«القيمة المضافة».. خطوة إصلاحية تطبيقها يسبب «كارثة»
about 8 years in التحرير
لم ينته المصريون من الحديث عن قانون الخدمة المدنية وتبعياته التي تسبب في ضجر كبير، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها مصر وارتفاع الأسعار وسوء المعيشة لدى طبقة كبيرة من العائلات، حتى انتهى البرلمان من إعداد قانون جديد يسمى قانون الضريبة على القيمة المضافة، وأثارت قيمة سعر الضريبة الذي حددته الحكومة بـ14% جدلًا كبيرًا، واعترض عدد من النواب على القيمة وطالبوا بتخفيضها إلى 10% أو 12%، بينما رفض تكتل 25-30 القانون من الأساس، ويسعى ائتلاف دعم مصر الغالبية البرلمانية التي يصفها البعض بأنها الظهير النيابي والتشريعي للنظام الحاكم وأداته في المجلس لتمرير ما يراه، إلى حل وسط وإقناع قطاع عريض من النواب، لكن الأمر لم يسر في طريقه على ما يرام بالنسبة للحكومة، فقررت لجنة الخطة والموازنة في البرلمان تأجيل مناقشات المواد الخلافية في القانون والتصويت عليها في الجلسة العامة.
ما هي ضريبة القيمة المضافة، وعلى أي أساس يتم تحديد نسبتها على المواطنين؟
«القيمة المضافة» هي إحدى أكثر الضرائب الاستهلاكية انتشارًا فى العالم، فهناك أكثر من 150 دولة حول العالم تطبقها، وهى ضريبة تطبق على الفارق بين سعر الشراء للبائع وسعر إعادة البيع، وذلك فى كل مرحلة من مراحل العملية الإنتاجية أو الخدمية.
نسبة ضريبة القيمة المضافة، تحسب على أساس الوضع الاقتصادي وقيمة العملة بالنسبة للعملات الأخرى وحركة الإستيراد والتصدير، فضلًا عن إنتاج الدولة للسلع، فهي تختلف من دولة لأخرى، ففي الولايات المتحدة الأمريكية تصل قيمتها إلى 16.1%، بينما تصل النسبة فى الصين إلى 17%، وعلى بعض المنتجات بقيمة أقل تصل نسبتها إلى 1%، أما في جنوب أفريقيا تصل نسبة تطبيق الضريبة إلى 14% و تركيا 18% و فنزويلا 9% و كوريا الجنوبية 10% و اليابان 5%، وسنغافورة 7%، ويلاحظ أن هذه الدول على عكس مصر التي تمر بحالة اقتصادية مميتة ولا تنتج كثيرًا من السلع، بينما الدول الأخرى لديها ما يكفيها من اقتصاد يمكن على أساسه رض الضريبة.
نواب يرفضون القانون ويسعون لنشر سلبياته.. و«دعم مصر» يخفي موقفه
ينقسم البرلمان إلى ثلاث قوى، الأولى هي "ائتلاف دعم مصر"، والذي تعودنا منه علة تمرير قوانين الحكومة، والثانية "تكتل "25-30" وهم مجموعة قليلة من نواب مستقلين وحزبيين يرفضون سياسيات الحكومة ويعتبروا معارضة البرلمان، أما أقوى الثالثة هم النواب ذوي الأداء الفدردي والآراء الشخصية.
ومن المقرر أن يصوت الجميع - طبقا للتصنيف السابق- خلال جلسة عامة، ويعتقد البعض أن القانون سيكون مصيره الرفض كما تم مع قانون الخدمة المدنية، حيث يسعى عددًا كبيرًا من النواب إلى نشر سلبياته وعقدد مؤتمرات صحفية لرفضه كما فعل تكتل 25-30 واستطاعوا ضم زملاء جدد لهم، بينما يسعى قيادات ائتلاف دعم مصر إلى التهدئة وإخفاء موقفهم من القانون لحين التوصل إلى حل يرضي الجميع.
«دعم مصر»: موافقون إقرار نسبة 14% للضريبة لكن على «المالية» تلبية ملاحظاتنا
رغم اخفاء ائتلاف دعم مصر موقفهم، إلا أن قياديًا بالائتلاف أكد أنهم لا يمانعون إقرار نسبة 14% للضريبة (وهي النسبة المقترحة من الحكومة)، ولكن لدية عدة ملاحظات سيطلب تنفيذها أولًا من وزارة المالية لتمرير القانون وموافقة نواب الائتلاف عليه بالجلسة العامة.
