شيخ المراكبية السادات استقبل زعماء العالم في القناطر الخيرية فأين هي الآن

أكثر من ٧ سنوات فى أخبار اليوم

لقد عمل شيخ المراكبية عم محمد أحمد محمد طه سكر (67 سنة) وشهرته صلاح سكر وهو طفل صغير لم يتجاوز السابعة من عمره، أحب النيل وعشقه منذ أن اصطحبه والده معه الذي ورثه عنه مهنة المراكبي، وكما يقول عم صلاح انه لم يفارق النيل يوما واحدا فروحه متعلقة به ويمرض إذا ابتعد عنه.

وهكذا بدأ شيخ المراكبية حواره معنا، ونحن علي أحد اللنشين اللذين يمتلكهما نجوب النهر الخالد في منطقة العيون وحول جزيرتي الشعير والعسل ومنطقة الشلالات بالقناطر الخيرية التي تعد من أجمل بقاع العالم.

في البداية يقول عم صلاح: أشعر بالفرح الشديد وأنا في النيل وبكل هذه النعم التي وهبها الله لمصرنا الغالية وأصاب بالحزن الشديد عندما أري الاعتداء علي حرم النيل وبعض الشركات التي تقوم بالصرف الصناعي عليه أو من الآخرين الذين يلقون القاذورات والقمامة فيه..إن النيل ملك من ملوك الله في الأرض.

واستطرد: لقد ورثت هذه المهنة عن أبائي وأجدادي كنا نعمل علي المراكب الشراعية قبل ظهور المراكب التي تعمل بالماكينات وتعرف المراكبي الحقيقي الذي كان يتعامل مع المركب الشراعي والحرفية تظهر في توجيه المركب من خلال الرياح التي تقابلنا أثناء العمل حيث يعتبر المراكبي مثل الأرصاد الجوية يتوقع اتجاه الرياح سواء كانت شرقية أم غربية.

حيث يتمتع المراكبي الشراعي بهذه الحاسة واستمر العمل بالمراكب الشراعية حتى أوائل السبعينيات من القرن الماضي وقد عملت منذ سنوات طويلة في إحدى الشركات الملاحية بأسوان ولكن لم أستمر وعدت إلي القناطر الخيرية للعمل مع والدي وتزوجت في عمر مبكر وأنجبت أربعة أبناء ولدان وبنتان وكما ارتبطت بوالدي والعمل معه في هذه المهنة ارتبط أبنائي (طه -36 سنة ومحمد - 35 سنة) بالمهنة ويعملان معي منذ أكثر من 20 عاما بعد أن حصل كل منهم علي الشهادة الإعدادية وهما اللذين يقومان بمساعدتي والعبء الأكبر يقع عليهما خاصة بعد أن تقدم عمري لأنه في الماضي كنت أعمل 24 ساعة لا أكل ولا أمل من العمل وكنت أحيانا أبقي في المركب طيلة شهر بالكامل وكل وقت وله أذان ولابد من وجود بديل.

وعن يومه متى يبدأ وماذا يفعل خلال اليوم يقول عم سكر: أستيقظ في الفجر وأقوم بأداء الصلاة ثم أتناول طعام الإفطار وأستيقظ وحدي طيلة حياتي وبعد أن ينصرف أحفادي إلي المدارس أتجه إلي العمل علي اللنش واستمر حتى نهاية النهار وأعود إلي المنزل مع أولادي.

حيث نعيش بمنزل واحد صحيح كل ابن متزوج وله شقته ولكن المعيشة واحدة نأكل علي طبلية واحدة لأننا في عمل واحد مع بعضنا البعض وكل الدخل ينصب عند رب الأسرة وألبي احتياجات الجميع حتى الأحفاد وهذا النظام ورثته عن والدي ووالدتي حيث كنا ثمانية أشقاء نعيش كأسرة واحدة في بيت واحد وبعد وفاة الأب والأم أخذ كل شقيق ميراثه واستقل بمعيشته وفي الحقيقة لا يستطيع ابن من أبنائي أن يعيش مستقلا بمفرده.

حيث يحتاج شهريا لا يقل عن ثلاثة ألاف جنيه ولكن توحيد المعيشة يوفر في الإنفاق وأعود بالذاكرة إلي الوراء قبل أن يعمل أبنائي معي كنت أستعين بالغير ولكن بعد أن حصل كل من محمد وطه علي الشهادة عملا معي والحمد لله إنهما لم يعملان في الحكومة وأما البنات فقد اهتممت بتعليمهما في المدارس الخاصة حتى حصلت كل ابنة علي مؤهل عال وقمت بزواجهما وحتى الآن أساعدهما، وعن اختيار الزوجة لأبنائه قال عم صلاح أن كل ابن اختار شريكة حياته بنفسه.

