تسريبات روسيا تهدد بعلاقات ترامب الاستخباراتية مع أوروبا وإسرائيل

حوالي ٧ سنوات فى التحرير

واصلت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية متابعة تداعيات التقرير الذي نشرته، مساء الاثنين الماضي، المتعلق بالمعلومات السرية التي كشفها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، والذي أثار جدلًا واسعًا داخل أمريكا وعلى مستوى العالم.
وأشارت الصحيفة إلى أن المعلومات التي كشف عنها ترامب لم يحصل عليها من المخابرات الأمريكية، ولكن من حليفتها إسرائيل، وهو ما يضيف -بحسب الصحيفة- فجوة أخرى للرئيس الجديد.

فبينما كذّب البيت الأبيض الرواية، موضحًا أن ترامب ولافروف استعرضا "التهديدات التي تمثلها التنظيمات الإرهابية على البلدين"، طالب مشرعون أمريكيون، ترامب، بتفسير إعطاء معلومات لروسيا. كما علقت دول متحالفة مع أمريكا على الأمر.

وفى الوقت الذى لم يؤكد فيه وزير الدفاع الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان على أنه مصدر المعلومات الاستخباراتية، كتب على "تويتر" أن التعاون الأمنى بين البلدين عميق وهادف، وسيكون دائما. ولكن حلفاء آخرون قد لا يمكنهم فهم ذلك.

وقال دبلوماسي أوروبي لوكالة سي إن إن "إنها صفقة كبيرة". "نحن نريد أن نتأكد من التعامل مع المعلومات الحساسة بشكل صحيح".

وأشار أحد المشرعين الألمان إلى أن تبادل المعلومات مع ترامب قد يكون خطرا، وقال لوكالة أسوشيتد برس إنه إذا كان الرئيس الأمريكي "يمرر هذه المعلومات إلى حكومات أخرى بإرادتها، بذلك يصبح ترامب خطرا على الأمن الغربي بأسره".

 وكشفت شبكة "سي إن إن" الأمريكية عن تفاصيل جديدة عن لقاء ترامب ولافروف، وقالت إنه تم الكشف خلاله عن معلومات خطيرة، عن اختراق إسرائيل لتنظيم "داعش" الإرهابي.

وقالت القناة في تقرير لها، اليوم الأربعاء، إن هناك قلق إسرائيلي من تعريض حياة عميل كبير لها، داخل "داعش"، بعد ما قاله ترامب لوزير خارجية روسيا.

وأضافت "من المرجح أن تكون حياة أحد عملاء المخابرات الإسرائيلية، والذي تم زرعه في صفوف تنظيم داعش، مهددة وفي خطر؛ بسبب احتمالية أن يكون الرئيس الأمريكي ترامب، قد كشف عن معلومات سرية، خلال لقائه وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف".

وتجنب سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة، رون ديرمر، التعليق على المعلومات الاستخباراتية، واكتفى بقول "إن إسرائيل لديها ثقة تامة بعلاقاتنا بالمعلومات الاستخباراتية مع الولايات المتحدة، وتتطلع إلى تعميق هذه العلاقة في السنوات المقبلة في ظل الرئيس ترامب".

وقالت واشنطن بوست "إذا حدث ذلك، فإنه سيكون كارثة للأمن القومي. إذ يحتفظ مجتمع الاستخبارات بعلاقات "قوية" مع البلدان في جميع أنحاء العالم. ويشارك أعضاء تحالف "خمسة أعين" (الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا) تقريبا كل شيء معا، وتعمل الولايات المتحدة أيضا بشكل وثيق مع بلدان مثل فرنسا وألمانيا واليابان والأردن والمملكة العربية السعودية.

ونقلت عن إريك روزنباخ وأكي بيريتز خبراء الاستخبارات قولهم في 2009 "الدول الأخرى غالبا ما تكون قادرة على الوصول إلى المعلومات الاستخباراتية ويمكنها تنفيذ إجراءات مباشرة تتطلبها الولايات المتحدة لمتابعة مصالحها الأمنية الوطنية".

