رئيس وزراء تركيا يحاول إنقاذ «ماء وجه» أردوغان
about 9 years in أخبار اليوم
مهما كان انحراف السلوك البشري تجاوبا مع المصالح والأفكار والنزعات الشخصية فإنه لا يمكن أن يتم ذلك علي حساب الصالح العام للوطن الذي ينتمي إليه المسئولون في أي دولة . تجربة السنين فيما يتعلق بالعلاقات بين الدول اثبتت أن الذي يحكم مسيرتها هو إرادة الشعوب والمصالح الوطنية والقومية قبل أي شيء آخر. في هذا الشأن لابد أن يوضع في الاعتبار أن الاشخاص بسياساتهم وأفكارهم وتوجهاتهم إلي زوال وأن الباقي في النهاية هو الأوطان ومصالح شعوبها.
هذه القضية تقودنا إلي حكاية توتر العلاقات بين مصر وتركيا نتيجة الصدمة التي لحقت برئيسها طيب اردوغان. حدث ذلك نتيجة الاحلام التي كانت قد راودته بامكانية التسلط والسيطرة علي مقدرات الدولة المصرية من خلال وحدة منظومة الخداع والتضليل القائمة علي التجارة بالدين. كانت وسيلته لتحقيق ذلك التحالف مع الإرهاب الإخواني الذي نجح في السطو علي ثورة ٢٥ يناير والوصول إلي الحكم.
في ٣٠ يونيو تحركت إرادة الشعب المصري تجسيدا للإصرار علي حماية حضارته وتراثه ومقومات دولته وهو ما أدي إلي تبخر أحلام الاردوغانية العثمانية. اعتقد التركي الموتور الذي تنكر لكل المبادئ والقيم التي يجب أن تحكم العلاقات بين الدول.. أن في إمكانه بالتآمر والصراخ ونشر الأكاذيب أن ينال من الإرادة الشعبية المصرية التي أطاحت بجماعة الإرهاب الإخواني. فشلت كل محاولاته لتعطيل المسيرة وبدأت دول العالم الواحدة تلو الأخري تقبل وتنحاز لما أراده ويريده الشعب المصري.
أمام توالي انتصارات الشعب المصري وثورته لم يكن أمام نظام حكم أردوغان سوي الاعتراف بأنه لا يصح إلا الصحيح في النهاية وان الباطل لا يمكن أن يستمر. في هذا الإطار بدأت التحركات التركية لاصلاح الاخطاء التي تم ارتكابها في حق الشعب المصري ودولته. سعيا إلي انقاذ ماء الوجه جاءت المبادرات لتحقيق هذا الهدف من خلال المسئولين الاتراك المحسوبين علي اردوغان متمثلين في رئيس الوزراء بن علي يلدريم الذي اعلن انه ليس هناك ما يمنع تطوير العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا.
في حوار أجراه مع احدي القنوات التلفزيونية التركية قال رئيس وزراء تركيا انه يساند مواصلة المستثمرين الاتراك لانشطتهم في مصر والعمل علي تطويرها بما يؤدي إلي تهيئة المناخ لعودة العلاقات الطبيعية بين البلدين مستقبلا. اشار انه وفي إطار هذا التوجه فإن ليس مستبعدا قيام وزير تركي بزيارة مصر وعقد لقاءات مع المسئولين المصريين بما يفتح الطريق أمام القيام بزيارات متبادلة في كل المجالات بما في ذلك المجال العسكري. أعلن أن مصر وتركيا يعيشان في نفس المنطقة واننا نحتاج لبعضنا البعض وبالتالي فإنه لا يمكن قطع كل شيء حتي لو أردنا. أضاف بأن تغيير النظام الحاكم في مصر وما يتعرض له مرسي وفريقه من أحكام بالسجن لا يجب أن يمنع تطوير العلاقات الاقتصادية.
لا يمكن ان يخفي علي أحد من المراقبين أو المحللين المعني من وراء هذا التصريح الذي تكرر في مضمونه مرتين منذ تولي يلدريم رئاسة الوزارة التركية. باعتباره احد المقربين من اردوغان.. وبحكم هذه العلاقة الوطيدة فإن الشيء المؤكد أن هذا التوجه من جانبه نحو مصر لابد أن يتم بإيعاز من اردوغان الذي لم يكن أمامه سوي القبول بانتصار إرادة الشعب المصري الذي أسقط جماعة الإرهاب الإخواني بثورته يوم ٣٠ يونيو. إن التهور والغرور والانحراف الفكري الذي هدفه التآمر والتمسح بالاسلام من جانب الرئيس التركي أردوغان كان وراء توريط بلده في مشاكل انعكست سلبا علي ما حققته من نهضة اقتصادية. ان ما يتعرض له هذا البلد حاليا من أعمال ارهابية ومنها اخيرا تفجيرات مطار استنبول.. ليست سوي محصلة للخلل الذي علق بالسياسة التركية نتيجة سلوك ارودغان. ليس هناك ما يقال تعليقا سوي أن زراعة الشوك لا يجني زارعه في النهاية سوي الشوك.
حرصا علي القيمة والمكانة التي تتمتع بها مصر واحتراما لإرادة شعبها واعتزازا بكرامتها جاء رد الفعل المصري المتوقع علي ما جاء في تصريحات رئيس الوزراء التركي. تولي هذه المهمة المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية. إنه ليس مقبولا لعودة العلاقات الطبيعية مع تركيا بأقل من إعلان الاعتراف بشرعية ثورة ٣٠ يونيو والتوقف عن التدخل في شئون مصر الداخلية وإنهاء كل السلوكيات العدائية.
هذه هي مصر.. العزة والكرامة والصلابة.