قصة «دنجوان السرايا».. اصطحب الملك إلى «الملاهي الليلية» وتزوج أمه عرفيًّا

أكثر من ٧ سنوات فى التحرير

شاءت له الأقدار أن يكون العقل المدبّر للملك فاروق الأول، بعد أن نجح بذكائه في التغلغل داخل سرايا القصر الملكي بفضل والده الذي توسط له في بادئ الأمر للدراسة في إحدى جامعات بريطانيا، ومن ثم العودة إلى مصر والتدرج في المناصب داخل الجهاز الإداري للدولة، حتى أصبح مرافق الملك الصغير (فاروق) في رحلته الدراسية بلندن، ومن هنا نجح في نسج خيوطه للاستحواذ على قلب وعقل الوريث الشرعي لحكم مصر، لتبدأ رحلته إلى النفوذ الطاغي، حيث ديوان الملك والعلاقات المتشعبة مع كبار رجال الدولة، وساسة بريطانيا وفرنسا، والتى اُختتمت بنهاية مؤسفة وغامضة في 9 فبراير 1946.

"التحرير لايف" يرصد لكم مشاهد من حياة رئيس الديوان الملكي، أحمد حسنين باشا بالتقرير التالي..

من بولاق إلى بريطانيا

ولد أحمد محمد أحمد حسنين في 31 أكتوبر من عام 1889 في حي "بولاق" بالقاهرة، ووالده هو العالم الأزهري محمد حسنين، أحد المقربين من الخديو عباس ومن بعده الخديو حسين كامل، وبفضل تلك العلاقات نجح في الحصول على توصية لابنه "أحمد" عن طريق اللورد "ميلر" للدراسة في جامعة "أكسفوررد" البريطانية، وذلك بعد أن قضى عامًا في مدرسة الحقوق الخديوية.

بعد عودته من بريطانيا عمل كمساعد مفتش بوزارة الداخلية في عام 1920، ثم منتدبًا لمفاوضة إيطاليا بشأن الحدود الغربية عام 1924 ثم أمينًا للملك فؤاد عام 1924.

بداية علاقته بفاروق الأول

وقع على أحمد حسنين الاختيار من جانب ملك مصر حينها فؤاء الأول، لمرافقة ولي العهد "فاروق" في رحلته الدراسية إلى لندن أكتوبر 1935، ومن هنا بدأت علاقته بالملك الصغير الذي كان يبلغ من العمر حينها 15 عامًا، وفق ما نشره الموقع الرسمي للملك فاروق.

وخلال البعثة توطدت العلاقة بين فاروق وأحمد حسنين إلى درجة كبيرة ، خاصة بعدما بدأ الأخير في اصطحاب الملك الصغير إلى الملاهي الليلية (كباريهات) في لندن وهو في تلك السن الصغيرة، فتعلم شرب الخمر ومجالسة النساء، ولم تمض سبعة أشهر حتى مات الملك فؤاد وعادت البعثة إلى مصر دون أن يكمل فاروق تعليمه.

رئيس الديوان الملكي

 

في عام 1940 تولى أحمد حسنين باشا منصب رئيس الديوان الملكي لثقة "فاروق" به، ومن هنا بدأت مرحلة النفوذ الطاغي في حياة "حسنين" داخل القصر الملكي، حيث توطدت علاقته بالأسرة المالكة، وعلى رأسهم "نازلي" والدة الملك فاروق.

يشير الصحفي محمد التابعي في كتاباته إلى أن "حسنين" كان نحيل القامة رشيقًا متأنقًا وسيمًا فكان محط أنظار النساء، وأمكنه ذلك من الوصول إلى المصاهرة الأولى من ابنة طليقة الملك فؤاد الأميرة "شيوه كار"، فقد تزوج من ابنتها "لطيفة هانم سرى"، وأنجب منها ولدين هما: "هشام وطارق"، بالإضافة إلى ابنتين هما: "جيدة ونازلي"، فثبت بذلك أولى خطواته باتجاه السلطة، إلا أن الزواج لم يكتمل وحدث الطلاق بينهما.

