"النهمة"...فن قديم يعكس حجم التشابه الثقافي بين أهل الخليج

ما يقرب من ٧ سنوات فى قنا

الكويت في 12 مايو /قنا/ يعد فن (النهمة) أحد الفنون الشعبية البحرية القديمة، إذ كان مقتصرا على البحر والبحارة في سواحل الخليج ما بين البصرة وسلطنة عمان وتغنّى به الأاجداد حينما كانوا يجوبون بسفنهم البحار للغوص أو التجارة سعيا وراء قوتهم. 
والنهمة (بتسكين الهاء) تعني بلوغ الهمة أو الصوت الزجر وقد تحولت بمرور الزمن من لهو بحري لتشجيع البحارة على القيام بأعمالهم إلى فن بحري خالص له قواعد ثابتة بالأداء وإلى لون من الغناء الفلكلوري يصاحب أهل البحر منذ بدء رحلتهم. 
غنى بهذا الفن الأجداد (الهولو) وصدحوا ب(اليامال) متأثرين بخليط من الفنون العدنية والخليجية والهندية والإفريقية نتيجة اتصالهم بتلك الشعوب مستلهمين من أصوات الموج وهدير البحر وصرير الصواري في تشكيل غنائهم البحري. 
وفي أبريل الماضي أطلقت المؤسسة العامة للحي الثقافي "كتارا" جائزة كتارا لفن النهمة (نهام الخليج) التي فاز بها النهام القطري علي المري بجائزة (نهام الخليج) تلاه الكويتي سالم مسيعيد ثم البحريني أحمد عبدالله جمعة. 
وهذا التنوع الخليجي في المشاركة بهذه الجائزة يعكس حجم التشابه في الثقافات والفنون في دول الخليج لاسيما في فن (النهمة) إلا أن هناك بعض الاختلافات التي رصدت في تناول هذا الفن بين الكويت والبحرين وقطر. 
كما أن فن النهمة متشابه في الخليج لا اختلافات فيه إلا في التنازيل (أي الاغنية) أو الشيلات إذ تكثر الشيلات في قطر والبحرين والإمارات وعمان مقارنة بالكويت، فضلا عن الاختلاف في السرعات وفي أداء الغناء (المد) ونوعية الغناء، بالإضافة إلى الاختلاف في طريقة العزف وفي أداء (الخطفة) (وهي من الأغاني التى تؤدى أثناء رفع الأشرعة أو خطف الشراع) فرغم أنها من نفس الميزان إلا أنها تختلف في الأداء إذ ان أهل البحرين أسرع في أدائها، إذ يعرف عنهم أنهم يمدون في غنائها أما أهل الكويت فإنهم يأخذون الطابع الثقيل والسهل الممتنع في أداء الفنون البحرية ولا تغلب عليهم السرعة في أداء الأغاني البحرية بل إن سرعتهم تعد متوسطة. 
وبما أن القطريين والبحرينيين من أهل الغوص، فانتشرت عندهم فنون الترفيه والسمر أكثر، فتميزوا ب (الدور) المنتشر على ساحل البحر حيث يتجمع فيه البحارة لأداء جلسات يطلق عليها اسم (الانس) يتسامرون فيها ويغنون العديد من الفنون مثل (الحدادي) و(الفجري). 
ويعد فن (الفجري) من الفنون التي انطلقت أساسا من أهل البحرين والمتعارف عليه لديهم بأنه يكون فقط في حال وجدت معه عدة آلات. 
أما فن (الحدادي) الذي وصل للكويت من البحرين أيضا فهو من (الحداي) ويبدأ ب (الزهيرية) قبل بداية الغناء ويطلق عليه أهل الكويت اسم (اجراحان) وتعني (اشرح) وقيل (اجرح ) وذلك قبل الغناء (التنزيلة) والحدادي دائما يبدأ بزهيرية لا بموال. 
وتميز أهل عمان والإمارات بالشيلات ويعتمدون عليها أكثر من (النهمة) وغلب عليهم هذا الطابع لعدم توفر الوقت الكافي للسمر لان منطقتهم أقسى من باقي دول المنطقة وذلك لبعد مغاصات اللؤلؤ. 
ولم يكن في رحلات غوصهم الكثير من عدة الفنون كالطبول وغيرها ونتيجة لذلك اعتمد الاماراتيون أكثر على الأداء الصوتي والضرب بالأقدام على سطح السفينة في حين استخدم الكويتيون الإيقاعات في سفنهم كما اختلفوا أيضا عن الكويت والبحرين وقطر في اللحن لأن معظم غنائهم (سواحلي) من زنجبار وإفريقيا واعتمادهم على الشيلات يحدث عندما يكون النهام غير موجود على السفينة حالهم حال معظم أهل دول الخليج. 
و(النهام) يعد الركيزة والمحور الذي يقوم عليه الغناء وهو الإسم الذي يطلق على مغني السفينة ويتجاوب البحارة مع ما يصدر عنه من أغان تعبر عما في صدورهم من ألم الفراق والبعد عن الديار كما كان يشجع بغنائه كل من على السفينة على تحمل المشاق والصبر بالابتهالات والدعاء كنوع من بدايات العمل. 
وللنهام عدة صفات يجب توافرها، أبرزها قوة الصوت وطبقاتها كي يزود البحارة والغواصين بالطاقة والتي كانت تبدأ دائما بذكر الله وتعد مهمة النهام أساسية في أي رحلة ولا تكاد تخلو سفينة من نهام إلى ثلاثة نهامين يتقاضون أضعاف ما يتقاضاه الغاصة. 
ومثلما ينتقي قبطان السفينة (النوخذة) ومساعده (المجدمي) البحارة الأشداء، فانهما ينتقيان أيضا النهام صاحب الصوت الصداح والنهمة الشجية التي تثير البحارة وتشحذ هممهم وبسبب هذا الدور المهم يحظى النهام بالكرم وحسن المعاملة.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على