربي من طهران غير منسجمة تمامًا بل هناك تباين بين من يرى في طهران تهديدًا، ومن يعتقد أنها منافس شرس ومن ينظر لها كدولة جارة لها مصالح فقط، مضيفًا: "لاشك أن هناك نقاط التقاء بين دول الخليج عند الحديث عن الموقف من إيران ويجب تعزيز ذلك وتقليص الفوارق في الرؤى للخروج بمواقف متقاربة ولا نقول متطابقة لأن ذلك لا يزال مبكرا".
لافتًا إلى: "إذا كنا نعاني اقتصاديًا بسبب انخفاض النفط ودعم الشرعية باليمن، فإيران تعاني أضعاف ذلك ومنغمسة في مشكلات داخلية وخارجية لا حصر لها".
وفي المقابل توقع خالد الجارالله، وكيل وزارة الخارجية الكويتية، خلال تصريحاته لـ"العربية"، تزامنا مع تقديم الرسالة الخليجية لإيران، أنها "ستكون سببا في انفراج العلاقات المشتركة ما بين دول الخليج والنظام الإيراني، وستكون هناك خطوات إيجابية لتحقيق التوافق، وإزالة الاحتقان في العلاقات".
ولم تشهد الأيام والشهور التالية، منذ تقديم هذه الرسالة أواخر يناير الماضي -التي لم تعرف اتفاقا على موعد محدد لاجتماعات او لقاءات- حتى الآن، أي تحركًا أو مؤشرات على الساحة، إلا أنها التوتر زادت حدته بين دول الخليج وإيران.
احتمال (3): احتواء صراع داخلي غير مرغوب الآن
التحول في الخطاب الديني السعودي والذي عبر عنه المغامسي، وجاء غريبًا من حيث التوقيت والعقيدة السعودية المتشددة تجاه الشيعة لا سيما على المستوى الشعبي، إلا أنه جاء متوافقًا مع خطاب الملك سلمان في القمة "العربية الإسلامية الأمريكية" الشهر الماضي، والذي أشار فيه إلى أن الحرب على الإرهاب "ليست طائفية" بهدف عدم "أدلجة" المواجهات الخارجية كما تسعى إيران أن تصدرها، يطرح احتمالًا آخر يبدو أقرب ومنطقيًا، بأن السعودية تحتاج مزيدًا من الاستقرار في الداخل الذي تطوله عمليات إرهابية من وقت لآخر يتطلب منعها وملاحقة عناصرها، من أجل تفرغ أكبر للمعارك الخارجية عسكريًا ودبلوماسيًا، وبالتالي السعي إلى امتصاص غضبًا مؤججًا قد يشتعل في لحظة شرقي المملكة، الذي يعتبر صداعًا في رأس الحكومة، حيث يشهد كثافة شيعية وجماعات مدعومة من إيران تترقب فرصة الانفجار بالقطيف، ما يتوجب ضرورة احتوائهم بخطاب يدعو للتقارب حتى لا تشتت جهود القيادة السياسية والأمنية في المملكة، باندلاع اضطرابات في تلك البقعة المتهمة دائما بالتوطؤ والولاء لإيران.
لكن المحلل السياسي مختار الغباشي، يرى بلمحة تدعو إلى البحث عن نقاط تقارب لحل للخروخ من معضلة الصراع العربي الإيراني، أنه "بصرف النظر، يجب أخذ الأمر بمعطياته الخارجية بعيدًا عن الشكل الداخلي، ومعطياته الخارجية تقول إن فتح جبهات عداء في ظل الواقع الذي يعيشه العالم العربي، وأن يستبدل العداء لإسرائيل بالعداء مع إيران، يعتبر مسألة خطيرة".
وكانت احتجاجات قد اندلعت ضد العائلة المالكة بمنطقة القطيف أثناء حركة الاحتجاجات في العالم العربي عام 2011، يقول عنها نشطاء شاركوا في الأحداث، أن الشيعة يتهمون الحكومة منذ زمن طويل بالتحيز ويشكون من حرمانهم من شغل وظائف حكومية مهمة وقيود في أماكن العبادة الشيعية والحد من فرصهم التعليمية وهو ما تنفيه الرياض.
