الوجه الآخر لـ«نكسة 67».. تفاصيل 21 يومًا من الرعب الإسرائيلي
over 8 years in التحرير
- رئيس الأركان أصيب بانهيار عصبي والشواطئ والأسواق خالية والجميع يحفر الخنادق
- تل أبيب كانت تصلي كي لا تبدأ القاهرة الحرب وتفجر مفاعل ديمونه النووي
بعنوان "الأسابيع الثلاثة التي انتظرت فيها إسرائيل عبد الناصر"، قالت صحيفة "معاريف" العبرية إنه "على مدار 21 يومًا مدمرة للأعصاب، انتظرت تل أبيب بين منتصف مايو وبين حرب 1967، انتظرت ساعة الحسم سواء السياسي أو العسكري، إلا أن أمرًا واحدًا كان واضحًا، وهو أن كل شىء في طريقه للتغير".
وذكرت أنه "في الـ15 من مايو، واحتفالا بقيام دولة إسرائيل الـ19 بدأ الرئيس المصري جمال عبد الناصر الدفع بقوات جيشه إلى سيناء، وهي المعلومة التي تلقاها إسحاق رابين رئيس أركان تل أبيب حينئذ؛ خلال حضوره عرضًا عسكريا لمنطقة (جفعات رام)".
عدد منخفض من الجنود والعتاد
وقالت الصحيفة، "بموجب تعليمات رئيس الحكومة الإسرائيلية وقتها ليفي أشكول، أجرى العرض في القدس بمستوى منخفض من الجنود والعتاد، بسبب التوتر مع كل من سوريا ومصر وسلسلة من العمليات التخربيبة، التي جرت في الشهور التي سبقت عيد دولة إسرائيل"، مضيفة أن "الخوف من حدوث اشتعال في المنطقة كان كبيرًا لدرجة أن المراقبين التابعين للأمم المتحدة، أحصوا عربات الجنود الذين شاركوا في العرض العسكري".
نهاجم العرب أم ننتظر ضربتهم
وأضافت "معاريف"، "منذ الخطوة المصرية بدفع قوات مصرية لسيناء وحتى اندلاع الحرب استمر الإسرائيليون في حالة انتظار مدمرة للأعصاب من أجل الحسم سواء على الصعيد السياسي أو العسكري، كان الجو العام صعبًا، السياسون كان يبثون مناخا من الهلع والذعر، كانوا يتشاجرون فيما بينهم كمحاولة للحسم بين انتظار هجوم عربي وبين المبادئة وشن ضربة ضد العرب كما طالب الرأي العام".
وقالت الصحيفة، "كذلك هيئة الأركان كانت قلقة؛ جزء من رجال الجيش الإسرائيلي البارزين ضغطوا بكل قوتهم لتوجيه ضربة مسبقة ضد مصر، وجزء آخر فضّل الانتظار، أما رئيس الأركان رابين فقد تعرض لانهيار عصبي".
وأضافت "خلال فترة الانتظار عاد رئيس الحكومة أشكول لتل أبيب، وأعرب عن قلقه إزاء ما من شانه أن يحدث، وقال خلال اجتماع لحزب العمل الحاكم، الذي عقد قبل 3 أسابيع من اندلاع الحرب (الوضع أخطر بكثير مما يبدو فوق السطح)".
أصلي كل لا يشن المصريون الحرب
ولفتت "معاريف"، إلى أن "بعد أيام من هذه الواقعة قال رئيس الحكومة إنه يصلي كي لا تبدأ القاهرة بشن هجوم شامل على تل أبيب، وأعرب عن أمله في أن تنجح تل أبيب في القضاء على سلاح الجو المصري".
وقالت الصحيفة، "ديفيد بن جوريون عضو الكنيست المعارض البارز لرئيس الحكومة أشكول، كان يرفض شن تل أبيب الحرب، ورأى أن الوضع يشكل اختبارًا لم يكن له نظير في الماضي وتحدث عن مذابح اليهود في عصر النازي، وكذلك شيمون بيريز العضو البارز بالمعارضة وقتها قال إن تل أبيب غير جاهزة للحرب، وأنها في أسوأ وضع منذ قيامها، وشاركه الرأي مناحيم بيجن المعارض، الذي خشي أن تؤدي المعركة إلى حمامات دم لم تشهد تل أبيب لها مثيلا، وكان أكبر المخاوف المركزية هو تفجير المصريين لمفاعل ديمونه".
