« القاهرة » تحتضن أشقاءها وتسعى لحل توافقي للأزمة الليبية

حوالي ٧ سنوات فى أخبار اليوم

مرت دول المنطقة خلال السنوات الماضية بأحداث كثيرة ومنعطفات خطيرة، ورغم الأحداث التى مرت بها مصر خرجت منها قوية رغم كيد الحاقدين، وعادت مصر لتمارس دورها الإقليمى، وكانت حاضرة بقوة فى حل الأوضاع الليبية، وتبحث من خلال الليبيين عن حلول ليبية لكل المشاكل والأزمات التي تمر بها الشقيقة «ليبيا» .

ووجهت القيادة السياسية في مصر بتشكيل لجنة مصرية معنية بالملف الليبي، يترأسها شخصية عسكرية ذات ثقل وتعي جيدا أبعاد الأمن القومي العربي والمصري، وهو الفريق محمود حجازى، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وبالتعاون مع ممثلين من الجهات المعنية فى الدولة.

وعقدت اللجنة خلال الشهور الماضية أكثر من 15 اجتماعا مع مختلف القوى السياسية ورموز المجتمع في ليبيا، ولم يتم تجاهل أو غض الطرف عن فصيل على حساب الآخرين، للتأكيد على وحدة التراب الليبي وحرمة الدم وأن ليبيا دولة واحدة لاتقبل التقسيم، وحدة الجيش الليبي الى جانب شرطة وطنية لحماية الوطن والإضطلاع الحصرى بمسئولية الحفاظ على الأمن وسيادة الدولة .

بالإضافة إلى ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة الليبية ووحدتها وإحترام سيادة القانون وضمان الفصل بين السلطات وضمان تحقيق العدالة، وترسيخ مبدأ التوافق وقبول الأخر ورفض كافة أشكال التهميش والإقصاء .

وشددت اللجنة على رفض وإدانة التدخل الأجنبى وأن يكون الحل بتوافق ليبي، وتعزيز وإعلاء المصالحة الوطنية الشاملة .

 وهنا يجب التأكيد على أن الليبيين هم من بيدهم الأمر لا بيد غيرهم، وطريقهم للخروج من النفق المظلم إلى الوضع السياسى السليم وهو أمر سهل طالما توافرت الإرادة الشعبية بما يتماشى مع الوضع القائم.

 
«بوابة أخبار اليوم» ترصد أبرز ما جاء في اجتماعات اللجنة المعنية بالملف الليبى، مع عدد كبير من الشخصيات الليبية على مختلف الاتجاهات، تمثلت الاجتماعات فى تنوعات من مختلف الأطياف الليبية المختلفة، والدور المصري لحل الأزمة الليبية .

ربما الأخبار التى ترد حول عمل الملف الليبى لا توضح حجم الخلاف بين الفصائل بعضها البعض، وكيف أن هناك تباينا فى الآراء بين كافة الفصائل ومراعاة للمصالح الشخصية على حساب الوطن، وكلها أمور عرفت عن المتصدرين للمشهد السياسى الليبى فى أعقاب ثورة 17 فبراير، إلا أننا نحاول رصد تلك الأمور وغيرها.

محاور التحرك المصري لحل الأزمة الليبية

ومما يبدو أن اللجنة المعنية بالملف الليبى لجأت إلى محاور عملية فى التحرك، منها تكوين بيئة شعبية حاضنة لجهود التوافق، وتم عقد عدة لقاءات حضرها شخصيات سياسية وإعلامية وبعض الحقوقيين ورموز القبائل.

 
كما تحركت اللجنة المعنية نحو الحديث مع المسارات التشريعية وهى البرلمان الليبى أو ما يعرف بمجلس النواب الليبى فى الشرق والمجلس الأعلى للدولة، وهو ما برز من خلال إجراء العديد من اللقاءات لممثلى مجلس النواب الليبى والمجلس الأعلى للدولة وبعض أعضاء المؤتمر الوطنى المنتهية ولايته.

 
وتطرقت جهود اللجنة المعنية أيضا إلى العمل على تقريب وجهات النظر بين القيادات السياسية والعسكرية ومنها رئيس مجلس النواب ورئيس المجلس الرئاسى والقائد العام للقوات المسلحة الليبية، بالإضافة إلى توفير الدعم الإقليمى عبر التواصل مع دول الجوار مع ليبيا ولقاء ممثلى ومبعوثيات المنظمات العربية والدولية، والآليات المعنية لتسوية الأزمة الليبية مثل الاجتماعات مع دول الجوار الليبى واللجنة الأفريقية وجامعة الدول العربية إلى جانب لقاءات ممثلى الاتحاد الأفريقى ومبعوثى المنظمات والقوى الدولية المعنية بالشأن الليبى (المبعوث الأممى لدى ليبيا – حلف الناتو – مبعوث القوى الدولية".

