في ذكرى النكسة.. «ذي أتلانتك» تستعرض ٥ أساطير حازت شهرة إعلامية

ما يقرب من ٧ سنوات فى التحرير

رصد أرون ديفيد ميلر، وهو أستاذ بارز في مركز وودرو ويلسون الدولي للعلماء، 5 أساطير خاطئة عن حرب 1967 التي شنتها إسرائيل على عدد من الدول العربية وأسفرت عن احتلال شبه جزيرة سيناء، ومدينة القدس، ومرتفعات الجولان السورية.

إن حرب 1967 كما يطلق عليها الكاتب، معروفة لدى العرب باسم نكسة يونيو، أو الهزيمة، ويعرفها العالم باسم حرب الأيام الستة.

وقال ميلر في مقال نشرته مجلة «ذي أتلانتك» الأمريكية، بمناسبة اقتراب الذكرى الخمسين للحرب، إنّ حرب يونيو 1967 كانت بلا شك نقطة تحول رئيسية في تاريخ الشرق الأوسط الحديث، ونقطة انعطاف أساسية في الصراع العربي الإسرائيلي، من خلال احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان والقدس الشرقية، خلقت إسرائيل وقائع جديدة ودائمة كان من شأنها أن تضع إطارًا لتحقيق السلام وشن الحروب خلال خمسين عامًا، وكانت التجربة مريرة بشكل خاص بالنسبة للفلسطينيين.

ومع أخذ ذلك في الاعتبار، عدّد الكاتب بعض الأساطير حول مركزية الحرب وتبعاتها، والتي هي بحاجة إلى إعادة النظر فيها.

1-الحرب الأكثر تأثيرًا في الصراع العربي-الإسرائيلي

فنّد الكاتب هذا التصور الخاطئ بقوله، «إن حرب 1967 لها صورة إعلامية وسياسية معاصرة أكثر من أي حرب عربية إسرائيلية أخرى»، السرعة المذهلة للانتصار العسكري الإسرائيلي، وحجم الهزيمة العربية الهائل، واحتلال ​​القدس، والطبيعة الدائمة للاحتلال الإسرائيلي والمشروع الاستيطاني، كل هذه الأمور ضمنت لهذه الحرب هذا المكانة.

ومع ذلك، أشار الكاتب إلى أنه هناك حجة مقنعة يمكن أن تشير إلى أن الصراع في عام 1948 كان أكثر تأثيرًا، وخلق دولة إسرائيل، ومشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وثورة سياسية في السياسة العربية، والتي خلّفت انقلابات وثورات عدة، «قضايا الهوية لعام 1948» – اللاجئين وقبول دولة يهودية – لا تزال حتى يومنا هذا من بين أكثر القضايا تعقيدًا في المفاوضات.

كما أضاف الكاتب، أنّه لا يمكننا أن نقلل من أهمية الصراع الذي وقع في أكتوبر 1973، أدت حرب عام 1967 إلى ست سنوات من الصدام الذي كسره فقط الهجوم المصري السوري عام 1973 والدبلوماسية الأمريكية التي تلت ذلك.

2-وجود فرص حقيقية للاتفاق العربي-الإسرائيلي في أعقاب الحرب

ليس صحيحًا - كما ذكر الكاتب - حيث كانت هناك موجة من المبادرات والبيانات والمناورات الأمريكية والروسية في الفترة التي تلت الحرب، وفي نوفمبر 1967، وضع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 242 المبادئ التوجيهية لمفاوضات السلام العربية الإسرائيلية، والتي تمثل أهم إرث دبلوماسي للحرب/الهزيمة. ولكن الواقع المعاكس كان في أحسن الأحوال عملًا صعبًا ومحفوفًا بالمخاطر.

وقال الكاتب: «من تجربتي الشخصية بوصفي مستشارًا في المفاوضات العربية الإسرائيلية بين عامي 1988 و 2003، يمكنني أن أشهد على أن الدبلوماسيين وصانعي السلام في كثير من الأحيان يعتقدون بوجود فرص في الوقت الذي لا توجد فيه هذه الفرص واقعيًا».

في 19 يونيو 1967، قرر مجلس الوزراء الإسرائيلي سرًا تبادل سيناء والجولان في اتفاق سلام مع مصر وسوريا؛ ولكن لم يُتوصل إلى توافق في الآراء بشأن الضفة الغربية، على الرغم من أن مجلس الوزراء وافق على دمج غزة في إسرائيل وإعادة توطين اللاجئين في أماكن أخرى في المنطقة، وتم تمرير مقترح مجلس الوزراء بفارق ضئيل من الأصوات، وأعاقت الانقسامات بين الجيش والسياسيين (وداخل هذه الجماعات أيضًا) تنفيذ المبادرة الجادة، وفق ما ذكر الكاتب.

