فى ذكرى ميلاده الـ ٨٢.. حكايات من حياة الساخر «مصطفى حسين»

أكثر من ٨ سنوات فى أخبار اليوم

◄| بيكار : مصطفى حسين ليس فى حاجة إلى الدراسة ؟!
◄| والده غرق فى الأسكندرية قبل ميلاده
◄| كان يقول : لو رسمت أحمد رجب سأرسمه يعصر فينزف سخرية

تمر اليوم الذكرى الـ 82 على ميلاد الفنان الكبير مصطفى حسين ، الذى ولد فى 7 مارس 1935 ، رائد من رواد فن الكاريكاتير المصرى والعربى وجيل الظرفاء النادرين .. وأحد أعمدة دار أخبار اليوم العريقة .. ، رغم مرور أكثر من عامين على رحيل الساخر صاحب القفشات والنقد اللاذع .. إلا أن صوته الرخيم مازال يهمس فى أذنى وهو يسألنى عن صفحة "حاول تبتسم" قائلًا : أيوا ياطارق .. إيه أخبارك ؟ .. وأخبار الصفحة إيه ، خلصت .. واخترت إيه للألمعيين "فقد كان يحب أن يطلق على الهواة اسم ألمعيين" وكان فى معظم الأوقات فى آخر عامين قبل رحيله لا يحضر إلى الجريدة إلا نادرًا بسبب مرضه ، وكان يطلب منى أن أصف له الكاريكاتير الخاص بالهواة وكان يسأل عليهم بالأسم ، ثم يسأل عن كاريكاتير الفنان الكبير تاج وباقى رسامى الصفحة الفنانين عمرو فهمى ومحمد عمر وأحمد عبد النعيم ، وكان دائمًا ينصحنى ويوجهنى فى أعمالى الفنية التشكيلية ..
فنان وإنسان عظيم
وعندما أقمت معرضى "رؤية مصرية" بدار الأوبرا المصرية عام 2014 قبل خمسة أشهر من رحيله طلبت منه على استحياء أن يحضر ليفتتح المعرض مع الأستاذ ياسر رزق رئيس مجلس الإدارة ، وكنت أعلم تمامًا أن حالته الصحية لا تسمح بذلك ، ولكنه وعدنى بأنه سيحاول الحضور ، وفرحت جدًا عند حضوره ، وبكيت فى آن واحد عندما رأيته يحضر فى السابعة تمامًا موعد الافتتاح بسبب عدم مقدرته على الحركة بسهولة .. لدرجة أنه لم يستطع أن يصعد عددًا قليلاً من درجات السلم ليشاهد باقى المعرض بالدور الثانى بقاعة صلاح طاهر .. إنه مثال وقدوة لأى فنان كبير ، وإنسان عظيم فى أمور كثيرة .. افتقدته فى أمور كثيرة فنية وغير فنية .
ليس فى حاجة للدراسة !!
وعلى الرغم أن الفنان مصطفى حسين الطالب بكلية الفنون الجميلة كان أحسن طلاب دفعته وأكثرهم موهبة ، إلا إنه كان لا يستطيع مقاومة إغراء عمله فى الصحافة ، وكان غير منتظم فى دراسته ، وكثير التغيب عن محاضراته فى الكلية بسبب إرتباطه بالرسم فى إحدى المجلات ، وتسبب ذلك فى عدم حصوله على النسبة المقررة للنجاح ، وكان أستاذه الفنان الكبير حسين بيكار يحذره كثيرًا ، ولكن عشقه للصحافة طغى على دراسته .. فكان القرار الصعب لبيكار بتطبيق اللائحة عليه وحرمانه من دخول الامتحان مما ترتب عليه الرسوب وإعادة السنة الدراسية .. وقال بيكار عنه بعد ذلك : لو كان الأمر بيدى لكنت منحت مصطفى حسين البكالوريوس بل درجة الدكتوراة ، وأعفيه من دراسة ليس فى حاجة إليها ، فكم من حملة الشهادات لا يستحقون أن يغسلوا الفرشاة التى يرسم بها مصطفى حسين .!!
