وزير الأوقاف يوضح الفرق بين الحق والواجب

ما يقرب من ٣ سنوات فى الوفد

قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، فى مقاله المنشور على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، لا شك أن مبدأ الحق والواجب أو الحق مقابل الواجب أحد أهم المبادئ العادلة التي تسهم في إصلاح المجتمع، فهناك الحقوق والواجبات المتبادلة بين الآباء والأبناء وبين الأزواج وبين الجيران وبين الأصدقاء وبين الشركاء وبين المواطن والدولة وبين العمال وأرباب العمل ، وبين المعلم والمتعلم .

أشارت بعض النصوص القرآنية والنبوية إلى هذه التبادلية، وإلى ضرورة الوفاء بالحقوق والواجبات معا، حيث يقول الحق سبحانه في العلاقة بين الزوجين : وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ، ويقول سبحانه في الحديث القدسي: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ.

وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ (رضي الله عنه) قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلاَّ مُؤَخِّرَة الرَّحْلِ فَقَالَ: يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ الله وَسَعْدَيْكَ ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ ، قُلْتُ : لَبَّيْكَ رَسُولَ الله وَسَعْدَيْكَ . ثُمَّ سَارَ سَاعَةَ ، ثُمَّ قَالَ: (يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ) ، قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ الله وَسَعْدَيْكَ. قَالَ: هَلْ تَدْرِى مَا حَقُّ الله عَلَى الْعِبَادِ ؟ . قَالَ : قُلْتُ : الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.

أقرا أيضًا:

كيفية التصرف في الأضحية

قَالَ: فَإِنَّ حَقَّ الله عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا). ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ الله وَسَعْدَيْكَ ، قَالَ: هَلْ تَدْرِى مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى الله إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟. قَالَ: قُلْتُ الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ (متفق عليه) .
وعن سيدنا علي (رضي الله عنه) أنه قال في خطبة له خطبها بصفين: أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ جَعَلَ الله سُبْحَانَهُ لِي عَلَيْكُمْ حَقًّا بِوِلاَيَةِ أَمْرِكُمْ ، وَلَكُمْ عَلَيَّ مِنَ اَلْحَقِّ مِثْلُ اَلَّذِي لِي عَلَيْكُمْ ، وَاَلْحَقُّ أَوْسَعُ اَلْأَشْيَاءِ فِي اَلتَّوَاصُفِ وَأَضْيَقُهَا فِي اَلتَّنَاصُفِ ، لاَ يَجْرِي لِأَحَدٍ إِلاَّ جَرَى عَلَيْهِ ، وَلاَ يَجْرِي عَلَيْهِ إِلاَّ جَرَى لَهُ ، وَلَوْ كَانَ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْرِيَ لَهُ وَلاَ يَجْرِيَ عَلَيْهِ لَكَانَ ذَلِكَ خَالِصاً لله سُبْحَانَهُ .

ورأي بعض الناس رجلا مسنًّا يزرع نخلة لا ينتظر أن يجني شيئًا من ثمارها في حياته ، فقيل له : وهل تنتظر أن تدرك جني شيء من ثمارها؟ فقال الرجل : زرع من قبلنا فحصدنا ، ونحن نزرع ليحصد من بعدنا ، افعل ما شئت كما تدين تدان.

والقاعدة : أن من أخذ الأجر حاسبه الله على العمل ، وأن العقد شريعة المتعاقدين ، وقد أمرنا رب العزة بالوفاء بالعقود ، فقال سبحانه : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (المائدة :1)، وحـذرنا سبحـانه من خيـانة الأمانات في العمـل أو في غيره ، فقـال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (الأنفال : 27) ، وحثنا نبينا (صلى الله عليه وسلم) على إتقان العمل ، فقال : إِنَّ الله يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلا أَنْ يُتْقِنَهُ (شعب الإيمان للبيهقي) .

وديننا قائم على الإتقان ، والإحسان ، ومراقبة الله (عز وجل) في السـر والعلن قبل مراقبة الخلق ، لأن الخلق إن غفلوا عن المراقبة أو المتابعة ، فهناك من لا يغفل ولا تأخذه سنة ولا نوم ، حيث يقول سبحانه : اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ (البقرة : 255) ، ويقول (عز وجل) مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (المجادلة : 7) ، ويقول سبحانه: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (الأنعام : 59) ، ويقول على لسان لقمان (عليه السلام) مخاطبًا ولده : يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (لقمان : 16) .

فما أحوجنا إلى ترسيخ مبدأ الحق مقابل الواجب في كل مجالات حياتنا وعلاقاتنا ، وبخاصة في مجال العمل ، إذ لا يمكن للحياة ولا العلاقات أن تستقيم من جانب واحد ، فيكون أحد الشقين معتدلا والآخر مائلا ، إنما تستقيم الأمور باستواء الجانبين معا ، والوفاء بالحقوق والواجبات معا ، نؤدي الذي علينا حتى يبارك الله (عز وجل) في الذي لنا .

شارك الخبر على