جراحة فى قلب «معبد الكرنك» لإنقاذه من الطوب الأحمر والأسمنت الأسود

أكثر من ٧ سنوات فى أخبار اليوم

شمال مدينة الأقصر، يوجد «معبد الكرنك» أعظم المعابد التى شُيدت فى تاريخ مصر القديم، ولا يزال ما تبقى من اطلاله شاهدًا على إبداعات حضارتنا القديمة،وتخضع معابده حاليا لواحدة من أكبر عمليات الترميم ينفذها خبراء«المركز الفرنسى للدراسات والأبحاث الآثرية»، بالتعاون مع إدارة ترميم الآثار بالمعبد، بداخل أروقة المعبد الخاص بـ«الأخ منو»- صالة الإحتفالات- الذى كانت تُقام به الطقوس الملكية المُقترنة بمراسم عبادة»آمون»،ويلفت الآثرى الطيب جابر أحمد، مفتش آثار معابد الكرنك إلى أن هذا المعبد كان قد تم ترميمه فى الستينات من القرن الماضي، وإستخدم فيها الطوب الأحمر والأسمنت الأسود، مما جعلها غير مناسبة تماماً مع لون المعبد، ويتم حاليا تطبيق أسلوب ترميم علمى حديث يتماشى مع لون الأثر.
ويوضح الطيب أن خطة أعمال الترميم فى معبد الأقصر صاحب لقب «قصر ملايين السنين» تتم من خلال التسجيل بالصور الفوتوغرافية على برامج الفوتوشوب، وإزالة طبقة الأسمنت التى تم بها الترميم القديم، وتقوية الأجزاء الضعيفة بالأعمدة والأسقف، والبدء فى عملية تثبيت النقوش الجدارية، بإستخدام مواد حديثة آمنة يقوم بها خبراء متخصصون سواء من إدارة الترميم المصرية أو من الجانب الفرنسي، لحماية وصيانة الآثر،ومشيرا إلى أنه قد تم الإنتهاء من قرابة نصف الأعمال وجارى إستكمال عمليات الترميم للإنتهاء منها تمهيداً لإفتتاحه للزيارة.
وتعتبر معابد الكرنك بمثابة سجل حافل للتاريخ، إبتداء من عصر«الدوله الوسطى»و حتى حُكم«البطالمه» لمصر،حيث قام ملوكها بتشييد المقاصير، والبوابات فى حرم«الكرنك»، وتقدم صورة واضحة لتاريخ مصر فى قوته وازدهاره على مدار حقبة من الزمن تصل إلى ألفى عام، وتعتبر من أكبر وأعظم ماتم بناؤه من صروح ضخمه خُصصت للعبادة فى تاريخ العالم كله،ورغم مساحته الكبيرة التى يشغلها حاليا،إلا أن هناك أجزاء كثيرة من معابد قد اختفت أو تم هدمها،ولاتزال الصروح العشرة لمعبد«آمـون رع» بالكرنك، مليئة بأعداد كبيرة من القطع الحجرية التى أستعملت كحشو لها،ومن بين تلك الصروح ستة على محور شرق غرب، وأربعة على محور شمال جنوب.. بالإضافة إلى معبد«رعمسيس الثالث»، وحديقة«آمون»، وحجرة الأجداد، والبُحيرة المقدسة، والمتحف المفتوح الذى يضم مقاصير:«سنوسرت الأول، وأمنحتب الأول، وحتشبسوت وتحتمس الرابع، ومجموعة تماثيل للإلهة سخمت، وعناصر معمارية أخرى»، كما تقف مسلتان شامختان فى معبد الكرنك، إحداهما للملكة حتشبسوت، والأخرى للملك تحتمس الأول، بالإضافة إلى أجزاء مكسورة من مسلة«حتشبسوت».
 ويلفت د. الطيب الى ان صالة احتفالات فى اورقة معبد «الأخ منو» قد شيدها الملك«تحتمس الثالث»، فى العام الثالث والعشرين من حكمه، ويتقدمها تمثالين له، وكان مدخله يقع فى الطرف الشرقى لممر موكب الطواف المُحاذى للضلع الجنوبى لمعبد»آمون»، وإلى الغرب تمتد قاعة كبيرة معروفة بإسم»حرت إيب»، تحتوى على»32» إسطوانأً على هيئة»خيمة»، لاتزال نقوشها البارزة تحتفظ بقدر كبير من ألوانها المتعددة الزاهية، تؤدى شمالاً إلى قاعة خاصة بعبادة الشمس، وفى الوسط لمقصورة»آمون».. كما تؤدى جنوباً لقاعات كانت مخصصة لعالم الاله«سوكريس»الجهنمي، وفى الناحية الشمالية يوجد ممر مائل يتيح الصعود فوق السطح حيث كانت تُقام طقوس خاصة بالعقيدة«الهيوبوليتانية».. كما نجد فى مؤخرة مقصورة«آمون» مجموعة من قاعات معروفة بإسم«حديقة النباتات» نظراً لنقوشها الطريفة التى تتكون من حيوانات ونباتات غير مألوفة، ويوضح د. الطيب انه منذ إعتلاء الملك»تحتمس الثالث» عرش البلاد عرفت«الأخ منو» بـاسم قصر ملايين السنيين أى إقامة الطقوس الملكية المُقترنة بمراسم عبادة «آمون» وهذا مايؤكد تصوير تماثيل إبتهالية للعديد من الملوك داخل«حجرة الأجداد»، ويواصل: وخلال العصر المسيحى تحولت لكنيسة تُمارس بها الطقوس الكَنَسيِة هرباً من الإضطهاد إبان عصر«الرومان» فى تلك الفترة، حيث تم تقسيم صالة«حرت إيب»، بفواصل خشبية وتحويل جزء شمالى منها لكنيسة نجد أيضاً عليها مجموعة من الرسومات الدينية القبطية والهالات المسيحية، بالإضافة إلى 3 تماثيل على شكل«ثالوث طيبة المقدس»، بالجانب الشمالى للصالة، ويضيف الطيب صالة حرت إيب بأنها نموذج معماريا مختلفا وفريدا لإستخدام أعمدة مستطيلة الشكل- آي«أوتاد الخيمة»، بينما المثال الوحيد الآخر المعروف يوجد فى مقبرة« أمنمحات- سورر» فى جبانة طيبة.
 

شارك الخبر على