انطلاقة قوية لطريق الحرير الصيني نحو العالم

حوالي ٧ سنوات فى قنا

بكين في 09 مايو /قنا/ تسعى الصين جاهدة إلى دفع التعاون بينها وبين الدول الواقعة على مسار"طريق الحرير" الاقتصادي إلى آفاق أرحب على كافة المستويات من خلال مبادرة "الحزام والطريق " للقرن الحادي والعشرين الذي يربط بين قارات العالم الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا، والذي ستتمكن الصين من خلاله المرور بتجارتها عبر أكثر من 60 دولة يبلغ عدد سكانها قرابة 4.4 مليار نسمة أي ما يوازي 63% من سكان العالم وباستثمارات تبلغ حوالي 21 تريليون دولار. 
وعبر ثلاثة محاور تجارية رئيسية تستعد الصين إلى تطوير مبادرتها برياً وبحرياً، المحور الأول يبدأ من مدينة شيان مسقط رأس الرئيس الصيني في شرق الصين مروراً بتشانغيانغ في شمال غرب البلاد وعاصمتها اروموتشي انطلاقاً إلى دول وسط آسيا ثم روسيا وتركيا وانتهاء في روتردام بهولندا. 
أما المحور الثاني يبدأ من مدينة شانغهاي ثم جنوبا إلى وسط آسيا فباكستان والهند الى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وبلاد الشام ثم تركيا وينتهي في وسط أوروبا، أما المحور الثالث وهو الطريق البحري فيبدأ من مدينة فوتشو شرق الصين عبر المحيط الهندي ثم البحر الأحمر وقناة السويس وينتهي في إيطاليا. 
وبهدف جمع استثمارات تغطي تكلفة مبادرة " الطريق والحزام " الاقتصادية فقد أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ في الثامن من نوفمبر عام 2014، عن إنشاء صندوق طريق الحرير باستثمار قيمته 40 مليار دولار أمريكي. 
وفي العام نفسه تم تسجيل وتأسيس "شركة صندوق طريق الحرير المحدودة" في بكين لتقديم الدعم التمويلي اللازم للبنية التحتية وتنمية الموارد ومشروعات التعاون الصناعي وغيرها في الدول الواقعة على طول "الحزام والطريق". كما سيسهم صندوق طريق الحرير في خلق فرص تنموية جديدة للدول المعنية وتحفيز الاستثمارات المشتركة. 
وفي خطوة لاحقة أعلنت الصين عن إنشاء "بنك الاستثمار الآسيوي للبنية التحتية " في نهاية عام 2015 وبدأ العمل فيه رسمياً مطلع 2016 برأسمال يبلغ 100 مليار دولار، ويضم 57 دولة من بينها قطر وعدد كبير من الدول العربية والإسلامية يهدف إلى تمويل مشروعات البنية التحتية في الدول الآسيوية المختلفة، ويدفع التنمية المستدامة على طريق الحرير ، الأمر الذي يعزز التواصل فيما بين هذه الدول ويمكنها من تكملة بعضها البعض في الاحتياجات واستفادة كل منها من مزايا غيرها، كما يساعد على تعزيز جهود الدول المشتركة في المبادرة على إطلاق إمكانيات الطلب المحلي، وإيجاد مجالات جديدة للنمو الاقتصادي وتعزيز قوة الدفع الذاتية لهذا النمو وقدرته على مجابهة المخاطر. 
وتسعى الحكومة المركزية في بكين إلى سد الفجوة الاقتصادية الكبيرة بين مقاطعات الشرق المزدهرة ومقاطعات الغرب الأقل نمواً من خلال نقل الطاقة الإنتاجية إلى تلك المناطق القديمة ومواجهة أي مشاكل اجتماعية أو أمنية قد تطرأ نتيجة القرب الجغرافي لمناطق الغرب والشمال الغربي من البؤر الساخنة في وسط آسيا. 
وتتطلع الصين من أحياء طريق الحرير الى تحقيق ما يطلق عليه "استراتيجية الخروج" لتصريف طاقتها الإنتاجية الهائلة ورفع معدلات النمو في مناطق غرب وشمال غرب الصين حيث يقع قلب طريق الحرير التاريخي في تشانغيانغ في المنطقة من اروموتشي وحتى كشغر أقصى الشمال الغربي للبلاد. ولا تزال العديد من المباني والآثار التاريخية قائمة حتى يومنا هذا، راسمة ملامح طرق الحرير القديم عبر استراحات القوافل والمساجد والأسواق القديمة كما يظهر في الثقافات واللغات والعادات والأديان العديدة المترابطة رغم اختلافها.
