عودة المقاتلين الأجانب لبلدانهم الأصلية.. هاجس دولي ومواجهة حتمية

أكثر من ٧ سنوات فى قنا

الدوحة في 06 فبراير /قنا/ مثلت عودة المقاتلين الأجانب في صفوف التنظيمات المسلحة إلى بلدانهم الأصلية، هاجساً أمنياً مع انحسار العمليات العسكرية في كل من سوريا والعراق وليبيا داخل مدن بعينها، وانخراط الاطراف المتصارعة هناك في مسارات الحل السياسي. 
فقد وضعت الأمم المتحدة من جانبها تصورات عدة لسبل مكافحة الارهاب العابر للقارات في محاولة من جانبها لحث المجتمع الدولي لبذل المزيد من الجهد من أجل تضييق الخناق على تلك الظاهرة التي تهدد السلم والأمن الدوليين. 
وفي هذا الصدد قال الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريس" إن انتشار التهديدات الارهابية حول العالم جراء عودة المقاتلين ضمن صفوف التنظيمات المسلحة في كل من سوريا والعراق إلى بلدانهم الأصلية لا يزال يمثل تهديدا مباشرا لكافة دول العالم، لافتا إلى أن الأمر يزداد خطورة في ظل التزام تلك العناصر بأيديولوجية التنظيمات التي ينتمون إليها وعلى رأسها تنظيم "داعش". 
جاء ذلك في التقرير الأخير الذي قدمه الأمين العام إلى مجلس الأمن الدولي حول التهديد الذي يشكله تنظيم "داعش" على السلم والأمن الدوليين والجهود الأممية المبذولة في مكافحة الارهاب. 
وذكر التقرير أن التنظيم يعتمد في اتصالاته الداخلية وأساليب تجنيده بكل من العراق وسوريا وليبيا وأفغانستان، على ما يعرف باسم "الفضاء المظلم" على شبكة الانترنت واستعمال تقنية التشفير، إضافة إلى التواصل الشخصي عبر أفراده ما بين المناطق التي يسيطر عليها. 
ولفت إلى أن الخطر على قطاع الطيران لا يزال كبيرا بعد أن تمكن تنظيم "داعش" من القيام بعدة عمليات كان مسرحها مطارات في بروكسل واسطنبول الأمر الذي دعا مجلس الأمن لاتخاذ قرار في سبتمبر الماضي لتشديد الاجراءات الدولية للتصدي لخطر العمليات الارهابية ضد الطيران. 
وحول الجهود الأممية لتجفيف منابع تمويل تنظيم "داعش" قال الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره إلى مجلس الأمن: "إن اقتصاد التنظيم يعاني تدهوراً كبيرا كما تناقصت قدرته على اجتذاب عناصر جديدة، وفي المقابل تزايدت أعداد المقاتلين الذين يغادرون مناطق القتال"، بالإضافة إلى ذلك لا يزال اعتماده قائماً على بيع المواد الهيدروكربونية والخطف طلبا للفدية ونهب القطع الاثرية بما يمثل نحو 80% من اقتصاد "داعش". 
وقدرت بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق، أن التنظيم حقق خلال عام 2016 نحو 260 مليون دولار من مبيعات النفط غير المشروعة في الحقول السورية غير أن هذا الرقم يمثل نحو 50% من إيرادات التنظيم في عام 2015 والتي قدرت بحوالي 500 مليون دولار. 
وشدد التقرير الأممي على ضرورة أن يظل المجتمع الدولي متيقظا لمحاولات التنظيم زيادة إيراداته أو تكوين مصادر تمويل جديدة، معرباً عن قلقه إزاء الزيادة "المحتملة" في عمليات الخطف طلبا للفدية وعلى وجه التحديد مع عودة الصحفيين والعاملين في مجال المساعدة الانسانية إلى المناطق المستعادة من تنظيم "داعش" أو استغلال المنظمات غير الربحية والمواقع الالكترونية لجمع الأموال. 
ويعد هذا التقرير هو الأول لعام 2017 إذ سبق أن قدم بان كي مون الأمين العام السابق للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن ثلاثة تقارير عام 2016 بناء على القرار الأممي رقم 2253 والخاص بمحاربة تنظيم "داعش" والتنظيمات الارهابية، ويتولى الأمين العام والجهات المعاونة له تقديم تقرير ربع سنوي عن الجهد الأممي المبذول لمكافحة الإرهاب. 
وفي إطار ما رصده تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الى مجلس الأمن الدولي حول المناطق المهددة بنشاط إرهابي "محتمل" فقد ذكر أنه على الرغم من تقلص نشاط "داعش" في مدينة سرت الليبية إلا أن التقديرات تشير إلى أنه تحول إلى مصدر تهديد إلى الدول المجاورة، مذكراً بما تم إعلانه من مقتل جندي تونسي في مدينة القصرين نوفمبر الماضي أو ما شهدته القاهرة من هجوم على الكنيسة البطرسية في ديسمبر 2016. 
ورغم انحصار التنظيم في ليبيا فقد زاد نشاطه ووجوده في غرب إفريقيا ومنطقة الساحل، كما يتضح من الهجمات الأخيرة التي لها صلة بالتنظيم في النيجر وبوركينافاسو بيد أن التنظيم لا يسيطر حاليا على مساحات كبيرة من الأراضي في هاتين المنطقتين. 
