روسيا وإيران تناوران بالورقة الكردية وسط انتقادات متبادلة

أكثر من ٧ سنوات فى التحرير

في الوقت الذي تستخدم فيه روسيا الورقة الكردية ضمن سيناريوهاتها في الأزمة السورية، تقوم بتوجيه اتهامات إلى الولايات المتحدة لأنها تناور أيضًا بنفس الورقة.
وأشار مصدر في الخارجية الروسية إلى أن مطالبة الأكراد بمدينة الرقة وتوسيع مساحة المناطق التي يسيطرون عليها خارج حدود كردستان، دليل على وجود تأثير خارجي.

ويرى المجلس الفيدرالي الروسي أن الولايات المتحدة تلعب لعبتها هناك، حيث تعزز مواقعها في شمال سوريا، وأن واشنطن، تحت شعار نية محاربة الإرهاب، قد تخفي رغبتها في لعب الورقة الكردية لتفكيك سوريا.

مصادر الخارجية الروسية تروِّج أيضًا لرواية مفادها أن مشاركة الأكراد في عملية تحرير الرقة من "داعش" تمليها وعود قوى خارجية وعدتهم بدعم سياسي خلال تسوية النزاع السوري، لكن لا يوجد، (حسب المصدر الروسي)، لدى الأكراد ضرورة عسكرية في استعادة الرقة، لأن مصلحتهم قبل كل شيء هي في حدود أراضي كردستان، ولكن حقيقة تقدمهم دليل على أنهم حصلوا على ضمانات بإمكانية حماية عن حقوقهم في مستقبل سوريا.

في هذا الصدد تحديدًا، رأت صحيفة "إزفيستيا" الروسية أنه ليس من الصعب الحدس بأن الولايات المتحدة الأمريكية هي القوة الخارجية المؤثرة في هذه الحالة، فقد سبق لها أن ضاعفت قواتها في المناطق التي تقع تحت سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية"، التي يشكل الأكراد عمودها الفقري - والحديث هنا يدور عن 400 من مشاة البحرية الأمريكية وبطاريات المدافع ذاتية الحركة، بينما كان يُقدر عدد القوات الأمريكية بـ500 شخص سابقًا، ووفقًا للمعطيات - يرابط هؤلاء في محافظة الحسكة وينسقون نشاط "قوات سوريا الديمقراطية".

أما رئيس مجلس منظمة الحكم الذاتي الثقافي لأكراد سوريا فرحات باتييف، فقد أعلن، أن "إرسال وحدات أمريكية إضافية مرتبط مباشرة بعملية تحرير الرقة، لأن العملية ستكون صعبة وقد تنطلق بعد بضعة أسابيع، ولكن يجب التحضير لها جيدًا قبل انطلاقها".

وفي ما يتعلق بمصير المدينة مستقبلًا من حيث انضمامها إلى منطقة الحكم الذاتي من عدمه، فإن السكان هم الذين يقررون ذلك. بيد أن الأكراد يصرون على فدرلة سوريا".

وأشارت الصحيفة الروسية إلى أن الأكراد تمكنوا حالًيا من عزل الرقة عن العالم الخارجي. إذ أنهم يسيطرون على المناطق الواقعة شمال المدينة، وقبل أيام تمكنوا من قطع الطريق الذي يربطها بدير الزور. ومن الجهة الجنوبية نهر الفرات، حيث كان يمكن عبوره باستخدام جسرين، قصفتهما طائرات التحالف الدولي قبل أسابيع. أي أن الرقة عمليا معزولة وأن استعادتها مسألة وقت.

ومن جهة أخرى، ترى دمشق أن نشاط الأكراد هو بمثابة طعنة في سيادة سوريا، وأن "قوات سوريا الموحدة تعمل تحت غطاء أمريكي، وأن نشاطها هو من إخراج وكالة الاستخبارات المركزية".

وقال نائب رئيس لجنة الشؤون الدولية في المجلس الفيدرالي الروسي أندريه كليموف: إن "الولايات المتحدة تلعب الورقة الكردية، حيث تعزز واشنطن مواقعها هناك. وفي هذه الحالة تبرز خطورة مسألة تقسيم سوريا إلى ما يسمى دولا ذات سيادة، ولا سيما أن الرهان على مكون عرقي واحد قد يكون له عواقب سلبية".