هذه المزايا تأتي في أشكال كثيرة. وقد تكون هناك روابط أفضل بين الدول الأخرى على أرض الواقع (وخاصة في البلدان المعادية للولايات المتحدة) أو إلى فهم ثقافي أقوى للبلد المعني. وأتاح التعاون الوثيق بين الولايات المتحدة وبريطانيا للبلدان إحباط خطة لتفجير طائرة في عام 2006. وفي عام 2003، عملت أمريكا وباكستان معا على القبض على خالد الشيخ محمد، المدبر المزعوم لتفجيرات 11 سبتمبر.

بطبيعة الحال، تسريب واحد - لا سيما ارتكب عن طريق الصدفة - وربما لن يراجع عن عقود من التعاون. ومعظم البلدان تحتاج إلى المخابرات الأمريكية بقدر، أو أكثر، مما نحتاج إليه. ولكن كبار الخبراء يقولون هناك سبب يدعو للقلق.

وحذر جيم جيفري نائب مستشار الأمن القومي في عهد جورج دبليو بوش من أن هذا الحادث "قد يحد من التقارير المستقبلية". فيما قال جيريمي باش، رئيس أركان البنتاجون في عهد أوباما، لصحيفة وول ستريت جورنال إن "اعطاء معلومات سرية للمخابرات الروسية طلب منا شركائنا حمايتها.. يضمن عدم مشاركة حلفاؤنا أية معلومات أخرى... نحن نحتاج لحماية أنفسنا".

وعلقت دول كثيرة على قضية "تسريب ترامب معلومات إلى روسيا"، وجاءت معظم التعليقات لتؤكد أن ذلك الموضوع لن يؤثر على تعاونهم مع ترامب.

من جانبها قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، اليوم الأربعاء، إن بريطانيا تثق في علاقاتها مع الولايات المتحدة، وستستمر في تبادل معلومات المخابرات مع حليفتها الرئيسية.

وحسب "رويترز"، قالت ماي في مؤتمر صحفي "مناقشه ما بحثه الرئيس ترامب مع أي شخص استضافه في البيت الأبيض مسألة تخص الرئيس ترامب".

وأضافت "نحن مستمرون في العمل مع الولايات المتحدة ومستمرون في تبادل معلومات المخابرات مع الولايات المتحدة كما نفعل مع دول أخرى في مختلف أرجاء العالم لأننا جميعا نعمل معا للتعامل مع التهديدات التي تواجهنا".

وحسب "رويترز"، قال مسؤولون، أمس الثلاثاء، إن من المستبعد أن يتسبب إفشاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المزعوم لمعلومات سرية لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في وقف التعاون بين الحلفاء الذين يتبادلون المعلومات مع واشنطن.

وقال آدم تومسون السفير البريطاني السابق في حلف الأطلسي والخبير في مركز شبكة القيادة الأوروبية للأبحاث في لندن "إن حدث حقا فهذا مؤسف". وتابع يقول "لكنهم سيتخطوا الأمر. لماذا؟ لأن دولا أخرى تحتاج للتعاون المخابراتي مع الولايات المتحدة أكثر من وقفه".

ووفقا لـ"رويترز"، قال مسؤول بالحكومة اليابانية إنه ببساطة لا يمكن وقف التعاون مع واشنطن في شؤون معلومات المخابرات.

وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه "إن كان التقرير صحيحا وتبين أن ترامب شخص غير جدير بالثقة، فإن هذا لا يعني بالضرورة ألا نتبادل المعلومات مع الولايات المتحدة بعد ذلك".

وقالت ستيفاني كارفين، المحللة السابقة للأمن القومي في الحكومة الكندية، "عمليا، تصرفات ترامب وضعت أهم شراكة لتبادل المعلومات في موضع شك على أقل تقدير وفي خطر بالغ على أسوأ تقدير".

وقال جيمس كوران أستاذ السياسة الخارجية في جامعة سيدني إن علاقات تبادل المعلومات أكثر أهمية من أن تضرر بالإفشاء المزعوم من قبل ترامب".

وقال كوران "لا تأثير عملي حقيقي لكن أعتقد أنه سيثير المزيد من الدهشة بشأن أسلوب هذا الرئيس ونهجه المختال في هذه الأمور". وأضاف أنه على المدى الطويل فإن من الممكن أن يكون لهذا السلوك "تداعيات خطيرة للغاية على علاقات تبادل المعلومات الأمريكية عبر العالم".

