انتفاضة ضد قانون «تأمين الحكومة» «صحة المصريين مش للبيع»

حوالي ٧ سنوات فى التحرير

أطلقت لجنة الدفاع عن الحق في الصحة، اليوم، السبت، بالتنسيق مع عدد من النقابات المهنية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني حملة شعبية تحت عنوان "من أجل تأمين صحي اجتماعي شامل وعادل"، عقب موافقة مجلس الوزراء، أول أمس، على مشروع قانون التأمين الصحي الشامل تمهيدا لإرساله إلى مجلس الدولة، ومجلس النواب.

ورفع المشاركون في الحملة الشعبية التي عقدت مؤتمرها الأول ظهر اليوم بدار الخدمات النقابية في شارع القصر العيني بوسط القاهرة لافتات، "صحة المصريين مش للبيع"، "نرفض خصخصة المستشفيات أو مشاركة القطاع الخاص فيها تحت ستار الجودة"، حيث أن مشروع القانون الجديد يزيد من أعباء المواطنين ويلغي التزام الدولة بتسديد العديد من الضرائب لصالح التأمين الصحي.

كما وقع على البيان الافتتاحي عدد من الأحزاب والقوى السياسية، والنقابات المستقلة والحركات الشبابية والهيئات والجمعيات الأهلية وأساتذة الجامعات والمحامين والصحفيين والصيادلة والأطباء وبعض منظمات المجتمع المدني، وما يقرب من 350 شخصية عامة على بيان اليوم معلنين تضامنهم الكامل مع حملة " من أجل تأمين صحي اجتماعي شامل وعادل" لرفض ما وصفوه بتمرير مشروع القانون الحالي، وما يتضمنه من عوار دستوري.

بضاعة فاسدة

قال الدكتور محمد حسن خليل، منسق لجنة الدفاع عن الحق في الصحة، إنهم منذ عام 2007 يواجهون مخططات الحكومات المصرية لبيع المستشفيات العامة حتى وافق مجلس الوزراء قبل يومين على مشروع القانون المقدم بتاريخ 17 نوفمبر الماضي بخصوص التأمين الصحي والذي يفتح الباب واسعا أمام خصخصة الخدمة الصحية وضياع أصول المنشآت الصحية التي بنيت بأموال الشعب المصري عبر سنوات طويلة.

بداية جريمة الخصخصة بحسب تعبيره، عبر هيئة التأمين الصحي الاجتماعي الشامل الواردة في القانون الحالي التي تضم كافة المستشفيات الحكومية وهي الجهة الوحيدة غير الربحية التي تدير وتحدد السعر عبر لجنة تسعير بها خبراء تسعير بالقطاع الخاص بالمخالفة للقانون وقاعدة تعارض المصالح، حيث تتحول المنشآت العامة لمستشفيات تدار من أجل الربح ويتحمل المواطن من اشتراكاته أرباح العلاج.

كما حذفت النسخة الأخيرة الموافق عليها 10 أنواع من الضرائب التي كانت مفروضة في النسخ السابقة لتغطية التأمين الصحي،  وحذفت أيضا نصا كان موجودا التزاما بنص الدستور ، بأن الانفاق الحكومي على القطاع الصحي لا يقل عن 3% من الناتج القومي".

وينص مشروع القانون الحالي على أنه "يجب أن تستوفي المستشفيات معايير الجودة" وفي حالة عجز أي مستشفى عن الوفاء بذلك يتم إلغاء التعاقد معها تمهيدا لبيعها وخصخصتها، على حد قوله ومن ثم فإن جوهر القانون الحالي عودة الشركات القابضة تحت ستار الجودة.

وأضاف، "عاوزين يبيعوا لنا في 2017 البضاعة الفاسدة في 2007 التي لم يطرأ عليها أي تغييرات من أجل خصخصة المستشفيات التي تقدم الخدمة الطبية بالمجان للمواطنين بعد رفض قرار تحويلها لشركة قابضة ربحية في 2007".

الجودة.. خديعة حكومية

فيما قالت الدكتور منى مينا، وكيل نقابة الأطباء إن التعاقد طبقا لمعايير الجودة المنصوص عليه في قانون التأمين الصحي الاجتماعي الشامل مجرد ستارة خلفية للخصخصة، حيث ينص مشروع القانون الحالي الموافق عليه من قبل مجلس الوزراء بضرورة تقديم خدمة صحية ذات جودة ومن يعجز عن ذلك يفسخ التعاقد معه.

