آل البيت في مصر
about 9 years in أخبار اليوم
هذا عصر غريب هذا عصر المتناقضات المرأة وزيرة والمرأة سفيرة.. المرأة طبيبة.. المرأة استاذة في الجامعة المرأة تملأ المناصب وتملأ صورها الجرائد.. وعلي الجانب الآخر نساء في حالة امتهان دائم.. نساء يعملن منذ الصباح حتي اليوم الثاني نساء يعملن في اكثر من مهنة واكثر من مكان في السادسة صباحا تجري لتمسح سلالم اكثر من عمارة لتتقاضي ثلاثين جنيها عن كل سلم ومنذ العاشرة في احد البيوت حتي الواحدة تنظف البيت وتطبخ سريعا حتي تعود صاحبة البيت من عملها ثم تذهب لبيت اخر لتطبخ طعام يومين لامرأة عاملة اخري وبعد الظهر من الخامسة حتي السابعة تطبخ لبيت آخر وتعود الي بيتها في حالة «هلاك» ولكن تطبخ سريعا لان الاولاد «اتصبروا» باي حاجة حتي تطبخ لهم وكان الزوج قد عاد من عمله ونام ليستريح حتي تحضر الزوجة هذا ليس كلام «جرايد» واقسم بالله ان هذه هي حياة ٧٠٪ علي الاقل من المصريات العاملات سواء مدرسات او موظفات في اي وظيفة بعض الرجال «يحملون الهم» ويساعدون الزوجات في اطار جديد للرجل المصري ولكن معظم الرجال لا يحبون مساعدة الزوجات لانهم يعيشون تاريخا يجعل الرجل يعود ليستريح ثم يأكل حتي يخرج بعد الظهر اما علي المقهي واما مع اصدقائه في النادي بينما المرأة اصبحت تعمل مثله تماما ومسئولة عن وظيفتها ولكن تعيش تاريخ كل امرأة لم تكن تعمل وكل مسئوليتها البيت والطعام والاولاد.. ما زال التاريخ يلصق بالمرأة مسئولية الطعام والبيت والاولاد وزاد علي ذلك مسئولية المرأة عن «المذاكرة» لأولادها التلاميذ ربما يقرأ بعض الرجال هذه المقالة ثم يقولون «نعم الباز» لسه عايشة زمن الرجال غير المسئولين بينما هناك بعض الرجال يجيدون الطبخ وعمل حمام الاولاد «وتوضيب السراير» ولكن اعلم جيدا ان هناك رجالا حتي في جيلي يشعرون بمسئوليات كثيرة نحو الطعام والاولاد ولكن اذكر ان زوجي رحمه الله كان يعود من عمله ويأخذ حماما ثم «يتمدد علي الفراش» واعود انا من عملي واساعد الخدم في تحضير المائدة ثم ادعوه للطعام هذا حينما كانت الخادمات في متناول الجميع وعن نفسي كانت الخادمات يأتين من بلدنا في منتهي السعادة للعمل بالقاهرة والجلسة امام التليفزيون في المساء.