ورغم نفي البيت الأبيض "إعطاء ترامب للافروف معلومات سرية"، إلا أن الأمر لم يتوقف عند ذلك حيث طالب مشرعون أمريكيون ترامب بتفسير إعطاء "معلومات لروسيا".

وحسب "رويترز"، تعرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لضغوط، أمس الثلاثاء، من مشرعين أمريكيين بينهم جمهوريون لتفسير سبب كشفه عن "معلومات مخابرات شديدة الحساسية لمسؤولين روس خلال اجتماع في المكتب البيضاوي الأسبوع الماضي".

وأربكت هذه التقارير الإدارة الأمريكية التي ما زالت تكافح لتجاوز تداعيات إقالة ترامب، يوم التاسع من مايو، لمدير مكتب التحقيقات الاتحادي جيمس كومي الذي كان يقود تحقيقا للمكتب في صلات محتملة بين حملة ترامب في انتخابات الرئاسة عام 2016 وموسكو.

وقالت متحدثة باسم لجنة المخابرات في مجلس الشيوخ إن اللجنة طلبت من البيت الأبيض مزيدا المعلومات بشأن التقارير التي أفادت أن ترامب أعطى معلومات مخابرات للروس.

وحسب "رويترز"، قال مصدر في الكونغرس إن محققين من الكونجرس من المتوقع أن يطالبوا بنسخ من أي ملاحظات دونت أثناء الاجتماع.
ودعت النائبة باربرا كومستوك عضو مجلس النواب إلى إفادة للمشرعين.

وقالت كومستوك في بيان "نحتاج إلى إفادات سرية فورية بشأن ما حدث في هذا الاجتماع كي يتسنى للكونغرس أن يعرف على الأقل مثل الزعماء الروس ولمعرفة الأثر على أمننا القومي وحلفائنا ورجالنا ونسائنا الذين يحمون بلادنا".

وقال عضو مجلس النواب إيليا كامينجز وهو ديمقراطي بارز في لجنة الرقابة والإصلاح الحكومي بالمجلس، إن كشف ترامب عن المعلومات يعزز دعوة الديمقراطيين لإجراء تحقيق مستقل.

وقال كامينجز لمحطة (إم.إس.إن.بي.سي) "آمل عند مرحلة معينة أن ينضم الجمهوريون للديمقراطيين ويقولوا علينا أن نتصدى لذلك. هذا لا يمكن الدفاع عنه". وأضاف "هذا لا يحدث يوميا…إنما يحدث كل ساعة. نحن بحاجة إلى لجنة مستقلة".

وطغت هذه الاضطرابات على الأولويات التشريعية للجمهوريين مثل الرعاية الصحية والإصلاح الضريبي. كما كشفت عن انقسامات حادة بين البيت الأبيض ووكالات المخابرات الأمريكية التي خلصت في ينايرإلى أن روسيا حاولت التأثير على الانتخابات لصالح ترامب. وتنفي موسكو ذلك.

وجاء رد فعل أكبر عضوين جمهوريين في الكونجرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون، وهما رئيس مجلس النواب بول ريان وزعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ ميتش مكونيل، هادئا. وقال مكتب ريان إنه يتطلع لتفسير كامل في حين قال مكونيل إنه كان يتمنى ألا يتسبب البيت الأبيض بهذا القدر الكبير من الدراما.

لكن جمهوريون آخرون أبدوا قلقهم. فقالت سوزان كولينز عضو مجلس الشيوخ "سيكون من المزعج جدا أن يكون (ترامب) كشف عن معلومات سرية للروس" رغم أن الرئيس يملك الصلاحية القانونية للكشف عن معلومات سرية. وطالبت كولينز بإطلاع لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ على الأمر.

ووصف بوب كوركر الرئيس الجمهوري للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ المزاعم بأنها "مثيرة جدا للقلق". وهو الأمر الذي نفاه وزير الدفاع الأمريكي إذ  علق على "تسريب معلومات المخابرات" قائلًا: "لست قلقا".

وبحسب رويترز"، قال وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس إنه ليس لديه ما يدعو للقلق بشأن تعامل إدارة الرئيس دونالد ترامب مع معلومات سرية، وأضاف أن القضية لم يتم التطرق إليها اليوم الثلاثاء مع العديد من حلفاء الولايات المتحدة وقال "لا…لست قلقا".

شارك الخبر على