ما المراد بالصابرين في قوله "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" ؟

حوالي ٤ سنوات فى الوفد

الصبر فى اللغة إمساك في ضيق، أي امتناع عن شيء مع معاناة، والصبر المحمود شرعًا هو حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع ، أو عما يقتضيان حبسها عنه ، وهو لفظ عام يفسر معناه بحسب اختلاف مواقعه من الآيات والسور، وقد ورد بمشتقاته فى القرآن أكثر من مائة مرة، وتدور معانيه حول ثلاثة أمور:

أولها: الصبر على المصيبة، وهو المشار إليه فى قوله تعالى: {وبشر الصابرين. الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون} البقرة: 155، 156.

وثانيها: الصبر على الطاعة، بمعنى تحمل ما يكون فيها من تعب يقصد به تهذيب النفس وترويضها على تخطى العقبات، كالصبر على الجوع والعطش في الصيام، وقد جاء فيه الصوم نصف الصبر كما رواه ابن ماجه، وجاء أيضًا عن شهر رمضان وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة رواه ابن خزيمة في صحيحه، ومنه الصبر على مشاق الحج وعلى أداء الصلوات في أوقاتها، وعلى الجهاد في سبيل الله، وعلى قضاء مصالح المسلمين وعلى طلب العلم وكسب العيش، يقول الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون} آل عمران: 200.

وثالثها: الصبر عن المعصية أي عن المحرمات، ذلك أن النفس لها مطالب ونزعات، وقد حرم الله بعضها لأن في التحريم خيرًا لها ولغيرها، كالتعدي على الحرمات وتناول المسكرات والاختلاس وغيرها، فالذي يمنع نفسه عنها يسمى صابرًا عن المعصية، وفى هذا الصبر معاناة شديدة، لأنها معركة مع أعدى الأعداء وأخطر الخصماء، وهي النفس التي بين الجنبين، مع الشيطان الذي قرر الله أنه عدو مبين.

والامتناع عن هوى النفس وإغواء الشيطان في ظاهره عمل سلبي لكنه في الحقيقة عمل إيجابى كبير، وهو ليس استسلامًا للواقع ولو كان مرًا، إنما هو نقطة انطلاق إلى الأمام من أجل العمل الطيب. وعلى الصبر بأنواعه الثلاثة يمكن حمل النصوص من القرآن والسنة عليها، وهى كثيرة {أولئك يجزون الغرفة بما صبروا} الفرقان:75.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على