وانتقل التقرير للحديث عن جماعة "بوكو حرام" النشطة في منطقة غرب افريقيا، فأوضح أنها لا تزال تشكل تهديدا خطيرا على الأمن الإقليمي، إذ لايزال عدة آلاف من المقاتلين تحت إمرتها وتم تجنيد معظمهم محليا، إضافة إلى مقاتلين أجانب تم تجنيدهم من نفس القبائل العرقية، كما لا تزال "بوكو حرام" تستخدم السكان كانتحاريين، إضافة إلى سعيها المستمر لتمديد نطاق نفوذها وارتكاب أعمال مسلحة خارج نيجيريا. 
وحول التهديدات لأوروبا اشار تقرير الأمين العام للامم المتحدة إلى أن قدرة أفراد تنظيم "داعش" على شن هجمات ارهابية في دول غرب أوروبا قد ضعفت بشكل كبير خلال الاشهر الثلاثة الماضية بسبب التدابير التي اتخذها الاتحاد الأوروبي بما يحد من سفر عناصر التنظيم من والى الدول الأوروبية، كما أدت التدابير الامنية إلى إحباط عدد من المؤامرات وتفكيك خلايا ارهابية نائمة في انحاء اوروبا لكن في الوقت ذاته لايزال التحذير قائما من تعرض اوروبا لهجمات ارهابية، حيث لايزال عناصر تنظيم  "داعش" لهم وجود على الأراضي الأوروبية. 
ورصد التقرير تباطؤ عملية تدفق المقاتلين من دول أوروبا إلى كل من العراق وسوريا للانضمام إلى التنظيمات المقاتلة هناك وأشاد التقرير بجهود تركيا في هذا الصدد واتخاذها تدابير صارمة تمنع مرور من يشتبه فيه عبر أراضيها إلى الدول المجاورة. 
ووفقا للأرقام الرسمية فإن ما بين 15-40% من المقاتلين الاجانب الذين سافروا الى سوريا والعراق قد عادوا إلى دولهم، وهو ما يشكل تهديدا كبيرا ويتطلب الأمر توفير رقابة قانونية وأمنية لهم، وإلى جانب هؤلاء فإن السلطات في العديد من الدول الأوروبية تأكدت من انخراط أعداد من العناصر العائدة في المجتمع بعد أن تخلوا عن أفكارهم القتالية. 
وفي إطار الجهود الرامية للتصدي لخطر اإارهاب العابر للقارات، فقد حدد التقرير المرفوع من الامين العام للأمم المتحدة الى مجلس الامن الدولي، عدة إجراءات يتعين على المجتمع الدولي التعاون فيما بينه من أجل إقرارها إذا اراد التصدي لخطر الهجمات الارهابية العابرة للقارات. 
وتتبلور تلك الاجراءات حول اتخاذ التدابير اللازمة للحد من السفر والعبور إعمالا لقرار الجمعية العامة بمنع سفر المقاتلين الأجانب ومعالجة الثغرات الخطيرة في جهود التحري والتدقيق، وقد أفادت منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الانتربول) بأن الفترة ما بين اكتوبر 2017 وحتى يناير 2017 قد شهدت زيادة بنسبة 63% في عدد النشرات الخاصة التي تتضمن معلومات عن إرهابيين أجانب وزادت في الفترة ذاتها نسبة تبادل المعلومات بين الدول الاعضاء في الانتربول بمقدار 750 %. 
وفيما يتعلق بمكافحة تمويل تنظيم "داعش" فقد ذكر التقرير ان فرقة عمل تابعة بمجلس الأمن الدولي تقوم بجمع بيانات عن مصادر تمويل التنظيم ؛ بهدف اتاحة معلومات شاملة لكافة الدول الاعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة على مدار العام لمساندتها في جهودها الرامية الى حرمان التنظيم من مصادر تمويله. 
وعلى صعيد استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لرصد تحركات الجماعات الإرهابية، ذكر التقرير أن نشاط "داعش" على شبكة الانترنت أسفر عن ارتفاع لم يسبق له مثيل في أعداد المقاتلين الاجانب المسافرين الى سوريا والعراق وليبيا ، في حين يبقى عدم وجود تعريف دولي "للإرهاب" تحديا للحكومات التي تحاول جمع وتبادل المعلومات والأدلة الرقمية لإجراء التحقيقات والمحاكمات. 
ويقر التقرير الأممي بعدم وجود صلة بين الغالبية العظمى من اللاجئين في أوروبا بالإرهاب، مشيرا إلى أنهم يفرون من دولهم الأصلية هربا من الاضطهاد، لكن في الوقت ذاته حذر من إمكانية أن تستغل التنظيمات الارهابية اللجوء كوسيلة لتنفيذ عمليات تخريب. 
أما في منطقة المغرب العربي وغرب إفريقيا فقد أشاد تقرير الأمين العام بما تبذله المغرب وتونس من جهود على صعيد تبادل المعلومات والبيانات عن المقاتلين الأجانب واستخدام قواعد بيانات الانتربول. 
ويختم الامين العام للأمم المتحدة تقريره الرابع المقدم الى مجلس الامن الدولي حول الجهود المبذولة في مكافحة الارهاب، بالتأكيد على ضرورة القيام بالمزيد من الاجراءات لتمكين التعاون الدولي الفعال لمواجهة خطر الإرهاب فرغم وجود 19 صكاً متعلقا بمكافحة خطر التنظيمات الارهابية فضلا عن الصكوك الاقليمية والوطنية فإنها ليست كافية، الامر الذي يتطلب تعديل التشريعات الوطنية وتطوير سبل التعامل مع العائدين من مناطق القتال. 
إعداد / الأبحاث والدراسات

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على