وفي الوقت نفسه، كان العرب، الذين كانوا يعانون من الهزيمة، أكثر تركيزًا على الحفاظ على جبهاتهم الداخلية من أجل الحفاظ على قدر من الوحدة في أعقاب الإذلال العسكري الأخير، وحتى لو كان العرض الإسرائيلي جديًا، فإنه كان سيواجه صعوبات مستحيلة، ويبدو أن حرب الاستنزاف التي بدأتها مصر والتصلب العام لمواقف العرب جعل أي عملية جادة مستحيلة.

ثلاثية العرب في قمة الخرطوم في أغسطس 1967 – لا سلام، لا مفاوضات، لا اعتراف - بدت وكأنها تلخص الصراع، على الرغم من أن الرئيس جمال عبد الناصر كان مستعدًا، على ما يبدو، للنظر في الوساطة الأمريكية والروسية ونزع السلاح في الأراضي المحتلة.

3- الحرب كانت كارثة غير متصورة للفلسطينيين

بحسب الكاتب، لم يكن ذلك صحيحًا؛ على الرغم أنّه من المؤكد أن حرب 1967 (المعروفة باسم النكسة، في مقابل حرب 1948، المعروفة باسم النكبة أو الكارثة) مثّلت هزيمة أخرى للفلسطينيين، واعتمادًا على مصادر إسرائيلية أو أردنية، غادر 175 ألف أو 250 ألف فلسطيني الضفة الغربية، لكن الحرب حملت مجموعة غير متعمدة من العواقب التي كان من شأنها إعادة تعريف الحركة الوطنية الفلسطينية.

وقال الكاتب، إنّ ياسر عرفات تولَّى السيطرة في عام 1968 على منظمة التحرير الفلسطينية، وفي عام 1974، تم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية في مؤتمر قمة الرباط باعتبارها ممثلًا شرعيًّا وحيدًا للفلسطينيين، وبدأ الفلسطينيون في الانتقال من مرحلة اللاجئين الذين لا يكلون في الأربعينيات والخمسينيات، إلى مرحلة المقاتلين خلال الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، إلى مرحلة المحاورين السياسيين بحلول الثمانينيات، وعلى الرغم من الألم والمعاناة من المزيد من التشريد، فإن الهزيمة العربية أعادت تجدد الهوية الفلسطينية ووضعت الفلسطينيين على الخريطة السياسية.

4- حرب 1967 كانت كارثة لعملية السلام

وفقًا للكاتب، لم يكن ذلك صحيحًا، من الناحية الاستراتيجية، خلقت حرب عام 1967 واقعًا جديدًا لا يمكن إنكاره، وهو «ضعف الدولة العربية والتلاشي السريع لإمكانية تدمير إسرائيل بالقوة حتى على مراحل».

لكن نتائج حرب أكتوبر 1973- التي تركت إسرائيل على وشك تدمير الجيش الثالث في مصر، ووجود جيش الاحتلال الإسرائيلي على مسافة قريبة من دمشق - أكدت بوضوح أنه مهما كان قادة الدول العربية يشعرون في قلوبهم، فإن أيديهم لم تكن قادرة على تخليص المنطقة من الدولة اليهودية.

في الواقع، كانت هناك حرب عربية إسرائيلية كبيرة في كل عقد من النصف الثاني من القرن العشرين: 1948 و 1956 و 1967 و 1973 و 1982، وكانت التسعينيات الاستثناء الوحيد من هذه الحروب، ومع ذلك، فإن التواؤم المتزايد بين إسرائيل والدول السنية، وخاصة في الخليج، يشهد على براجماتية جديدة ولدت من تصور مشترك للتهديد الإيراني والسني الجهادي، وإهمال الدول العربية للقضية الفلسطينية.

5- بعد 50 عامًا، العرب والإسرائيليون والفلسطينيون مستعدون لحل النزاع

لا يمكن المراهنة على تلك النقطة، حسبما أشار الكاتب، حقيقةً أن التزام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بجعل «الاتفاق النهائي» يتزامن مع ذكرى مرور 50 عامًا على الفشل في حل النزاع، ينبغي أن يكون ملاحظة تحذيرية، هناك لا شك إمكانية لانفراجة جديدة: رئيس أمريكي جديد لا يمكن التنبؤ بما يقوم به، ملتزم، على الأقل خطابيًا، باتفاق إسرائيلي – فلسطيني، واستعداد واضح من العرب السُنَّة للتواصل مع إسرائيل، ويمكن للدول العربية أن تُكمِل وتُسهِّل ما يفعله الإسرائيليون والفلسطينيون، على الرغم من أنهم لا يستطيعون أن يحلوا محلهم.

ومع ذلك، رأى الكاتب أن جوهر الصراع هو حقيقة لا تظهر أي علامات على التغيير: فالفجوات في القضايا الأساسية: حدود 1967، وموقف القدس، واللاجئين الفلسطينيين، وقبول إسرائيل باعتبارها دولة يهودية، هي فجوات كبيرة. وبدون تقليصها، مهما بدأت عملية السلام الجديدة، فإنه يصعب تصور أن عملية السلام ستنتهي بشكل جيد.

شارك الخبر على