اما الآن فقد اصبحت الخادمات في وظائف من مكاتب ومعظمهن يعملن حتي بعد الظهر فقط ثم تكون الام سعيدة الحظ لتحصل علي خادمة اخري في المساء ولكن «كله بحسابه» ويصبح مرتب الزوجة كله تقريبا «رايح للخادمات» وهي حرة هي المسئولة الاولي عن البيت لهذا تصل مسئوليتها الي تدبير الخدم ويصبح اي تقصير في البيت من مسئولية المرأة وحدها وهي مسئولية ليست سهلة فليس تنظيف البيت ولكن المطبخ وحدة مسئولية تستغرق طول اليوم وحتي آخر الليل حيث تبدأ في الافطار صباحا ثم الغداء ظهرا ثم العشاء وطبعا هناك الشاي بعد الظهر وهي عادة مصرية اصيلة لا تتنازل عنها الاسرة المصرية مهما كانت ازمة الخدم وبعض الازواج يقومون بهذه المهمة لانهم لو لم يقوموا بها في حالة عدم وجود خدم فسوف يحرم من تناول الشاي الا في حالة وجود اولاد وبنات شباب في البيت فيقومون بهذه المهمة اولا لأنهم يريدون «شرب الشاي» ثانيا لانهم يحبون القيام بأشياء مثل التي تحدث في الافلام الاجنبي حيث يقوم الرجال بعمل الشاي للاسرة بمنتهي السعادة ولكنها حالات قليلة ولكن حينما يحدث ذلك تعتبر الزوجة ان زوجها رجل طيب وخدوم وليس هذا واجب.. في واقع الامر مازال مجتمعنا مجتمعا ذكوريا تماما رغم ان المرأة مسئولة ماديا ومعنويا الا ان المجتمع مازال يعتبر أن الرجل الذي يساعد زوجته لا يقوم بواجب وانما يتنازل عن حقه في ان تخدمه زوجته وكأنها لا تعمل مثله تماما وتساهم حتي في مسئوليات الاسرة المادية مثله وربما افضل منه ذلك لانها تعيش لمنظومة العائلية بكل تفاصيلها ولانها مازالت مسئولة تاريخيا وبأثر رجعي عن الطعام والشراب وحتي توضيت الاسرّة وتنظيف وترتيب الثلاجة.. تفاصيل كثيرة رغم عمل المرأة مازال يجهلها الرجال ويعتبرون انها من عمل «نون النسوة»
بالمناسبة الرجال لا يطلبون من المرأة هذه المهام ولكنها تقوم بها تلقائيا اذا نسيت القيام بها فلا يقوم بها احد في المنزل وربما كان بعض الرجال قد اخذوا مهاما ثابتة في البيت مثل تحضير الافطار والذي تكون الزوجة مشغولة بارتداء ملابسها بسرعة لتذهب الي العمل.
وكثيرا ما تعتبر المرأة ان هذا تفضلا وتظل تشكر وتكاد تقبل الايادي لانها مازالت تشعر بمسئوليتها عن نفس العمل وان الزوج قد تفضل عليها وقام بهذا العمل.
اقول قولي هذا واستغفر الله لكل الرجال الذين مازالوا يعيشون المجتمع الذكوري بالرغم من ان المرأة اصبحت في حالة ذكورة يومية فهي تحمل الهموم المادية اكثر من الرجل مليون مرة.
ولدنا خالد بن لادن وأخوته
وخالد بن لادن رغم جذور والده السعودية الا انه ينتمي لأمه المصرية الحاجة «خديجة» تلك السيدة التي رحلت في هدوء وعاشت في هدوء واستطاعت ان تربي اولادها وتزرع فيهم حب بلديهم بلد الاب السعودية وبلد الام مصر واستطاعت بعنفوان الام المصرية ان تعيش كفلاحة اصيلة وفي نفس الوقت سيدة صالون ذكية تحتفي بضيوفها وتحاورهم بنفس صافية هادئة وكان صالونها يجمع بين السعوديات والمصريات.
انالا أعزيك في الوالدة الحاجة خديجة والتي رحلت منذ مدة ولكنها مازالت حاضرة فيكم جميعا وخصوصا ابنتنا العزيزة مني والتي حملتها الوالدة امانة الحفاظ علي أواصر المودة في الاسرة وكانت مني ومازالت تعشق اخوتها ليس بروح الاخت ولكن بروح الام رغم صغر سنها وشبابها ولدنا خالد بن لادن.
استطاعت الوالدة ان ترحل بجسدها ولكن روحها ومصريتها العالية تركتها فيكم بصمة وروحا عالية واحساسا بالوطن وكذلك علمتكم الاحساس بأن الوطن هناك في السعودية يسير معكم حتي اعالي النيل وان السمات المصرية تظل معكم مهما سافرت إلي آخر الدنيا.