وأكدت مينا أنه قبل الحديث عن معايير الجودة لابد من تلبية الاحتياجات والمقتضيات الأساسية لتقديم الخدمة الصحية العادلة للمواطنين من خلال توفير نصيب عادل من الانفاق الحكومي الذي نص عليه الدستور لم توف الدولة حتى الآن نصف الحد الادنى الذي نص عليه.

وأضافت، وجود 75% عجز في أطقم التمريض بالمستشفيات الحكومية، فضلا عن وجود  عجز  كبير في أطباء الطوارئ ومراكز طب الأسرة وقوائم الأدوية الأساسية الناقصة بوحدات الرعاية الأساسية يهدد صحة المواطنين.

وأوضحت وكيل الاطباء أن الجودة بالقانون المطروح قشرة ليس لها علاقة بالخدمة أو تحسينها وما وراء معايرة مستشفيات الدولة طبقا لمعايير الجودة يحمل ستارة خلفية ضياع وانهيار المستشفيات وتمرير كارثة الخصخصة وبالتالي فإننا نقف ضد استخدام الجودة ستارة لبيع المستشفيات التي بنيت من أموال الشعب المصري حتى لا تزيد معاناة المواطنين في العلاج.

وتابعت، المرعب في القانون الجديد أن تضيع أصول المستشفيات الصحية تحت ستار مشاركة القطاع الخاص لتطويرها تمهيدا لبيعها، وبالتالي لابد من وجود نص جاد واضح أن المستشفيات الحكوميةىغير مطروح بيعها أو مشاركة القطاع الخاص في إدارتها بدلا من طرحها للبيع كما يحدث اليوم مع مستشفيات التكامل الصحي.

تدمير النظام الصحي

ومن جانبه أشار الباحث الاقتصادي اليساري إلهامي الميرغني إلى أن القانون الحالي مشروع قديم يستهدف الخصخصة رغم أن الصحة حق لكل مواطن وليست منحة وبالتالي فإن هدف الحملة الشعبية الرئيسي صحة المصريين، للدفاع عن مستشفياتهم العامة في كل قرى ونجوع مصر.

وأضاف، ما يحدث من ضم فئات اجتماعية للتأمين الصحي الشامل دون دراسة، مثل ضم المرأة المعيلة والفلاحين بدلا من تغطية مظلة التأمين الصحي العادلة غير الربحية لكافة الفئات هو تخبط من قبل حكومة فاشلة تدمر بنية النظام الصحي المملوكة للشعب والتي تقدر بأكتر من تريليون جنيه.

وأوضح الميرغني أن أكثر من 1300 مستشفى عامة انخفضت اليوم إلى600 فقط كما يوجد نحو 20.6 مليون تلميذ في مختلف مراحل التعليم ما قبل الجامعي بعد أن كانوا يسددون 4 جنيهات تأمين صحي سنويا والدولة تسدد لهم 12 جنيها بإجمالي 15 جنيه تضاعفت إلى 108 جنيه شهريا.

الكارثة الأكبر بحسب الميرغني في ربط تسديد اشتراكات التأمين كشرط أساسي للاستمرار في الدراسة في ظل وجود 27% من المصريين تحت خط الفقر المدقع و 46% يعملون في القطاع الخاص غير المنظم ومن ثم فإن زيادة المساهمات والاشتراكات دون حد أقصى كارثية.

كما أن اللائحة رقم 200 التي طبقت على المستشفيات العامة بوابة خلفية لخصخصة الخدمات الصحية عبر استحواذ شركات القطاع الخاص على المنشآت الصحية وعلى رأسها أبراج كابيتال.

دولة غنية تديرها عصابة

فيما قال الخبير الاقتصادي، الدكتور عبدالخالق فاروق، إن مصر دولة غنية تمتلك كل شيء، ولكن تديرها عصابة ودون تطبيق نظام ضريبي عادل على الأقل 35% بدلا من 22.5% على أرباح الشركات والأفراد على حد سواء مما يساهم في توفير 150 مليار  جنيه سنويا.