 

في تلك الفترة بدأت علاقة عاطفية بين "حسنين" والملكة نازلي، خاصة بعد وفاة زوجها "فؤاد" وإقبالها على الانطلاق والتحرر من قيود الزواج الملكي، وأصبحت تلك العلاقة موضعًا للتهامس بين رجال البلاط الملكي والعاملين في القصر، إلى أن تزوجها عُرفيًا بمباركة الملك فاروق.

أما عن أسباب موافقة "فاروق" لزواج أمه العرفي، قال حفيد حسنين باشا، "عزيز محمود" في حوار صحفي نادر، نشره موقع "أرشيف مصر" إن الملك فاروق وجد في زواجها منه الحل الأمثل لكبح جموحها والسيطرة عليها، نظرًا لمعرفته الجيدة برئيس ديوانه وثقته به، لافتًا إلى أن الملك حصل على موافقة الشيخ المراغي بزواج والدته من أحمد باشا حسنين زواجًا عرفيًّا، لأن الملكة حين تترمل لا يحق لها الزواج مرة أخرى، خاصة بالنسبة للأسرة العلوية.

علاقته بأسمهان وغيرة الملكة

 

أثناء علاقته السرية بالملكة نازلي، ترددت أنباء قوية تفيد بوجود علاقة عاطفية بين أحمد حسنين باشا والمطربة السورية أسمهان التي كانت في عز تألقها آنذاك، مما أثار غيرة الملكة الأم فقررت الانتقام، واتصلت بحسين سري باشا رئيس الوزراء ووزير الداخلية حينها، وطلبت منه طرد أسمهان خارج مصر، وبالفعل اتصل بها وأخبرها بأن إقامتها في مصر انتهت، وعليها أن تغادر البلاد خلال أسبوع، الأمر الذي أصابها بالحزن الشديد، فلجأت إلى صديقها الصحفي محمد التابعي، ليتوسط لها من خلال علاقاته برجال الدولة لوقف ذلك القرار وقد حدث ذلك بالفعل، وبعدها مباشرة تم الزواج من "حسين" و"نازلي" ودام 3 سنوات حتى وفاته.

وفاة غامضة

في 9 فبراير 1946 لقي "حسنين باشا" مصرعه نتيجة تصادم سيارته بأخرى "لوري" تابعة  للجيش الإنجليزي فوق كوبري قصر النيل، وقد كان لموته بالغ الأثر السيئ في نفس الملكة نازلي، حتى إنها قامت بعمل صوان كبير لمدة أربعين ليلة متتالية لقراءة القرآن، وكانت ترتدى عليه السواد حزنًا وتضع صورته بجوارها، ولما دخل عليها فاروق ووجدها في تلك الحال قال: "على ايه كل ده حسنين مات وخلاص"، لترد عليه قائلة: "حسنين هو اللي عملك راجل يا فاروق بكره حتشوف حيحصلك ايه من غيره"، وبالفعل فقد تدهورت حالة فاروق من سيئ إلى أسوأ من بعد موت "حسنين" حتى تنازله عن العرش ورحيله من مصر، وفق ما قاله حفيده في الحوار الصحفي.

أما عن ظروف الوفاة، فلم تمر مرور الكرام، حيث تم اتهام الملك فاروق شخصيًّا بالتسبب في ذلك، خاصة وأن "حسنين" كان قد تقدم باستقالته من منصبه قبل وفاته بفترة قصيرة، إلا أن "فاروق" رفضها وطالبه بالبقاء في منصبه من خلال خطاب رسمي بعثه له ونشرته جريدة الأهرام.

 وحامت الشكوك أيضًا حول السير "مايلز لامبسون" السفير البريطاني بالقاهرة، لأن أحمد حسنين باشا كان قد تسبب في نقله من مصر بعد أن حاصر سرايا الملك فاروق في حادثة 4 فبراير 1942 الشهيرة.

شارك الخبر على