وأشار القيادي الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ"التحرير"، إلى أن الائتلاف سيدعم قرار لجنة الخطة والموازنة بالمجلس، بإضافة أربعة مجموعات سلعية لجدول الإعفاءات، وذلك بالتوافق مع المالية، لضمان تخفيف الأعباء على متوسطي ومحدودي الدخل، وعدم تأثر الأسعار للسلع بالسوق المصري، بشكل يرهق المواطن، وأيضًا حتى يكون القانون مخاطبًا للفئات ذات الدخل الكبير وليس محدودي الدخل محققًا بذلك العدالة الاجتماعية.
وتابع: "هناك عدة ملاحظات أخرى على القانون سينتهي منها الائتلاف، وسيُعد بها تقريره النهائي، مشيرًا إلى أن الموافقة على النسبة التي تريدها الحكومة وهي 14%؛ مرهون بتلبية وزارة المالية لملاحظات الائتلاف".
«25-30» يجمع الأعضاء لرفض القانون ويدشن حملات لجمع النواب حول عدم إقراره
مع انضمام كلا من النائبة نادية هنري، والنائب عماد جاد، القياديان بحزب المصريين الأحرار، بدأ نواب تكتل "25-30" بعقد اجتماعات علنية في فنادق القاهرة لرفض قانون الحكومة الخاص بالقيمة المضافة، وأوضحوا أن رفضهم يأتي لعدم إضافة أعباء إضافية على المواطنين وخاصة محدودي الدخل وسط موجة الارتفاعات الباهظة التي تشهدها البلاد.
لم يكتف هؤلاء النواب بعقد اجتماعات فقط؛ ولكن دشنوا حملات داخل البرلمان، دعوا خلالها زملائهم إلى مناقشة سلبيات القانون لمحاولة إبطال القانون وعدم إقراره خلال نظره تحت القبة.
نواب عن مناقشات القانون: الحكومة «لا ترى ولا تسمع» إلا ما ترغب فيه
قال النائب خالد عبدالعزيز، عضو المجلس عن الحزب المصري الديمقراطي، إن التكتل يعقد اجتماعات مكثفة مع عدد من أعضاء البرلمان من خارج التكتل، لشرح سلبيات قانون القيمة المضافة، وذلك لإقناع الشريحة الأكبر من النواب، لرفض القانون المزمع مناقشته في الجلسة العامة.
واعتبر النائب هيثم الحريري، نائب الإسكندرية، القانون أسود على موظفي الدولة المصرية بكل قطاعاتها، لأنه سيزيد الأعباء على المواطنين، موضحًا أن هناك بدائل سبق وأن طرحها التكتل على الحكومة والبرلمان في اجتماعات سابقة، مضيفًا أن الحكومة تتعامل من منطلق أنها لا ترى ولا تسمع إلا ما ترغب في سماعه وتطبيقه.
أكمل قرطام يبرز سلبيات وإيجابيات القانون: نحتاج لإعادة النظر في نقاط منه
قال المهندس أكمل قرطام، ممثل الهيئة البرلمانية لحزب المحافظين، إن قانون القيمة المضافة، نظام ضريبي متكامل، بدلا من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وهو معمول به في 150 دولة حول العالم، إلا أنه يحتاج إلى دراسة بشكل دقيق لكل مادة؛ لضمان نجاح تطبيقه في مصر.
وأضاف قرطام لـ"التحرير": أن القانون تضمن عدة نقاط إيجابية، تساعد على تحفيز الإنتاج والتصدير للخارج، ومنع التهرب الضريبي، إلا أن السلبيات الموجود بالقانون تحتاج إلى إعادة النظر عند مناقشتها سواء بلجان المجلس أو من خلال الجلسة العامة.
وأوضح ممثل الهيئة البرلمانية لحزب المحافظين، أن المادة الرابعة من القانون لم تضع آلية لالتزام المكلفين بتحصيل الضريبة، ولم تُحِلها إلى اللائحة التنفيذية للقانون، كما وضعت المادة العاشرة الخاصة بفرض الضريبة في جميع مراحل تصنيع السلعة أو تقديم الخدمة مزيدًا من الأعباء على كاهل المواطن.
وأشار، إلى أن أبرز السلبيات تتمثل في الازدواج الضريبي في جمع الضريبة من كل مرحلة من مراحل بيع السلعة أو الخدمة بنص المادة 2 من مشروع القانون، مما يشوب النص شبهة عدم الدستورية، كذلك ينص القانون على سبق وجود لجان تحكيم -وهذا تم إلغاؤه دستوريًا- كما لم تحدد الماده 3 أساس الضريبة، بينما تم تحديد الاستثناء بنسبة 5%.