وتعتمد الصين على مناطق الحكم الذاتي الواقعة في غربها وشمالها الغربي كممرات لوجستية في منظومة الطريق والحزام الاقتصادي الجديدة وتدعم الحكومة المركزية في بكين خطط تطوير الصناعة والتعدين والإنتاج الزراعي والحيواني في إقليم تشانغيانغ ومدنه ذات الحكم الذاتي وتراهن عليها في إنجاح مبادرتها للنهوض بالغرب الصيني خلال سنوات قليلة . 
وتتمتع منطقة شينغيانغ التي هي قلب طريق الحرير القديم وممر مبادرة الحزام والطريق الجديدة بالحكم الذاتي ، وكان يشار إليها قديماً باسم المنطقة الغربية. وتبلغ مساحتها 66,1 مليون كيلومتر مربع، تمثل تقريباً سدس مساحة الصين. ومن بين مقاطعات الصين ومناطقها الذاتية الحكم، تعد تشانغيانغ هي الأكبر والأطول حدوداً. ولها حدود تمتد 5600 كيلومتر مع منغوليا في الشمال الشرقي، ومع روسيا، وكازاخستان و قرغيزستان وطاجيكستان في الغرب، ومع أفغانستان، باكستان والهند في الجنوب الغربي . 
وتعد مدينة اروموتشي عاصمة إقليم تشانغيانغ هي مزيج من اللغات والعرقيات والثقافات إذ يعيش فيها أبناء 47 قومية، بعضهم ترجع أصولهم إلى بلاد العرب وبلاد فارس وآسيا الوسطى، وبعضهم جاء من مناطق الصين الداخلية,كما تتميز بتنوع ديني ، ففيها مسلمون ومسيحيون وبوذيون وكونفوشيون وطاويون. فيها ترى المسجد والكنيسة والمعبد في نفس الشارع، ويجيد بعض أبنائها خمس أو ست لغات، منها لغات الويغور والكازاخ والمغول. 
وتحتفظ مدن الإقليم بتاريخها الإسلامي إذ لا عجب أن تزين حروف لغة الضاد المحال والشوارع والبضائع لكن عبر كلمات صينية أو تركية قديمة أو أوزبكية . 
ويعتمد اقتصاد الإقليم بشكل كبير على الثروة المعدنية والزراعة حيث يوجد في باطن شينغيانغ 122 نوعاً من المعادن، تشمل أكثر من 70 نوعاً من المعادن غير الحديدية. وتحتل بتلك الثروة المرتبة الأولى بين مقاطعات الصين ومناطقها الذاتية الحكم من حيث الاحتياطي لكل من البركيليوم، المسكوفيت، نترات الملح الصخري، الطين الصلصالي والسربنتين ، والأحجار الكريمة، الاسبيتوس. 
كما يشتهر إقليم تشانغيانغ بزراعة الشاي الأخضر على مستوى العالم وتوجد في شاوشينغ التابعة للإقليم مدينة " الشاي الأخضر" حيث تباع مئات الأطنان يومياً إلى مختلف أنحاء العالم وقد ساهمت شبكات الطيران الداخلية والسكك الحديدية فائقة السرعة في الوصول بالشاي الأخضر الى أسواق كثيرة. 
ومن أهم مدن الإقليم كذلك مدينة تشانغتشي وتقع بها بحيرة الجنة التي اعتمدتها اليونسكو كواحدة من أهم المعالم الطبيعية الباقية حتى الآن وتتميز تلك المدينة بطبيعتها الجبلية وصناعاتها الخشبية العريقة المعروفة على مستوى العالم.
أما مدينة اكسو التي يقطنها قرابة 2.8 مليون نسمة من عرقيات مختلفة والتي كانت عاصمة لمملكة جمو فهي تقع في أقصى غرب الصين وبحكم موقعها الجغرافي وقربها من قرغيزستان وكازاخستان تلعب اكسو دوراً هاماً في التجارة الصينية نحو وسط آسيا. وقد حققت معدلات نمو عالية خلال العامين الماضيين بنسبة 10.2%. 
أما مدينة يلي كازاخ التي أنشئت عام 1954 فقد مثلت مورداً طبيعياً لمياه الشرب والزراعة في الإقليم وتمتاز بتربتها الخصبة وطقسها المعتدل. 
تقرير/ الأبحاث والدراسات

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على