واشنطن والناتو يحاصران روسيا.. وبولندا تطالب بالانضمام للدفاع النووي الأمريكي

أكثر من ٧ سنوات فى التحرير

طالب زعيم حزب المحافظين الوطني الحاكم في بولندا ياروسلاف كاتشينسكي بضم بلاده إلى النظام الأمريكي للدفاع النووي.

وفي وقت كانت تتواجد فيه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في وارسو، أعرب كاتشينسكي، في مقابلة مع صحيفة "فرانكفورتر الجميني زيتونج" الألمانية، عن أمله بأن تصبح أوروبا "قوة نووية كبرى".

وردا على سؤال عن مظلة نووية أوروبية، وهي فكرة بدأ تداولها بعد وصول دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، قال المسؤول البولندي: "سأؤيد ذلك في حال كان الاقتراح جديا، عندها ستصبح أوروبا قوة جبارة، إلا أن غواصة أو غواصتين نوويتين لن تكونا كافيتين".

وفي مقابلته مع صحيفة "جازيتا بولسكا" البولندية المحافظة، شدد كاتشينسكي على وارسو تعمل على الانضمام إلى النظام الأمريكي للدفاع النووي.

وأثارت تصريحات المسؤول البولندي تساؤلات كثيرة، خاصة وأنه لم يكشف ما يمكن أن تقدمه المظلة الأمريكية، أكثر من المظلة الأطلسية التي تدخل في نطاقها بولندا كعضو في حلف الناتو الذي تقوده الولايات المتحدة.

وتحمي المظلة النووية الأمريكية حاليا، الدول الأعضاء في حلف الناتو، ومن بينها بولندا، بموجب المادة الخامسة من ميثاق الحلف، إضافة إلى اليابان وكوريا الجنوبية واستراليا. وتتألف الترسانة النووية الأمريكية في أوروبا من نحو 200 سلاح تكتيكي موجودة في ألمانيا وبلجيكا وإيطاليا وهولندا وتركيا، وبإمكان هذه الدول استخدام الأسلحة الموجودة على أراضيها فقط، بعد الحصول على موافقة الولايات المتحدة.

وألمحت تقارير بأن بولندا تتخذ هذا الموقف المتشدد بسبب إحساسها بإمكانية وقوع عدوان روسي عليها في ظل تردي العلاقات بين وارسو وموسكو، وتفاقم الأزمة في أوكرانيا التي تجاور بولندا.

من جهة أخرى، وصلت أول مجموعة من دبابات M1 Abrams وعربات Bradley الأمريكية إلى لاتفيا، يوم الأربعاء 8 فبراير الحالي، من أصل 15 دبابة و6 عربات من المنتظر نشرها في في هذه الجمهورية البلطيقية. وذكر بيان لوزارة الدفاع اللاتفية أن وصول مجموعة دبابات ومدرعات الكتيبة الأولى التابعة للفرقة الرابعة في الجيش الأمريكي المؤلل قد بدأ بالفعل، دون أن توضح الوزارة عدد الدبابات والمدرعات التي وصلت إلى أراضيها.

وكان 025 عسكريا أمريكيا قد وصلوا إلى لاتفيا في الثاني والخامس من فبراير الحالي، في إطار عملية Atlantic Resolve، على أن يستمر بقاؤهم في لاتفيا حتى استبدالهم بمثلهم من كتيبة للناتو تقودها كندا.

وتأتي هذه الإجراءات على أساس قرار حلف الناتو خلال اجتماع قادة أعضائه العسكريين في وارسو، في 8 يوليو 2016، بنشر قوات متعددة الجنسية تابعة للحلف في دول البلطيق الثلاث (إستونيا وليتوانيا ولاتفيا) بطلب منها، على أن توكل قيادة القوات المنشورة في لاتفيا إلى كندا، وفي ليتوانيا إلى ألمانيا، وفي إستونيا إلى بريطانيا وفي بولندا إلى الولايات المتحدة.

وفي نفس السياق، رحبت ليتوانيا رسميا، يوم الثلاثاء 7 فبراير، بمئات العسكريين الألمان الذين وصلوا في سياق عملية لحلف الناتو تهدف إلى تعزيز أمن حدود دول البلطيق. وقالت الرئيسة الليتوانية داليا جريبوسكايت في قاعدة "روكلا" العسكرية إن ليتوانيا لم تستقبل أبدا عسكريين من قبل قوات حليفة بهذا الحجم، مشيرة إلى أن "هذه رسالة واضحة وهامة للجميع بأن حلف الناتو قوي وموحد".

وقالت برلين في هذا الصدد "إننا مصممون على حماية ليتوانيا.. هذا اليوم بالنسبة لنا نحن، يوم خاص جدا.. هناك تاريخ صعب يربط بيننا، ومن الرائع بالتالي أن ندافع معا عن الديمقراطية والصداقة".

ومن المعروف أن العسكريين الألمان مكلفون بقيادة كتيبة متعددة الجنسيات تابعة للحلف وتضم حوالى 1200 عنصر، يشكل الألمان القسم الأكبر منهم. وسبق أن وصلت إلى ليتوانيا وحدتان بلجيكية وهولندية، كما سينضم إليهم عسكريون من لوكسمبورج والنرويج وفرنسا وكرواتيا في عامي 2017 و2018.