وبخصوص النقاط الإيجابية في القانون، فلفت "قرطام" إلى أنها تمثلت في إعفاء الصادرات من هذه الضريبة، واصفًا إياها بالخطوة الإيجابية نحو تحفيز الإنتاج والتصدير للخارج.
وتابع: "نتمنى أن تكون بداية لمزيد من الإجراءات المحفزة للاستثمار والإنتاج، كما تساعد على الحد من التهرب الضريبي في المجتمع بشكل عام، فكل مكلف بها يصبح حريصًا على تنظيم فاتورة ضريبية عند البيع والشراء لإثبات ذلك عند تقديمه الإقرار الضريبي لمعرفة رقم أعماله عن فترة المحاسبة الضريبية، وطلب الخصم والاسترداد، وبالتالي فإن تطبيقها يسمح بإدخال المجتمع الاقتصادي غير الرسمي إلى دائرة المجتمع الاقتصادي الرسمي".
وأوضح المهندس أكمل قرطام، أن القانون لم يشمل مادة لإنهاء الخصومة والمنازعات، وهو الأمر الذي يحتاج إلى توضيح من الحكومة، لافتًا بأنه "إذا كانت الحكومة تسعى لصياغة مشروع قانون منفصل للتصالح الضريبي، فيجب أن تفصح عن ذلك، ومدى كفاءة الجهاز المنوط به تحصيل الضريبة، وقدرته على ذلك، وتكلفة التحصيل".
واختتم ممثل الهيئة البرلمانية لحزب المحافظين، تصريحاته قائلاً: "إن القانون شمل فرض الضريبة على السلع والخدمات المستوردة وهي خطوة إيجابية للحد من الاستيراد المفرط الذي نعيشه الآن، وتشجيع المنتج المحلي، ويمكن اقتراح أن يكون الإعفاء شاملا للمنتجات المصنعة محليا أو حتى على الأقل إخضاعها لضريبة ضئيلة 1% على سبيل المثال، بينما يتم إخضاع السلع والخدمات المستوردة للحد الأقصى للضريبة مع تخصيص عائدات الضرائب على المنتجات المصنعة محليًا لتطوير وتحسين المنتج المحلي".
وزير المالية يبرر موقف الحكومة: «زعلانين ليه ده بياخد من الأغنياء ويدي الفقراء»
خلال الجلسة الأخيرة لمناقشة القانون والاتفاق على النقاط الخلافية فيه، اتهم وزير المالية عمرو الجارحي، مجلس النواب بأنه "يضعف قوته"؛ بسبب معارضتهم مشروع قانون الضريبة على القيمة المضافة، وقال الجارحي، خلال اجتماع لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، "أتفهم إن إحنا كلنا واقعين تحت تأثير لخبطة الأسواق، وارتفاع سعر الدولار".
وأضاف، أن تطبيق مشروع القانون سيساهم في ما يطالبه البرلمان من أخذ الأموال من القادرين للصرف على الفقراء لتحقيق شبكة الضمان الاجتماعي.
وتابع الجارحي، غاضبا: "إنتو ليه زعلانين من القانون؟، ده بياخد من الأغنياء، إيه اللي يزعلنا إننا ناخد من اللي بيروح يقعد في مطعم بأكثر من ألف جنيه بيدفع منهم 200 ضرائب، إيه المانع لما آخد منهم 80 جنيه زيادة، ليه مضايقين إننا هناخد من اللي قادر يشتري تليفزيون بـ40 ألف جنيه، علشان نقدر ندي للفقير ونعمل شبكات أمان اجتماعي".
وكيل لجنة الخطة بالبرلمان: تخفيض قيمة الضريبة لـ12% ينقص 2 مليار من الضرائب
من جانبه قال النائب سليمان وهدان، وكيل مجلس النواب، في تصريحات صحفية، إن الحكومة مصرة على أن تكون النسبة 14%، موضحًا أن النواب يرون أن النسبة التي اقترحتها الحكومة لا تتوافق مع المرحلة الاقتصاية الراهنة، التي تستوجب التخفيف على المواطن البسيط.