 
تحركات إقليمية ودولية لعرقلة المساعي المصرية في ليبيا

ورغم تلك الجهود التى رصدناها، فإن هناك جانبا مريبا من قبل بعض القوى الإقليمية والدولية تتمثل فى طرح مبادرات كثيرة تعرقل العمل على مبادرة واحدة وجدية، وتميزت كلها بأنها تراعى مصالح الغرب قبل مصلحة الليبيين أنفسهم، وفى ظل المبادرات المتعددة المطروحة على الساحة (الإقليمية / الداخلية / الدولية) لتسوية الأزمة الليبية، حرصت مصر على أن يأتى الحل برؤية ومقترح ليبى ليبى بعيداً عن أى إملاءات أو توجهات خارجية .

 
رؤية توافقية لحل الأزمة الليبية برعاية مصرية

وأفرزت لقاءات الأطراف الليبية فى مصر عن الخروج برؤية توافقية تستند على الاتفاق السياسى كإطار للتسوية وعبر إجراءات تنفيذية بدعم مصرى ورعاية أممية تمثل فى تشكيل لجنة من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، بحد أقصى 15 عضوا من كل مجلس، ويتم الدفع حاليا لتشكيل تلك اللجان، مما يعطى لليبيين فرصة ذهبية لجل الأزمة وفق حل ليبى بشكل كامل.

 أيضا توصلت اللجنة المعنية إلى قيام مجلس النواب بإجراء تعديلات تسمح بتضمين التعديل الدستورى للبيان السياسى الخارج عن اجتماع الفصائل الليبية بالقاهرة، فى إطار صيغة توافقية شاملة، بالإضافة إلى العمل على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية قبل فبراير 2018، وذلك من خلال طرح الفصائل الليبية فى اجتماعات القاهرة.

 وتوافقت الفصائل الليبية على استمرار شاغلى المناصب القيادية فى مناصبهم حتى انتهاء المرحلة الانتقالية.

الدور المصري في دعم جهود تسوية الأزمة الليبية

يمكن أن نرصد أن الدور المصرى فى دعم جهود تسوية الأزمة الليبية ينطلق فى إطار العديد من الثوابت، هى الحفاظ على هوية الدولة الليبية بعيداً عن أى انتماءات دينية أو قبلية ووحدة وسلامة الدولة الليبية ضد أى محاولات للتقسيم مع رفض وإدانة كافة أشكال التدخل الخارجى فى الشأن الليبى، وضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة الليبية ووحدتها واحترام سيادة القانون وضمان الفصل بين السلطات وتحقيق العدالة .

 
كما تتضمن ثوابت الدور المصرى فى إعلاء وتعزيز المصالحة الوطنية الشاملة وترسيخ مبدأ التوافق وقبول الآخر ورفض كافة أشكال الإقصاء والتهميش، والحفاظ على وحدة الجيش الليبى وممارسته لدوره فى تأمين حدود الدولة الليبية ومكافحة كافة أشكال التطرف والإرهاب.

 
ولم يقتصر الدور المصرى على جهود تسوية الأزمة السياسية فقط ولكن امتد اهتمام القيادة المصرية عبر اللجنة الوطنية المصرية لتذليل كافة الصعاب أمام الأشقاء الليبيين المتواجدين والمترددين على مصر بتقديم العديد من التسهيلات يتمثل أبرزها، فى تسهيل إجراءات دخول وخروج السيارات الليبية إلى مصر من خلال مد فترة السماح للسيارات المتواجدة بالبلاد لمدة 6 شهور تجدد لمدة مماثلة، وتطبيق القواعد والضوابط الجديدة بشأن دخول السيارات الليبية للبلاد، واستثناء بعض السيارات ذات الحالات الخاصة من شرط تقديم دفتر المرور الدولى.

 
كما سمحت القاهرة بالموافقة على تسهيل إجراءات إنشاء مدرسة ليبية بالقاهرة، وتيسير منح تأشيرات الدخول لليبيين الراغبين فى تلقى العلاج بالمستشفيات المصرية، وتسهيل أوضاع الليبيين المقيمين فى مصر والمترددين عليها عن طريق تخفيض الشريحة العمرية المطلوب حصولها على تأشيرة دخول للأراضى المصرية لتكون من (16 – 60 عاما) بدلاً من (18 – 50 عاما)، ومنح الليبيين القادمين للبلاد إقامات سياحية بمنافذ الوصول لمدة 6 أشهر بدلاً من 3 أشهر تجدد لمدة مماثلة .