وطالب فاروق في تصريحات خاصة لـ"التحرير"، أن اجتماع لجنة الحق في الصحة اليوم يحمل وثيقة اتهام عامة في مواجهة مشروع القانون الحالي للتأمين الصحي الاجتماعي الشامل الموافق عليه من قبل مجلس الوزراء.

وأضاف، اليوم فقط فهمت مقولة الرئيس عبدالفتاح السيسي: "عندنا 6 مليون موظف بالدولة يكفينا مليون فقط والذي ينم عن جهل شديد ضمن مخطط قديم وضحت معالمه اليوم من أجل التخلص من 450 ألف موظف بالصحة، مرورا بباقي العمالة في مختلف القطاعات والهيئات الرسمية تمهيدا للتخلص من الشعب"، بحسب تعبيره.

وأكد فاروق أن الفوضى مطلوبة في صك الأجور والمرتبات بأوامر عليا، حيث يصرف اليوم 1800% شهريا كمرتبات للعاملين بمؤسسة الرئاسة و1400٪ لموظفي مجلس الوزراء و1100 لموظفي المالية، فضلا عن العاملين بالقوات المسلحة الذين يخرجون عن بند الأجور والمرتبات المدرج ضمن الموازنة العامة للدولة.

ربط سداد اشتراكات الأطفال بالتعليم «كارثي»

وذكر الباحث محمد عبدالسلام، أن فرض المساهمات على المؤمن عليهم عبر القانون الحالي والذين يسددون نحو 6.5% يتنافى مع مبدأ التمسك بقيمة عادلة للاشتراكات، حيث يوجد نحو 12 مليون عامل غير منتظم يتم تحميلهم 9% بصورة شهرية والأفدح من ذلك أن المشروع الجديد يربط تقدم الطفل للدراسة بسداد  أقساط التأمين الصحي وفي حالة عدم القدرة على السداد يفصل ذويهم من المدرسة أو لا يلتحقون بالتعليم، قائلا: ربط الصحة بالتعليم عشان يدمر الاثنين وهو ما يزيد من تضخم نسبة الأمية وارتفاع نسب التسرب من التعليم الأساسي.

في المقابل، أضاف عبد السلام، أن الدول في أغلب نظم التأمين الصحي الاجتماعي تكون ملزمة بدفع اشتراكات الأطفال التي تعد صحتهم جزء أساسي من مسئولية الدولة، ومن ثم لابد أن تتحمل الدولة العبء الأساسي في علاج الأطفال أو الحصول على اشتراك رمزي من الأهالي دون ربط ذلك بالحق في التعليم.

كما أن المواطن عند اجراءه الكشف والفحوصات الطبية مطالب بسداد 5% من قيمة التحاليل 10% من ثمن الأشعة بما يعني أنه في كل مرة ملزم بسداد ما بين بين 100 و200 جنيه كل مرة.

هذا بالاضافة إلى رفع اشتراك الزوجة التي لا تعمل من 2%  من اجمالي أجر الزوج إلى 2.5% وكذلك زيادة اشنراك كل ابن من 0.5 % إلى 0.75% وتم الزام أصحاب المعاشات بدفع اشتراك الزوجة والأبناء المعالين ومساهماتهم.

تضامن برلماني

عدد من أعضاء مجلس النواب وعلى رأسهم تكتل 25-30 وقعوا على بيان الحملة الشعبية من أجل قانون تأمين صحي اجتماعي شامل وعادل على رأسهم المهندس هيثم الحريري وأحمد طنطاوي والدكتور محمد عبدالغني وعبدالحميد كمال وخالد يوسف ونادية هنري والدكتور خالد الهلالي وغيرهم.

قال النائب محمد عبدالغني، عضو تكتل 25-30 داخل مجلس النواب إنهم لن يتخلوا عن القيام بواجبهم تجاه حق المواطنين في التعليم والصحة تحت قبة البرلمان وفي أي مكان.

وأضاف أن مجانية الصحة يتم التحايل والمراوغة عليها تحت ستار الجودة حينا وتطوير المنشآت الصحية في كثير من الأحيان، مؤكدا أن نظام التأمين الصحي الجديد لن يمر مرور الكرام من مجلس النواب في حالة الضغط الشعبي من كافة القوى الوطنية.

شارك الخبر على