ويعود شيخ المراكبية مرة أخري للحديث عن القناطر الخيرية قائلا: لا أزال أذكر زيارات الرئيس الراحل محمد أنور السادات للقناطر الخيرية حيث كان يعشقها ويستقبل في استراحته رؤساء وزعماء العالم فيها.

وكانت القناطر وقتها تشهد إقبالا كبيرا ونكسب كثيرا وهو ده اللي نفعنا حتى الآن ومع مرور السنوات تدهورت الحالة وأصبح الإقبال علي القناطر ضعيفا إلا في المواسم والأعياد فقط حتى الرحلات المدرسية والجامعية انصرفت عن القناطر بفعل فاعل.

واتجهت هذه الرحلات إلي حديقة الأزهر مع أن القناطر تتمتع بميزات كثيرة حيث توجد أكثر من 55 فدان حدائق خضراء بالإضافة إلي الأماكن الأثرية بها كمتحف الري والمعاهد العلمية والبحثية وكذلك المشاهد الخلابة كمنطقة الشلالات وجزر الشعير والعسل حيث يتفرع النيل من القناطر إلي فرعي دمياط ورشيد والسياح كانوا يفضلون القناطر لكل هذه المميزات، ويعشقون الرحلة النيلية باللنشات واليوم الحال لا يسر أحدا وكما ترون كل اللنشات متوقفة ونجلس في مراكبنا بدون عمل أيام كثيرة والمعيشة أصبحت بالكاد وزاد الطين بله ما قامت به وزارة الري من رفع القيمة الايجارية لسعر المتر.

وهنا يلتقط محمد نجل شيخ المراكبية أطراف الحديث قائلا: ان وزارة الري رفعت قيمة الإيجار من 65 جنيه للمتر إلي 300 جنيه حيث ندفع سنويا عن إيجار المساحة التي يقف فيها اللنش الواحد علي شاطئ النيل 3000 جنيه سنويا لأن اللنش يأخذ مساحة بطول 10 متر.

وأضف إلي ذلك زيادة أسعار البنزين حيث يحتاج اللنش للعمل ساعتين إلي 80 جنيه بنزين والمشكلة الثالثة التي تواجهنا عدم إقبال الرحلات المدرسية من المحافظات المختلفة التي كانت تأتي قبل عدة سنوات بسبب قيام وزارة الري بمنع دخول الأتوبيسات وسيارات النقل إلي منطقة الحدائق وكانت هذه الرحلات تعمل رواجا وحركة وتنشيطا للسياحة الداخلية بالقناطر الخيرية ونحن نناشد وزارة الري من خلال (بوابة أخبار اليوم) السماح مرة أخري للرحلات التي تأتي بالأتوبيسات الدخول إلي منطقة الحدائق  كما نناشدها خفض قيمة الإيجار حتى تتحسن ظروف الحركة السياحية بالقناطر.

ويعود عم صلاح سكر للحديث مرة أخري مضيفا انه يجب أيضا علي وزارة السياحة ومحافظة القليوبية تنشيط وسائل الدعاية عن القناطر الخيرية كما كانت من قبل موجودة ضمن الأماكن السياحية في مصر التي تروج لها الوزارة للسياح ولا نعرف سببا لماذا رفعتها من الخريطة السياحية.
وبنبرته القوية المفعمة بالأمل واصل حديثه قائلا: إنني متفائل بمستقبل أفضل لمصر بصفة عامة وبالأيام القادمة للقناطر الخيرية من خلال المشروع الضخم الذي تتبناه محافظة القليوبية من خلال أحد المستثمرين الذي عرض هذا المشروع علي محافظ القليوبية الحالي اللواء عمرو عبد المنعم.

واختتم شيخ المراكبية حديثه معنا قائلا: إن القناطر الخيرية هي منتجع الغلابة من أبناء الوطن حيث كانت الأسرة بأكملها لا تنفق في الرحلة أكثر من مائة جنيه واليوم عكف معظم الناس عن القناطر بسبب ارتفاع كافة الأسعار حيث أن استئجار اللنش لمدة ساعة واحدة يتكلف علي الأقل مائة جنيه فمن أين يتحصل رب الأسرة علي فائض من معيشته لقضاء يوم في القناطر الخيرية.

وفي النهاية المعاناة التي يشهدها أصحاب اللنشات السياحية ليس فقط هم الذين يعانون ولكن ينسحب الأمر علي أصحاب الخيول والحناطير والدراجات (البدال والبخارية) والمراجيح وأصحاب أكشاك المأكولات والكافيهات.

 

شارك الخبر على