هذا ودخلت المدمرة الصاروخية الأمريكية "USS Hue City/CG-66" من طراز(Ticonderoga) إلى ميناء "كلايبيدا" الليتواني القريب من مقاطعة كالينينجراد الروسية على بحر البلطيق.

وأعلنت وزارة الدفاع الليتوانية، يوم الاثنين 6 فبراير الحالي، بأن "وصول المدمرة الأمريكية يدل على عزم وإصرار الشركاء الأمريكيين المضي قدما في تعزيز التعاون مع الحلفاء في الناتو من أجل تقوية أمن الحدود البحرية لدول البلطي".

ونوه مصدر من وزارة الدفاع الليتوانية بأن السفينة الحربية الأمريكية ستبقى في "كلايبيدا" حتى العاشر من فبراير الجاري.

وفي سياق هذه التحركات الأطلسية – الأمريكية النشطة حول روسيا، وصل قائد القوات البرية للناتو الجنرال داريل وليامز، يوم الأربعاء 8 فبراير الحالي، إلى إستونيا لمناقشة القضايا المتعلقة بنشر قوات إضافية تابعة للحلف ستصل قريبا إلى هذه الدولة.

وخلال الزيارة اطَّلَع داريل وليامز على الوضع في مجال الأمن في منطقة بحر البلطيق، وزار مقر الناتو الذي يضم مركزا الدفاع السيبراني في إستونيا. والتقى أيضًا خلال وجوده مع نائب قائد قوات الدفاع الإستونية الجنرال إندريك سيريل الذي قال إن نشر مجموعات قتالية تابعة لحلف الناتو في دول البلطيق وبولندا يعتبر وسيلة ردع هامة جدا تلعب فيها القوات البرية الدور الرئيسي.

وأضاف الجنرال الإستوني بأنه يجب توفير التنسيق الجيد لنشاط هذه المجموعات والوحدات وذلك على شكل مناورات مشتركة تقدم الدعم للقوات الإستونية وللوحدات التي تدخل ضمن إطار الدفاع الجماعي.

وقد أجمل الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرج أهداف هذه التحركات الموسعة للحلف حول روسيا، بقوله: "إن الناتو سيساعد حكومات غرب البلقان في تعزيز أجهزة الاستخبارات والدفاع لمقاومة النفوذ السياسي الأجنبي، وخاصة الروسي". وقال خلال زيارة للعاصمة البوسنية سراييفو، يوم الخميس 2 فبراير الحالي، إن الحلف على علم بتقارير حول "زيادة نفوذ روسيا في البلقان وتدخلها في العمليات السياسية في جمهورية الجبل الأسود".

ومن المتوقع أن تنضم جمهورية الجبل الأسود لحلف الناتو هذا العام، حيث وقعت دول الحلف في مايو 2016 بروتوكولا بخصوص الانضمام إلى الحلف بصفة مراقب.

واعتبرت موسكو أن هذا الإجراء اصطناعي، إذ يجري جر جمهورية الجبل الأسود (جزء من يوغسلافيا السابقة) إلى الناتو دون أخذ رأي مواطني البلاد بعين الاعتبار. وحذرت موسكو آنذاك من أن التوقيع على هذا البروتوكول يمس مصالح روسيا ويجبرها على القيام برد فعل مناسب.

وكان وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو قد أعلن في وقت سابق بأن قوات حلف الناتو تضاعفت 3 مرات عند الحدود الروسية الغربية بمقدار 8 مرات. والمعروف أن الناتو عزز بشكل كبير تواجده العسكري بالقرب من الحدود الروسية الغربية بما في ذلك في جمهوريات البلطيق. كما نشرت الولايات المتحدة عناصر منظومة الدرع الصاروخية في رومانيا العام الماضي، وتزمع نشرها في بولندا خلال العام الحالي، ما دفع روسيا إلى نشر منظومات إسكندر الصاروخية في مقاطعة كالينينجراد.

وتتواصل خذوات الناتو هذه على خلف تدهور العلاقات مع روسيا خلال الآونة الأخيرة، والتوتر الملحوظ بسبب توسع الحلف شرقا، وزيادة تواجده العسكري بالقرب من الحدود الروسية، الأمر الذي تعتبره موسكو خرقاً للوثيقة الأساسية للعلاقات المتبادلة مع الحلف، حيث تؤكد في هذا السياق على أن الناتو يستفيد سياسيا من عملية المواجهة، وتشويه صورة روسيا، معتبرة أن هذا أسهل له من الاعتراف بوجود مشاكل في نظام الأمن الأوروبي، والدليل على ذلك، تلك القرارات التي اتخذها الحلف خلال الأعوام الماضية، ومن بينها قرار تقدم الناتو نحو الشرق، والقرار الخاص بنشر عناصر نظام الدرع الصاروخية العالمي في أوروبا، ويقوم الحلف بتبرير ضرورة كبح روسيا.

شارك الخبر على