تري هل استطعت يا خالد ان تزرع في اولادك مازرعته الوالدة فيكم؟
تري هل نجحت فعلا في ان تجعل اولادك يدينون بالولاء للوطنية وطن الاب ووطن الام؟
لقد كانت السيدة ام خالد شديدة الارتباط بمصر وشديدة الولاء للسعودية حيث وطن الزوج واتعجب لشخصيتها التي استطاعت ان تستوعب ذلك كله بمنتهي الحسم والبساطة وبلا تنازل عن حبة رمل من تراب الوطن سواء هنا أو هناك.
أولاد الحاجة خديجة السيدة العظيمة كانوا علي نفس المستوي من العظمة وحب الوطن ولعل هذا الذي تركته لكم يساوي مال الدنيا.. حيث مال بلا وطن كنهر بلا ماء.
رحمها الله رحمة واسعة وجعلكم خير خلف لخير سلف.
كنافة شادية بشري
سريعا سريعا كما كتبت من قبل تجري أيام الشهر الكريم ولعلها تسرع في سعادة وتترك ذكريات جميلة سواء من الصحبة أو من الصغار الذين يفرحون باللمة ويحاولون الصيام وبعضهم ينجح في أن يصل لآخر اليوم والبعض يخفق ويشرب الماء فقط ولكن يظل للشهر الكريم مذاق خاص شديد الخصوصية والجمال لدي الجميع صائمين ومفطرين ولا يوجد شهر يمر أسرع من شهر رمضان وطبعا عمرنا كله يمر سريعا ولكن العمر شيء وهذا الشهر الجميل شيء آخر فهو شهر يشعر الصغار بأنهم كبروا ويشعر الكبار بأنهم يعيشون فريضة لها مذاق خاص ومصر تعيش رمضان في سعادة بمسلميها وأقباطها وقد كان صديقي الغالي الراحل رءوف عبده يشتري كل اشياء رمضان قبلنا لانه وزوجته الغالية شادية بشري ينشغلون طوال الشهر الكريم بولائم رمضان سواء داعين في بيتهم أو مدعوين عند الاصدقاء.
وكان زوجي رحمه الله يشجع شادية علي عمل الكنافة لانه لم يكن يحب كنافة بعد كنافة والدته إلا كنافة شادية بشري وسباق الكنافة كان له حلو الحديث من بيت لبيت وتتناثر الكلمات:
الكنافة ناشفة شوية أو الكنافة سكرها زايد أو الكنافة احسن من بتاع بره وتظل الكنافة حديث الليالي حتي تصبح بطلا من أبطال الحكايات وكان استاذنا توفيق الحكيم يقول بفلسفته وخفة دمه:
قال كنافة قال.. همه الستات عاوزين رغي وخلاص يعني كل واحدة بتعمل صينية كنافة مش علشان ياكلوها لأ علشان الناس تفضل تحكي عليها لليوم الثاني.
وكنت أتشاءم لو مر رمضان ولم نأكل كنافة شادية ولكن تمر الأيام سريعا ومرض السكر يلاحقني وابتعد أحيانا عن الحلويات ولكن انهزم أمام الكنافة وأقول في نفسي «أكلة كنافة تفوت ولا حد يموت».
ولكن في واقع الأمر لم يعد كل شيء كما كان من قبل ربما لان الاحساس بلذة الطعام محتاج «صحة» والضحك محتاج صحة ورمضان محتاج صحة.
حينما ذعر يزيد بن معاوية
كلما مررت بضريح السيدة زينب ابنة سيدنا علي بن أبي طالب تذكرت شخصيتها القوية الرائعة وهي تجتاز محنة لايجتازها احد ببساطة فقد حضرت مذبحة كربلاء والتي ذبح فيها آل البيت وقطع الجبناء رأس الحسين رضي الله عنه فأخذتها السيدة زينب واحتفظت به في قدر من الدهن بعد أن جلس يزيد بن معاوية والسيدة زينب رضي الله عنها واقفة أمامه ومعها صغار آل البيت واكبرهم سيدي علي زين العابدين وجاءوا برأس الحسين بعد أن نزعوها من جسده في كربلاء وجاءوا بها أمام يزيد بن معاوية.