وشدد الغباشي: "إيران أمر واقع، عليك أن تقبل التعامل معاها بشرط ألا تدخل فى الأمن القومي العربي وشئون الخليج، وعلينا أن نتفق على آلية مشتركة بينا، بعيدًا عن أن نكون طرف في صراع إيرانى أمريكي".
واستشهد: "أنت لو تحدثت إلى العراقيين وخيرتهم بين إيران ولا العالم العربي، ستجد مشكلة، وكلنا نعرف كيف حدثت أزمة بين لبنان والسعودية، عندما امتعنت لبنان عن إدانة طهران على السفارة السعودية في طهران، وحرق القنصلية السعودية في مشهد، وخلقت أزمة كبيرة بين الطرفين".
وعلى مدار السنوات التالية وعلى فترات، استمرت اضطربات محدودة شرقي السعودية، على نفس المنهاج السابق من جانب شيعة القضيف، لكنها سرعان ما تختفي في وقتها، وهدأت الأوضاع لفترة إلى أن اشتعلت مرة أخرى أحداث غضب في 2016، بعدما افتتحت الرياض العام الميلادي، بإعدام 47 شخصًا وصفهم بيان الداخلية بالإرهابيين والحكم بـ"القصاص"، بينهم القيادي الشيعي البارز الشيخ نمر باقر النمر، في الوقت الذي أكد مؤيدو رجل الدين الشيعي أنه أُعدم بسبب دعمه للاحتجاجات التي اندلعت ضد العائلة المالكة بمنطقة القطيف، وعلى إثر هذا الحكم توترت العلاقات بين السعودية وإيران ووصلت إلى مرحلة انسداد وقطيعة بين البلدين، حيث اقتحم متظاهرون غاضبون مقر السفارة السعودية بطهران وأشعلوا النيران في أحد أجزاء المبنى، وكذلك إحراق القنصلية السعودية في مدينة مشهد الإيرانية، وسقوط قذيفة صاروخية قرب محيط السفارة السعودية بالعاصمة العراقية بغداد.
احتمال (4): فشل التجربة الطائفية في اليمن
تمكنت النعرة القومية من التغلب على النعرة "السنية الشيعية" في نهاية المطاف بعد عامين من الاقتتال في اليمن، وكذلك الحال في سوريا التي كانت أكثر وضوحا في هذا الأمر بعدما أدت إلى وجود مناطق آمنة أو مناطق "أمراء الحرب"، وفشل المعارك في النهاية في الإطاحة بنظام بشار الأسد.
وتسعى السعودية، إلى إعطاء بعدًا قوميا للمعارك على الأرض، خاصة وأن قطر كانت المستفيد الأول من التوجه الطائفي خاصة وأن الجماعات المتطرفة ولائها الأكبر للدوحة، بحسب تأكيدات بيانات المقاطعة الخليجية والعربية لقطر، فجر أمس، والتي أشارت إلى دعمها المباشر للجماعات الإرهابية والمتطرفة.
وعلى أساس سعي الرياض لأخذ توجه قومي في الحروب القائمة، وهو الدور الذي برز في دعم الجيش العراقي في معركته ضد داعش في الموصل وتوحيد القوات تحت علم العراق للتأكيد على الهدف الأساسي أن تكون القضية قومية لا طائفية، جاء خطاب المغامسي، متوافقًا مع كلمة الملك سلمان، في القمة العربية الإسلامية الأمريكية، والذي أكد خلاله رفض فرز الشعوب والدول على أساس ديني أو طائفي، وما هذه "الأفعال البغيضة إلا نتيجة محاولات استغلال الإسلام كغطاء لأغراض سياسية تؤجج الكراهية والتطرف والإرهاب والصراعات الدينية والمذهبية، كما يفعل النظام الإيراني والجماعات والتنظيمات التابعة له مثل حزب الله والحوثيين، وكذلك تنظيمي داعش والقاعدة، وغيره".
