تعرف على العدوى بين النفي و الإثبات
حوالي ٤ سنوات فى الوفد
التمسك بالسنة من اسباب النجاة فى الدنيا والاخرة وقال اهل العلم جمهور الفقهاء، فقد ذهبوا إلى القول بأن المرض لا يعدي بطبعه، و إنما ذلك يتم بفعل الله و قدره سبحانه، و منهم الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه و جماعة من السلف الصالح، و عيسى بن دينار المالكي الأندلسي كلهم ذهبوا إلى القول بنفي العدوى، استنادا إلى حديث أخرجه الإمام البخاري في الصحيح، عن عبد الله بن عمر، أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : لا عدوى .
و في حديث آخر، أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: لا عدوى فقام أعرابي، فقال: أرأيت الإبل تكون في الرمال أمثال الظباء، فيأتيها البعير الأجرب فتجرب ؟ قال النبي صلى الله عليه و سلم: فمن أعدى الأول .
و ممن ذهب إلى القول بعدم العدوى، حافظ المغرب ابن عبد البر القرطبي الأندلسي، قال: أما قوله:لا عدوى فمعناه، أنه لا يعدي شيء شيئا، و لا يعدي سقيم صحيحا، و الله يفعل ما يشاء، لا شيء إلا ما شاء.
و قال ابن الملقن في التوضيح: زعم عيسى بن دينار أن قوله لا عدوى ناسخ لقوله: لا يورد ممرض على مصح .
و كانت العرب، أو أكثرها تقول بالعدوى و الطيرة، و منهم من كان لا يصدق بذلك و ينكره، و لكل طائفة منهم في مذهبه أشعار، و قد ذكرت منها في التمهيد ما يكفي [13].
و في موضوع المجذوم، يقول ابن قتيبة: المجذوم تشتد رائحته حتى يسقم من أطال مجالسته، و محادثته و مضاجعته، و كذا يقع كثيرا بالمرأة من الرجل و عكسه، و لذا أمر الأطباء بترك مخالطة المجذوم، لا على طريق العدوى، بل على طريق التأثر بالرائحة.
قال: و من ذلك قوله صلى الله عليه و سلم: لا يورد ممرض على مصح.
لأن الجرب الرطب، قد يكون بالبعير، فإذا خالط الإبل أو حككها، وصل إليها بالماء الذي يسيل منه.
قال: و أما قوله: لا عدوى فله معنى آخر أيضا، و هو أن يقع المرض بمكان، كالطاعون، فيفر منه مخافة أن يصيبه، لأن فيه نوعا من الفرار من قدر الله.
و ختم الكندهلوي حديثه حول الموضوع، بأن قرر أن: العمل بنفي العدوى أصلا و رأسا، و حمل الأمر بالمجانبة على سد الذريعة، لئلا يحدث للمخالط شيء، فيظن أنه بسبب المخالطة، فيثبت العدوى التي نفاها الشارع، و إلى هذا القول ذهب أبو عبيد، و تبعه جماعة، فقال أبو عبيد: ليس في قوله لا يورد ممرض على مصح إثبات العدوى، بل لأن الصحاح لو مرضت بتقدير الله، ربما وقع في نفس صاحبها أن ذلك من العدوى فيفتتن، فأمر باجتنابه .
و ذهب مؤلف عون الباري بحل أدلة البخاري، الشيخ محمد صديق خان القنوجي البخاري بأن المراد بنفي العدوى: أن شيئا لا يعدي بطبعه، نفيا لما كانت الجاهلية تعقده، من أن الأمراض تعدي بطبعها من غير إضافة إلى الله تعالى، كما سبق، فأبطل اعتقادهم ذلك، و أكله مع المجذوم ليبين لهم، أن الله تعالى هو الذي يمرض و يشفي، و نهاهم عن الدنو من المجذوم، ليبين أن هذا من الأسباب التي أجرى الله العادة بأنها تفضي إلى مسبباتها، ففي نهيه إثبات الأسباب، و في فعله إشارة إلى أنها لا تستقل، بل الله هو الذي إن شاء سلبها قواها، فلا تؤثر شيئا، و إن شاء أبقاها، فأثرت، و على هذا جرى أكثر الشافعية.