رسالة عتاب للرئيس بوتين

ما يقرب من ٨ سنوات فى أخبار اليوم

نعم هي رسالة عتاب مصرية شعبية وغير رسمية.. رسالة عتاب من المصريين الذين رفعوا صورك في الميادين جنبا إلي جنب مع صور الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وهم يتصدون للهجمات الإرهابية الانتقامية التي قام بها الإخوان بعد الاطاحة بحكمهم الفاشي والمستبد، وذلك تقديرا لوقفتكم الشجاعة والصريحة مع الشعب المصري في معركته ضد كل جماعات الإرهاب وعلي رأسها جماعة الإخوان.
لقد آلمنا كثيرا سقوط طائرة روسية كانت تحمل سياحا من روسيا عائدين إليها بعد ان زاروا شرم الشيخ.. وقد تفهمنا كل الاجراءات التي اتخذتها السلطات الروسية بعدها رغم ان هذه الاجراءات ألحقت بنا ضررا بالغا حينما قلصت السياحة الاجنبية ـ وليست الروسية فقط ـ الي مصر، وبالتالي صنعت لنا أزمة في موارد النقد الاجنبي.. وكنا نتصور ان ما قمنا به سواء في التحقيق الخاص بسقوط الطائرة أو  بتوفير التأمين الضروري والصارم لمطارات سوف يجعل روسيا تراجع هذه الاجراءات والتي لم تشمل فقط وقف حركة السياحة الروسية الي مصر، وانما أوقفت حتي حركة الطيران المتبادل بين بلدينا سواء الطيران المصري أو الطيران الروسي.
ولكن مر الوقت ثقيلا ولم يحدث ذلك.. بل كنا نسمع تصريحات رسمية من جانب السلطات الروسية تخيب آمالنا.. ومع ذلك حاولنا السيطرة علي مشاعرنا احتراما لموقف بلادكم المساند لنا بعد الثلاثين من يونيو 2013 والداعم لبلادنا في العديد من المجالات، خاصة المجال العسكري والمجال النووي.. وكنا نقول لأنفسنا أنه ربما الظروف التي تمر بها روسيا بسبب العقوبات الاقتصادية الامريكية والأوربية وانخفاض اسعار النفط، تحتاج لفرض قيود خاصة علي حركة السياح الروس خارجها توفيرا لنقد أجنبي تحتاجه.. ولذلك كنا نتصور أنكم ترهنون قراركم بإعادة حركة السياحة الروسية لمصر بقرار كنتم تأملون فيه وتسعون إليه يتخذه الاوربيون بمراجعة أو الغاء هذه العقوبات، وعزز هذا الاستيضاح لدينا أنكم اوقفتم أيضا حركة السياحة الروسية إلي تركيا.
ولكننا فوجئنا ـ ولا أود ان اقول صدمنا ـ بقراراتكم الاخيرة بإعادة حركة السياحة الروسية إلي تركيا بعد الاعتذار الذي قدمه الرئيس التركي أردوغان علي قيام بلاده باسقاط طائرة عسكرية روسية من بين الطائرات التي كانت تقوم بمهام قتالية في سوريا، وهو الاعتذار الذي فتح الباب لإعادة العلاقات بقوة بين بلدكم وتركيا وإلغاء كل العقوبات الروسية التي اتخذتموها ضد تركيا عقب إسقاطها طائرتكم العسكرية.
وزاد من مفاجآتنا ان قراركم بعودة السياحة الروسية إلي تركيا حدث بعد الهجوم الإرهابي الذي تعرض له مطار اسطانبول والذي اسفر عن سقوط العشرات قتلي وجرحي.. أي ان هذا الهجوم لم يجعلكم تترددون في الغاء حظر سفر السياح الروس الي تركيا، رغم ان الخطر الارهابي بالنسبة إليهم صار ماثلا وهم يزورون تركيا، واكثر من خطر الارهاب الذي قد يهددهم اذا ما زاروا مصر.