وطلب يزيد أن يري باقي آل البيت فدخلت عليه السيدة زينب رضي الله عنها ومعها صغار آل البيت ومعها الصبي علي زين العابدين.
وبينما يزيد يجلس علي كرسي العرش ومعه قضيب من الحديد طلب أن يأتوا له برأس الحسين فأحضروها ووضعوها أمام كرسي العرش ووقفت السيدة زينب ومعها صغار آل البيت فمد يزيد بن معاوية قضيب من الحديد وعبث في فم الحسين رضي الله عنه في الرأس التي وضعوها أمامه..
فارتفع صوت السيدة زينب رضي الله عنها قائلة «أتعبث في الفم الذي قبله رسول الله» فارتعد يزيد وابعد القضيب ورماه جانبا وأخذ الحرس الرأس الشريف وأعطوه للسيدة زينب رضي الله عنها.
وظل يزيد يرتعد ثم أشاح بوجهه وقال لهم اتركوهم ليذهبوا..
خرجت السيدة زينب رضي الله عنها ومعها الصغار مرفوعة الرأس وأعطته ظهرها ولم تنظر اليه.
وسألوها أين تحب أن تذهب
- فقالت أخترت مصر مقرا لي ولمن بقي من آل البيت وحينما وصل موكبها إلي العريش كان أهل مصر قد وصلوا إلي هناك لاستقبال حفيدة رسول الله ومن بقي من آل البيت.
ويصف كتاب التاريخ موكبها فقالوا
كانت كلما سارت في بلد التف حولها الناس وحينما وصلت إلي العريش كان في استقبالها الآلاف الذين جاءوا من جميع انحاء مصر وقد كتب احد المصريين يصف الموكب الشريف:
وكان الجمع ينشدون في حب آل البيت وكانت هي تجلس في عربة تجرها الخيول ومعها الصغير علي زين العابدين وكان وجهها كالقمر المنير.. واستقبلها والي مصر عند العريش وترك لها عربته وموكبه وحينما وصلت إلي القاهرة ترك لها حاكم العاصمة قصره لتقيم فيه وهو الذي فيه ضريحها حيث عاشت وماتت ودفنت في نفس المكان.
وهكذا شرفت بمصر بحفيدة النبي والذي ظل قبرها حتي الآن مزارا ترتفع فيه الزغاريد في مولدها الذي يأتي اليه أهل مصر من كل مكان جنوبا في الصعيد وشمالا في الاسكندرية.
وكبر علي زين العابدين بن الحسين وكان عالما ورعاً درس علوم القرآن وكان يجلس في مسجده وحوله العلماء وعامة الشعب ومازال مسجده في الحي الذي عرف باسمه حتي الآن حي سيدي زين العابدين.
وهكذا شرفت مصر بآل البيت حيث أحضرت السيدة زينب رأس الحسين في قدر من الشحم ودفن في مسجده المعروف باسمه في الحيّ المعروف باسمه. أما جسده الشريف فقد دفن في كربلاء.
حيث قتل في المعركة المعروفة باسمه والتي يفسرون اسمها بأنه «كر» و«بلاء».
ان تاريخ آل البيت أحفاد الرسول صلوات الله عليه مليء بالآلام التي حدثت لهم ولكن الله سبحانه وتعالي رفع اسماءهم وزين بهم أرض مصر حتي صار التبرك بوجودهم عادة مصرية من العادات التي يعتز بها الشعب المصري لدرجة أن بعض الفئات يقسمون بأسمائهم «بأحلف بأم هاشم» بأحلف بالحسين ولايحنثون في القسم أبداً.