وسمحت السلطات المصرية بدخول سيارات الإسعاف الليبية إلى مستشفى السلوم العسكرى والعودة، فى إطار الضوابط والإجراءات الأمنية اللازمة، وتسهيل دخول (الطلبة الليبيين الدارسين بالجامعات المصرية المختلفة بشهادة قيد معتمدة / الليبيين من أبناء الأم المصرية / الليبيات المتزوجات من المصريين) دون الحصول على تأشيرة لدخول الأراضى المصرية، بالإضافة للعمل على رفع كفاءة منفذ السلوم البرى تمهيداً لإنشاء منطقة لوجيستية وإدارية متكاملة حول المنفذ وتطوير مستشفى السلوم العام لزيادة معدل استقبال الحالات المرضية .

بيان اللجنة المعنية بالملف الليبي فبراير الماضي

يذكر أن بيان اللجنة المعنية بالملف الليبى أصدرت بيانا فى فبراير الماضى، حول أبرز اللقاءات التى تمت لحل الأزمة الليبية جاء فيه أنه فى إطار الجهود التى تقوم بها جمهورية مصر العربية للمساعدة على تحقيق التوافق بين الأشقاء الليبيين وتسوية الأزمة الليبية بناءً على الاتفاق السياسى الليبى الذى تم التوصل إليه برعاية الأمم المتحدة فى ديسمبر 2015، واستكمالًا للقاءات المكثفة التى عقدت فى القاهرة مؤخرًا لعدد من الفعاليات الليبية، شملت رئيس مجلس النواب، ورئيس المجلس الرئاسى، والقائد العام للجيش الليبى، وأعضاء من مجلسى النواب والأعلى للدولة، وممثلى أعيان وقبائل ليبيا، وممثلى المجتمع المدنى، والإعلاميين والمثقفين الليبيين من كافة المناطق الليبية، استقبلت اللجنة الوطنية المصرية المعنية بليبيا برئاسة رئيس أركان حرب القوات المسلحة وبحضور وزير الخارجية يومى 13 و14 فبراير 2017 كل من عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبى، وكذلك فايز السراج رئيس المجلس الرئاسى، لبحث سبل الدفع بتسوية الأزمة الليبية فى إطار توافقى مبنى على الاتفاق السياسى الليبى.

وأسفرت اللقاءات وقتها عن توافق حول عدد من الثوابت الوطنية غير القابلة للتبديل أو التصرف، على رأسها الحفاظ على وحدة الدولة الليبية وسلامتها الإقليمية، وما يقتضيه ذلك من تأسيس هيكل مستقر للدولة ودعم مؤسساتها ولحمة شعبها، والحفاظ على الجيش الليبى وممارسته لدوره، ورفض وإدانة كل أشكال التدخل الأجنبى فى الشأن الليبى، والتأكيد على حرمة الدم الليبى، والالتزام بإقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة مبنية على مبادئ التداول السلمى للسلطة والتوافق وقبول الآخر، ورفض كافة أشكال التهميش والإقصاء لأى طرف من الأطراف الليبية، وتعزيز المصالحة الوطنية، ومكافحة كل أشكال التطرف والإرهاب.

نتائج اجتماعات القاهرة لتسوية الأزمة الليبية

وأكد القادة الليبيون على التزامهم بالعمل على حقن الدماء الليبية ووقف التدهور فى الأوضاع الأمنية والإنسانية والخدمية، واستعادة الاستقرار ورفع المعاناة عن أبناء الشعب الليبى، من خلال معالجة عدد محدود من القضايا المعلقة فى الاتفاق السياسى الليبى للخروج من الأزمة الحالية، على النحو الذى تم التوافق عليه فى سلسلة اللقاءات التى أجريت فى القاهرة، ومن بينها مراجعة تشكيل وصلاحيات المجلس الرئاسى، ومنصب القائد الأعلى للجيش الليبى واختصاصاته، وتوسيع عضوية المجلس الأعلى للدولة، ولمعالجة هذه القضايا، استمعت اللجنة للأفكار البناءة التى طرحها القادة الليبيون بروح إيجابية، واستخلصت اللجنة وجود قواسم مشتركة بين القادة الليبيين للخروج من الانسداد الحالي وتم الوصل وقتها لبيان القاهرة.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على