وشدد الملك سلمان خلال كلمته، أن السعودية من منطلق الاستمرار في الحرب ضد الإرهاب، نؤكد عزمنا في القضاء على تنظيم داعش، وغيره من التنظيمات الإرهابية، أيا كان دينها أو مذهبها أو فكرها، وهو ما دعانا جميعا إلى تشكيل (التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب) في خطوة رائدة لمحاصرة الإرهاب".
انقسام سعودي.. ومثقفون: حان وقت الاعتدال
انقسم الرأي العام الداخلي في السعودية تجاه خطاب المغامس، والذي وصل إلى تدشين هاشتاجين عبر "تويتر" أبرزهم "كلام المغماسي يمثلني" للتأييد حديثه، وجاء في صدارة تصنيفات الموقع للأكثر انتشارا، وتخلله أيضا هجوما، غير" كلام المغامسي لا يمثلني" ردًا على الأول ورفضًا للشيعة.
في حين أبرزت صحيفة "جهينة" المحلية المعنية بأخبار القطيف والأحساء، مواقف مثقفون وأكاديميون سعوديون، رأوا أن اللغة التصالحية التي أطلقها المغامسي، ليست مستغربة وتحمل وعيًا عميقًا بـ"مآلات التجاذبات الطائفية والمذهبية"، ويجسد خطابه التعايش في طيات الدين الحنيف الذي لا يعرف إلا التسامح والاعتدال.
واعتبر الكاتب حسن آل جميعان، خطاب المغامسي "خطوة في الاتجاه الصحيح"، متمنيًا أن يسمع الجميع أصواتًا تنبذ التعصب والكراهية وتعزيز التعايش والمشتركات بين المسلمين حتى يكون صوت الاعتدال هو الأقوى للمحافظة على السلم الاجتماعي في "مجتمعاتنا التي أنهكتها الحروب الطائفية"، مشيرًا إلى أن المسلمون في السنوات الأخيرة، جربوا كل الخيارات الطائفية حتى وصلت إلى إراقة الدماء، وأن تلك الخيارات أثبتت أن الحروب الطائفية مصيرها تدمير الشعوب وإنهاكهم في صراعات ليست ذات جدوى وإنما تؤدي لمزيد من الكراهية والتعصب.
وقالت استشارية الطب النفسي الدكتورة فضيلة العوامي، إن ”بث حديث الدكتور صالح المغامسي على القناه السعودية الرسمية، ماهو إلا رسالة للجميع أن المملكه ليست داعمة للإرهاب بل بالعكس تحارب التطرف والإرهاب، وتهدف إلى بث الوحدة بين جميع الطوائف، سواء كان ذلك داخل المملكه أو خارجها"، مردفة أن لغة المغماسي تعتبر أول ثمار مركز "اعتدال" لنبذ الفرقة والتطرف، مشيدة بشجاعته ومطالبة باختياره للتصدى لمحاربه التطرف والتكفير.
وافتتح العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس الأمريكي دونالد ترامب مركز "اعتدال" لمكافحة التطرف في العاصمة الرياض، وذلك في ختام القمة العربية الإسلامية الأمريكية، أواخر مايو الماضي، ويقوم المركز على ركائز أساسية ثلاث، هي: مكافحة التطرف بأحدث الطرق والوسائل فكريا وإعلاميا ورقميا.
وقالت عضو هيئة تدريس جامعة الملك سعود، مرام لورنس الشعلان، إن البلاد بحاجة إلى عقلية كالشيخ المغامسي، معبراه "خير مثال للوسطية والاعتدال، وعقلية توحد الصف وتثلج الصدر كما أثبته لنا في خطبه التي يبثها، فالدين سمح ويسير ولكن ضيقه بعض العلماء".