المثير للتساؤلات هنا، هو أن روسيا ترى أنها باستخدامها الورقة التركية، تحاول من جانبها تخفيف حدة الخلافات بين الأكراد والأسد، ويتم تغافل استخدامها ضد أردوغان في حال تردي العلاقات بين موسكو وأنقرة، ويتم أيضًا تجاهل أن روسيا تلعب بهذه الورقة في مواجهة نفس اللعب الأمريكي بها.

ففي 15 فبراير الماضي نظَّمت موسكو لقاء ضم أكراد سوريا والعراق وتركيا وإيران، حيث طالبوا بضرورة تحديد ممثلين عنهم في المفاوضات الدائرة حول سوريا، وفي مؤتمر جنيف 4 الذي انتهى بنتائج متواضعة للغاية.

وصرَّحت الرئيسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا آسيا عبد الله بأن الأكراد يرون أن القضايا المتعلقة بحماية حقوق القوميات أو الطوائف الدينية يجب أن تُثبت في نص الدستور، بدلا من إبقاء إمكانية إحالتها إلى استفتاء شعبي. وشددت على أن الأكراد السوريين يتطلعون لا إلى حكم ذاتي ثقافي فحسب (وهو الذي ينص عليه مشروع الدستور الروسي لسوريا)، بل إلى حكم ذاتي إداري أيضا.

وفي الوقت الذي أشارت فيه رئيسة الحزب إلى دور روسيا كوسيط في الحوار بين الأكراد ونظام الأسد، إلا أنها أعربت عن أسفها لما وصفته بعدم استجابة دمشق لتطلعات الجانب الكردي، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن فكرة إقامة نظام فيدرالي في سوريا من شأنه ضمان وحدة أراضيها.

وفيما يتعلق بمفاوضات جنيف، قالت آسيا عبد الله: إن "الأكراد السوريين لم يتلقوا بعد أي دعوة رسمية للمشاركة في لقاء جنيف"، مشيرة إلى أن موقفهم يتلخص في ضرورة أن يكون للمناطق الكردية في سوريا تمثيل في جنيف.

وأضافت أن هذه المسألة لا تزال قيد النقاش، مهددة بأن الأكراد "غير ملزمين بتنفيذ قرارات اتخذت في غيابهم".

ورأى خبراء معهد الدراسات السياسية الروسي أن أكراد سوريا يطمحون كحد أقصى لإنشاء دولة مستقلة خاصة بهم، أما الحد الأدنى لأهدافهم فهو حصولهم على حكم ذاتي سياسي وثقافي وإداري موسع في إطار سوريا تحت أي حكم، بينما ترى موسكو الرسمية أن الأكراد تمكنوا في ظل الأزمة السورية من رسم ملامح إقليم كردستان السوري، الذي بات يملك جميع الإمكانات المطلوبة لتوفير أمن حدوده، حسب الرؤية الروسية الرسمية.

وقامت موسكو خلال لقاء أستانا 1 في يناير الماضي، والذي غاب عنه الأكراد، بتسليم المعارضة السورية وممثلي نظام الأسد مشروعا روسيا للدستور السوري، (تضمَّن إنشاء منطقة حكم ذاتي موسع للأكراد في شمال سوريا، وهو ما يتعارض مع رغبة تركيا عموما، ومع عملياتها العسكرية في شمال سوريا).

وفي نفس هذا السياق أيضا، أكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن موسكو تبذل جهودا حثيثة لتيسير التفاهم المتبادل بين الحكومة والأكراد في سوريا من أجل الحفاظ على البلاد موحدة.

وقال "لافروف": إن "4 جولات من الاتصالات المباشرة وغير المباشرة بين دمشق والأكراد أجريت، بالوساطة الروسية، خلال الفترة ما بين يونيو وديسمبر 2016. "

وأوضح أن الوفد الحكومي السوري تباحث خلال هذه اللقاءات مع ممثلين عن القوى السياسية والاجتماعية لأكراد سوريا، من بينهم، قيادات في "وحدات حماية الشعب" الكردية بسوريا.

شارك الخبر على