حكم الصلاة بالحذاء

أكثر من ٣ سنوات فى الوفد

يسأل الكثير من الناس عن حكم الصلاة بالحذاء فأجاب الشيخ ناصر ثابت العالم بالاقاف وقالثبت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه صلّى بنعله -حذائه- وقد فعله النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ودعا الصّحابة إلى فعله من باب مُخالفة اليهود، وكان يفعل ذلك في أحيان، ويتركه في أحيان أخرى.

وقد سُئِل أَنَس بْن مَالِكٍ -رضي الله عنه- بصفته خادم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عن ذلك، فقيل له: (أَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ)،إلا أنّ فعل النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يستوجب خُلوَّ نعليه من النّجاسات الحِسيَّة، وقبول ذلك من حيث المبدأ؛ حيث كان مسجده -صلّى الله عليه وسلّم- مُكوّناً من الحصير وعسف النّخل، فإن كان النّعل نجِساً أو به نجاسةٌ حسيّة لم تجُز الصّلاة به؛ لانتقاضه أحد شروط صحّة الصّلاة وهي طهارةُ الثّياب، أمّا إن نسي المُصلّي أنّ نعله به نجاسة، ثمّ شرع بالصّلاة وهو يلبس حذاءه، فيجب عليه أن يخلعه بمجرّد تذكُّره وعلمه بوجود النّجاسة به.

وقد قال أبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ بخصوص ذلك: (بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ؛ إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَوْمُ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلاتَهُ، قَالَ: مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ؟ قَالُوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ جِبْرِيلَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا أَوْ قَالَ أَذىً، وَقَالَ إِذا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ، فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذىً فَلْيَمْسَحْهُ، وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا).

وقد ورد سبب فعل النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لذلك، ولبس نعلَيه أثناء الصّلاة؛ حيث أشار إلى أنّ ذلك يُعدّ من باب مُخالفة اليهود، فقد روى شدّاد بن قيس -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (خَالِفُوا الْيَهُود فَإِنَّهُمْ لا يُصَلُّونَ فِي نِعَالهمْ وَلا خِفَافهمْ).[٨] فيكون سبب مشروعيّة الصّلاة بالنِّعال وعلّتها هو مُخالفة اليهود؛ حيث إنّهم وقت الصّلاة الخاصّة بهم يخلعون نِعالهم وخِفافهم كما جاء عن النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الحديث سالف الذِّكر. هذا من حيث مشروعية الصّلاة بالنِّعال؛ أمّا حُكمها فمُختلَفٌ فيه عند الفقهاء، ويختلف حكمها كذلك في العصر الحاضر عن حكمها في عصر النبيّ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من عدّة جهات.

وفيما يأتي بيان حُكم لبس النعال في الصّلاة سابقاً، وحكم ذلك في الوقت الحاضر مع تعليلٍ لذلك: حُكم لبس النِّعال في الصّلاة في عصر النبيّ، وعصور الصّحابة والتابعين، والفقهاء: قد اختلف الفقهاء في حُكم الصّلاة بالحذاء في العصور الأولى لظهور الإسلام؛ حيث كانت المساجد حينها غير مفروشةٍ، وتعتمد بشكلٍ واضحٍ على الحجارة المُسهّلة والحصير البدائيّ الصُّنع، وغير ذلك ممّا لا يجعل في تنظيفها عناءً ولا مشقّةً، وفيما يأتي بيان رأي الفقهاء في ذلك:

يرى المالكيّة والشافعيّة أنّ لبس الحذاء في الصّلاة إن كان طاهراً جائزٌ مُباحٌ شرعاً، لكنّ ذلك غير مُستحَبّ؛ حيث إنّ النبيّ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد فعل ذلك، كما يجوز عند المالكيّة السّير في المسجد بالحذاء إن كان طاهراً، بينما نقل ابن رجب الحنبليّ عن الشافعيّ أنّه يرى أنّ خلع النّعل في الصّلاة أوْلى من لبسه. يرى علماء الحنفيّة والحنابلة أنّ الصّلاة بالنِّعال مُستحبّةٌ مَسنونةٌ؛ لفعل النبيّ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لذلك، ويُشترَط عندهم كذلك أن تكون النِّعال طاهرةً، لا تحمل أقذاراً أو نجاساتٍ.

شارك الخبر على