الأمريكيون: فرص نشوب الحرب منخفضة
وأضافت "معاريف"، "في الأسبوع الأول من فترة الانتظار بين الـ15 من مايو وإغلاق عبد الناصر مضيق تيران، لم يكن الشعور الإسرائيلي بالهلع كبيرًا، وكانت وسائل الإعلام تتحدث عن دخول القوات المصرية لسيناء، لكن نفس الوسائل كانت تؤكد أن تقديرات الأمريكيين ترى أن فرص نشوب الحرب منخفضة"، مستكملة "بجانب الحديث عن حركة القوات المصرية ومحاولة التوصل لاتفاق دفاع بين القاهرة ودمشق كانت هناك تقارير معتادة عن احتفال قيام الدولة".
وقالت الصحيفة، "يوم الخميس الـ18 من مايو وبعد 3 أيام من العيد، كان هناك شعور في تل أبيب أن كل شىء هادئ، ورغم وصول القوات المصرية للحدود مع إسرائيل، إلا أن عبد الناصر أعلن أن بلاده لا تريد الحرب، والرئيس الإسرائيلي قام بزيارة رسمية لكندا في محاولة للإشارة أن الحياة تسير في مجراها الطبيعي".
الصحفيون الأجانب يتدفقون على تل أبيب
وأضافت "معاريف"، "في بداية الأسبوع الثاني من فترة الانتظار بدأ الاعتراف بأن الحرب قادمة؛ تدفق عدد من الصحفيين الأجانب للمنطقة من بينهم سبنسر تشرشل حفيد رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، الذي ألف فيما بعد كتابا عن الحرب، وعبأت تل أبيب 40 ألفًا من قوات الاحتياط، الذين حكوا للصحفيين أنهم وصلوا لوحداتهم على جناح السرعة، قوافل من العربات العسكرية تحركت في الطرق الجنوبية، بينما كان التجار في تل أبيب يقولون للصحف إنهم منزعجون من الانتظار أكثر من خطر الحرب".
رابين: نحن نقترب من الانفجار
وقالت الصحيفة، "في يوم الـ23 من مايو، أغلق عبد الناصر مضيق تيران، وفي الـ25 من نفس الشهر أعلن السكرتير العام للأمم المتحدة عن فشل محاولاته لإقناع الرئيس المصري بفتح المضيق، وأجمع وزراء الحكومة الإسرائيلية على أن الخطوة هي إعلان حرب، وقال رئيس الأركان رابين وقتها (نحن نقترب من الانفجار) وكان هناك جدال حول متى تبدأ تل أبيب الهجوم؟، بينما المدى الزمني لذلك يتراوح ما بين يومين وبين 3 أسابيع، وفي أروقة البرلمان (الكنيست) بدأوا يتحدثون عن تشكيل حكومة طوارئ".
وأضافت "معاريف"، "بدأت الحياة تتغير من النقيض إلى النقيض، وفي الـ27 من مايو أي بعد أسبوعين من دخول القوات المصرية لسيناء، عاد وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان من لقاءات أجراها حول العالم، كان من بينها اجتماعه بالرئيس الأمريكي لندون جونسون، وحذر إيبان من خطر يهدد إسرائيل، وطالب واشنطن بمساعدة تل أبيب في فتح المضيق، ورد عليه جونسون إذا قررت حكومتك شن الحرب فعليها أن تفعل هذا بمفردها".