والده غرق فى الأسكندرية
كانت كلمة (المرحوم) من أول الكلمات التى سمعها مصطفى حسين ونطقها ورددها فيما بعد ، فبدلًا من أن يقول (بابا) كان يقول المرحوم ، وبدلًا من أن يشجعه أبوه ويدفعه ، كان المرحوم هو الدافع لمصطفى حسين أن يثبت موهبته بجدارة ويبرهن على أنه يستطيع أن يكون شيئًا كبيرًا فى هذه الدنيا ..
والمرحوم هو والده الذى توفى قبل أن يأتى للدنيا مصطفى حسين فقد كانت أمه حاملًا فيه عندما غرق والده وهو فى سن الخامسة والثلاثين من عمره فى بلاج سيدى بشر وكان سببًا فى كرهه لهذا البلاج ، بل كان يفزع عندما يعلم بأن أحدًا مسافرًا للأسكندرية .
الأستاذ وتلاميذه
كان دائمًأ يذكر أن بيكار هو استاذه الأول بل هو استاذ الجميع .. ويقول مصطفى حسين : أنا تتلمذت على يد الأستاذ حسين بيكار قبل أن أكون تلميذه فعليًا فيما بعد فى كلية الفنون الجميلة ، وبرغم أننا زملاء فى جريدة واحدة لكننى لن أنسى أننى كنت تلميذًا أرتدى الشورت فى مدرسة بيكار حتى قبل أن أقابله ، وبالفعل زاد حبى وعشقى له ، وكنت أرغب أن أكون إبنًا له عندما اقتربت منه وتعاملت معه وهو أستاذى فى الكلية .. أنه فنان عبقرى وإنسان نادر ، يتمتع بالعديد من الخصائص الفنية لا تقل إطلاقًا عن الفنانين العالميين فى عصر النهضة فى أوروبا وفى العالم أجمع ، لم أتحدث عن الجانب الفنى فقط فيه ، فقد كان الجانب الانسانى عنده لا يقل روعة عن فنه ، كان خلوقًا وحساسًأ ، شديد التواضع ، حقًا بيكار فنان متكامل .
أما تلاميذى فلا أتذكر غير قرائى الذين أنشر أعمالهم وموهبتهم فى صفحة ( حاول تبتسم ) .. تلك الصفحة الأسبوعية المتخصصة التى اشرف عليها ، إن معظمهم مواهب رائعة ، رغم أن الكثيرين منهم غير مؤهلين دراسيًا ، لكن فيهم مستويات تفوق من درسوا فى كليات الفنون المتخصصة .
رسمه للمشاهير
فى كتاب "نجوم الصحافة" للكاتب محمد مصطفى .. تتطرق الفنان لرسمه بعد الشخصيات الشهيرة وكيف سيرسمها بفرشاته .. فقد قال وأنا أفكر فى رسم جمال عبد الناصر .. سأرسم له صورة طولية نصفها أبيض والأخر أسود ، أما أنور السادات .. فسأرسمه بنفس الطريقة ، فقد قام الرجل بأعمال مجيدة وفى نفس الوقت له سلبيات كبيرة ..، وبالنسبة لرسمى لمحمد حسنين هيكل : أنه استطاع أن يصل لمرتبة الكتاب العالميين والأن كلمته أصبح لها سعر ، لذلك سأرسمه جالسًا أمام خزينة فى بنك التأليف .. ، والفنان محمد عبد الوهاب سأرسمه هرمًا رابعًا يرتدى نظارة ، والكاتب الكبير مصطفى أمين .. حينها ساتذكر صورة النيل المرسومة على الورقة فئة الخمسة جنيهات القديمة .. إنها صورة النيل وحوله أبناؤه : المحافظات الأربعة عشرة .. أنا أرسم مصطفى أمين هذا النيل العظيم وحوله أبناؤه أجيال متعاقبة من الصحفيين ، وأما عندما أرسم صديق عمرى أحمد رجب .. فسأرسمه يعصر فينزف سخرية .

شارك الخبر على