لقد كنا نتصور انكم سوف تتخذون قرارا مماثلا بالغاء الحظر المفروض علي سفر الروس الي مصر بعد ان اتخذتم قرارا بالغاء الحظرالمفروض علي سفر الروس إلي تركيا، خاصة وان الحركة السياحية الروسية لكل من مصر وتركيا كانت مرتبطة، نظرا لان الشركات التي تسيطر علي هذه الحركة هي شركات تركية، وكانت تنظم زيارة البلدين للسياح الروس في رحلة واحدة.. ولكن ما يؤسفنا ان هذا لم يحدث.. فقد اكتفيتم فقط بإلغاء الحظر المفروض علي زيارة السياح الروس إلي تركيا ولم تعدونا حتي بالغاء مثل هذا الحظر المفروض علي زيارة السياح الروس لمصر قريبا أو حتي بعد حين، رغم ان هناك مفاوضات كانت دائرة منذ فترة بين خبراء ومسئولين سياحيين في البلدين.
ولذلك.. نحن نتوجه إليكم ياسيادة الرئيس بوتين بالعتاب.. وانتم تعرفون ان العتاب لا يكون بالطبع سوي بين الاصدقاء.. ونحن نعتبر بلادكم صديقة لبلدنا، بل صديقة عزيزة.. ونحتفظ لكم شخصيا بتقدير واحترام خاص.. ولعلك ياسيادة الرئيس تتذكر إجابة رئيسنا عبدالفتاح السيسي علي سؤالكم الذي وجهته له في أول زيارة له لبلدكم وهو وزير للدفاع حول ما اذا كانت مصر تعتبر علاقاتها مع روسيا استراتيجية أم علاقة تكتيكية للضغط علي الغرب والأمريكان وحفزهم علي تغيير مواقفهم السلبية تجاه مصر.. فقد كان السيسي شديد الوضوح حينما قال لكم نحن نعتبر علاقات مصر وروسيا علاقة استراتيجية.. وأعتقد ان المواقف المصرية العديدة فيما بعد قد أكدت لكم ذلك، سواء الموقف المصري تجاه الأزمة السورية أو الموقف المصري تجاه تنويع مصادر السلاح، أو الموقف المصري ايضا في التعاون مع بلدكم في المجال النووي لاقامة أول محطة نووية مصرية لانتاج الكهرباء في منطقة الضبعة.
علي قدر ما نحفظه لكم ياسيادة الرئيس من احترام وتقدير ومحبة ايضا علي قدر ما نوجهه لكم من عتاب الآن.. انه عتاب يتردد علي ألسنة مواطنين مصريين سبق لهم ان شاركوا في الاحتفاء بكم عندما زرتم بلدنا من بينهم من سبق لهم ان رفعوا صورك في مظاهراتهم في 30 يونيو و26 يوليو 2013 لانكم اخترتم مساندة بلادنا ودعمها في حربها ضد تنظيمات العنف والإرهاب وفي مواجهة الضغوط الامريكية والغربية عليها التي كانت تستهدف وقتها إعادة دمج جماعة الاخوان في العملية السياسية واعفاء قادة الإخوان عن الحساب القضائي علي ما ارتكبوه من جرائم عنف وتخريب وتدمير وقتل وحرق.
واذا كنتم ياسيدي الرئيس تعللون ما تقوم به القوات والطائرات الروسية في سوريا منذ شهور بأنه حماية مبكرة للأمن القومي الروسي ومنعا للإرهابيين من اختراق بلادكم، فانتم تدركون ان الاستمرار في دعم مصر التي تخوض منذ سنوات حربا ضارية وشاملة ضد جماعات وتنظيمات الإرهاب هو ايضا حماية للأمن القومي الروسي من شرور هؤلاء الإرهابيين ويأتي في مقدمة ما تحتاجه مصر من دعم الآن هو استعادة السياح الروس الذين يزورونها، لان ذلك سوف يشجع السياح الأوربيين علي محاكاتهم خاصة وانهم تراجعوا عن زيارة مصر بعد قراركم بوقف السياحة الروسية لبلادنا وبالتالي سوف يعزز من قدراتنا الاقتصادية في ظل شبه الحصار الاقتصادي المفروض علينا والذي جربته بلادكم مع الغرب.
وأخيرا تحياتي سيادة الرئيس من مواطن مصري عادي يتمني استمرار صداقة بلدينا.

شارك الخبر على