9 وزراء يوافقون و9 يعارضون
وقالت "معاريف" إن "محاولة مصرية لجر الاتحاد السوفيتي إلى جانب القاهرة قوبلت برد روسي مشابه"، لافتة إلى أنه "في جلسة عقدت في هذه الفترة اتضح أن 9 من الوزراء يؤيدون توجيه ضربة مسبقة ضد العرب، بينما 9 أخرون ورئيس الوزراء يعارضون، وانتهت الجلسة بقرار الانتظار لـ3 أسابيع على الأقل، لاستغلال الوقت وحشد التأييد الدولي لتل أبيب وجمع المال وامتلاك السلاح، وهو القرار الذي صدم ضباط هيئة الأركان العسكرية".
شارون لرئيس حكومته: ترددك سيكلفنا آلاف الضحايا
ولفتت الصحيفة، إلى أن "قيادات الجيش كانت غاضبة من قرار الانتظار، وتريد إلحاق ضربة عسكرية بالعرب، وفي جلسة نقاش أجريت مع رئيس الحكومة حذر قائد المنطقة الجنوبية شايكا جافيش قائلا (غدا هو الفرصة الأخيرة)، وحذر أفراها يافيه قائد فرقة الاحتياط من تردد تل أبيب السياسي بقوله (نحن نخطو نحو كارثة)، أما أريئيل شارون قائد الفرقة 38 بالقطاه الجنوبي فقد هاجم رئيس الحكومة أشكول قائلا (ترددك سيكلفنا آلاف الضحايا)، ونجح أشكول في الصمود تحت الضغط العسكري".
إلغاء الحفلات والدراسة والمباريات
واستكملت "أسبوع قبل الحرب كان الذعر وصل إلى منتهاه؛ كانت سواحل إسرائيل خالية والأسواق خاوية، والدراسة كانت تجرى بمستويات مقلصة في ظل عدم وجود معلمين والذين انضموا للخدمة العسرية ضمن قوات الاحتياط، ألغيت الاحتفالات الدينية، كما ألغى منتخب الدانمارك لكرة اليد مباراة له في إسرائيل، وكان نفس المصير من نصيب عروض موسيقية، وغيرها من الفعاليات".
وقالت "الآلاف من الأجانب سارعوا لمغادرة إسرائيل من بينهم زوجات الدبلوماسيين وأبنائهم، غادر أيضا الكثير من الإسرائليين، الآلاف تركوا مدينة إيلات خوفا من هجوم مصري أو أردني يعزل المدينة الحدودية، أصبح حفر الخنادق هو الرياضة الوطنية للجميع خوفا من الهجمات الجوية، مهندسو القدس تطوعوا لعمليات الحفر في ديمونه، الكثير من المنازل أحيطت بأكياس الرمل".
تشكيل حكومة وحدة وديان وزيرا للدفاع
وختمت الصحيفة، "في أول يونيو وبعد فترة طويلة من الهمسات والشائعات وحسابات النفس، شكلت حكومة وحدة وطنية في إسرائيل، وعين موشي ديان وزيرا للدفاع ومناحيم بيجن ويوسف سافير انضما للتشكيل، وأصبح حاييم بار ليف نائبا لرئيس الأركان، كان الاتجاه واضحا وفي صباح الأحد الـ4 من يونيو اتخذ القرار رسميا، وذلك عندما جاءت القناعة أن سلاح الجو الإسرائيلي يفقد تفوقه مع كل يوم من الانتظار وتحت ضغط من ديان وهيئة الأركان، قال رئيس الوزراء أشكول في جلسة حكومية (إذا لم تعمل إسرائيل شيئا ما ستكون هناك مذبحة)".
وأضافت "في صبيحة الاثنين الـ5 من يونيو، السابعة والنصف بالتحديد، حلقت 200 طائرة تابعة لسلاح الجو الإسر ائيلي منطلقة من قواعد مختلفة باتجاه مصر، وخلال ساعات معدودا بدأ عمليات إطلاق النار على الحدود مع القدس وانطلقت طائرات الميج السورية للجو، صافرات الإنذار دوت في جميع أنحاء إسرائيل لتدفع بالمواطنين إلى المخابئ والملاجئ، هكذا انتهت فترة الانتظار، وبدأت الحرب، وتغيرت قواعد اللعبة وكذلك تاريخ إسرائيل".