وأوضح النائب ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة و الموازنة بمجلس النواب أن وزير المالية أكد في الجلسة العامة الأحد أن نسبة الـ14% ستطبق بوجود برامج تكافلية وضمانية لحماية محدودي الدخل من أعقاب وتأثيرات تطبيق الضريبة المضافة على المواطن محدود الدخل، وأمر الدكتور على عبد العال بتسجيل كلام وزير المالية في مضبطة الجلسة كنوع من أنواع الضمانات على تطبيق القيمة بهذة النسبة، مشيرًا إلى أنه مع تخصيم نسبة الضريبة ولكن إذا كانت الحكومة ستطبق نسبة الـ14% مع الحفاظ على حقوق محدودي الدخل فلا يوجد مشكلة.
وردًا على سؤال هل سيؤثر تخفيض نسبة الضريبة من 14% إلى 12 %، أكد أنه سيتأثر المبلغ المستهدف من تطبيق القيمة بنسبه 10 أو 12 %، بواقع مليار جنيه نقص عن كل 1% نقصان من نسبة الـ14%.
المصررين الأحرار (الحزب الأكثر أعضاءً): القانون فرض عين.. والوفد: لم نحسم موقفنا بعد
قال شهاب وجيه، المتحدث الرسمي باسم حزب المصريين الأحرار، اليوم الأحد، إن الحزب مدرك تمامًا ضرورة وجود حزمة إجراءات اقتصادية للخروج من الأزمة الراهنة التى تعيشها مصر.
وأشار، إلى أن الأزمة الكبرى تكمن في عدم مصارحة الحكومة للشعب وغياب الشفافية، والذي يجب أن تتعامل معه على أنه شريك لها، ومن حقه الاطلاع على الأزمة الاقتصادية الحالية.
وأضاف وجيه، في تصريح لـ"التحرير" أن مشروع قانون ضريبة القيمة المضافة التي تسعى الحكومة لتطبيقها يُعد "فرض عين"، ولكن أغلب المناقشات تدور حول الاستثناءات بها، لافتًا إلى ضرورة تطبيق القانون في ظل الظروف الاقتصادية التي نمر بها.
وأوضح، أن المصريين مروا بأزمات اقتصادية أكثر عنفًا بكثير من الأوضاع الحالية فى فترة الستينيات والثمانينيات، واستطاعوا عبورها وتحويلها لفرص للنجاح، مؤكدًا عدم حدوث أى تأثير للمواطنين من حزمة القوانين التي تسعى الحكومة لتطبيقها مثل قوانين: ضريبة القيمة المضافة، وفرض رسوم لصالح صندوق الرعاية الصحية والاجتماعية للقضاة، وإنشاء صندوق تحسين خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية لأعضاء هيئة الشرطة، وغيرها.
أما حزب مستقبل وطن (ثاني أكثر الأحزاب أعضاءً)، فلم يتضح موقفه النهائي تجاه القانون، وكل ما صدر عن هيئته البرلمانية أو قيادي الحزب يؤكد أنهم مازلوا في طور المناقشة، وهو ما يعكس تخبطًا شديدًا في موقفهم بسبب تصريحات أعضاء الحزب ونوابهم الرافضة للقانون.
ومن جانب حزبي آخر، أكد النائب محمد فؤاد، المتحدث باسم الكتلة البرلمانية لحزب الوفد (ثالث أكبر الأحزاب أعضاءً)، أن الهيئة العليا للحزب لم تتخذ رأي حتى الآن بشأن موقفها من نسبة الضريبة بقانون القيمة المضافة.
المالية تسارع في توضيح أبعاد القانون خوفًا من مصير الرفض كما حدث في «الخدمة المدنية»
وخوفًا من تبلور فكرة سيئة لدى الرأي العام كما حدث لقانون الخدمة المدنية في المرة الأولى، سارعت وزارة المالية بتوضيح حقيقة تأثير القانون على أسعار الوقود، وقالت: إن مشروع قانون الضريبة على القيمة المضافة الذي يناقش حاليًا بمجلس النواب ليس له أي تأثير على أسعار البنزين والسولار وجميع المنتجات البترولية الأخرى.
وأكدت الوزارة، أن ما يتردد حاليًا في بعض وسائل الإعلام عن أن القيمة المضافة ستؤدي لرفع أسعار هذه المواد أمر غير صحيح، حيث أن قانون القيمة المضافة ليس له أي علاقة بملف أسعار المواد البترولية.
وأضافت الوزارة، في بيان تلقت "التحرير" نسخة منه، أن خطة الحكومة ووزارة المالية لا تتضمن فى الوقت الحالي أي توجه لتحريك أسعار المواد البترولية.